ن- النسوة

هكذا تفسد عصبية الأم البناء النفسي السليم للطفل

إعداد: إكرام أوشن
مع ضغوط الحياة وسرعة توالي أيامها وازدياد متطلباتها وتفاقم الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، أصبحت هناك العديد من الأسر التي تمثل بركاناً ثائرا، فلا يخلو يوم من خلافات وصراخ مستمر، خاصة إن كانت الأم هي المصابة بداء العصبية. في أصبح الأبناء بشكل خاص على موعد يومي من التعنيف والصراخ والغضب، ومهما حاولوا تهدئتها أو التصرف مع عصبيتها الزائدة تبوء محاولاتهم بالفشل.
العصبية تعد من السلوكيات التي تؤثر بشكل مباشر على الأبناء وعلى جو الأسرة بصورة عامة، إذ إن الأم تعد الجانب الأساسي لأبنائها، والركن الآمن لهم، لأن الأب يكون غالبا هو المعلم العصبي والمشغول عنهم بالبحث عن الرزق. فعندما يكون هذا الجانب الرحيم بطبعه مصدر تهديد وعدم أمان تنتج عن ذلك مشاكل في البناء الأسري وتكوين البناء الداخلي للأبناء.

ما هي تركيبة الشخصية العصبية؟
الشخصية العصبية قد تتصف بطيبة القلب، ولكنها تكون محور قلق لجميع الأشخاص المحيطين بها. إذ إن هذه الشخصية العصبية تتصف بنقص النضج الكافي في التصرف مع الآخرين، وعدم الكفاءة، وعدم تحمل ضغوط الحياة وعدم القدرة على تحمل مسؤولية الحياة. التقليل من شأن الذات من أهم الصفات التي قد تتصف بها الشخصية العصبية، بالإضافة إلى القلق المستمر والخوف والأنانية وعدم القدرة على اتخاذ القرارات بشكل صائب، ولهذا تحدث لها دائما اضطرابات في العلاقات الاجتماعية وعدم القدرة على التعامل بشكل صحيح. فالشخصية العصبية تكون دائما غير راضية وغير سعيدة في حياتها، بالإضافة إلى أن هذه الشخصية تتصف دائما بالحساسية عندما ينتقدها الآخرون.
الشخصية العصبية قد تسبب لصاحبها عدم الاتزان النفسي وسوء التعامل مع الآخرين، وهذه الصفة أو هذا الطبع قد يجعل هذا الشخص غير قادر على الاستمتاع بالحياة، ولكن دون تشويه منظره العام .
الإنسان يصبح شخصية عصبية عندما يمر بمشاكل في حياته، وخاصة عند الصدمات التي قد تكون تعمقت في وجدانه منذ الطفولة، والتي قد يكون سببها هو اضطراب في العلاقة بين الوالدين أو الحرمان. وقد يقوم الصراع بين الدوافع الشعورية واللاشعورية أو بين الرغبات والحاجات المتعارضة، والشعور بالإحباط والكبت والتوتر الداخلي وضعف دفاعات الشخصية ضد الصراعات المختلفة.. ويمكن كذلك أن تتصف الشخصية العصبية بالقلق وعدم الشعور بالأمان، والمبالغة في رد الفعل، مع شعور دائم بعدم الثقة في النفس. ولذلك فالشخص العصبي يكون دائما في محاولة لفت انتباه الآخرين، ويكون أيضا دائم الشعور بالحزن والاكتئاب، ويتصف بعدم القدرة على تحقيق الأهداف .

هل تؤثر عصبية الأم على طفلها؟

عصبية الأم هي السبب الأساسي في تكوين طفل عصبي، لأنه وببساطة يتعلم منها، فعصبية الطفل تبدأ في عمر خمس سنوات السن الذى يبدأ فيه الطفل بتكوين شخصيته، والسبب في عصبية الطفل إما قسوة الأم أو قسوة الأب وعنفهما وعصبيتهما معه، فالطفل مرآة الأب والأم. والسبب أيضا قد يكون في الانتقاد الدائم والكثير الذى قد توجهه الأم إلى طفلها، لذلك يجب على الأم، حتى تقلل من عصبية طفلها، أن تبتعد عن الانتقاد وتقلل منه تماماً، بالإضافة أيضاً إلى محاولتها عمل جدول تسجل فيه أفعال الطفل الجيدة وعدم تسجيل الأفعال السيئة، أو وضع علامة (صح) أمام الشيء الصحيح ومحاولة تجاهل الأشياء الخاطئة.
كذلك على الأم الاهتمام بتقدير الطفل وشكره إذا قام بالأشياء الصحيحة وإحضار الهدايا له، كما عليها عندما يخطئ ألا توبخه أمام والده أو جدته، وتقوم بإحضاره على انفراد وتلفت نظره إلى أن ما فعله شيء سيئ وعليه ألا يكرره. وتنصح الأم بألا تعاقب الطفل، خاصة الطفل العصبي بالعنف المادي أي الضرب ولا العنف المعنوي أي الإهانة، فيجب أن توفر الأم ما يسمى «كرسي العقاب» الذى يجلس عليه الطفل لمدة دقيقة أو دقيقتين، وهو الذى يراقب نفسه، وكلما زادت أخطاؤه زادت مدة العقاب، لكن مع مراعاة عدم زيادة المدة لفترات طويلة.
وعند اتباع هذه السبل من الممكن حدوث نتيجة ما بين 6 و7 أشهر على الأكثر حتى تستطيع الأم السيطرة على طفلها، بالإضافة إلى ضرورة تمسك الأم بالهدوء والرزانة وهى تعامل طفلها، وتعطي له الأوامر المختلفة، لأن الأم العصبية تخلق طفلا عصبيا.

طرق للتغلب على عصبيتك المفرطة

✹ التصور الذهني بأن الأبناء يعتبرون الأم الجانب الآمن لهم، وهي توفر لهم البيئة الصالحة للحياة الطبيعية داخل المنزل.
✹ طلب المساعدة من الجهات المعنية في تخفيف هذه العصبية، مثل مراكز الاستشارات الأسرية، أو مراجعة طبيب نفسي لمعرفة سبب العصبية، فقد يكون أمراً يمكن التغلب عليه.
✹ الجلوس مع الزوج ومحاولة الوصول إلى حل مناسب لكل المشاكل الأسرية إن وجدت، وتخفيف العبء على الزوجة- الأم من المسؤوليات داخل وخارج المنزل.
✹ التعرف على المشاكل التي سيعاني منها الأبناء في حال استمرار الأم في عصبيتها وأثرها المدمر على نفسية وشخصية أبنائها.
✹ وضع أوراق مكتوب فيها «لا تغضب» في كل زاوية من المنزل، لكي تتذكر الأم أن عليها السيطرة على أعصابها لحماية أبنائها.
✹ أكثر الأشياء أهمية بالنسبة للتكوين النفسي للأم هو الاتزان الوجداني؛ وذلك بعدم التهور والثورة والهدوء والاتزان العاطفي لديها. فقد اكتشف علماء النفس أن كثيراً من الأمراض النفسية التي تظهر في المراهقة، إنما ترجع إلى حالات الصراع الذي نشأ لدى المراهق بسبب ما يراه من تناقض وجداني في علاقة الأم والأب، وكذلك الأم «العصبية». ونتيجة لذلك لا تصبح موضع ثقة لأولادها، لأن المشاكل بحاجة إلى طول صبر وقدرة على الإنصات وتقبل للوقائع بموضوعية وهدوء وحنان واتزان وجداني.

سلبيات تنتج عن عصبية الأم

تنتج عن عصبية الأم المفرطة سلبيات كثيرة، سواء على مستوى الأبناء أو الأم نفسها أو على مستوى الأسرة، فعلى مستوى الأبناء يوجد تباعد بينهم وأمهم، ويكون ذلك تدريجياً حتى تفقد العلاقة كينونتها الفطرية، وذلك بحثاً عن الأمان بالبعد عن هذا المصدر المقلق والمولد للألم، خاصة في السنوات الأولى للطفل، ما ينتج عنه التبول اللاإرادي أثناء النوم والخوف من الحديث مع والدته. ويمكن لهذا الأمر أن يتطور إلى بناء شخصية الأبناء وعدم قدرتهم على الحديث والبوح بما يواجهونه من مشاكل خارج الأسرة، من قبيل التحرشات الجنسية، فهم يخشون الحديث مع أمهم، وذلك يكون وبالاً عليهم لمعرفتهم أنها لن تتفهم تماماً ما يعانونه.
غالباً يكون الأبناء صغاراً ولا يفهمون سبب العصبية والغضب الدائم لأمهم، وعندما يكبرون في ظل هذه الظروف غير الملائمة لبناء أبناء أصحاء نفسياً وفكرياً، يكون بناؤهم النفسي تشوبه الكثير من الفراغات، كما يكون هشاً، ومن السهولة اختراقه والعبث به. لذلك يكون أغلب الذين يتعاطون المخدرات أو ممن لديهم انحرافات سلوكية للأسف ممن يتعرضون لبناء نفسي سيء، وذلك بنقص الاحتياجات الأساسية من قبيل الصبر عليهم عند الخطأ، وجعلهم مشاركين بأفكارهم، وإعطائهم الثقة، ومحاولة التجريب، وتكرار تلك التجارب رغم فشلها أكثر من مرة، ولكن القصد منها أننا نعطيهم الثقة والوقت اللازم لإخراج إبداعاتهم وإعطائهم الثقة في الحديث وليس القمع والتنكيل وإبعادهم عن عالمنا بالغضب والعصبية غير المبررة، والتي لا يعرف الطفل سببها.

طرق لتنصفي ذاتك وتقدريها

من المهم أن تكتشف الفتاة نفسها وذاتها وقيمتها في الحياة مبكرا، حتى تتمكن من معالجة نفسها باللجوء لإحدى الاختصاصيات النفسيات وتطبيق المقاييس التي تطور شخصيتها، وتخضع بالتالي للعلاج الذي يجعلها قادرة على مواجهة المواقف الاجتماعية بسهولة، ويزيد من ثقتها بنفسها وبالتالي يرتفع معدل تقدير الذات لديها.
✹ تقمصي دورا إيجابيا في الحياة، وتعرفي على طرق تحويل المشاعر السلبية إلى إيجابية.
✹ التركيز على الإيجابيات، وذلك عن طريق تفعيل وتحفيز طاقتك الإيجابية.
✹ تقليل الانتقادات وتعزيز الثقة بالنفس مع وضع الأهداف ومحاولة التوصل إليها.
الكلام الإيجابي الداخلي.
✹ ممارسة الأنشطة الرياضية.
✹ مسامحة النفس على الأخطاء السابقة.
✹ التدريب على المهارات والمواهب، باختيار هوايتك بعيداً عن التقليد والتعصب.
✹ تعلم أشياء جديدة.
✹ أخذ المزيد من الراحة والاسترخاء، بالعمل على تمارين تحررك من ألمك النفسي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى