شوف تشوف

الرئيسية

أحمد الإنجليزي مهندس اعتنق الإسلام وحمل اسم لعلج وكان وراء بناء تحصينات الصويرة

حسن البصري

في النقش المنحوت باللغة العربية على تحصينات ميناء الصويرة يصادفك اسم أحمد العلج، وقد نقش بخط مغربي، وسجل فوقه بالأرقام تاريخ 1184، حيث نقرأ «الحمد لله، هذا الباب أمر ببنائه فخر الملوك سيدي محمد على يد مملوكه أحمد لعلج»، المعروف أيضا باسم أحمد الإنجليزي، المهندس المعماري من أصل إنجليزي، والذي عمل لدى السلطان المغربي محمد بن عبد الله.
تعددت الروايات حول أحمد الإنجليزي أو أحمد العلج، وما إذا كان مهندسا معماريا أو مجرد مساعد للمهندسين، فيما تؤكد روايات أخرى أن الرجل كان رئيسا لورشات العمل وليس مهندسا معماريا، بل إن اشتغاله على الموانئ يرجع لعمله في صفوف قراصنة سلا قبل أن يرحل صوب الصويرة.
لا تتحدث الروايات التاريخية عن اسمه وتكتفي كتب التاريخ بلقب «الإنجليزي» تارة و«أحمد لعلج» تارة أخرى، خاصة بعد اعتناقه الإسلام وتكليفه ببناء أجزاء من مدينة الصويرة، كمدخل الميناء. ومن بين الأبواب التي تشهد على كل ما سبق، «باب المرسى» الذي يتواجد بمدينة الصويرة، حيث بني سنة 1770، كما تخبر بذلك النقيشة التي توجد داخل الرصيعة بالباب، بعد أن صمم وبنى هذه المدينة المهندس الفرنسي تيودور كورنو، نتيجة تضرر ميناء سلا بعد زلزال لشبونة المدمر، فتم نقل الميناء الرئيسي للدولة المغربية إلى الصويرة، وانتقل طبعا عدد من القرصان والعاملين في الميناء إلى «موغادور».
لكن الكتابات التاريخية تصر على أن أحمد الإنجليزي ظل يتردد على الرباط وسلا، حيث قام سنة 1775 بالإشراف على ترميم برج الصراط في أقدم مساجد الرباط المسمى بالجامع العتيق داخل قصبة الأوداية. كما أنه كان مسؤولا عن العديد من التحصينات التي بنيت في هذه المدينة ما يؤكد تنقله بين سلا والرباط والصويرة.
واعتبر عبد الله العروي السلطان سيدي محمد بن عبد الله الذي أسس الصويرة، صانعا حقيقيا للمغرب الحديث الذي طالما تتحدث عنه كتابات عديدة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، لكنه أفرد سطورا للحديث عن بناة المدينة الحقيقيين وأبرزهم أحمد لعلج. الروايات نفسها تؤكد أن تصميم الصويرة استوحاه المهندس الفرنسي ميكولا من تصميم المدينة الفرنسية الساحلية سان مالو.
ولأن أحمد الإنجليزي أو «لينكليزي» كما يسميه أهل الصويرة، عاش طويلا حياة البحار، فقد أصر على جعل أسوار المدينة المواجهة للبحر محمية بسلسلة من المدافع وبرجين محصنين: برج الميناء وبرج القصبة، وتوجد على طوله فتحات لازالت تطل منها بعض المدافع في مواجهة البحر.
إن الخاصية الأساسية للأشغال التي أنجزها أحمد هي انتماؤها للمنظومة الدفاعية للمدينة التي تم تصورها حسب نظرة أوربية من قبل المهندس الفرنسي سالف الذكر، والذي وضعها باستشارة مع كثير من القراصنة القادمين من سلا، وبتوجيهات السلطان سيدي محمد بن عبد الله، ما أعطى الميلاد لتحفة فريدة في العمارة العسكرية المغربية.
حين اعتنق أحمد الديانة الإسلامية أصبح يخالط ثلة من المهندسين والبنائين المغاربة أو الوافدين، أبرزهم الحاج علي التطواني الذي بنى سجن الجزيرة الكبيرة المقابل للمدينة، والمهندس محمد الصويري الذي قام بمد المدينة بالماء من ساقية دار السلطان المهدومة إلى سجن الجزيرة، ثم الحاج بوبكر جسوس فاسي الأصول، أمين ميناء موغادور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى