الرئيسية

مولاي أحمد العلوي (وزير دولة سابق)الحسن الثاني يرفض مقترحا بتدشين دار للمسنين ويعتبرها ضربا لقيم التماسك الإنساني

حسن البصري

 

«في اليوم الذي سنفتح فيه أول دار للعجزة في المغرب، سيكون مجتمعنا في طور الانقراض»، هكذا رد الملك الحسن الثاني على وزيره مولاي أحمد العلوي، حين اقترح عليه تدشين مؤسسة لإيواء المسنين بإحدى المدن الجنوبية التي زارها الملك.

في بداية التسعينات، دار سجال قوي حول مؤسسات الرعاية الاجتماعية، خاصة المرافق التي تعنى بالأشخاص المسنين. لم يكن ملك البلاد يعتقد أن مغاربة قد يضطرون إلى إيداع آبائهم مركزا مخصصا للعجزة، وتبرز انتفاضة الراحل الحسن الثاني رحمه الله طريقة تفكيره، وتقول روايات أخرى إن خطبة للملك تضمنت هذا الهاجس الذي أقلقه، إذ ذهب إلى حد الدعوة إلى إضرام النار في مثل هذه المؤسسات.

قال الملك لمخاطبه مولاي أحمد العلوي: «إذا كانت دور رعاية المسنين أمرا عاديا في البلدان الغربية، إلا أنها أمر دخيل على مجتمعنا المسلم، لأن الله تعالى أوصانا ببر الوالدين».

رد الوزير قائلا: «ولكن يا مولاي فإن حدوث متغيرات جديدة في مجتمعنا، وانتشار ثقافة العولمة، أثرت على الحياة اليومية، وجعلت هذا الأمر يبدو عاديا».

على الفور رد الملك بنبرة صارمة: «ولكن هل يشعر المسن في دور الرعاية بأنه أمر عادي، فالمسن في الغرب قد يطلب بنفسه أن يدخل دار رعاية، ولكن عندما يحدث هذا في مجتمعاتنا الإسلامية يكون الأمر مختلفا، فكبار السن يشعرون بالجحود، وبأنهم مرفوضون من أبنائهم، وليس لديهم إلا هذا الملاذ، فيشعرون بالحسرة لما حدث، ولكن ليس لهم ملجأ إلا هذه الدور».

قال الملك يوما لعبد الله غرنيط، الذي كان مدرسه وعينه لاحقا مديرا للتعاون الوطني، «إن وجود دار للمسنين في بلدة يعد نشازا، ويحط من قيمة المنطقة وموروثها وأخلاقها التي رضعها الجميع مع حليب أمهاتهم، هذه الدار، حتى وإن كانت بألف نجمة ونجمة، لا توفر للوالدين الرعاية النفسية».

وأضاف الملك متحسرا: «لا أريد أن ينخرط المحسنون الذين يبنون المساجد ودور الأيتام والمعاقين في بناء دور للمسنين، لأن «وجودها تعبير عن قصور أخلاقي أكثر منه خدمة إنسانية».

كان الحسن الثاني يعتبر قطاع التعاون الوطني من وصايا والده محمد الخامس رحمه الله، الذي أرسى دعائم مؤسسة خاصة بالاهتمامات الاجتماعية والإنسانية، ووعيا بشرف هذه المهام المنوطة بمؤسسة التعاون الوطني، عين الأميرة لالة عائشة أول رئيسة لهذه المؤسسة.

بعد ذلك، أولى الملك الراحل الحسن الثاني الأهمية القصوى للتعاون الوطني بوصفه مؤسسة منسقة للعمل الاجتماعي بالمغرب، وتجلت هذه الأهمية في خطاب يوم 27 أبريل 1982 بمناسبة ذكرى تأسيس التعاون الوطني.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى