الرئيسيةسياسية

300 ألف موظف يقررون مستقبل تعاضدية التربية الوطنية

انتهت نقابة الاتحاد المغربي للشغل، جناح الميلودي موخاريق، من وضع آخر لمساتها على انتخابات المندوبين للجمع العام المقبل، والذي سيفرز المكتب المسير لتعاضدية تشرف على الجوانب الاجتماعية لحوالي 300 ألف من موظفي وزارة التربية الوطنية. هذه العملية لم تمر دون تسجيل خروقات واضحة، بشكل اعتبره عدد من المنخرطين في هذه التعاضدية، صفحة جديدة من صفحات الفساد الذي تعرفه هذه الهيئة منذ عقود. كل هذا وسط صمت مريب من طرف الحكومة، وخاصة وزارتي المالية والتشغيل، وكذا النقابات المركزية الكبرى، والتي يصر بعض قادتها على منع كل حديث عن الفساد الذي ينخر هذه التعاضدية.

مجلس إداري منتهي الصلاحية القانونية
سجل مجموعة من منخرطي تعاضدية التربية والتكوين، في اتصال لهم مع الجريدة، خروقات قانونية وتنظيمية، ومنها أن بلاغ رئيس المجلس الإداري الأخير يدعي أنه يستند، حسب منطوقه، في تنظيم هذه الانتخابات على قرار للمجلس الإداري المنعقد يوم فاتح فبراير الماضي، وهو الاجتماع الذي لم يصدر عنه أي بلاغ في هذا الموضوع يحدد الأجندة الكاملة للانتخابات. فحسب هذه المصادر، من الناحية القانونية، المجلس الإداري المستند عليه فاقد للشرعية، بسبب انتهاء المدة الانتدابية ولثلث أعضائه، وما تبقى من عناصره يشغل جزء منها عضوية المكتب التنفيذي، وتحوم حوله الشبهات سواء من «الحرس القديم»، أو من المكلفين الجدد بمهمة المحافظة على ما أسموه «محمية التعاضدية» قيد التحكم والهيمنة كيفما كانت الوسيلة. وما الاستدعاء للتحقيق من طرف الشرطة إلا دليل قاطع من بين أدلة أخرى كثيرة على ذلك دونما الرجوع إلى تقارير لجان المراقبة، التي وضعت في تقاريرها لسنوات متتالية، اليد على مكامن الخلل والفساد الذي لا يعرف نهاية في هذا المرفق، الذي يريد له المتحكمون فيه أن يبقى خارج كل مراقبة حقيقية لأموال المنخرطين والمنخرطات وأن لا يدخل زمن ربط المسؤولية بالمحاسبة. فكرة الاستناد على اجتماع المجلس الإداري قد تنطلي على من لا يعلم حقيقة التعامل مع هيئات التعاضدية سواء تعلق الأمر بالمجلس الإداري أو الجمع العام. قرارات كثيرة مصيرية، بالنسبة للتعاضدية، اتخذت دون الرجوع لرأي للمجلس الإداري، أما الجموع العامة فنقدم حولها تحديين للقائمين على التحكم في تعاضدية ونساء ورجال التعليم: الأول أن يطلعوا أعضاء الجمع العام أو أعضاء المجلس الإداري على التقارير التي ترفع إلى وزارة التشغيل الوصية على القطاع للتحقق من مدى مطابقتها للواقع. والثاني أن يضعوا رهن إشارة عموم المنخرطين والمنخرطات الوقائع الكاملة لأشغال الجموع العامة التي اتخذت في السنين الأخيرة طابعا سياحيا راقيا بدلا من أن تكون محطات للوقوف على أوجه القصور في العمل التعاضدي وبلورة الصيغ المناسبة للتطوير. مصادر من داخل التعاضدية أكدت أيضا، أن عموم المنخرطين يجب أن يعرفوا أن قاعات الاجتماع لم تملأ إلا لحظات التصويت، بعدما «ينادى» على المخزون والاحتياطي من الأصوات، من غرف النوم ليضع بالصندوق ورقة التصويت التي تسلم معبأة. ومن حق عموم الشغيلة الاطلاع على الأرشيف المصور بالصوت والصورة لتعاضديتهم والذي تم تمويله من مساهماتهم.
وجه آخر لخرق القانون تجلى في تحديد عدد الممثلين بالمديريات الإقليمية المحدثة بعد 2009 لم تراع فيه هو الآخر النسب المنصوص عليها في النظم الأساسية بالمقارنة مع عدد المنخرطين، والأمثلة كثيرة في هذا الباب. لختم هذا الجانب لا بد من التساؤل عن مصير التعاضدية الخاصة بالمنشآت الاجتماعية. لماذا يتم السكوت عنها في الوقت الذي يتبجح المكتب التنفيذي بأنه من المناضلين عن الاحتفاظ بهذه الخدمات.

إجراءات محددة للتحكم في الانتخابات
تساءلت مصادر الجريدة من داخل التعاضدية، من الناحية التنظيمية، ما معنى أن يكون الفارق الزمني بين بلاغ بدء التحقق من التسجيل في لوائح الناخبين أو إيداع الترشيحات يوما واحدا عن الانطلاق الفعلي للعملية، إنه الضرب الواضح لمبادئ الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص والديمقراطية؟ وما معنى أن لا يستلم الراغب في الترشح المطبوع الخاص بذلك فقط من إحدى ممثليات التعاضدية التي تبعد أحيانا عما يزيد عن 300 كيلومتر من مقر السكنى أو العمل؟ وما المانع أن لا يتم ذلك فقط بناء على طلب خطي في الموضوع أو في أسوأ الأحوال استنساخ نموذج معتمد من موقع التعاضدية الذي لم يشتغل لسنوات طوال؟ ثم ما الغاية من إلزام المترشح بسجل عدلي لا يمكن استخراجه إلا من مكان الازدياد؟ بمعنى إن كنت تعمل بطنجة ومزداد بالعيون أو وجدة فعليك أن تقتطع ميزانية مهمة من أجرتك وقوت عيالك ووقتا طويلا من التزاماتك المهنية والاجتماعية للحصول على الوثيقة التي لا يعرف لها أهمية في الترشيح إلا زرع كل أنواع العراقيل. وبعد كل أنواع العناء لتجميع الكم الهائل من الوثائق يلزمك أيضا شد الرحال للدار البيضاء لتسلم شهادة إبراء الذمة تجاه التعاضدية. التعليق الوحيد على هذه الوثيقة الأخيرة والذي يأخذ صفة سؤال: هل من فكروا في إضافة شرط الوثيقة ذمتهم بريئة تجاه التعاضدية؟

ويستمر الفساد
تؤكد مصادر الجريدة أن التحقيقات المستمرة، منذ أول افتحاص للتعاضدية من طرف المفتشية العامة للمالية سنة 2002، وما صدر من تدقيقات من طرف لجان المراقبة، ومختلف التصريحات والتحقيقات الصحفية حول واقع التعاضدية العامة للتربية الوطنية، وما يوصف بعلاقات مشبوهة تجمع القائمين والقائمات على التعاضدية، من خلال نسج أشكال شتى من المصالح المتبادلة أقلها توظيف الأقارب من أبناء وأصهار، تجيب ببداهة تامة عن هذا الواقع الذي ينتقده الكثيرون. ولذلك يستغرب هؤلاء التفكير في مطالبة نساء ورجال التعليم بوثيقة تتطلب معاناة إضافية ومصاريف للتنقل وتبديد للوقت والجهد، في حين أن المنخرطين تقتطع اشتراكاتهم في التعاضدية بشكل منتظم من الأجر الشهري مباشرة. وتشير مصادر إلى أنه بعد أن يتوفق المترشح في استكمال الملف ويتم قبوله ممن يوزعون صكوك براءة الذمة فمكاتب التصويت لن تعرف حضور ممثل له حرصا على مصداقية العملية الانتخابية، على خلاف كل العمليات الانتخابية التي يعرفها المغرب، ومعنى ذلك واضح ولا يحتاج أي شرح، خصوصا وأن يوم الانتخاب سيتزامن مع الاربعاء الذي هو يوم عمل ولا يمكن للسواد الأعظم من الشغيلة التعليمية المساهمة فيها لبعد مكاتب التصويت وقلتها ومغادرة العمل. وهنا يطرح سؤال للاستغراب: ولماذا لا تنظم الانتخابات يوم أحد لتمكين عموم المنخرطين والمنخرطات من ممارسة حق انتخاب من يمثلهم في الجمع العام والتعبير عن اقتراحاتهم ومطالبهم والشكاوى التي لا مجال للتعبير عنها داخل تعاضدية تسد كل منافد التواصل الداخلي مقتصرة على الاتصال المباشر بالممثليات أو المقر الرئيس لقضاء كل غرض وإن كان صغيرا من قبيل الاستفسار عن مآل ملف للمرض أو غيره.
في ما سبق كله، نجد إعلانا صريحا لا لبس فيه كما لا يحتمل خطأ التأويل، بأن الانتخابات التي يزمع تنظيمها يوم 11 ماي المقبل ليست إلا ذرا للرماد على العيون التي تعرف حقيقة وحجم الإفلاس الذي تعيشه هذه المؤسسة الاجتماعية يوميا تدبيريا وخدماتيا ولا يعدو أن يكون الأمر محاولة يائسة لانتزاع مشروعية ما.

صمت مريب لكل المركزيات النقابية
تفيد مصادر الجريدة، أمام هذا الوضع، الذي لا يمت بصلة لزمن السعي نحو الحكامة الرشيدة وتخليق الحياة العامة وتكريس قواعد المراقبة الداخلية والخارجية وللمؤسسات من أجل الجودة، أن كل النقابات والجامعات الوطنية للتعليم ومركزياتها، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وباختلاف مرجعياتها الفكرية والأخلاقية، إن وجدت، تدفن رأسها في التراب وتتخلى عن المطلب التاريخي المتعلق بدمقرطة العمل التعاضدي وتستسلم طوعا أو تواطؤا لواقع التردي والمعاناة الذي يعيشه يوميا المنخرطات والمنخرطون وذوو الحقوق خدماتيا إلا ما علمناه قبل انتخابات اللجان الثنائية من الحملات التواصلية والزيارات التفقدية والتدشينات المؤثثة بباقات الورود والتي انقطعت مع تحقيق التمثيلية القطاعية. موقف النقابات كلها ولا مجال للاستثناء هنا يعبر بحق عن فقدان بوصلة النضال وزيغ مقصود عن الدفاع عن ما تبقى من مكتسبات الشغيلة.
نفس الموقف السلبي تتخذه الحكومة عبر الوزارات المعنية بأمر القطاع سواء تعلق الأمر بالتشغيل أو المالية أو العدل، تغض الطرف عن كل التقارير الرسمية وغيرها حول التعاضدية العامة للتربية الوطنية آخذة من هذه المؤسسة مادة للتسويات السياسية والنقابية ولا تبالي بما يجري حاليا وهو الذي يجوز تسميته بكل الأسماء إلا اسم الانتخابات وسيرهن للسنوات الست المقبلة على الأقل التعاضدية تحت واقع سوء التسيير الإداري والمالي والخدماتي. أليس في سكوت وزارتي التشغيل والمالية على عدم عقد الجمع العام وتقديم التقارير الأدبية والمالية للسنوات 2013 و2014 و2015 إلى اليوم وعدم التدقيق في التوازنات المالية للتعاضدية والتأخر المفرط في حصر الحسابات السنوية ومسكها تزكية لنموذج مفلس في التسيير وتطبيع مع واجهة للفساد؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى