شوف تشوف

مكناس وخيوط العنكبوت 2.2

 

 

لو كانت لدى الطبيب «بو وانو» الجرأة في تشخيص الداء، والقدرة على وصف الدواء، بدل «التقلاز من تحت الجلابة وحشيان الهضرة الخاوية»، لاستطاع هو ومستشاروه، أن يجدوا الحلول للعديد من المعضلات الاجتماعية والقانونية التي ورثوها عن أسلافهم الميامين، فبدل إنكار العلاقة مع أطراف الملف، كان يمكنهم التحلي بقليل من الشجاعة والكشف عن هذه الأطراف، وعن الأبواب الحقيقية التي يلمحون لها في بلاغهم.

فمن سخرية الأحداث أن شركة «سيكوميك» هي شركة يسيرها الشاب أناس الأنصاري، المهندس في قطاع النسيج والخبير المحلف لدى المحاكم، وهو ابن المحامي الاستقلالي والمستشار البرلماني محمد الأنصاري الذي حملته أصوات حزب العدالة والتنمية إلى منصة المحكمة الدستورية، ليصبح قاضيا دستوريا يفترض فيه حماية الدستور والسهر على ضمان حقوق المواطنين، وهو ابن أخ عبد الواحد الأنصاري، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، والنائب البرلماني عن دائرة مكناس، والنقيب السابق لهيئة المحامين بمكناس، والذي يسابق الزمن لكي يصبح رئيسا لجمعية هيئات المحامين بالمغرب، ويسيطر على أكبر وأهم جمعية مهنية في المغرب، ولولا عجز حزب الاستقلال عن توفير النصاب القانوني الذي يسمح له بترشح أناس الأنصاري مستشارا برلمانيا بدوره باسم الاتحاد العام لمقاولات المغرب، لكان هذا الأخير مشرعا مثل والده وعمه، وهو الذي رفض الاستجابة لأوامر العامل عبد الغني الصبار بحل مشكل المؤسسة، بسبب إغلاقها غير القانوني، وامتنع عن أداء أجور المستخدمين منذ 1 نونبر 2017، وحرمانهم من الضمان الاجتماعي…

ومن سخرية الأحداث أيضا عن شركة «سيكوميك- SICOMEK » ذات المسؤولية المحدودة والمسجلة بمكناس بالسجل التجاري رقم 41287، والتي أسست سنة 2015 برأسمال قدره 4.000.000,00 درهم، وجعلت عنوانها بالحي الصناعي بعين السلوكي بمكناس، أنها ليست في جوهرها إلا نسخة مدلسة من شركة سيكوم مجهولة الاسم Societe industrielle de confection a meknes (SICOME) ذات السجل التجاري رقم 16990، والتي يبلغ رأسمالها 5.480.000,00 درهم، والتي أسست منذ سنة 1974 ويوجد مقرها برقم 1 ساحة موريطانيا بمكناس، بحيث تم استعمال حيل قانونية مبهمة لاستبدال الشركة القديمة بشبيهتها الجديدة، وإفراغها من ممتلكاتها تمهيدا لتصفيتها بأقل كلفة ممكنة، مع مباشرة تصفية الشركة الأم في صمت، غير أن الثقة الزائدة لأصحابها في أنفسهم، أو في قوة نفوذهم، جعلتهم يبقون على الأرقام الهاتفية نفسها للشركتين بالرغم من اختلاف عنوانيهما الاجتماعيين.

ومن سخرية الأحداث أيضا أن شركة «سيكوم» ليست إلا البنت بالتبني لشركة هولفيبار    La Financière de Participations et de Holding (Holfipar)  ذات السجل التجاري رقم 18363، والمؤسسة سنة 1990 ذات الرأسمال 160.000.000,00 درهم، والتي توجد بدورها بنفس العنوان برقم 1 ساحة موريطانيا بمكناس، حين قامت شركة هولفيبار التي تملكتها عائلة العلمي التازي بشراء أسهم الدولة في شركة «سيكوم» خلال موجة الخوصصة التي ضربت المغرب، وهو العنوان نفسه الذي توجد به شركة مغربية أخرى تحمل تسميةLes grands boulevards parisiens ذات السجل التجاري رقم 104265 برأسمال قدره 12.200.000,00 درهم، والتي تمتلك العقار الذي أقيم عليه المعمل، وتكريه لشركة «سيكوميك» بثمن خيالي.

أما شركة «أليانص» التي تكري المعدات ووسائل النقل لشركة «سيكوم» فليست في الحقيقة سوى شركة  Alliance Industrielle du Zenith (Alizé) ذات السجل التجاري رقم 26941، والتي يسيرها رشيد التازي نفسه، وهكذا فإذا حصل العمال على حكم قضائي لصالحهم فلن يجدوا أمامهم إلا الريح.

فقد اقتنت شركة «هولفيبار» وابنتها بالتبني «سيفيطا- Sefita» في سنة 2007 نسبة 50 بالمائة من أسهم شركة «شارجور فاشيون» الفرنسية قبل تحويلها إلى «فاشيون كومباني» سنة 2008، وتعيين جمال التازي مديرا عاما لها، ثم استحوذت سنة 2009 على كل أسهم شريكتها الفرنسية، كما قامت بابتلاع شركة «روديير» التي كانت تعاني مشاكل اجتماعية نتيجة تسريحات جماعية للعمال، وابتلعت في طريقها شركات أخرى، من بينها شركة «لابوتر»، قبل أن تخضع «فاشيون كومباني» بدورها للتصفية القضائية بمقتضى حكم المحكمة التجارية بباريس في 18 مارس 2015.

وللإشارة فإن «سيفيطا» شركة متواجدة بدورها بمدينة مكناس، ويسيرها كريم التازي بالمغرب، في حين يسير فرعها بباريس جمال التازي، وهي حائزة على صفقات عمومية عديدة تتعلق بإنجاز البذل العسكرية وبذل الضباط بكل من المغرب والكوت ديفوار.

ويبدو أن عائلة التازي خبيرة في تأسيس شركات النسيج وفي تصفيتها بالمغرب وبالخارج، وأنها تملك بمدينة مكناس «نسيجا» متشابكا من الشركات، من بينها شركة Tricotage du Haut Atlas ذات السجل التجاري رقم 19685، والتي من سخرية الأحداث دائما أن من يسيرها هما كريم التازي كرئيس مدير عام وأناس الأنصاري كمدير عام، وكذا شركة CFTM الموجودة بأكوراي، أو شركة Maroc Quality Knitting الموجودة بالرباط.

 

لذلك فبدلا من «حلان الفم»، وافتعال الغضب من تصرفات مواطنات مقهورات، من أجل تركهن يواجهن مصيرهن لوحدهن، يجب على سياسيينا المغرورين بأنفسهم، أن ينزلوا من أبراجهم العاجية، وأن يتقوا الله في أبناء وبنات الشعب، بدل الضحك على الذقون والتكوميك عليهم ببلاغات جوفاء، وأن يعلموا أن ما ينسجونه من مصالح سياسية واقتصادية في ما بينهم أوهن من خيوط العنكبوت، والتي يعتبر ملف «سيكوميك» مجرد عينة منها.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى