الافتتاحية

وشهد شاهد من أهلها

كشف المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، أن سنة 2017، شهدت تنظيم ما لا يقل عن 17 ألفا و511 احتجاجا، نفذته مختلف فئات المجتمع المغربي ضد مختلف القطاعات الحكومية وبعض المؤسسات الخاصة، مضيفا، أول أمس خلال ندوة بمجلس المستشارين، أن عدد المواطنين الذين شاركوا في الاحتجاجات يقدر بما لا يقل عن 853 ألفا و900 محتج، بينما بلغ معدل المحتجين على الحكومة يوميا حوالي 2337 مواطنا.
للأسف، الشخصية الثانية في الحكومة يقدم هاته الأرقام المخيفة في مؤسسة دستورية بنوع من التباهي والانتشاء وكأنها إنجاز حكومي غير مسبوق. ما أعلنه الرميد مقلق للغاية، فأن يخرج مليون مغربي وفق أرقام رسمية للاحتجاج، فهذا يعني أن شيئا ما ليس على ما يرام وانسداد مؤسسات الوساطة، وأن فشل السياسات والقرارات العمومية دفع المواطن لركوب موجة الشارع لإيصال امتعاضه واستنكاره إلى الدوائر الحكومية.
ينبغي أن يفهم وزير الدولة، أن نجاح الحكومات يقاس بمدى ضعف وتقلص أشكال الاحتجاجات والاعتصامات والإضرابات وليس العكس، وأن خروج 17 ألف تظاهرة في سنة واحدة ليس مسألة صحية بتاتا، بل هو سبة في وجه الحكومة التي نجحت فقط في صناعة الاحتجاج وتغذية أسبابه بقرارات عشوائية.
على وزير «حقوق» الإنسان أن يستوعب أن البلد ليس في حاجة لخروج مليون تظاهرة احتجاجية، حتى يثبت أنه دولة حقوق الإنسان، وأن السلطات تسمح للمحتجين بأن يجوبوا الشوارع طولا وعرضا دون مس بحقوق التعبير.
الخلاصة أن الوزير الرميد، الذي يدمن الغضبات والاحتجاج حتى داخل الحكومة، يوجد خارج التغطية، يحاول أن يحول الفشل الذريع للحكومة في توفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى انتصار وهمي بحرية الاحتجاج.
لقد حان الوقت لأن تأخذ الحكومة ارتفاع منسوب الاحتجاجات بالجدية المطلوبة، خصوصا أن عدواه امتدت لتشمل الأطفال والمراهقين، لما لها من خطورة على الأوضاع العامة للبلاد، والعمل على اتخاذ إجراءات عاجلة وعملية، وأن تكون في مستوى المسؤولية والمهمة المناطة في عهدتها. صحيح أن الكثير من تلك الاحتجاجات كان ظرفيا ومؤقتا ومحدودا، دون أن تصيبه عدوى الانتشار، لكن هاته ليست عناصر اطمئنان بل بالعكس هاته المؤشرات مرعبة وتستوجب من الحكومة تقديم إجابات اجتماعية في التعليم والصحة والتشغيل والسكن لنزع فتيل نار الاحتجاجات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى