شوف تشوف

الافتتاحية

أحب من أحب وكره من كره

اختزل مدير تحرير مجلة «جون أفريك» الصحفي فرانسوا سودون جوهر الصراع الدبلوماسي المغربي الجزائري، معتبرا في مقاله التحليلي للعدد الأخير من المجلة أن السلطات الجزائرية لجأت، تحت وطأة انتقادات داخلية شديدة، إلى تحويل الأنظار بقرارها الأحادي الجانب القاضي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، وأن سوء تدبير النظام الجزائري لحرائق الغابات التي دمرت جزءا من البلاد وأجبرتها على طلب المساعدة الأجنبية جعل المؤسسة العسكرية تستنجد بنزعتها الكلاسيكية لتحويل الأنظار التي تلجأ لها في مثل هذه الظروف.

الحقيقة التي لا يخطئها أي تحليل موضوعي أن هناك أزمة شرعية يعاني منها النظام الجزائري متعددة الأوجه سياسيا واقتصاديا وأمنيا واجتماعيا، ومع عجز هذا النظام العسكري في إيجاد الحلول المطلوبة سواء بالحوار أو بالقمع أو بالمعالجات الطارئة للطلب الاجتماعي فهو أصبح يعمل على تصدير هذه الأزمة أو الأزمات التي يعاني منها للمغرب، من خلال اختلاق أزمة مفتعلة مع بلدنا وإثارة مشاكل أمنية واستدعاء خلافات قديمة أو اتهام مفتعل بالتجسس وما شابه ذلك لكي يشغل الشعب والمعارضين عما يعاني النظام العسكري من أزمات.
وهذه لعبة كلاسيكية متقادمة كانت تلجأ إليها الأنظمة العسكرية الهجينة عندما يفشل القمع، وتفشل التبريرات الإعلامية، وتفشل المحاولات العقيمة الأخرى، لمواجهة مطالب اجتماعية أو سياسية مشروعة، فتلجأ إلى افتعال أزمة مع دولة مجاورة، وآنذاك تحرك الطغمة العسكرية دائرتها الإعلامية لشد الانتباه إلى الأزمة الجديدة، مركزة على الخطر الخارجي الذي يهدد الشعب، ويهدد مستقبل الوطن. وطبعا حاول النظام العسكري الجزائري اختيار زمن وسياق تصدير الأزمة، كي تنطلي على جزء من الرأي العام من خلال ربط بهلواني بين تصريح دبلوماسي مغربي له ظروفه بكارثة طبيعية بتنظيم معارض بجريمة قتل لإخراج سيناريو بشع وكوميدي في نفس الوقت في محاولة لإثارة مشاعر الشعب وصرف نظره عن سوء تدبير الحرائق وفشله في مواجهة فيروس كورونا وعدم قدرته على التجاوب مع مطالب إحلال نظام مدني ديمقراطي.

لكن ما عقد الأمور على حكام قصر المرادية وجعلهم في حيرة من أمرهم أن المغرب فطن مبكرا لمثل هاته الألاعيب القديمة، ويعلم جيدا أن النظام الجزائري يتعرض لخطر التقويض من الداخل، ويحاول إنقاذ جلده بمعركة شيطنة بلدنا وإعلان حرب دبلوماسية ودعائية ضدها. لكن ما لا تفهمه النواة العسكرية الحاكمة في الجزائر أن المغرب ماض في مسيرته التنموية والديمقراطية كيفما كانت القرارات الأحادية للجارة الشرقية، ولن يلتفت لقرارات قطع العلاقات أو رفض تجديد أنبوب الغاز أو التلميحات باللجوء للحرب، فكما قال جلالة الملك سنواصل مسارنا أحب من أحب وكره من كره رغم انزعاج الأعداء وحسد الحاقدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى