الرئيسية

هكذا سيشرد 200 ألف عامِل وسيغلق 800 مَصنَع بسبب منع أكياس البلاستيك

حمزة سعود
الأكياس البلاستيكية المستعملة في مختلف الأنشطة والعمليات التجارية، سيتم منع ترويجها ابتداء من فاتح يوليوز المقبل. القرار تم إصداره وفق قانون منظم، يقضي بمنع صنع واستعمال وتسويق الأكياس البلاستيكية. حسب مصادر مطلعة، فالقرار الأخير سيتسبب في تشريد حوالي 200 ألف عامل، بالإضافة إلى إغلاق أزيد من 800 مصنع متخصص في الصناعات البلاستيكية، دون الحديث عن آلاف الموزعين الذين ينشطون في مجال تسويق الأكياس البلاستيكية للمحلات التجارية. قرار المنع سيؤثر على نشاط مجموعة من القطاعات التجارية، في الوقت الذي تتساءل فيه جمعيات حماية المستهلك عن بديل للأكياس البلاستيكية، وأيضا عن الميزانية أو الأموال المرصودة لمواكبة هذه العملية. مزيدا من التفاصيل في التحقيق التالي.
سيمنع ابتداء من فاتح يوليوز المقبل صنع الأكياس من مادة البلاستيك، أو تسويقها في السوق الداخلية أو تصديرها أو حيازتها بغرض بيعها أو عرضها للبيع أو توزيعها.
وتشمل عملية المنع جميع أنواع الأكياس من مادة البلاستيك التي تمنح للمستهلكين في نقط بيع السلع أو المواد، بالإضافة إلى الأكياس من مادة البلاستيك ذات الاستعمال الصناعي، التي تستعمل حصريا لتلفيف أو توضيب المواد المصنعة داخل مكان التصنيع أو التوضيب.
ويشير القانون المتعلق بمنع صنع الأكياس من مادة البلاستيك، إلى استثناء أنواع محددة من الأكياس البلاستيكية من القرار، ويتعلق الأمر بالأكياس المخصصة للاستعمال الصناعي أو الفلاحي، و”الأكياس الكاظمة للحرارة” وأكياس التجميد، والأكياس من مادة البلاستيك المخصصة لجمع النفايات المنزلية. مع ضرورة استعمال هذه الأكياس للأغراض الموجهة إليها، حسب فئتها، بحيث يجب أن تحمِل علامة أو رسما مطبوعا.
وستوجه إنذارات مكتوبة إلى مرتكبي المخالفات، داخل أجل محدد، بعد قيام الأعوان المعينين، بمعاينة المخالفات المتعلقة باستعمال وصناعة الأكياس البلاستيكية، على أن تتم معاينة المخالفات لأحكام القانون في مجال التصدير وزجرها ومباشرة المتابعات المتعلقة بها، كما هو الشأن في المجال الجمركي.
وبموجب هذا القانون ستفرض على مرتكبي المخالفات المتعلقة باستعمال وصناعة الأكياس البلاستيكية غرامات مالية تتراوح بين 200 ألف ومليون درهم لكل شخص صنع أكياسا من مادة البلاستيك، فيما ستفرض غرامة مالية تتراوح ما بين 10 آلاف و500 ألف درهم على كل شخص يحوز أكياسا من مادة البلاستيك، بغرض بيعها، أو عرضها للبيع أو توزيعها.
ويعاقب بغرامة من 20 ألفا إلى 100 ألف درهم، كل شخص يستعمل الأكياس من مادة البلاستيك، ذات الاستعمال الصناعي، و”الأكياس كاظمة الحرارة” وأكياس التجميد، بالإضافة إلى تلك المخصصة لجمع النفايات المنزلية، لأغراض غير تلك الموجهة إليها. كما سيتم تخصيص عقوبات أشد في حال تعدد المخالفات لأحكام هذا القانون.
وكان القانون رقم 22.10 المتعلق باستعمال الأكياس واللفيفات من البلاستيك القابل للتحلل، قد صدر سنة 2010 وتطرق إلى منع صنع الأكياس واللفيفات من البلاستيك غير القابل للتحلل أو غير القابل للتحلل بيولوجيا بغرض تسويقها محليا، كما منع استيرادها أو حيازتها بغرض البيع أو عرضها للبيع أو توزيعها.
وكان مجلس النواب قد صادق في وقت سابق من سنة 2015 على مشروع القانون رقم 15-77 القاضي بمنع صنع واستعمال الأكياس البلاستيكية، ابتداء من يوليوز المقبل، بعد اتخاذ سلسلة من المبادرات التحسيسية لجعل أنشطة تحويل البلاستيك صديقة للبيئة.

بديل يربك المِهنيين
أفاد عزيز الخراطي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المستهلك، في حديث مع “الأخبار”، بأن مجموعة من الصعوبات تقف أمام تطبيق القانون 15-77 المتعلق بمنع صنع واستعمال الأكياس البلاستيكية، في حين هناك مجموعة من الدول اعتمدت إجراءات وقوانين مكنتها من الوصول تدريجيا إلى منع استعمال البلاستيك.
وتساءل الخراطي عن البديل الذي ستعتمده الجهات الوصية في تعويض الأكياس البلاستيكية المتاحة حاليا في الأسواق والمتاجر، معتبرا في نفس الوقت بأن ذلك يتطلب رصد أموال مهمة قصد تعويض استعمال الأكياس البلاستيكية بأكياس أكثر حفاظا على البيئة.
وأوضح الخراطي أن البديل للأكياس البلاستيكية “غير واضح” إلى حدود كتابة هذه الأسطر، متسائلا في نفس الوقت عن الهيئة أو الجهة التي ستسهر على مراقبة تطبيق القانون الجديد، المزمع تنفيذه ابتداء من فاتح يوليوز المقبل.
رئيس الجمعية المغربية لحماية المستهلك، أوضح أن قرار منع استعمال وتصنيع الأكياس البلاستيكية سيضر بعدد من القطاعات، مشيرا إلى أن عملية تبضع المستهلكين المغاربة ستطالها مجموعة من التغيرات المرتبطة بتبعات هذا القرار.
واقترح الخراطي، إنشاء وحدات صناعية للأكياس من الثوب أو من مواد طبيعية محافظة على البيئة ولا تشكل أي ضرر على المستهلك المغربي، مع ضرورة اعتماد هيئة خاصة لمراقبة تفعيل القرار الجديد.
ورصد الخراطي تحايل عدد من المصنعين بخصوص منع تداول الأكياس البلاستيكية السوداء، مشيرا إلى أن قرار منع الأكياس البلاستيكية تم على حساب تغيير لونها الأسود بألوان أخرى مع الاحتفاظ بنفس العناصر الصناعية.
وخلص الخراطي إلى أن البلاستيك الغذائي لا يشكل أي خطر على البيئة ولا يشكل خطرا أيضا على صحة الإنسان، بحكم تصنيعه من مواد طبيعية غير مضرة. مبرزا في نفس الوقت، أن نقل المواد الغذائية في أكياس بلاستيكية يتسبب في انتقال مواد مسرطنة، خصوصا عندما يتعلق الأمر بمواد غذائية ساخنة.

أكياس تسبب السرطان
تشير دراسات علمية أجريت حول مكونات الأكياس البلاستيكية وأنواعها، إلى أن أمراضا سرطانية خطيرة قد تتسبب فيها هذه الأكياس بحكم إعادة صناعتها من أكياس المخلفات، والقمامة التي يتم تجميعها. فيما كشفت إحدى الدراسات أن استخدام أكياس البلاستيك والنايلون في نقل أو حفظ الأطعمة والمواد الغذائية، يشكل خطورة على الصحة، ويزيد من فرص الإصابة بالسرطان، خاصة عندما يتعلق الأمر بأطعمة ساخنة.
وأكد مجموعة من الباحثين من جامعة “هارفارد”، أن المواد والعبوات البلاستيكية، تتسبب في تسرب مادة الـ “بي بي أي”، في المواد السائلة، بشكل كاف لرفع مستوى المادة الكيماوية في البول البشري، بحيث يستعمل المركب الكيميائي الـ “بي بي أي” لزيادة المرونة في المواد البلاستيكية.
دراسة نشرتها أكاديمية العلوم الأمريكية أشارت أيضا، إلى ارتفاع مستويات الخطورة عندما يتعلق الأمر بإعادة تدوير البلاستيك، بحيث تكمن الخطورة بشكل كبير في انتقال المركبات الكيماوية للغذاء، الأمر الذي ينتج عنه تراكم لهذه المركبات يؤدي إلى إحداث بعض التسممات.
وتفيد الدراسات التي أجريت حول استعمال البلاستيك في الحياة اليومية إلى أن المواد الدهنية تعتبر من أكثر المواد الغذائية تفاعلا مع المواد الكيماوية في البلاستيك، ما يسهل تسرب وذوبان المواد البلاستيكية فيها، وذلك وفقا لدرجات الحرارة ومدة التخزين من حيث قصرها وطولها.
وتصنع مجموعة من الأكياس البلاستيكية من مشتقات البترول وبعض المواد الكيماوية، في حين تصنع الأكياس البلاستيكية من مواد لدنة مصنوعة حراريا من البوليثيلين. ونظرا لطريقة تصنيعها كيميائيا على شكل جزيئات متكررة ومتصلة، فإن تحللها في الطبيعة يتطلب مئات السنين.
وتتضمن المواد البلاستيكية موادا ضارة تتسبب في أمراض خطيرة باعتبارها غير قابلة للتحلل، خاصة المواد البلاستيكية المصنوعة من مادة البوليفينيل كلوريد.
وأثبتت دراسة أخرى، أن مجموعة من المواد البلاستيكية تتضمن مادة “الديوكسين” الكيميائية التي تسبب مرض السرطان، خاصة سرطان الثدي، عندما يتعلق الأمر بتسخين المأكولات الملفوفة بالبلاستيك وذوبان المواد الكيماوية واختلاطها مع الطعام.

ملايير الأكياس تلوث البيئة
فرضت مجموعة من الدول الغربية ضريبة على الاستعمال الشخصي للأكياس البلاستيكية، بحيث عملت على حظر هذه الأكياس الخاصة بالتسوق جزئيا أو كليا، ما أدى إلى تراجع استعمالها بنحو 95 في المائة. أهم هذه البلدان كينيا وفرنسا وإيرلندا.
مجموعة من التجارب الدولية في مجال الحد من استهلاك البلاستيك، تم اعتمادها من طرف دول عربية وغربية، للتقليص من وتيرة استهلاك وإنتاج الأكياس البلاستيكية.. من أجل تفعيل ذلك تم تنظيم “أيام خالية من أكياس البلاستيك”، بالإضافة إلى تعويض الأكياس البلاستيكية بأخرى من القطن وأخرى من مواد صديقة للبيئة.
وتشير إحصائيات خاصة بمجال الأكياس البلاستيكية إلى أنه يباع حوالي 500 بليون كيس بلاستيكي في جميع أنحاء العالم كل سنة، كما يقدر استهلاك الأسر الأمريكية بحوالي 1400 كيس بلاستيكي سنويا، يستعمل في عملية إنتاجها حوالي 12 مليون برميل من النفط، فيما ينتج البريطانيون حوالي 8 بلايين من الأكياس البلاستيكية سنويا.
في كينيا مثلا، جرى قبل سنوات حظر استعمال الأكياس البلاستيكية السميكة، والتقليل من استعمالها لتوفير الأموال اللازمة لإنتاج أكياس بديلة أكثر مراعاة للبيئة، واستثمار المال بشكل فعال في عملية إعادة التدوير، كما فرضت الدنمارك ضريبة انخفض بموجبها استهلاك أكياس الورق والبلاستيك بحوالي 66 في المائة.
وفي أوغندا تم منع استعمال الأكياس البلاستيكية الرقيقة، بالإضافة إلى فرض ضريبة على الأكياس السميكة، مع منع الشركات من إنتاج أكياس البلاستيك أواستيرادها أو استعمالها، بالإضافة إلى استعمال ورق الموز كبديل تقليدي للأكياس البلاستيكية.
واعتمدت جنوب إفريقيا على استعمال أكياس بلاستيكية رقيقة، واعتماد بدائل أخرى، إلى أن تم تسجيل انخفاض في رمي أكياس البلاستيك، وكذلك في صناعتها.

محمد البوشتي : “التشرد مصير 200 ألف عامل في مجال البلاستيك”
قال محمد البوشتي، عضو الجمعية المغربية لمنتجي أكياس البلاستيك، إن قرار منع استعمال وتصنيع الأكياس البلاستيكية، ابتداء من فاتح يوليوز المقبل، تم اتخاذه دون مراعاة ظروف العاملين في القطاع، مشيرا إلى أن هذا القرار سيتسبب في تشريد أزيد من 200 ألف عامل في هذا المجال، وإغلاق أزيد من 800 مصنع.
وبخصوص تفاصيل القرار الأخير الذي يقضي بمنع استعمال أنواع محددة من الأكياس البلاستيكية، أفاد البوشتي، بأن المهنيين والمصنعين في مجال البلاستيك، راسلوا رئيس الحكومة حول تداعيات القرار الأخير، لكن دون تلقي أية إجابة، مضيفا في هذا الصدد بأن المهنيين يلمسون “تعالي” الحكومة في التعامل مع مطالبهم.
البوشتي، الذي يدير شركة في مجال صناعة البلاستيك، أوضح بأن ردود الحكومة بخصوص الملف تشير إلى أن القانون سيسري على الجميع، معتبرا بأن خسارات تقدر بملايين الدراهم سيتكبدها المصنعون نظرا لقيمة التجهيزات والمعدات الصناعية المعتمدة في عملية التصنيع.
وأشار المتحدث نفسه إلى وجود 4 مراكز للتكوين في المغرب، توفر تكوينا لعدد من الطلبة في مجال البلاستيك، بحيث توفر سنويا أزيد من 160 خريجا، سيكون مصيرهم بالإضافة إلى مئات الأسر والعاملين، “التشرد والبطالة”.
وأوضح البوشتي أن عددا مهما من المهنيين يشتغلون في مجال البلاستيك كموزعين لدى المتاجر والمحلات التجارية، مبرزا بأن مصيرهم بات مهددا بسبب تفعيل هذا القانون في غضون الأشهر المقبلة.
وخلافا لما أشارت إليه تصريحات في وقت سابق، نفى البوشتي وجود تلاعبات أو عمليات غش في تصنيع الأكياس البلاستيكية، مبرزا بأن الأكياس البلاستيكية يتم تصنيعها من أجل الغرض المخصص لها.
وزاد المتحدث أن تبعات هذا القرار ستخلف صعوبات وعراقيل في مجموعة من القطاعات الحيوية، خصوصا المعاملات التجارية المرتبطة بالبيع بالجملة والتقسيط.
وأفاد البوشتي بأنه إذا تم اعتماد الكارتون بديلا للأكياس البلاستيكية، فإن القيمة الإنتاجية ستعرف تراجعا على اعتبار أن إنتاج “وحدة” من الكارتون تمثل 8 أضعاف من البلاستيك، مضيفا بأن الانتاج السنوي للبلاستيك كان يتجاوز200 ألف طن.
وأبرز البوشتي أن الحكومة “تعالت” في الاستجابة لمطالب العاملين والمهنيين في مجال البلاستيك بعدما تعذر إيجاد بديل للمهنيين والعاملين في هذا المجال، مشيرا إلى عدم وجود إمكانية لتنظيم وقفات احتجاجية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى