شوف تشوف

الرئيسية

هكذا «تهدر» أموال جامعة ابن زهر بأكادير في السفريات والمطاعم والفنادق الفخمة

كريم أمزيان

يستغرب عدد من المسؤولين في وزارة التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، والأساتذة والإداريين بجامعة ابن زهر بأكادير، لإعادة تعيين عمر حلي رئيسا للجامعة، للمرة الثانية على التوالي، بتاريخ 28 يونيو 2015، على الرغم من التقارير «السوداء» التي وصلت الوزارة، وبعضها اطلع عليه عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، أياما قليلة قبل إعادة انتخابه، فأقسم لمن وضعها بين يديه أن يأمر بفتح تحقيق في الملف، حتى تتحدد المسؤوليات، قبل أن يفاجأ الجميع بإعادة اختيار الرئيس نفسه، بتأخير دام خمسة أشهر، إثر تدخل نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الذي ينتمي إليه رئيس الجامعة المذكور، وأمره بإغلاق الملف وطيه بشكل نهائي.
المعطيات الدقيقة التي تتوفر عليها «الأخبار»، تشير إلى أن الاختلالات التي تعرفها جامعة ابن زهر تستشري في كلياتها، كما يجري مثلا في كلية الآداب، التي عينت فيها الأستاذة زهرة مكاش، نائبة للعميد؛ مكلفة بالمصاحبة البيداغوجية، وهي زوجة الأستاذ إبراهيم هوبان، رئيس شعبة الإنجليزية، صاحب المدرسة الحرة المختصة في تدريس اللغة الإنجليزية، المسماة مدرسة «EPSILANG»، والواقعة بشارع الحسن الأول بحي الداخلة بأكادير.
الأستاذ هوبان، الذي يدرّس بماستر التحرير الصحافي والتنوع الإعلامي، طلب من طلبة السنة الأولى للماستر، وفي سابقة من نوعها، أن يسجلوا أنفسهم بمعهد متخصص، من أجل تعلم اللغة الإنجليزية، ولم يجد سوى أن يدلّهم على مدرسته الحرة «EPSILANG» من أجل تلقي الدروس فيها، وهو ما اعتبره الطلبة «ابتزازا وسلوكا غير أخلاقي»، يصدر عن أستاذ جامعي، ما دفعهم إلى تقديم شكاية لمنسق الماستر، الذي يدْرسون فيه، يشتكون ما أقدم عليه أستاذهم، لما فرض عليهم التسجيل في تلك المدرسة بالذات، ولم يدع الأمر ليكون اختياريا.
كل هذه الخروقات تجري دون أن تتخذ وزارة التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي أي قرار، في الوقت الذي أقدمت على توقيف لحسن أساكتي، أستاذ القانون بكلية الحقوق، من ممارسة مهامه، مع توقيف أجرته وإحالته على اللجنة الثنائية، بدعوى أنه يجمع بين مهمة التدريس بالجامعة ومهنة المحاماة، والحقيقة أن الأستاذ المسجل في هيئة المحامين بأكادير لا يمارس مهنة المحاماة حاليا، على الرغم من أنه يؤدي واجب الانخراط السنوي، وليس لديه أي مكتب لاستقبال الزبناء ولا يرافع في أي قضايا ولا ينوب عن أي شخص في ملفات لدى المحاكم الموزعة في المملكة، وبالتالي فليس هناك أي مشكل ولا تناقض مع قانون الوظيفة العمومية، بحسب شهادة مصادر جيدة الاطلاع، إذ من حق المحامين أو الخبراء المحاسبين أو المهندسين المعماريين، أن يمارسوا الوظيفة العمومية بشرط ألا يمارسوا المهن الحرة.
الملاحظات التي سجّلها أكثر من أستاذ في جامعة ابن زهر بأكادير، تبرز أن الطريقة التي تعتمد من قبل رئاسة الجامعة، وعمادة كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، لا تكون بالمساواة بين كل الأساتذة. فبينما تم توقيف أجرة أستاذ مسجل في هيئة المحامين، رغم أنه غير ممارس، لم يشمل الإجراء نفسه أستاذا آخر يعمل بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير، التابعة للجامعة نفسها بأكادير، ويشتغل أيضا محاميا بهيئة أكادير، إذ لم يتعرض للتوقيف، كما جرى مع الأستاذ أسكاتي، فقط لأنه ابن النقيب السابق للمحامين بأكادير، بحسب بعض الأساتذة.
أساتذة جامعة ابن زهر بأكادير يرون أنه كان حريا برئيسها أن يعمل جاهدا على تطبيق القانون ذاته، ويشمل جميع الأطر، خصوصا في ما يتعلق بالأساتذة الذين يجمعون مهام التدريس بالجامعة والعمل بالقطاع الخاص، كما هو الشأن بالنسبة إلى أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، يعمل منذ 1996 كاتبا عاما بالمدرسة الحرة «ISIAM»، المملوكة لصاحبها الملياردير عزيز بوسليخان، قبل أن تتحوّل في ما بعد إلى الجامعة الخاصة بأكادير «UNIVESIAPOLIS»، ومازال في الوقت نفسه يمارس مهامه بشكل عادي، وطوال اليوم وعلى مدار الأسبوع خلال السنة، في الجامعة الحرة المذكورة، فقط لأنه صديق مقرب من رئيس الجامعة، في خرق سافر لقانون الوظيفة العمومية، الذي يسمح للأساتذة الجامعيين بالعمل في القطاع الخاص، بشرط ألا يتعدى ذلك أربع ساعات في الأسبوع وبترخيص من رئيس الجامعة، والحال أن الأستاذ المعني تفرّغ للعمل في الجامعة الحرة، وبدون ترخيص، بالنظر إلى أن الترخيص لن يسمح له بالتغيب عن الكلية إذ وجب عليه الحضور لإلقاء الدروس فيها، والتي نادرا ما يظهر له أثر داخل أسوارها، بينما لا يحضر إلا نادرا في كلية الآداب، وهو الأمر نفسه مع عدد من الأساتذة الذين يملكون مكاتب للاستشارة في التدبير والأعمال.

ميزانية الجامعة.. «كعكة» تسيل اللعاب
من بين الملاحظات التي جرى تسجيلها حصول صحيفة «بيان اليوم»، الناطقة باسم حزب التقدم والاشتراكية، الذي ينتمي إليه رئيس الجامعة، على حوالي 20 مليون سنتيم في سنة 2012، من ميزانية الجامعة، مقابل نشر إعلاناتها، وهو ما يتضح من خلال أوامر الأداء 176 إلى 178 و230 إلى 233 و944، 945، 946، 988، 1483 إلى 1485، وهو الامتياز الذي تتمتع به مقارنة مع الصحف الأخرى.
شكوك الأساتذة والمقربين من رئاسة الجامعة، تحوم حول عدد من الموظفين، منهم مكلف بالأداء (Régiseeur) هو بمثابة الصندوق الأسود لرئيس الجامعة، يعيش حياة فاخرة، على الرغم من أنه عون خدمة، ومرتبه الشهري لا يتجاوز 3000 درهم، إذ إنه يمتلك سيارة، ويكتري شقة بثمن أدناه 2000 درهم، وغالبا ما يكون بمعية مسؤولين في الجامعة بفنادق فخمة، تؤدى مصاريفهم من ميزانية الجامعة، كما تشير إلى ذلك أوامر الأداء الحاملة الأرقام التالية: 115 و245 و575 و961 و1544.
ومن بين ما جرى تسجيله أيضا، ما وصفه موظفون في الجامعة بـ«العلاقة غير الواضحة»، بين رئاسة الجامعة وشركة «DELTA ACT» المتخصصة في الطبع الرقمي، لصاحبها سعيد المطيع، الذي تربطه علاقة وطيدة مع رئيس الجامعة، وهو ما يفسر، بحسب المصادر ذاتها، حصوله على صفقات عدة، منها تلك التي تبررها أوامر الأداء الحاملة الأرقام التالية: 811 و1164 و1165 و1166 و1481 و1482، منها تلك المتعلقة بصفقات يشير البعض إلى أن لا حاجة للجامعة بها، كما هو الشأن كذلك بالنسبة إلى صفقة اقتناء كاميرات للمراقبة، بمبلغ يفوق 75 مليون سنتيم، التي يبرزها أمر بالأداء رقم 1545، موجود ضمن الوثائق التي حصلت عليها «الأخبار»، المتعلقة بشراء كاميرات، قصد الاستعانة بها من أجل المراقبة، قبل أن تتعرض للتلف، بعد تثبيتها في المدارس التابعة للجامعة، بعد رفضها من قبل فصائل طلابية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية وكلية العلوم وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية.
وتكشف وثائق الأمر بالأداء الواضحة في الوثائق التي تتوفر عليها «الاخبار»، حجم المصاريف الباهظة، التي أكدت مصادر من رئاسة الجامعة ذاتها، أنها مرتفعة جدا، خصوصا تلك التي تخصص للبستنة والتزيين، فضلا عن لوازم الرياضة، التي تعرف فواتيرها أرقاما مرتفعة، إذ بلغت إحداها 240.000.00 درهم، ويكشف ذلك الأمر بالأداء رقم 1570، دون أن تحقق الجامعة، بحسب مصادر فيها، أي نتائج بالمقارنة مع ما يصرف عليها، من خلال أوامر الأداء المتعلقة بسنة 2012 فقط، دون احتساب تلك التي جرى صرفها في السنوات اللاحقة، والتي ترتفع سنة بعد أخرى.
المعطيات التي حصلت عليها «الأخبار»، تفيد أيضا أن لحسن الداودي، وزير التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، بلغت إلى علمه بعض المعلومات المتعلقة بخروقات في التدبير والتسيير في جامعة ابن زهر بأكادير، خصوصا في ما يتعلق بمصاريفها المرتفعة وغير المبررة في بعض الأحيان، إلا أنه لم يفتح فيها أي تحقيق، خصوصا بعد تعيين الأستاذ عبد الحميد المصدق، القيادي في حزب العدالة والتنمية، نائبا لرئيس الجامعة، وهو ما فسره مقربون منهما بأنه صفقة من أجل عدم كشف هذه الملفات، فضلا عن رغبة رئيس الجامعة في التقرب أكثر من الوزير لحسن الداودي وقياديي «البيجيدي». ولم تمض مدة طويلة على التحاق المصدق بمنصبه، حتى عيّن صهره (أخ زوجته)، الذي يشتغل أستاذا في شعبة الجغرافيا، نائبا لعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية، مكلفا بالبحث العلمي، بعدما غادر عبد الخالق جيد، النائب السابق للعميد، منصبه، وهو التعيين الذي استغرب له الأساتذة والإداريون، وبلغ صداه الطلبة، بالنظر إلى أن العميد ونائبه الجديد تجمعهما علاقة متشنجة.

أستاذ جامعي برتبة مدير وكالة أسفار
من الملاحظات التي سجلتها مصادر «الأخبار»، تلك المتعلقة بوكالة أسفار تجمعها عدة صفقات مع الجامعة ذاتها، تبيّن أن الأستاذ إبراهيم مودود، الذي يدرّس بشعبة الجغرافيا هو مالكها، ويتعلق الأمر بوكالة «Maroc horizon d’aventures» ، ويوجد مقرها بحي الداخلة بالمدينة، قبالة «مقهى الموعد»، إذ يصعد إليها يوميا من أجل مباشرة مهامه فيها. وعلى الرغم من أن الشركة المعنية غير مسجلة في اسم الأستاذ المذكور، بعدما تعمّد تسجيلها في اسم أحد أقاربه، حتى لا يجد نفسه في حالة خرق لقانون الوظيفة العمومية، فإن المعطيات الدقيقة التي حصلت عليها «الأخبار»، تفيد بأنه أبرم اتفاقيات مع جامعة ابن زهر، حتى يحصل على سندات طلب، يوفر من خلالها تذاكر السفر والمبيت في الفنادق (billets d’avions et hébergement) داخل المغرب وخارجه، لصالح أساتذة وموظفي ومسؤولي جامعة ابن زهر فقط، في صفقة مع رئيسه الذي يعتبر صديقا مقربا منه. وبالرجوع إلى الوثائق والمستندات التي حصلت عليها «الأخبار»، وهي عبارة عن ملف خاص بعدد من السنوات، منها سنة 2012، يتكون من 1856 أمر أداء (ordres de paiements) في 40 صفحة، وملف سنة 2013 من 130 أمر أداء، منها المعطيات الرقمية، تتبين قيمة المبالغ المالية التي كانت تخصص للسفريات والإقامات في الفنادق الفخمة، فضلا عن تناول وجبات الغداء والعشاء في أرقى المطاعم.
وترتفع فواتير المطاعم، إذ إن مبلغ الفاتورة الواحدة وصل 30.000.00 درهم، بمطعم shems ayour، الذي أدته الجامعة بحسب الأمر بالأداء رقم 995، وكذلك مطعم folie berbère الذي وصل المبلغ الذي استخلصته الجامعة فيه 25.000.00 درهم، في الوقت الذي تدّعي رئاسة الجامعة، أن هذه الفواتير استفاد منها الأساتذة في إطار مؤتمر علمي دولي، بلغ عددهم 100 مدعو، وبلغت تكلفة الشخص الواحد 300 درهم، على الرغم من أن كل الجامعات، عندما تتعاقد مع المطاعم لا تتجاوز سقف مبلغ 120 درهما للشخص الواحد، غير أن في جامعة ابن زهر بأكادير، يتجاوز المعنيون بأمر هذا المبلغ، بسبب طلبيات غير مبرمجة، وغالبا ما تدخل في خانة الترفيه وفي الأوقات الحرة.
وبالنظر إلى القيمة التي تحظى بها هذه الوثائق، التي تحمل معطيات مهمة، فبمجرد علم رئيس الجامعة بتسريبها، فقد أمر بإقالة الموظف الذي له صله بها، بعدما ظن أنه هو من سرّبها، إثر علمه بما يروج بين الأساتذة حول الموضوع، فأصدر تعليماته من أجل تنقيله إلى مصلحة الرياضة، خوفا من تسريب أداءات ميزانية سنوات 2013 و2014 و2015 و2016، التي يطالب الأساتذة بإيفاد لجنة من المفتشية العامة للوزارة من أجل البحث فيها، أو قيام قضاة المجلس الأعلى للحسابات بافتحاص دقيق لها.
وبالعودة إلى ملخص متعلق بأوامر الأداء لسنتي 2012 و2013، يتبين أن وكالة الأسفار maroc horizon d’aventures استفادت من عدة سندات طلب خلال سنتي 2012 و2013. وبتتبع أرقام أوامر الأداء
234، 1268، 1567، 1612 إلى 1618، 1662، 1669، 1707، إلى 1710، 1713، 1716، يتضح أن مجموع المبالغ المالية التي حصلت عليها الوكالة من ميزانية الجامعة هو 243.869.00 درهم، أي أن الميزانية التي خصصت للأسفار التي تكلفت بها وكالة الأسفار المذكورة، بلغت أزيد من 24 مليون سنتيم في 2012، ناهيك عن سنوات 2013 و2014 و2015 و2016.
ويظهر من خلال التدقيق أكثر في الوثائق والمستندات، حجم المصاريف المخصصة للمطاعم الفخمة والسفريات والتنقلات، فمثلا في ما يخص التنقل للخارج، الذي يبرز قيمته رقم أمر الأداء 898، نجد أنه كلّف 84.000.00 درهم، جرى استخلاص قيمته المالية، عن طريق المكلف بالأداء (régisseur benhammou)، والأمر نفسه، جرى بالنسبة إلى الأمر بالأداء رقم 1464، ومبلغ الشيك الذي تم صرفه بلغ 114.300.00 درهم، وفي السطر نفسه، يوجد رقم الشيك، وقد كتب عليه أن المبلغ خصص للتنقل للخارج، استفاد منه رئيس الجامعة، بالنظر إلى أن تنقلات الأساتذة والموظفين يحصلون عليها مباشرة مع ذكر أسمائهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى