شوف تشوف

أبطال وخونة وتجار حروب

في أوقات الحروب يكون هناك الجنود الذين يدافعون عن حوزة البلد، والمدنيون يلتزمون بالتعليمات التي تصدرها الدولة بشأن البقاء في منازلهم.
للأسف دائما ما يكون هناك في زمن الحرب تجار الحروب الذين يستغلون حالة الحرب للاغتناء. ودائما ما يكون هناك المتعاونون مع العدو، وهؤلاء أخطر من العدو نفسه لأنهم يطعنون البلد من الظهر ومن الداخل.
اليوم تعيش بلادنا حربا ضد فيروس كورونا، كما تعيشها كل بلدان العالم. إنها الحرب العالمية الثالثة، سوى أنها هذه المرة لم تحدث بين بلدان متصارعة في ما بينها بل بين كل البلدان مجتمعة وفيروس غير منظور سلطه الله، أو حرض من يسلطه على البشرية جمعاء، ليذيق بعضنا بأس بعض لحكمة لا يعلمها إلا هو.
في هذه الحرب التي يخوضها المغرب هناك الجنود الذين يقاتلون في الخطوط الأمامية، وهم الأطباء والممرضون والأطر الطبية ورجال الأمن والجيش والدرك ورجال وأعوان السلطة من الوالي إلى المقدم ورجال النظافة وسائقو الشاحنات والقابضات في الأسواق الممتازة والصيادلة والفلاحون والخبازون وموظفو البنوك ومستخدمو الشركات الغذائية وغيرهم كثير، وهؤلاء يستحقون منا أن نقف لهم وقفة إجلال وإكبار اعترافا بتضحياتهم من أجلنا جميعا.
ثم هناك تجار الحروب الذين يستغلون هذا الظرف العصيب لرفع أسعار المواد الغذائية والطبية. وهؤلاء يضعون أنفسهم في خندق العدو، ولا يجب أن تأخذ السلطات بهم رحمة ولا شفقة.
ويبقى العنصر الأخطر في هذه الحرب هم الخونة، أولئك الذين يتعاونون مع العدو ويسهلون انتشاره وتفشيه بين الناس الأبرياء. هؤلاء الخونة هم كل من يكسر قانون الحجر الصحي ويخرج إلى الشارع دون أن يكون خروجه مستجيبًا إلى حاجة ماسة. ويدخل ضمنهم كذلك كل من يحشد الناس للخروج إلى الشوارع بمبرر الدعاء أو الصلاة أو التعبير عن الاحتجاج.
وكما يقول المثل “إذا أردت تحرير وطن ضع في مسدسك عشر رصاصات، تسعة للخونة وواحدة للعدو، فلولا خونة الداخل ما تجرأ عليك عدو الخارج”.

خير البشر 

في خضم الحديث عن جائحة كورونا فوجئ الأمريكيون قبل يومين بتقرير لمجلة النيوزويك وهي تخبرهم بأن أول من وضع تدابير الوقاية من فيروس كورونا هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى رأس هذه التدابير البقاء في المنازل أو ما يسمى اليوم بالحجر الصحي.
واستشهدت المجلة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يوصي فيه قائلا “إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها”.
ولم يفت المجلة أن تذكر بجملة من الأحاديث التي يؤكد فيها النبي على النظافة وهو يحث المسلمين والناس أجمعين بقوة على المحافظة عليها وقاية من العدوى، مشيرة إلى جملة من أحاديثه بخصوص ذلك مثل: “النظافة من الإيمان”، و”إذا استيقظ أحدكم من نومه، فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده”، و”بركة الطعام الوضوء قبله، والوضوء بعده”.
وهكذا فالرسول الكريم سبق منظمة الصحة العالمية وترك لنا البروتوكول الصحي الواجب اتباعه عند حلول الجوائح وذلك قبل 1400 عام من اليوم.
في كتابه «الخالدون المائة»، اعتبر «مايكل هارت» أن اختياره لمحمد، صلى الله عليه وسلم، كأعظم شخصية في التاريخ، يرجع إلى كونه الرجل الوحيد الذي استطاع أن يؤثر وينجح على المستويين الدنيوي والديني. فالإسلام هو الدين الوحيد الذي يوصي الإنسان بالعمل لدنياه كأنه سيعيش أبدا، والعمل لأخراه كأنه سيموت غدا.
واليوم بينما العالم يعيش قلقه الوجودي الأعظم بسبب هذه الجائحة ما أحوجنا إلى استحضار وتمثل سيرة وأخلاق النبي الكريم في سلوكاتنا ومعاملاتنا اليومية، خصوصا في هذه الأزمنة الرديئة التي اختلط فيها الحابل بالنابل.
فكنه ولب الرسالة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم، هي الرحمة، فأين هي الرحمة في ما يقع اليوم في العالم ؟
لقد أمر الرسول الكريم بالرحمة حتى في زمن الحرب، قرونا طويلة قبل اعتماد “اتفاقية جنيف”، فأوصى أن لا يقتل الغالب شيخا أو طفلا أو امرأة، وأن لا تقطع شجرة أو يعتدى على راهب في دير.
لقد جاء الرسول الكريم لينشر الرحمة بين الرجال والنساء، عندما قال إن النساء شقائق الرجال في الأحكام، قرونا طويلة قبل أن يستفيق الغرب من غفوته ويكتشف حقوق المرأة التي كان يحرمها حتى من آدميتها، في الوقت الذي كان الرسول الكريم نفسه يشتغل لدى امرأة تاجرة حرة تتصرف في ثروتها كما يحلو لها.
ولقد كنا ونحن أطفال بعد، شغوفين بمتابعة المسلسلات التاريخية الدينية التي كانت تبثها القناة الوحيدة التي كانت متاحة آنذاك. فأدمنّا مشاهدة حلقات «محمد يا رسول الله»، وكبرنا على بقايا مشاهد بطولية للرسول والصحابة، تجسد الإيثار والشجاعة والخلق الكريم والمروءة والصبر على النوائب. كما كبرنا ونحن نشاهد قصص الأنبياء، وحوارات هامان الذي يتكلم باسم هامون وقصة سيدنا موسى وعيسى عليه السلام.
ولولا هذه المسلسلات والرسوم المتحركة، لضاعت اللغة العربية في المغرب. فقد كان يقوم بالدبجلة والترجمة خيرة علماء اللغة في مصر، الأردن وسوريا والعراق.
يا حسرة على ذلك الزمن…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى