شوف تشوف

الرئيسيةصحة

هكذا يحدث عسر القراءة وهذه طرق علاجه

هناك مشكلة كبيرة تواجه الآباء عندما يصل طفلهم مرحلة الدراسة واكتساب مهارة القراءة والكتابة، ويكتشف الآباء أن ابنهم يعاني من مشكلة عسر القراءة، ويعتقدون أن هذا الطفل يعاني مشكلة التأخر الدراسي أو أنه لا يقوم بجهده من أجل التعلم، أو ببساطة أنه غبي وغير قادر على استيعاب الدروس.
مشكلة عدم القدرة على القراءة قد تكون مشكلة كبيرة في حد ذاتها، لأن القراءة هي الركيزة الأساسية التي يتوقف عليها التعليم بشكل عام، فمن دون القراءة لن يستطيع التعليم السير قدما في مساره.
لكن ما لا يدركه الآباء أن مشكلة عسر القراءة تتعلق بمشكلة صعوبة في التعلم وتسمى علميا «الديسلكسيا».

المشكلة الكبرى التي تكمن في عسر القراءة أو «الديسلكسيا» تتمثل في أن عدم معرفة هذه المشكلة والوعي بأعراضها، يجعل الطفل الذي يعاني منها يعاني بشكل كبير من التهميش والإقصاء والتوبيخ وذلك في المدرسة وحتى في المنزل، بسبب عدم فهم البالغين للمشكلة الحقيقية التي يعاني منها هذا الصغير.
وتجب الإشارة إلى أن الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة هم في الواقع يملكون مستوى ذكاء عاد جدا إن لم يكن فوق العادي عند البعض منهم، فضلا عن أن عسر القراءة لا يرتبط أبدا بالتخلف العقلي، بل قد يظهر جليا أن لهؤلاء الأطفال ميولات أخرى في مجالات أخرى، وعسر القراءة يمكن تسميته أيضا «الإعاقة المختفية».

ما الفرق بين «الديسلكسيا» والتأخر القرائي؟
قد يظهر أن هاتين الحالتين وجهان لعملة واحدة بحيث إن النتيجة هي نفسها، لكن هناك فرق بين الحالتين، إذ لاحظ العلماء ممن درسوا الفرق بين الحالتين أن أغلب من يعانون من «الديسلكسيا» هم من الذكور على خلاف التأخر في القراءة الذي يصيب عادة الإناث، ناهيك عن أن المتأخرين في القراءة عادة ما يكونون من الأشخاص المصابين بإعاقة عصبية.
دون إغفال أن الذين يعانون من الديسلكسيا يتقدمون في القراءة والتهجئة بشكل أبطأ من الذين يعانون من التخلف في القراءة.
طبيا، وجدت الدراسات أن من يعانون من الديسلكسيا يعانون من خلل وظيفي عصبي في المنطقة المسؤولة عن القراءة في النصف الأيسر الخلفي من المخ، بينما لا يتم تشخيص هذه الحالة عند من يعانون من التخلف في القراءة.

أهم الأعراض التي يعاني منها طفل «الديسلكسيا»
على الآباء أن يدركوا أنه لا علاقة لهذا المشكل بالذكاء الخاص بالطفل، بحيث تجد الكثير من الآباء يصرحون بأن ابنهم كانت تظهر عليه علامات الذكاء المبكر، ولا يمكن أن يعاني من تأخر القراءة أو عسر القراءة. وهنا نقول إن الطفل الذي يعاني من عسر القراءة هو طفل طبيعي ذو معدل ذكاء طبيعي وقد يكون أكثر من الطبيعي، أي أنه طفل ذكي جدا.
وتظهر مجموعة من الأعراض على طفل الديسلكسيا وتمكن ملاحظتها عند نشأته، أي في السنوات الأربع الأولى من عمره، بحيث يلاحظ عليه تأخر في الكلام مقارنة مع أقرانه، ويمكن لهذا الطفل أن ينطق كلمات بحذف حروف منها أو حذف كلمات من الكلمات أو ينطق كلمة بحروف مقلوبة، ويتجلى هذا الخلط حتى عند قراءته للجمل والكلمات، فيبدأ الطفل بقراءة الكلمات بشكل غير صحيح، أو أن يقرأ الجمع مفردا أو أن يحذف نصف الكلمات أو يقلب الكلمات، هي عادات نلاحظها على المصاب بعسر القراءة.
كما تظهر عليه بعض الأعراض المرتبطة بالأنشطة اليومية التي يقوم بها، كأن يضيع الألعاب التي كان يمسك بها، أو عدم القدرة على التنسيق بين الألعاب، ناهيك عن أنه يعاني من مشكلة أخرى تتمثل في عدم القدرة على ربط حذائه أو ارتداء ملابسه وإقفال أزراره، ويمكن أن ترتبط المشكلة بمشاكل تعلمية أخرى، من قبيل عدم القدرة على التركيز عند الاستماع إلى القصص، أو عدم الكتابة بخط واضح أو الكتابة في نفس الخط، وعلى العموم فمريض الديسلكسيا يحتاج إلى تشخيص طبي ليتم الجزم في حالة إصابته من عدمها.

«الديسلكسيا» والوراثة
لمرض الديسلكسيا علاقة وطيدة بالوراثة، حسب ما أظهرته الدراسات التي عملت على دراسة حالة رضع في عمر الستة أشهر، تنتمي المجموعة الأولى منهم لعائلة طبيعية، بينما المجموعة الثانية لعائلة لها تاريخ مرضي سابق بالديسلكسيا. وتمت دراسة الاختلافات في التنشيط الكهربائي في الدماغ، ولاحظ الباحثون اختلاف نتائج أطفال المجموعة الأولى عن أطفال المجموعة الثانية في ما يخص قدرتهم على الاستجابة الأولية للأصوات، وأظهرت النتائج أن أطفال المجموعة الثانية يقومون بعملية تلقين سمعي زمني لأصوات التحدث بشكل مختلف عن الأطفال العاديين.

أهم الأسباب الكامنة وراء الإصابة
يتميز الطفل الديسلسكي بتركيبة دماغية مختلفة عن باقي الأطفال، وهو ما يؤدي إلى الفعالية في الربط بين قسمي الدماغ الأيمن والأيسر، وهذا الأمر غالبا ما يرتبط بالسبب الوراثي، بحيث إن الأطفال المصابين بالديسلكسيا غالبا ما ينتمون لعائلات لها تاريخ مرضي لهذا المرض. والاختلاف لا يرتبط بالدماغ فحسب، بل لوحظ أنه حتى المنطقة السمعية عند هؤلاء الأطفال تختلف عن باقي الأطفال، بالإضافة إلى أن منطقة اللغة في دماغ المرضى أصغر حجما منها عند الأطفال الطبيعيين.

المشاكل النفسية
يمكن القول إن الأسباب النفسية تلعب دورا كبيرا في الإصابة بعسر القراءة، إذ يعاني المرضى من مشكلة اضطراب الإدراك السمعي والإدراك البصري، بحيث إن من يعانون من مشكلة الإدراك هم بالطبع أشخاص يعانون من عسر القراءة باعتبار أن القراءة مرتبطة بشكل خاص بالسمع والقراءة.
وهناك علاقة بين العسر القرائي والاضطرابات النفسية، لكن تجب التفرقة بين مسببات ظهور عسر القراءة والاضطرابات التي تنتج عن الأمر لكون المشاكل النفسية قد تظهر نتيجة لمشكلة عسر القراءة.
ويمكن أن يكون السبب، أيضا، هو طريقة نطق بعض اللغات، فالأمر يختلف من لغة لأخرى، وهذا بحد ذاته قد يكون سببا في الإصابة بعسر القراءة.

تشخيص «الديسلكسيا»
كل الأعراض التي تم ذكرها في الموضوع ليست كافية للجزم أو القول بأن هذا الطفل أو ذاك مصاب بالديسلكسيا، فالطبيب المختص هو الوحيد القادر على تشخيص الحالة، ولهذا فأي تشخيص للحالة لا يمكن أن يتم إلا على يد طبيب مختص بالأمراض العصبية أو الأطباء النفسيين، مع إمكانية عرض الطفل على المختصين في علم النفس التربوي.
وقبل التشخيص يقوم الطبيب بمجموعة من الاختبارات لاستبعاد أي سبب آخر يمكن أن يكون المسبب لمشكلة تخلف القراءة، مثل الإصابة بضعف الإدراك أو أسباب عضوية متعلقة بالرؤية والسمع، كما يقوم باختبارات الذاكرة واختبارات أخرى شاملة ودقيقة قبل إعطاء التشخيص النهائي.

العلاج
بعد قيام الطبيب بتشخيص المرض يجب بعدها الاتجاه نحو العلاج، الذي يعتمد على خطة علاجية تضم الطبيب المعالج والوالدين، بالإضافة إلى الطاقم التربوي. ويجب على الأهل أن يكونوا متفهمين لحالة الطفل من أجل تشجيعه ودعمه وعدم إحباطه، ومن أجل رفع معنوياته. وعلى الطاقم التربوي أن يكون على دراية بحالة الطفل من أجل أن يحظى من قبلهم بمعاملة خاصة، وعدم قمعه أو الاستهزاء منه أو توبيخه.
سيقوم الطبيب باتباع طريقة علاج مناسبة لسبب الحالة التي يعاني منها الطفل، فالحالات تختلف ومعها تختلف طرق العلاج. وعلى العموم لا بد من توفير بيئة مناسبة للتعلم للطفل، ويجب التحدث بلغة سليمة خالية من الأخطاء أمام الطفل أو معه، مع طرح الأسئلة بشكل واضح والابتعاد عن الأسئلة المعقدة، فضلا عن مساعدة الطفل على المشاركة في القسم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى