الرأي

مفهوم المواطنة عند الأسد

ليس السوري من يملك جواز سفر سوري، وليس السوري من يسكن في سوريا، السوري هو من يدافع عن سوريا. هذا ما أعلنه البراميلي عفوا (بشار الأسد) في خطاب له في يوليو من عام 2015م.
في الواقع كان يجب أن يضيف (البراميلي) من يدافع عن ملك زائل، قال عنه الشيطان هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى؟ فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما. لقد راهنوا على القتل باستخدام أسلحة استخدمها الأب الأسد الميت في ظلمة القبر فنجحت ولكنها فشلت كما يحصل مع كثرة استخدام الصادات الحيوية.
شنع الكثير على ما قاله رجل الموت ووصفوها بالكلمة الملغومة، ولكن تفكيك نظم الخطاب يظهر لنا جانبين يظهر فيها الأول سليم تماما، وهو أن الوطن والمواطنة مفهوم عقدي، فالوطن هو من أحس فيه بروح الانتماء إليه والدفاع عنه باستبسال كما يفعل صهيونيو العالم القادمين من لاتفيا وبحر الخرز وبيتاجونيا وكازاخستان. وألمانيا وبنو صهيون هما الاستثناء في العالم لمنح الجنسية. ألمانيا على سبيل المثال تمنح حق التجنس لواحد ألماني جده الرابع عشر من قبائل التيوتون ولو لم يتقن حرفا من الجرمانية وكذلك يفعل بنو صهيون فيغزون أرضا يزعمون أن أجدادهم قبل ثلاثة آلاف سنة كانوا يعيشون في قسم منها بأرض كنعان، وهو زعم يجعل إنسان نياندرتال الذي عاش قبل 65 ألف سنة يطالب بإسبانيا والعراق ومنغوليا، ويتطلب الأمر مراجعة خرائط العالم أجمعين لتلوينها من جديد بالأزرق والأبيض علم بني صهيون. البراميلي المختبيء في بونكر (Bunker) تحت أرضي كما فعل هتلر في الرايخ قبل اجتياحه من الحلفاء يراهن على بني فارس أن ينقذوه في ساعة الموت فينفخوا في جثته حياة انتهت منذ مارس 2011م حين أعلن السوريون أن كفى لحكم المافيا الجهنمية وفروعها التي تذكر بألسنة التنين تقذف باللهب فتحرق كل مواطن سوريا طوعا وكرها.
وفي القرآن في آخر سورة الأنفال شرح موسع عن هذا المفهوم، كتب عنه الباحث الأردني (ماجد عرسان الكيلاني) طويلا في بحث المواطنة، ونقل في هذا عن عالم النفس الأمريكي (أبراهام ماسلو) عن هرم الحاجيات الإنسانية، أنها خمس طبقات، تبدأ بالحاجات الغريزية من خمسة أشياء: هي الطعام والشراب والجنس والمسكن والملبس، ليأتي الطابق الثاني في توفير الأمن، فمن يعيش في الغابة غير آمن على نفسه من الضواري ليس في مجتمع إنساني، ومنه ركز القرآن على هاتين الطبقتين الأساسيتين (أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)؛ ليأتي الطابق الثالث حيث روح الانتماء، والرابع حيث الالتزام، وأخيرا في أعلى الطابق الخامس في قمة الهرم والذي في العادة لا يحققه إلا خمسة بالمائة من المواطنين أي تحقيق الذات.
ذكر الكيلاني هذا الهرم وذهب إلى سورة الأنفال ليقتطف آية: والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا ثم آووا ونصروا.
الأسد السوري كان مصيبا جدا في تحديد مفهوم المواطنة أنها إيمان بالنظام والدفاع عنه، كما يفعل شبيحة الأسد من الساحل وجنود حزب الله من لبنان حين يزعق نصر الله أن الوصول إلى القدس يمر من الزبداني، ليقطع أهل عين الفيجة الماء عن دمشق حيث مصدره من هناك، كما أعرفه أنا جيدا من ضاحية دمشق حين كنت أزور الأستاذ علي أبو بكر رحمه الله.
كما أن مفهوم المواطنة هي هجرة إليه كما يفعل الهزارة من شيعة أفغانستان وشيعة العراق وباكستان. إنها جهاد وقتل للأطفال السوريين، كما يفعل رجال عصائب الحق وجند نصر الله، كما أنها نصرة بمقدار مليارات الدولارات التي يصبها نظام ملالي إيران في عروق النظام الأسدي ليبقيه واقفا لا يترنح، وهي هجرة بالجملة وتغيير ديموغرافي في حمص ودمشق بامتلاك الإيرانيين أماكن يقولون عنها أنها قبور لزينب وسكينة ورقية وأم كلثوم وفاطمة والحسن وزين العابدين وقرة المتقين. وحاليا يوزع النظام الأسدي جنسيات لهؤلاء الذين يدافعون عن سوريا الأسد.
الأسد متماه تماما مع هذا المفهوم، ولكنه للأسف يعرج قليلا فلا يستوي على أرض، حين نعرف أن من يقاتل هؤلاء الغرباء هم من يشعرون بالانتماء فعلا لهذا الوطن وحب هذه الأرض فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل، أو هكذا يظنون. المشكلة مع الأسد والفرس، أنهم يريدون أن يعلوا علوا كبيرا، وأن الزمن لهم؛ فهو زمن العلو الفارسي العبري، ومنه فهم أوباما أن الشرق الأوسط سوف يتم احتلاله من القوة الجديدة في مدى العشرين سنة القادمة.
نحن شهود عصر الحروب المذهبية، ما يذكر بحروب الثلاثين عاما في أوربا. ولكننا شهود صعود القوة الإيرانية التي نصح الكاتب (فهمي هويدي) من مصر أن لا نناجزها بل أن نتفاوض معها وعلينا أن نتعلم اللغة الفارسية بعد الإنجليزية والصينية فهي لغات المستقبل. سوف نكون شهود التهام البحرين بأسرع من ذوبان موزة في حلق قرد، سوف نرى التهام المنطقة الشرقية في السعودية في أسابيع قليلة ونحن مذهولين. بعدها ما فعل القرامطة مع الحجر الأسود؟ لا ندري. علينا أن نعترف بما نكره أن المنطقة الشرقية من السعودية تعج بالشيعة الناقمين المستعدين للانقلاب على النظام الذي يحكمهم أيا كان، واللجوء إلى حضن الأم الدافئ إيران، كما يحج سياسيو حزب الدعوة في العراق من المالكي والعبادي وعشرات أمثالهم.
إننا في الزمن العربي السيء فلنستعد لما هو أسوأ.
جاء في الحديث ويل للعرب من شر قد اقترب. استفسر الصحابة عن هذا الشر المستطير؟ فقال: فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج هكذا، ثم حلق بين أصبعيه السبابة والإبهام (جعلها حلقة).
نحن نعيش هذا الزمن الرديء والويل للعرب، ولن يتحد العرب فهم في عصر الجاهلية الجديد يقتتلون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى