شوف تشوف

الرئيسيةملف الأسبوع

الدبلوماسية الرياضية عندما تصنع الرياضة ما تعجز عنه السياسة

للرياضة حضور مؤثر على المستوى الدبلوماسي، فهي أداة مؤثرة في منظومة العلاقات الدولية وآلية أيضا لرص الصفوف في الداخل، وتحقيق الأمن الاجتماعي. لهذا ساهمت المؤسسة الملكية في تنشيط الحياة الرياضية، إذ اعتبر الملك الراحل الحسن الثاني العداءين سعيد عويطة، ونوال المتوكل سفيرين فوق العادة، عرفا ببلدهما المغرب ومنحاه شهرة واسعة في العالم.

مقالات ذات صلة

أمام المنجزات الكبيرة التي حققها عويطة ونوال وبيدوان والكروج وغيرهم من الأبطال، رفرف العلم المغربي خفاقا في التظاهرات العالمية ووقف الزعماء لتحيته، ما جعل أغلب المشاركين يلفون أجسادهم بالعلم الوطني عند كل إنجاز.

عانى رؤساء الاتحادات الرياضية المغربية من الحصار الذي تضربه كثير من الدول الإفريقية على بلادنا، وبحثوا عن منفذ لاختراقه أملا في تحقيق مكاسب سياسية للوطن الذي آمنهم من خوف وأطعمهم من جوع.

لا يفطن رؤساء الاتحادات القارية لتوغل البوليساريو وانسلالها إلى المعترك الرياضي، ففي الألعاب الرياضية الإفريقية، التي احتضنتها الكونغو برازافيل، لم ينتبه المغاربة الجاثمون على كراسي الكونفدراليات الرياضية، إلى وجود فريق يمثل الانفصاليين. يتحرك خصوم وحدتنا الترابية من أجل ضم منتخب انفصالي إلى اتحاد جمعيات كرة القدم المستقلة «كونفيا»، مما يتيح له المشاركة الشكلية في بعض المسابقات، بدعم من الجزائر.

فطن المغرب متأخرا لأهمية الرياضة في دفع العجلة الدبلوماسية، فقرر العودة إلى إفريقيا والقطع مع سياسة الكرسي الفارغ، وقطع الطريق أمام الانفصاليين لدخول ملاعب الكرة. وجاءت الضربة القاضية في مؤتمر الكرة الإفريقية بالرباط، حين شددت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم الخناق على أعداء الوحدة الترابية، أثناء انعقاد الجمع العام الانتخابي للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، خاصة بعد المصادقة على قانون يمنع انضمام أي دولة إلى أنشطة «الكاف»، إلا إذا كانت عضوا في الأمم المتحدة.

في هذا الملف الأسبوعي، نسلط الضوء على أبرز المحطات التي تحولت فيها الرياضة إلى أداة دبلوماسية.

لقجع يورط ممثل الجزائر ويحاصر البوليساريو
وافق أعضاء الاتحادات الإفريقية لكرة القدم، في الجمع العام الانتخابي لـ«الكاف»، على تعديل الفصل الرابع من النظام الأساسي للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، والذي كان ينص على أن الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي لكرة القدم مفتوح في وجه كل الطلبات المقدمة من قبل الاتحادات الوطنية الإفريقية، كممثلين رسميين يسيرون مجال كرة القدم في بلدانهم. لكن التعديل الذي تقدم به فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، حصر الانضمام إلى عضوية الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم في ممثلي البلدان المستقلة والأعضاء في الأمم المتحدة فقط.

مصدر مسؤول داخل «الكاف» كشف أن فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، نجح في قطع الطريق على الجبهة الانفصالية البوليساريو، من أجل كسب عضوية داخل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم.

وأكد المصدر ذاته على أن لقجع سعى إلى إقناع رؤساء الاتحادات الكروية داخل «الكاف»، بالتصويت على رفض عضوية أي اتحاد كروي ينتمي إلى بلد غير معترف به كبلد مستقل من طرف الأمم المتحدة، وهو ما حصل على هامش الجمع العام الأخير الذي تم خلاله انتخاب الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي رئيسا جديدا لـلاتحاد الإفريقي لكرة القدم، بالإضافة إلى حصول لقجع على عضوية داخل الاتحاد الدولي لكرة القدم.

وكانت الجزائر قد منحت وعودا لمسؤولين بالجبهة الانفصالية، بأنه بعد الجمع العام سيتم تقديم ملتمس من أجل إدراج البوليساريو ضمن مكونات «الكاف»، وهو ما تصدى له لقجع في وقت مبكر وتمت المصادقة على القرار من طرف جميع الاتحادات الإفريقية.

الغريب في هذه النازلة أن التصويت على هذا التعديل تم أمام أعين ممثلي الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، الذين اكتفى رئيسهم بالامتناع عن التصويت. وعندما أيقن خير الدين زطشي، رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، بأن الهزيمة في مؤتمر الكونفدرالية الإفريقية قدر محتوم، نظمت على شرفه صحيفة «الشروق» حوارا صحافيا وزع فيه الاتهامات على وزير الرياضة الجزائري ومعارضيه. وبرر مسببات انسحابه من سباق الانتخابات، وكيف فاز رئيس الاتحاد المغربي فوزي لقجع بكرسي «الفيفا» في غفلة منه.

غضبت حكومة الجزائر من زطشي الذي غادر الرباط منسحبا مهزوما، فكل ما فعله في المؤتمر الاعتراض على التقرير المالي، فقط لأن لقجع هو رئيس لجنة المالية في «الكاف»، لذا ثار وزير الرياضة في وجه خير الدين وعاتبه في رسالة شديدة اللهجة على المغامرة الانتخابية، قائلا: «اعلم أن المشاركة في مثل هذه المواعد، تتطلب تحضيرات ومشاورات مسبقة لتقييم فرص النجاح، خاصة وأن هذا الأمر لا يخص شخص المترشح فقط، بل يخص مصداقية الجزائر دوليا»، وذكره الوزير بأهمية المنصب وقال إن دخول معترك الانتخابات للحصول على عضوية «الفيفا» يتطلب تعبئة الجهاز الدبلوماسي الجزائري، سيما وأن المنافسة كانت من مصر والمغرب.

فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، نجح في قطع الطريق على الجبهة الانفصالية البوليساريو، من أجل كسب عضوية داخل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم

المغرب يطرد البوليساريو من الألعاب الإفريقية
تسللت البوليساريو إلى المنتظم الرياضي الإفريقي، حيث حضرت دورة الألعاب الإفريقية الحادية عشرة، التي احتضنتها الكونغو برازافيل قبل خمس سنوات، وعرفت حضور 15 ألف مشارك من رياضيين وإداريين وإعلاميين مثلوا 54 دولة إفريقية، لكن المغرب قاطع الدورة ورفض المشاركة في فعالياتها لاعتبارات وصفتها اللجنة الأولمبية الوطنية بـ«السياسية».

وعلى الرغم من مقاطعة المغرب للحدث الرياضي، بسبب وجود وفد يمثل الكيان الانفصالي الصحراوي، وإقامة البطولة تحت إشراف منظمة «الوحدة» الإفريقية، بدل الهيئات الرياضية الرسمية، إلا أن ذلك لم يمنع المغرب من الوجود في قلب الحدث من خلال رياضة الملاكمة، في شخص حكم دولي انتدبه الاتحاد الدولي للملاكمة للإشراف على مجموعة من المباريات.

ولعل وجود ممثل للملاكمة المغربية في هذا الحدث الذي قاطعته اللجنة الأولمبية الوطنية، جعل المتتبعين يقفون على تعارض مواقف المغرب، بين لجنة أولمبية رافضة للمشاركة، مقابل حضور للملاكمة المغربية بواسطة حكم دولي، في تظاهرة رفع فيها علم البوليساريو، بل إن أعضاء من الكيان المزعوم كانوا في المنصة الرسمية خلال حفل الافتتاح، كما أن «الوفد الصحراوي» شارك في اجتماع وزاري للدول الإفريقية على هامش الدورة، وفي حفل الافتتاح.

وقالت مصادر «الأخبار» إنه لحسن حظ المغرب أن رياضيي البوليساريو الذين حلوا ببرازافيل لم يسمح لهم بالمشاركة في هذا الحدث الرياضي القاري، بسبب «افتقاد الكيان المزعوم لاتحادات رياضية مستقلة بعيدا عن وصاية الطغمة السياسية الحاكمة، وهي الاتحادات التي يحق لها المشاركة في النشاطات الرياضية القارية في إطار الاتحاد الإفريقي والاتحاد الدولي».

ويمنع، حسب قوانين التظاهرات الرياضية الإفريقية، على أي دولة داخل الاتحاد الإفريقي ليست عضوا في الاتحادات الرياضية الإفريقية المشاركة في الألعاب القارية، مما دفع اللجنة المنظمة إلى إلغاء مشاركتهم وطلبت منهم مغادرة البلاد، ولم تنفع تدخلات الجزائر وجنوب إفريقيا لتليين موقف الكونغوليين، الذين تمسكوا بالمنع.

وتعد دورة الألعاب الإفريقية أكبر الملتقيات الرياضية بالقارة السمراء، وتقام كل أربع سنوات تحت إشراف ما يسمى رابطة اللجان الأولمبية الوطنية في إفريقيا. وكانت فكرة إقامة دورة الألعاب الإفريقية من ابتكار بيير دي كوبيرتان، الذي لعب دورا كبيرا في إحياء الحركة الأولمبية بصفته مؤسس دورات الألعاب الأولمبية الحديثة، التي بدأت إقامتها في أواخر القرن التاسع عشر، علما أن المغرب احتضن التظاهرة قبل أن يتم «تسييسها»، بعد انسحابه من منظمة الاتحاد الإفريقي سنة 1984، قبل أن يعود إليها.

لحسن حظ المغرب أن رياضيي البوليساريو الذين حلوا ببرازافيل لم يسمح لهم بالمشاركة في هذا الحدث الرياضي القاري، بسبب «افتقاد الكيان المزعوم لاتحادات رياضية مستقلة»

الجزائر تحرض حلفاءها على مقاطعة كأس إفريقيا بالعيون
عندما كان «مجمع العرب» منشغلا بصفقة القرن، كان المغرب يطبخ صفقة أخرى ضرب بها خصومه الانفصاليين، حين نظم كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة في مدينة العيون، وحول ملاعب الكرة إلى فضاء لحرب دبلوماسية ضد البوليساريو التي حاولت إجهاض البطولة القارية، لكنها منيت بخسارة جعلتها تتحسر على مداد أهدرته الجزائر وما تبقى من حلفائها، من أجل منع الكرة من الدوران في حاضرة الصحراء.

في غمرة احتجاج الانفصاليين على فتح عدد من الدول الإفريقية قنصليات عامة في مدن صحراوية، وجه المغرب ضربة قاسية لأعداء الوحدة الترابية، خاصة إذا ربطناها بتغريدة الاتحاد الدولي لكرة القدم عبر حسابه الرسمي على منصة «تويتر»، التي يؤكد من خلالها اعترافه بمغربية الصحراء وإصراره على إقامة الحدث في مكانه وزمانه.

ولفت أحمد أحمد، رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم السابق، الأنظار بارتدائه لدراعية صحراوية، وبدا الملغاشي وهو يختال في هذا اللباس الصحراوي، ويسأل مقربيه عن الثقافة والتاريخ بالعيون، كأنه باحث في أنثروبولوجيا الصحراء، وحين يعود رفقة حكام الكرة في إفريقيا إلى غرفته يصر على شرب الشاي الصحراوي.

قبل أن تنطلق الدورة القارية التي احتضنتها العيون عام 2020، هددت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم بنسفها، وقالت إنها ستقاطع الاحتفال بالذكرى الـ63 لإنشاء الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، يوم 8 فبراير بالعيون، التي تنظم على هامش اجتماع اللجنة التنفيذية للهيئة الكروية الإفريقية.

وذكرت في بيانها أن «الكونفدرالية الإفريقية كانت تدعو دوما إلى احترام القيم الإنسانية ولعبت دورا بارزا في الترويج لحق تقرير المصير، بدءا بمحاربة التمييز العنصري بجنوب إفريقيا»، مطالبة بمراجعة قرار إقامة هذه المنافسة بمدينة العيون الذي له «دوافع سياسية» و«سيؤدي إلى إحداث شرخ كبير في عائلة «الكاف»».

وأضاف بيان الاتحادية الجزائرية أن تنظيم المنافسة المذكورة سابقا بمدينة العيون «يدخل في إطار سياسة الأمر الواقع، وهو الأمر الذي يتنافى تماما مع القيم والمبادئ التي دافعت عنها الجزائر دوما». وبهذه الرسالة، تكون الجزائر قد انضمت الى موقف جنوب إفريقيا التي أعلنت عن مقاطعتها لهذا الموعد التنافسي، عبر رئيس اتحاديتها الوطنية لكرة القدم داني جوردان، عضو المكتب التنفيذي وثالث نائب لرئيس «الكاف»، وأوضح هذا الأخير في تصريحات له قائلا: «يتعين علينا مقاطعة كأس أمم إفريقيا داخل القاعة، بسبب المشاكل الموجودة بين المغرب والبوليساريو. إن المغرب متمسك بإقامة هذه المنافسة بمدينة العيون، وقد وجهنا إليه النصيحة بالعدول عن قراره، لكنه لا يأخذ بالنصيحة، ومن منطلق قناعة حكومتنا قررنا مقاطعة هذه الدورة».

لكن الدورة أقيمت في موعدها وتوجت بفوز المغرب بكأس أمم إفريقيا ضاربا عرض الحائط بدفوعات أعداء وحدتنا الترابية. بل إن رد الاتحاد الدولي لكرة القدم جاء سريعا، ومكن المغرب من تحقيق مكسب سياسي كبير من بوابة الرياضة، حيث أكد «الفيفا» اعترافه بمغربية الصحراء، مؤشرا على سلسلة من الخطوات والقرارات لصالح المغرب، في الوقت نفسه الذي صعدت فيه جبهة البوليساريو احتجاجاتها على فتح عدد من الدول الإفريقية قنصليات عامة في مدن صحراوية.

ونشر الاتحاد الدولي لكرة القدم تغريدة عبر حسابه الرسمي على منصة «تويتر»، يؤكد من خلالها اعترافه بمغربية الصحراء والأقاليم الجنوبية المغربية، وزكى قرار الاتحاد الإفريقي لكرة القدم حول إقامة مجموعة من التظاهرات القارية في العيون.

رد الاتحاد الدولي لكرة القدم جاء سريعا، ومكن المغرب من تحقيق مكسب سياسي كبير من بوابة الرياضة، حيث أكد «الفيفا» اعترافه بمغربية الصحراء، مؤشرا على سلسلة من الخطوات والقرارات لصالح المغرب

الأسطورة مارادونا سفيرا للقضية الوطنية
مباشرة بعد انتهاء زيارته إلى المغرب، كتب النجم العالمي الراحل، دييغو أرماندو مارادونا، في صفحته الرسمية على أحد مواقع التواصل الاجتماعي تدوينة مؤثرة، تحدث فيها عن سفره إلى العيون من أجل خوض مباراة دولية استعراضية عنوانها السلام. كان النجم الأرجنتيني يتحدث عن سعادته بلقاء لاعبين لطالما داعب الكرة إلى جانبهم، شاكرا فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، والوكيل كريم بلق وكل من خطط لهذا الملتقى الكروي فوق تربة الصحراء.

بدا أسطورة كرة القدم من خلال تغريدته، التي استقطبت ملايين المتابعين، متحمسا وكأنه واعظ يحث الرياضيين على الاستثمار في نشر قيم السلم والتسامح، ويردد مع «جيل جيلالة» لازمة الدعوة إلى السفر «نمشيو في كفوف السلامة». هناك سيصيح نجم الكرة العالمي مارادونا وهو يقبل تربة العيون بأعلى صوته «الصحراء مغربية»، وسيرقص على أنغام الطرب الحساني بعد أن يخلطه بقليل من التانغو اللاتيني، وسيقف ريفالدو وجورج وياه (الذي سيصبح رئيسا لليبيريا)، وأبيدي بيلي ومحمد أبو تريكة وكثير من النجوم العالميين لتحية العلم الوطني.

بدأت القنوات العالمية تحط الرحال في العيون من أجل تغطية الحدث بكل تفاصيله، حينها تبين للجميع أن الرياضة بلسم لكل الجراحات السياسية، وأنها قادرة على ترميم ما أفسده الدهر، فحزب الكرة هو الأكثر استقطابا للجماهير من كل الأحزاب.

ولأن مارادونا مصنف في خانة سفراء النوايا الحسنة، فهو مؤهل لحضور المباراة كنجم فوق العادة، قادر على رفع الضغط الدموي لخصوم وحدتنا الترابية، وجعل الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، البرتغالي المتيم بكرة القدم العاشق لنادي سبورتينغ لشبونة، يفهم مغزى المبادرة في بعدها السياسي.

لم يوجه المنظمون دعوة إلى نجم الكرة الجزائري السابق، رابح ماجر، لأن هذا الأخير خسر مكانته في قلوب المغاربة، حين زار مخيم الانفصاليين بتندوف ووعدهم بتكوين منتخب يشارك في كأس أمم إفريقيا، بينما طلب لاعب دولي جزائري من المنظمين الحضور إلى مراكش دون السفر إلى العيون، في محاولة لقضاء عطلة في عاصمة البهجة دون إزعاج نظام بوتفليقة.

لم يوجه المنظمون دعوة إلى نجم الكرة الجزائري السابق، رابح ماجر، لأن هذا الأخير خسر مكانته في قلوب المغاربة، حين زار مخيم الانفصاليين بتندوف ووعدهم بتكوين منتخب يشارك في كأس أمم إفريقيا

قرار لوزارة الرياضة الجزائرية يمنع مواجهة فرق صحراوية
في آخر أيام حكم عبد العزيز بوتفليقة، أصدرت وزارة الرياضة الجزائرية قرارا بمقاطعة جميع المباريات التي تجرى في المدن الصحراوية المغربية، وحين نظم وداد السمارة لكرة اليد بطولة إفريقيا للأندية بالعيون، عاد الجزائريون من حيث أتوا وهم يضربون كفا بكف، وحينها تساءل مدرب فريق مجمع النفط الجزائري عن سر حشو الرياضة بالسياسة.

كما رفض فريق مجمع النفط الجزائري المشاركة في البطولة العربية لكرة اليد التي احتضنتها مدينة وجدة على بعد أمتار قليلة من الحدود المغربية الجزائرية، مبررا للنفطيين رفضهم مشاركة فريق وداد السمارة في هذه الدورة. وعزا رئيس النادي الجزائري قراره بوجود تعليمات من وزير الرياضة، تحذر من ملاقاة أي فريق ينتمي إلى الصحراء المغربية. لكن ما هو مبرر غياب الفريق الجزائري عن البطولة العربية النسائية، رغم عدم وجود أي فريق ينتمي إلى المناطق الصحراوية؟

وجاء إعلان الانسحاب على لسان الجامعة الملكية المغربية لكرة اليد، إذ أشارت إلى أن نادي المجمع النفطي انسحب بسبب تمثيل المملكة المغربية من طرف نادي وداد السمارة، لافتة إلى أن قرار الفريق الجزائري يعد «تصرفا غير مسؤول لا يمت بصلة إلى المبادئ التي بنيت عليها الرياضة». واعتبرت الجامعة المغربية في بلاغ لها قرار الانسحاب بالسياسي، ولفتت الانتباه إلى قبول الاتحاد العربي وقبله اتحادات إفريقية بمشاركة وداد السمارة ممثلا عن المغرب في هذه التظاهرة، وهو ما يعد «دليلا راسخا على أن المناطق الجنوبية جزء لا يتجزأ من المملكة الشريفة، وهو أيضا اعتراف من هذه المنظمات العربية والإفريقية بمغربية الصحراء».

ولم يؤكد النادي الجزائري لوسائل الإعلام حقيقة الانسحاب أو دوافعه، كما لم يرد اسم النادي في برنامج البطولة الذي نشره الاتحاد العربي لكرة اليد على صفحته في «فيسبوك».

يصر حكام الجزائر على تقديم خلطة السياسة والرياضة للمسؤولين، وتحذريهم من خوض مباريات ضد أندية تملك شهادة إقامة في الصحراء، في الوقت الذي سمح فيه المغاربة باستقبال فريق الساورة الجزائري المنتمي لمدينة كولمب بشار، التي تعد جزءا من المغرب قبل أن تضمها جرة قلم إلى التراب الجزائري، وتمكينه من إقامة صيفية في غولف الجديدة.

وفي البطولة العربية لكرة اليد بوجدة، لم يقاطع الفريق السعودي نظيره القطري بالرغم من الحرب الباردة بين البلدين، وقضى لاعبو الفريقين أياما لا تنسى في مدينة السعيدية، وهم يقدمون درسا في التربية السياسية لحكامهم.

يصر حكام الجزائر على تقديم خلطة السياسة والرياضة للمسؤولين، وتحذريهم من خوض مباريات ضد أندية تملك شهادة إقامة في الصحراء، في الوقت الذي سمح فيه المغاربة باستقبال فريق الساورة الجزائري

الزاكي يفاجئ تبون بطلب فتح الحدود مع المغرب
في شهر يوليوز من عام 2017 طالب المدرب المغربي بادو الزاكي، الذي كان يشرف على تدريب فريق شباب بلوزداد الجزائري لكرة القدم، رئيس الوزراء الجزائري الأسبق عبد المجيد تبون، الرئيس الحالي للجزائر، بفتح الحدود بين البلدين.

وقال المدرب المغربي، في تصريحات إعلامية، إنه خاطب الوزير الجزائري عقب تتويجه رفقة فريقه بكأس الجزائر: «أنا لا أفهم في السياسة ولست رجل سياسة، لكن افتح الحدود»، اكتفى رئيس الوزراء بابتسامة مستعارة أمام الطابع الفجائي للمطلب.

وقال الزاكي للتلفزيون الجزائري إن «كل ما أتمناه هو أن تفتح الحدود بين الجزائر والمغرب، وإذا تم ذلك فسأكون أول رياضي يعبر الحدود بسيارته».

جاء هذا المطلب عقب تتويج فريق شباب بلوزداد الجزائري تحت قيادة بادو الزاكي، بلقب كأس الجزائر، بعد فوزه على فريق وفاق سطيف بهدف دون رد.

لكن رئيس الوزراء الجزائري الأسبق نسي ملتمس بادو الزاكي بفتح معبر «زوج بغال»، وأدرك بعد أيام أن مجرد الاستماع إلى ملتمس سياسي في ملعب الكرة ومن فم مدرب مغربي يعد خيانة للوطن، فأقدم الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة على إغلاق فمه بإقالته، ووضع على بيته حراسا كما فعل مع الحدود الغربية لبلاده.

لكن العلاقات الكروية المغربية الجزائرية تظل بدون تأشيرة متمردة على حاجز «زوج بغال» الحدودي، حيث درب الإطار الجزائري عبد الحق بنشيخة مجموعة من الفرق المغربية ويدرب حاليا فريق الدفاع الحسني الجديدي، ويملك المدرب بادو الزاكي لقبا مغتربا خلال إشرافه على تدريب شباب بلوزداد الجزائري، وقبلهما درب العربي بن مبارك فريق بلعباس الجزائري، وساند الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بلة مولودية وجدة، حين كان يقطع المسافة بين مغنية وعاصمة الشرق للاستمتاع بالفن الكروي.

رئيس الوزراء الجزائري الأسبق نسي ملتمس بادو الزاكي بفتح معبر «زوج بغال»، وأدرك بعد أيام أن مجرد الاستماع إلى ملتمس سياسي في ملعب الكرة ومن فم مدرب مغربي يعد خيانة للوطن

الحسن الثاني يرحل فريق القوات المساعدة إلى العيون
كان شباب الساقية الحمراء أول فريق مغربي يستقبله الحسن الثاني، ليهنئه على الصعود. في هذا الاستقبال فوجئ أعضاء الفريق الصحراوي بالثقافة الكروية للملك، وإلمامه بتفاصيل المستديرة.

ظل الحسن الثاني يراهن على كرة القدم كآلية من آليات الدبلوماسية في ملف الصحراء، لذا حرص على أن تستقبل مدينة العيون نهائي الكأس الممتازة بين شباب المحمدية والمولودية الوجدية، مباشرة بعد استرجاع هذه الربوع الطيبة من المملكة. كما أعطى تعليماته لبناء ملعب «الشيخ محمد لغظف»، بعد أن ظل شباب الساقية حبيس ملعب «أم السعد».

لكن حين تبين للملك أن المنطقة في أمس الحاجة إلى فريق في القسم الأول، استدعى على عجل الكولونيل ماجور الحسين الزموري، بصفته رئيسا للجنة المؤقتة المشرفة على تدبير شؤون الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، كان ذلك صيف سنة 1995، وطلب منه نقل فريق القوات المساعدة لابن سليمان من هذه المدينة الصغيرة إلى العيون، تناسلت أسئلة عديدة حول الهدف من وراء هذا القرار الذي فاجأ المتتبعين. قال الملك حين لمس تساؤلات مصادرة في دواخل الكولونيل: «في ابن سليمان كاينة فرقة أخرى».

خرج فريق القوات المساعدة لكرة القدم من ثكنة «بئر باعوش» ضواحي سطات، وانتقل إلى ثكنة ابن سليمان، ومنها جاء قرار الترحيل إلى العيون، مع تغيير في الاسم حيث عرضت على الحسن الثاني ثلاثة أسماء اختار منها «شباب المسيرة»، لكي تظل المسيرة الخضراء حاضرة في وجدان الشباب الصحراوي. كما أعطيت تعليمات لوضع طائرة عسكرية رهن إشارة الفريق في تنقلاته، لكن بداية الانتقال عرفت صعوبات كبيرة، في ما ظلت المفتشية العامة للقوات المساعدة هي المشرفة على الفريق في شخص الكولونيل العربي الشتيوي، قبل أن يتدخل عبد الواحد بلعيساوي، عضو المكتب المسير، حيث ثم إقناع حسن الدرهم بمسك زمام الفريق الصحراوي.

بدأت الحكاية مع الكولونيل ماجور الحسين الزموري، واستكمل التنفيذ الجنرال حسني بن سليمان، الذي قدم دعما سخيا للفريق، وحرص على تنفيذ التعليمات الملكية لتحقيق انتقال سلس من ابن سليمان إلى العيون، سيما وأن الفريق أبهر المتتبعين في موسمه الأول حين نافس بقوة على لقب البطولة الوطنية. بل إنه لعب نصف نهائي كأس العرش، وكان قاب قوسين أو أدنى من الفوز باللقب، قبل أن ينتهي به القدر في قسم الهواة.

خرج فريق القوات المساعدة لكرة القدم من ثكنة «بئر باعوش» ضواحي سطات، وانتقل إلى ثكنة ابن سليمان، ومنها جاء قرار الترحيل إلى العيون، مع تغيير في الاسم

الجزائر تضع أبطالها العالميين رهن إشارة البوليساريو
قبل أربع سنوات نقلت الإذاعة الجزائرية وقائع الزيارة التي قام بها عبد المجيد بوقرة، العميد السابق للمنتخب الجزائري لكرة القدم، رفقة بطلة الجيدو السابقة سليمة سواكري، إلى مخيمات البوليساريو، حيث شرعا في توزيع «العتاد» المدرسي على التلاميذ، في إطار ما اصطلح عليه بحملة «إعادة الأطفال إلى مدارسهم»، بعد أن جرفت السيول المخيمات بمن فيها ورمت بها قرب الجدار الأمني.

حسب موفد الإذاعة الجزائرية، فإن قيادة البوليساريو وجهت شكرا خاصا إلى هذين البطلين، على هذه «اللفتة» الإنسانية، كما «قدم التلاميذ المنكوبون وأهاليهم خالص عبارات الشكر إلى الجزائر على دعمها للتمدرس»، سجل الحدث غياب كبار القيادة الانفصالية عن المبادرة، لأن المساعدة لا تتعدى بضع محافظ وأدوات مدرسية وأقمصة رياضية، ولأن قيمتها لا تستحق أن تباع وتشترى في السوق الحرة لبيع المساعدات الإنسانية.

قالت الإذاعة الجزائرية إن الزيارة تندرج في «سياق الجهود الإنسانية لإغاثة اللاجئين، ووجود بوقرة وسواكري، جاء بصفتهما سفيري النوايا الحسنة للمنظمة الأممية اليونيسيف».

للأمانة فإن نجم الكرة الجزائري السابق رابح ماجر، يحمل صفة سفير النوايا الحسنة، للتربية والعلم والثقافة، وحين زار مخيمات البوليساريو وحضر ما يسمى معسكر المنتخب الصحراوي، وقدم درسا خصوصيا للطاقم التقني وللاعبين حول موضوع «ثقافة الانفصال»، فإنه يعي أن المهمة سياسية بغطاء «تربوي».

قال ماجر، معشوق الجماهير المغربية، لأحمد الراكب، مدرب فريق البوليساريو، إنه مستعد للتدخل لدى الاتحاد الإفريقي لكرة القدم من أجل تمكينه من شهادة تدريب معترف بها، فصفق اللاعبون بحرارة وهتفوا باسم رابح، الذي خسر مكانته بين المغاربة.

أما العداءة الجزائرية السابقة حسيبة بولمرقة، فاختارت بعد اعتزالها الركض، الجري في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، وهي تتأبط حقيبة سوداء محشوة ببيانات وصور.

حسيبة بولمرقة، البطلة الجزائرية التي ساندها المغاربة حين كانت تلتهم المسافات في الملتقيات الرياضية، تحولت إلى مساند رسمي لأطروحة البوليساريو في تجمع سياسي، وحشرت نفسها في ملف تريد أن تحقق فيه بطولات أخرى.

وقفت بولمرقة فوق المنصة وأعلنت دعمها للمرأة الصحراوية، ثم أرسلت تحية إلى الحاضرين دون رجع الصدى، معتقدة أنها فوق منصة تتويج، وحين كانت تهم بمغادرة القاعة، طوقها الصحافيون فوعدتهم بتحقيق رقم قياسي جديد، وسط نظرات ساخرة لمغاربة الولايات المتحدة الأمريكية، الذين أجمعوا على أن بولمرقة أصبحت فعلا اسما على مسمى.

وعدت حسيبة الوفد الذي رافقته إلى نيويورك بزيارة مخيمات البوليساريو، وبتكوين منتخب للجري، لكنها عدلت عن الفكرة بعد أن همس مرافق في أذنها، وحذرها من تكوين عدائين قد يمسون في المخيمات ويصبحون في المغرب، سيما إذا تعلق الأمر بعدائي المسافات الطويلة.

حين زار ماجر مخيمات البوليساريو وحضر ما يسمى معسكر المنتخب الصحراوي، وقدم درسا خصوصيا للطاقم التقني وللاعبين حول موضوع «ثقافة الانفصال»، فإنه يعي أن المهمة سياسية بغطاء «تربوي»

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى