الرأي

التوزيع غير العادل لبيغاسوس

زينب بنموسى

لا حديث لمواقع التواصل الاجتماعي بصحافييها ومناضليها ومؤثريها إلا عن برنامج بيغاسوس، الذي يشاع أنه تم استعماله من طرف الحكومات في التجسس على آلاف الأشخاص عبر العالم، ونسبة كبيرة من ضحاياه المفترضين موجودة في المغرب.
الكل يتحدث ويناقش هذا السلاح التكنولوجي الخطير، الذي تطور إلى درجة قدرته على اختراق الهاتف بـ«زيرو كليك»؛ أي فقط باتصال عابر على رقم الهاتف؛ والذي تصل تكلفة شرائه إلى 55 مليون دولار، بالإضافة إلى 500 ألف دولار من أجل تثبيته، و650 ألف دولار للتجسس على عشرة هواتف فقط. ومع ذلك، لم تتردد الدولة المغربية، حسب رواية «فوربيدن ستوريز»، في شرائه ودفع ملايين الدولارات بغرض التجسس على 10000 شخص، أغلبهم مستعد أن يحكي لك قصة حياته من يوم كان نطفة في بطن أمه بعد جعة واحدة فقط، وبعضهم «غا تا لقى راسو تما» ففرح، لأنه أخيرا أصبح شخصا مهما وتحول بقدرة قادر (حتى حاجة ما بعيدة عند الله) من سطونداريست إلى صحافي استقصائي دون مقال، بحال داكشي ديال وزير بدون حقيبة.
المهم، رغم أن مواصفات هؤلاء الصحافيين والحقوقيين والسياسيين الأحرار الذين يخيفون الدولة إلى درجة أن تستثمر من أجل الوصول إلى هواتفهم كل هذا المال سيطول الحديث عنها، ولا يمكن أن نوفيهم حقهم بمقال يتيم لن يكفي للتغزل في أخلاق وقدرات وكفاءات ولو واحد منهم، ولكن هؤلاء الأبطال الأشاوس حماة الديموقراطية والمدافعين عن حقوق الإنسان، أغفلوا جزئية مهمة جدا بخصوص هذا البرنامج وتعامل الدولة معه. كيف يواصل «المخزن» ممارسة عنصريته والتمييز بين المواطنين حتى في التجسس؟ لماذا نتغافل عن هذا التوزيع غير العادل لبرنامج بيغاسوس على هواتف المواطنين؟ وأين هي المناصفة التي نص عليها الدستور، ولماذا لم تحترمها الجهات المشرفة على الحملة؟
ولنقل إن المخزن أصلا خايب، كيف تدعي منظمة «فوربيدن ستوريز» ومنظمة العفو الدولية أنهما تدافعان عن الحقوق والكرامة، وتساندان ضحايا حرية الرأي والتعبير، في حين أنهما مارستا إقصاء ممنهجا في حق مئات المؤثرين المغاربة، الذين يتجاوز عدد متابعي الواحد منهم، عدد قراء كل الصحافيين المذكورين جماعة.
لا أحد من طرف المنظمتين طلب من نيبا الذي يتابعه أكثر من مليون شخص هاتفه، كي يخضعه للخبرة التقنية ويتأكد من أن الدولة لا تراقبه، مي نعيمة هي الأخرى ومعها علال القادوس، وصاحبات روتيني اليومي اللواتي باستطاعتهن التأثير على المجتمع بأكمله بـ«أفكارهن» وبالتالي يشكلن خطرا أكبر بالنسبة إلى الحكومة، ومع ذلك لم يسألهن أحد عن الأرقام الغريبة التي اتصلت بهن، أو يحاول مسح البرنامج من على هواتفهن. فلماذا لم يتم إدراج هذه الفئة من المؤثرين الناطقين بالدارجة في لائحة المنظمتين؟
إذا كان الغرض هو الحفاظ على مناخ الحريات والديموقراطية، فإن الجوسسة حق للجميع، ومن حق أي مواطن أن يحصل هو الآخر على بيغاسوس صغييور في هاتفه، ومنظمة «القصص الممنوعة» ومعها «أمنيستي» مطالبتان بإجراء فحص تقني على هواتف المغاربة كلهم، وبالخصوص المؤثرين منهم على «تيك توك» و«يوتيوب» باش نعرفو مبدأ المناصفة والمساواة من أخل به واش الدولة ولا هوما، وكي يحصل الجميع على قدم المساواة أولا على حقه في الخبرة التقنية، ثانيا على حقه في الجوسسة. كما وجب على رابطة الناس المتضررين غير المتجسس عليهم، والذين لم يستفيدوا من خدمات «فوربيدن ستوريز» و«أمنيستي» الاحتجاج على التعسف الذي طالهم، حيت هادشي ماشي معقول!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى