شوف تشوف

شوف تشوف

ولاد عائلة 2.1

منذ منح الدستور الجديد صلاحيات التعيين في المجلس الحكومي لرئيس الحكومة، في ما كان يعرف بـ “ما للملك وما لبنكيران”، ظهرت قاعدة ذهبية أخذ بها بنكيران وخلفه العثماني اسمها “عطيني نعطيك”، يتناوب بموجبها زعماء الأغلبية الحاكمة على اقتطاع نصيبهم من كعكة التعيينات في المناصب العليا بالدور.
تعيينات المجلس الحكومي الأخيرة لم تخرج عن هذا التقليد، لكنها هذه المرة أثارت الانتباه والاستهجان. الأول يتعلق بتعيين طارق المالكي، ابن الحبيب المالكي رئيس البرلمان والرجل الرابع في هرم الدولة، مديرا للمدرسة العليا للتجارة وإدارة المقاولات، والثاني يتعلق بتعيين عادل المحمودي في منصب مدير التكوين بكتابة الدولة المكلفة بالتكوين المهني بعدما تم إجباره على تقديم طلب إعفائه من منصب مدير الميزانية والمراقبة بوزارة العدل بداية سنة 2018 بسبب تورطه في فضيحة أخلاقية تعلقت بمحاولة استغلاله لمنصبه في التحرش بموظفة بمحكمة الاستئناف بالرباط، والتي استطاعت بمؤازرة النقابة التي تنتمي إليها صياغة اتفاق يتمثل في تقديم طلب إعفائه من منصبه مقابل عدم متابعته من طرف الضحية أمام القضاء.
وَمِمَّا يثير الاستغراب فعلا قيام محمد الغراس، كاتب الدولة المكلف بالتكوين المهني، بتعيين عادل المحمودي قبل بضعة أشهر كمستشار بديوانه، مما يدل على أنه يعرفه معرفة شخصية، فإن كان على علم بسلوكاته فهذه مصيبة، وإن لم يكن الأمر كذلك فالمصيبة أعظم.
ومن جهة أخرى، قام السيد الغراس بقبول ترشيح المعني بالأمر ضدا على كل المساطر بالرغم من عدم توفره على شرط جوهري تم وضعه من بين الشروط الأساسية للترشيح وهو التوفر على تجربة في مجال التكوين المهني لمدة لا تقل عن خمس سنوات، وهو ما لا يتوفر في المعني بالأمر، لكن يبدو أن هذا الشرط كان شكليا فقط لأن الجميع في الوزارة كان ينتظر أن يتم تعيين المرشح المحظوظ في المنصب بمجرد تقديم ترشيحه بسبب علاقته بصديقه الغراس، مما يطرح سؤالا كبيرا حول المعايير التي يتم اعتمادها في التعيين في المناصب العليا، هل هي الكفاءة أم المحسوبية.
والمصيبة الكبرى أن المعني بالأمر تم تعيينه من طرف رئيس الحكومة دون التحري عنه بكل دقة في إطار المساطر المعمول بها للتعيين في المناصب العليا من خلال التقارير التي تصله، خاصة أن الأمر يتعلق بتعيين في قطاع حساس وحيوي خصه الملك بخطاب وتتبع خاص، وبسبب أهميته تم إعفاء كاتب الدولة السابق بن الشيخ.
وبما أن التعيينات في المناصب العليا تتم في مجلس حكومي يحضره أعضاء الحكومة، فإننا نتساءل لماذا لم يبد مصطفى الرميد وزير حقوق الإنسان أي اعتراض على هذا التعيين، علما أنه هو من عينه في منصب مدير الميزانية بوزارة العدل سنة 2015 وتصله جميع الأخبار عن الوزارة، وهو الذي يصم آذاننا يوميا بشعارات محاربة الفساد، أم أن هذا النموذج لا يدخل في هذه الخانة.
وعوض تسليط الضوء على هذا التعيين المستهجن فضل البعض التركيز على تعيين ابن المالكي مديرا للمدرسة العليا للتجارة وإدارة المقاولات، وهو اهتمام كان سيكون مشروعا ومنطقيا لو أن طارق المالكي سقط على هذا المنصب بالمظلة دون استحقاق، لكن سيرته العلمية والمهنية تؤهله عن جدارة لشغل المنصب، إذ ليس مقبولا أن مرشحا لمنصب كبير يجب إقصاؤه لمجرد أنه يحمل اسم مسؤول في هرم الدولة أو الحكومة.
وعندما يكون التعيين في غير محله يستفيد منه من لا يستحقه نكتب ذلك أيضا، تماما كما صنعنا مع رفيق الحبيب المالكي السيد إدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي الذي ضغط من أجل تعيين ابنه مديرا لديوان كتابة الدولة في الوظيفة العمومية التي يسيرها الاتحادي بنعبد القادر.
وقلنا حينها إن هذا التعيين لا يمكن إلا أن يحمل صفة الريع الحزبي، فحسن لشكر، الشاب الذي كان مجرد مسير لفندق، ولا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالإدارة كإدارة، كما لا علاقة له بقطاع الوظيفة العمومية كقطاع حكومي، ومع ذلك منح منصبا يمكنه من راتب شهري يتجاوز 25 ألف درهم، دون أن ننسى امتيازات قانونية أخرى مثل مصاريف الماء والكهرباء والتدفئة والهاتف وسيارة الخدمة.
وطبيعي أن يثير تعيين ابن المالكي في المجلس الحكومي شكوكا حول أحقيته بالمنصب، فقد اعتاد الرأي العام على قراءة أخبار تعيينات أبناء زعماء الاتحاد الاشتراكي في مناصب عليا، كعمر اليازغي ابن محمد اليازغي الذي كانت أربع سنوات كافية له لكي يحصل على ترقية كبيرة في صندوق الإيداع والتدبير، وبعدما كان يشغل منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة “ميدز” منذ 2013، ترقى لمنصب مدير عام مكلف بقطب التطوير المجالي في الصندوق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى