اقتصادالرئيسيةخاص

المغرب يدعم الإنتاج الذاتي للكهرباء ويعزز تحوله الطاقي

خطا المغرب خطوات كبيرة في إطار دعم استراتيجيته الرامية إلى زيادة مساهمة الطاقة المتجددة إلى 52 بالمئة من مزيج الكهرباء الوطني بحلول 2030، من خلال إقرار مشروعات تدعم الإنتاج الذاتي للكهرباء.

 

لمياء جباري

صادقت لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس المستشارين، الثلاثاء الماضي، بالإجماع على كل من مشروع قانون رقم 82.21، المتعلق بالإنتاج الذاتي للطاقة الكهربائية، ومشروع قانون رقم 19-40 المتمم والمغير للقانون رقم 09-13 المتعلق بالطاقات المتجددة، والقانون رقم 15-48 المتعلق بضبط قطاع الكهرباء وإحداث الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء.

 

تعزيز التحول الطاقي بالمغرب

ذكر بلاغ لوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، أن هذه النصوص التشريعية تندرج في إطار تنزيل توجهات الاستراتيجية الوطنية الطاقية وتوصيات النموذج التنموي الجديد، كما ستساهم في تعزيز التحول الطاقي للمغرب تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وفي هذا الإطار، أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، على أهمية هذه القوانين في مسلسل الانتقال الطاقي للمغرب وفقا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، موضحة أن دخولها حيز التنفيذ سيكون له وقع إيجابي على مختلف الفاعلين المعنيين من القطاعين العام والخاص، وسيمكن من تعزيز جاذبية قطاع الطاقات المتجددة للاستثمار الخاص المحلي والدولي وإعطاء الرؤية اللازمة للمستثمرين.

كما ستمكن هذه القوانين، تضيف المسؤولة الحكومية، من تقوية القدرات الوطنية ونقل التكنولوجيا، فضلا عن المساهمة في خلق فرص شغل وفي التنمية المحلية وتيسير تدبير التوازن بين العرض والطلب، وتقوية نسيج مقاولاتي وطني وصناعة وطنية وتحويل المستهلك إلى منتج ناجع للطاقة.

وأبرز البلاغ أن القانون رقم 82.21، المتعلق بالإنتاج الذاتي للطاقة الكهربائية يهدف إلى وضع آلية محكمة لتنظيم نشاط الإنتاج الذاتي للطاقة الكهربائية كيفما كانت طبيعة الشبكة ومستوى الجهد وقدرة المنشأة المستخدمة، مع ضمان سلامة وأمن الشبكة الكهربائية الوطنية، والحرص على احترام مبادئ الشفافية وعدم التمييز بين كافة المتدخلين. كما يرمي هذا القانون إلى تعميم الولوج إليها بأسعار تنافسية وتحسين جودة المنتجات الطاقية، علاوة على المساهمة في خلق فرص شغل جديدة في ميدان تصميم وإنجاز واستغلال وصيانة محطات الانتاج الذاتي.

إنجاز منشآت لتخزين الطاقة

تضمن مشروع هذا القانون، لأول مرة، الحق في إنجاز منشآت تخزين الطاقة الكهربائية والاستفادة من خدماته، بالإضافة إلى حق بيع الفائض لمسيري الشبكات الكهربائية، وكذا توسيع مجال الولوج للشبكة الكهربائية الوطنية من أجل نقل الكهرباء من موقع الإنتاج إلى موقع الاستهلاك، وكذا إمكانية الحصول على شهادة الأصل التي تعتبر إثباتا على استعمال المنتج الذاتي للكهرباء من مصادر متجددة، وذلك مع الحرص على تبسيط المساطر الإدارية ورقمنتها.

وتمت المصادقة كذلك على القانون رقم 19-40 المتمم والمغير للقانون رقم 09-13 المتعلق بالطاقات المتجددة، وللقانون رقم 15-48 المتعلق بضبط قطاع الكهرباء وإحداث الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء.

وذكر البلاغ أن هذا المشروع يهدف إلى تحسين الإطار التشريعي والتنظيمي الذي يحكم نشاط تنفيذ مشاريع الطاقات المتجددة من طرف الخواص، مع ضمان سلامة وصلاحية المنظومة الكهربائية الوطنية وتوازن جميع مكوناتها واعتماد حلول تروم تعزيز مردودية مشاريع الطاقات المتجددة وتقوية مرونة المنظومة الكهربائية كأنظمة التخزين. ويتماشى مشروع هذا القانون مع المبادئ التوجيهية للمملكة التي تهدف بالأساس إلى تحسين مناخ الأعمال، وتعزيز الشفافية، وتسهيل الولوج للمعلومات المتعلقة بفرص الاستثمار، وتبسيط إجراءات الترخيص والتقليص من الآجال القانونية المتعلقة بالبت في طلبات الترخيص، مما سيمكن من تعزيز جاذبية قطاع الطاقات المتجددة للاستثمار الخاص المحلي والدولي.

إلى جانب ذلك، يتضمن المشروع مقتضيات تروم المساهمة في بروز نسيج مقاولاتي وطني في مجال تكنولوجيات الطاقات المتجددة. وفي إطار الملاءمة بين القانون رقم 82.21، المتعلق بالإنتاج الذاتي للطاقة الكهربائية ومشروع القانون رقم 19-40، المتمم والمغير للقانون رقم 09-13 المتعلق بالطاقات المتجددة، تمت إضافة بعض المقتضيات الجديدة المتعلقة بالتحجيم، وشهادة الأصل، وملاءمة المادة 23 من مشروع هذا القانون والمتعلقة بالقدرة الاستيعابية.

وقال الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، إن الإجراءات التي تتخذها المملكة و«الإمكانات الكبيرة» التي جاء بها قانون المالية لدعم الاستثمار، تؤكد على أن هناك استثمارات كبيرة ستعرفها البلاد في مجال الطاقات المتجددة والطاقات النظيفة.

وأوضح بايتاس أن «الإجراءات التي تقوم بها بلادنا والإمكانات الكبيرة التي جاءت في قانون المالية لدعم الاستثمار، فضلا عن مراسيم ميثاق الاستثمار الجديد التي ستصدر في الأسابيع القليلة المقبلة، تؤكد أن هناك استثمارات كبيرة ستعرفها بلادنا في هذا المجال، ستعزز من الطاقة الإنتاجية».

وأكد أن «تأثيرات جائحة كوفيد-19، والنزاعات الجيو-استراتيجية، والتضخم وعدم وضوح الرؤية، أدت إلى تباطؤ الاستثمارات في مجال الطاقات المتجددة والنظيفة على الصعيد الدولي وليس فقط ببلادنا».

إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر

برزت الطاقة المتجددة في المغرب ضمن أفضل 3 أسواق واعدة في جذب الاستثمارات، في ظل خطة البلاد الطموحة لتعزيز الطاقة الإنتاجية للطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر. وكشف تقرير مؤشر جاذبية الدولة للطاقة المتجددة -الذي أصدرته شركة الاستشارات العالمية «إي واي»- عن أن المغرب والدنمارك واليونان هي أفضل 3 دول ذات أداء أعلى من التوقعات بالنسبة إلى حجمها الاقتصادي.

وأوضح التقرير أن المغرب لديه أهداف طموحة لتوليد 52 بالمئة من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، و80 بالمئة بحلول عام 2050.

كما شدد على أن «المغرب ينشط في دعم الأسواق الإفريقية الأخرى في عمليات التحول إلى الطاقة النظيفة، بالاعتماد على تجربته الخاصة». وأوضح التقرير أن إمدادات الطاقة المتجددة في المغرب بلغت نسبة 10 بالمائة تقريبًا سنة 2021، إذ ارتفعت من 7.3 تيراواط/ساعة في عام 2020 إلى 7.9 تيراواط/ساعة في عام 2021، مع بدء تشغيل محطتين للطاقة الشمسية ومزرعة رياح.

وتشكل مصادر الطاقة المتجددة الآن أكثر من 19 بالمئة من طاقة السوق، ارتفاعًا من 18.5 بالمئة في عام 2020. كما تجاوزت قدرة الطاقة المتجددة المركبة 5 جيغاواط، ما يمثّل نموًا كبيرًا على مدى العقديْن الماضيين بالنظر إلى أن السعة كانت 1.2 جيغاواط في عام 2000.

وتسعى الحكومة إلى مضاعفة السعة بحلول عام 2030 لتصل إلى 12 جيغاواط، التي من شأنها أن تشكّل أكثر من نصف قدرة طاقة المغرب. حاليًا، يستورد المغرب أكثر من 90 بالمئة من احتياجاته من الطاقة، كما تعتمد السوق بصفة كبيرة على محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم، والتي توفر أكثر من ثلثي الناتج الإجمالي. وفي الوقت الذي يسعى فيه إلى تكثيف توليد الطاقة المتجددة، يتوقع المغرب أن يحقق أهدافه بمساعدة التطورات التكنولوجية في تخزين الكهرباء، والهيدروجين الأخضر، وخفض تكاليف الطاقة المتجددة. وقد صنّفت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» المغرب ضمن المراكز الـ5 الأولى على مستوى العالم من حيث القدرة على إنتاج هيدروجين أخضر تنافسي.

 

تطوير العرض الطاقي

أفادت ورقة بحثية منشورة بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد بأن المغرب يراهن على تطوير العرض الطاقي من خلال الاعتماد على الهيدروجين الأخضر في العقود المقبلة، تبعاً للتوجيهات الملكية المتعلقة بتنمية الطاقات المتجددة بالبلاد. وأوضحت الورقة، التي ألفتها مونية بوستة حول سوق الهيدروجين الأخضر بالمغرب، أن «المغرب تبنى اختيارات استراتيجية على مدى العقدين الماضيين لتحسين قدراته التنافسية في المجال الصناعي، ما أسهم في تعزيز مكانته الدولية بقطاعات السيارات والطيران والأسمدة».

وأوردت أن «لتوجهات الاستباقية للمملكة المغربية مكنت الرباط من تنفيذ مشاريع كبرى في مجال الطاقة الشمسية والرياح، ما جعلها تتصدر مؤشر جاذبية الدول للطاقة المتجددة من حيث الهيدروجين الأخضر في الفترة الأخيرة، وذلك بسعي البلاد إلى الحصول على حصة 52 بالمئة من الطاقة الخضراء بحلول 2030». يأتي ذلك في سياق العلاقات الوثيقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، حسب المركز، نظرا إلى المشاريع المشتركة بين الضفتين في سوق الهيدروجين الأخضر، لكن هذا القطاع الناشئ يواجه رغم ذلك العديد من أوجه عدم اليقين بسبب ضمانات الاستثمار، وفقاً للباحثة مونية بوستة.

وتابعت كاتبة الدولة السابقة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بأن «المغرب يسعى إلى الاستفادة من الإنجازات التي تحققت على مدى السنوات الماضية في سوق الطاقة المتجددة، خصوصا أن الموقع الاستراتيجي للمملكة يتيح لها جذب الشركاء الدوليين الذين يبحثون عن مناخ الأعمال المناسب لأنشطتهم». وأردفت بأن «المنافسة بالقطاع لن تكون قارية أو إقليمية فقط، بل ستشمل العديد من المناطق الأخرى، خاصة أن دول جنوب البحر الأبيض المتوسط تخطط أيضا لضمان خمسين بالمائة من احتياجاتها في الإنتاج الداخلي عبر تدعيم السيادة الصناعية والابتكارية، والشأن نفسه ينطبق على دول الشرق الأوسط».

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى