شوف تشوف

الرئيسيةصحةن- النسوة

هكذا يؤدي المرض وضغط المجتمع إلى الانتحار

إعداد: مونية الدلحي
يقدم عدد من الأشخاص على إنهاء حياتهم عن طريق الانتحار. وكقاعدة عامة، يكون سبب الانتحار هو اليأس العميق، كما يمكن، أيضا، ربط هذا السبب بمجموعة متنوعة من العوامل.
وهناك اضطرابات نفسية كثيرة تخرج الشخص عن طبيعته وتدفعه إلى الانتحار، على غرار الإصابة بالاكتئاب الشديد والفصام، أو الإدمان على تناول المخدرات والكحول أو إدمان القمار. فضلا عن ذلك، فإن الانتحار يكون، أيضا، نتيجة الأمراض التي تسبب الكثير من الألم أو الإعاقة الكبيرة، بفعل الصدمات النفسية الكبيرة أو بعد التعرض لاعتداء جنسي، أو العزلة الاجتماعية أو حدوث فاجعة في العائلة. ويلجأ إلى الانتحار بشكل رئيسي المراهقون والبالغون، مع وجود حالات انتحار في مرحلة الطفولة.
في فرنسا لوحدها يختار عشرة آلاف شخص سنويا التخلي عن حياتهم طواعية، أي بمعدل خمس وعشرين حالة انتحار في اليوم الواحد، وعدد الوفيات الناجمة عن الانتحار أعلى بثلاثة أضعاف مقارنة بعدد الوفيات الناجمة عن حادثة سير.
إحصاءات
يمثل الانتحار بشكل خاص السبب الرئيسي الثاني للوفاة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين خمس عشرة وتسع وعشرين سنة، وفقا لمسح أجراه المعهد الوطني للصحة والبحوث الطبية سنة 2013. فقد حاول حوالي ثمانية في المائة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين ثلاث عشرة وثمان عشرة سنة، الانتحار بالفعل، ومن بينهم حوالي أربعة في المائة حاولوا بالفعل قتل أنفسهم عدة مرات.
ويفضل خمس وسبعون في المائة من الذكور وضع حد لحياتهم باستخدام سلاح ناري أو بالشنق، بينما تفضل النساء تعاطي الأدوية أو الغرق.
ويمثل الانتحار مشكلة عالمية، فوفقا لمنظمة الصحة العالمية، يقوم شخص واحد بالانتحار في جميع أنحاء العالم كل أربعين ثانية، أو ما مجموعه ثمانمائة ألف حالة انتحار كل عام، وهو ما جعل خبراء منظمة الصحة العالمية يعلنون حالة طوارئ عالمية.
بالإضافة إلى ذلك، ليست جميع البلدان متساوية في حالات الانتحار، مثلا في أمريكا الجنوبية تحدث حوالي أربع وأربعين حالة انتحار في مائة ألف نسمة، بينما تحدث حالة وفاة واحدة في أكثر من مائة ألف نسمة في المملكة العربية السعودية.
وفي أوروبا ارتفعت معدلات حالات الانتحار بشكل كبير، فقد وصلت إلى ثلاث عشرة في المائة حالات الانتحار في مائة ألف نسمة، في الوقت الذي لم تتجاوز سنة 2012 إحدى عشرة في المائة.
وسائل التواصل الاجتماعي
النجاح الذي تنقله الشبكات الاجتماعية يعزز من عدم ارتياح بعض المراهقين الذين لا يستطيعون تحمل الضغط والأهداف الأكاديمية والرياضية.
ويمكن أن تزيد وسائل التواصل الاجتماعي من خطر الانتحار، خاصة بين المراهقين، فوفقا لنتائج دراسة نشرت في المجلة الطبية «أمريكان سيولوجيكال»، فإن المشاكل النفسية تنتشر بشكل كبير في صفوف الأشخاص، خصوصا المراهقين الذين لا يستطيعون الوصول لأهدافهم، سيما بسبب ما يشاهدونه على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يزيد من إحباطهم.
وأعد باحثون في جامعة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية دراسة استغرقت خمس عشرة سنة، بشأن أشخاص من الطبقة الوسطى ينتمون لمنطقة ضواحي شيكاغو. وانتحر في هذه المنطقة حوالي تسعة عشر طالبا، أو من خريجي المدارس الثانوية. وأجرى الباحثون مقابلات كثيرة مع أشخاص وصل عددهم حوالي مائة وعشرة أشخاص لفهم الآليات التي أدت إلى وفاة هؤلاء الشباب.
ضغوط كثيرة على المراهقين
ووجد الباحثون أن المراهقين يتعرضون لضغوطات كثيرة من أجل النجاح في حياتهم الدراسية، حيث يكون من الضروري على الأطفال والمراهقين بشكل خاص الدراسة بشكل كبير من أجل النجاح في مسارهم الدراسي والأكاديمي بشكل عام، أو الرياضي إذا كانوا يشاركون في مسابقات رياضية.
وتتفاقم المخاوف عند المراهقين عندما لا يستطيعون التوصل إلى المثل العليا الموضوعة أمامهم، خصوصا تلك التي يشاهدونها أو يرونها على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تزيد من إحباط المراهقين وفقدانهم الثقة في أنفسهم. ولاحظ الباحثون، أيضا، أن المراهقين غير السعداء لا يريدون أن يطلبوا من آبائهم المساعدة من أجل الحصول على المساعدة الطبية أو من أجل إيجاد حلول لمشاكل الصحة العقلية. فلا يجد الشباب المعرضون للانتحار الدعم سواء في المجتمع المحيط بهم (الآباء أو الأصدقاء أو الأقارب)، أو على مواقع الشبكات الاجتماعية. فضلا عن أن المراهقين كلما شاهدوا أشخاصا ناجحين، خصوصا إن كانوا مراهقين أو من أقرانهم، أثر عليهم نجاح الآخرين بشكل سلبي وزاد من عذابهم النفسي.
وبحسب آنا مولر، الأستاذة الجامعية المساعدة بجامعة شيكاغو، فإن من أكثر النتائج إثارة للاهتمام في الدراسة أنها تبرز عيوب الروابط الاجتماعية، أي تلك التي تجمع المراهقين بمحطيهم سواء الأسري أو الأصدقاء، والتي تعتبر تلك الروابط الأسرية مهمة جدا وضرورية، وتعمل كوسيلة تتصدى للانتحار وتمنعه.. فالدعم الأسري مهم جدا لتفادي حدوث الأسوأ، ويوصي علماء الاجتماع بإنشاء برامج لمساعدة الطلاب في التغلب على الفشل الأكاديمي والقيود المفروضة عليهم من قبل محيطهم ووسائل التواصل الاجتماعي.
الانتحار والفصام
كشفت دراسة أمريكية جديدة أنه في حالة الفصام، فإن خطر الانتحار مرتفع بشكل خاص، سيما بين الفئة العمرية ما بين خمسة وعشرين وأربعة وثلاثين.
مرض انفصام الشخصية مرض نفسي يصيب حوالي واحد في المائة تقريبا من سكان العالم، وفي فرنسا هناك نحو ستمائة ألف شخص مصابون بالفصام.
وهناك أعراض ظاهرة وواضحة للفصام، من أهمها الأوهام، الهلوسة الحسية، الهلوسة الأصوات وجنون العظمة. ويتميز الفصام، أيضا، بعدم تنظيم الفكر، الفقر العاطفي والعاطفي، وعدم القدرة على تخطيط للمهام البسيطة.
ووفقا للمعهد الوطني للصحة والبحوث الطبية، فإن شخصا واحدا من كل شخصين يعاني من مرض فصام الشخصية سيحاول على الأقل مرة واحدة الانتحار خلال حياته. لكن، في دراسة حديثة نشرت في مجلة «الأبحاث المتعلقة بالفصام» المتخصصة، فإن الباحثين من مركز الإدمان والصحة العقلية في الولايات المتحدة يذهبون إلى أبعد من ذلك، فوفقا لهم، فإن اثنتي عشرة في المائة من حالات الانتحار مرتبطة بالفعل بـالفصام.
وللوصول إلى هذه النتائج، استعرض الباحثون الأمريكيون أزيد من خمسة آلاف وخمسمائة حالة انتحار حدثت في أونتاريو بين عامي 2008 و2012، وأن من بين الأشخاص الذين ماتوا منتحرين ما مقداره ستمائة وثلاثة وستين شخصا عانوا من الفصام، وفي عشرين في المائة من الحالات التي تم فيها تشخيص مرض انفصام الشخصية، حدث الانتحار خلال المرحلة العمرية خمس وعشرين وأربع وثلاثين سنة.
بطبيعة الحال، في حالة انفصام الشخصية، فإن تنفيذ علاج مكيف ضروري. ومع ذلك، يجب على المهنيين الصحيين أن يظلوا متيقظين في ما يتعلق بخطر الانتحار. ويلاحظ الباحثون أنه في تسعين بالمائة من حالات الانتحار، يكون الاضطراب العقلي هو السبب.
ويقول الباحثون، أيضا، إن استهلاك المخدرات قبل سن الثمانية عشر عاما يضاعف من خطر الإصابة بالفصام، وبالتالي زيادة خطر الانتحار.

انتحار المصابين بالاكتئاب
يقول الباحثون إن «الكيتامين» أكثر فعالية من المسكنات في الحد من الأفكار الانتحارية لدى مرضى الاكتئاب، وذلك وفقا لنتائج دراسة نشرت في المجلة الطبية الأمريكية.
وأجرى باحثون في جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة الأمريكية دراسة على ثمانين مريضا يعانون من الاكتئاب ولديهم أفكار انتحارية مهمة سريريا.
وأظهرت نتائج الدراسة أنه خلال 24 ساعة، ادعت مجموعة «الكيتامين» انخفاضا كبيرا سريريا في الأفكار الانتحارية مقارنة بالمجموعة الثانية. وبدا أن التحسن في الأفكار الانتحارية والاكتئاب في مجموعة «الكيتامين» استمر لستة أسابيع بعد الدراسة. ويرى المرضى الذين عولجوا بـ»الكيتامين» تحسن الحالة المزاجية بشكل عام. وكانت الآثار الجانبية، بشكل رئيسي، التفكك وزيادة ضغط الدم أثناء الحقن، خفيفة إلى معتدلة، وعادة ما يتم حلها في دقائق إلى ساعات بعد تلقي العلاج.
وقال مايكل جرونيباوم، الطبيب النفسي الذي قاد الدراسة، إن «هناك نافذة حرجة يحتاج فيها المرضى المصابون بالاكتئاب الذين يعانون من فكرة الانتحار إلى تخفيف سريع لمنع إيذاء النفس»، ويمكن أن تكون مضادات الاكتئاب المتاحة حاليا فعالة في الحد من الأفكار الانتحارية لدى المرضى المصابين بالاكتئاب، لكن الأمر قد يستغرق أسابيع حتى يكون لها تأثير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى