الرئيسيةبانوراما

الملاليين.. مناظر سياحية خلابة تغري المغاربة والأجانب

مشاريع شبابية تتطلع لتطوير المنطقة وخلق فرص الشغل والتنمية

تطوان: حسن الخضراوي
الملاليين منطقة سياحية تقع بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، على بعد حوالي 12 كيلومترا من مدينة تطوان، وتتميز بمناظر طبيعية خلابة ودور ضيافة تقليدية. الينابيع تبعث الحياة بالسهول والجبال، والغابات تشكل حزاما أخضر يحيط بالسكان من كل مكان.. هذه المؤهلات التي تزخر بها المنطقة يجهلها معظم السياح المولعين باكتشاف المواقع الطبيعية بشمال المغرب، بسبب ضعف الإشهار للتعريف بها وأيضا نتيجة الإهمال والتأخر في تنمية المنطقة وتوفير البنية التحتية التي تؤهلها لتحظى بمكانتها في سوق السياحة الوطنية.

تصل حافلات النقل الحضري بتطوان إلى الملاليين، لكنها لا تلج المنطقة بسبب غياب المسالك الطرقية. على بعد كيلومترين، تقف الحافلة على الطريق الرابطة بين تطوان والمضيق. الركاب من السكان وغيرهم من السياح الوافدين على المنطقة يضطرون إلى استعمال سيارات خاصة أو دراجات نارية، لقطع مسافة كيلومترين من الطريق غير المعبدة، والوصول إلى هذه الوجهة السياحية التي لا يعرفها كثير من زائري المدن الشمالية للمملكة.
بعد تجاوز هذين الكيلومترين اللذين لا يخلوان من وعورة يمكن للقادمين من أجل هذا النوع من السياحة الاستقرار بإحدى دور الضيافة، والتي وإن كان بعضها ما زال في طور البناء والتجهيز إلا أنها تتوفر على كل متطلبات الاستقرار والاستجمام.. معظم القادمين إلى الملاليين يسعون مباشرة بعد وصولهم إلى استكشاف المكان من خلال القيام بجولات في الغابة أو الاستمتاع بالمناظر النادرة بالقرب من سد أسمير ومناطق أخرى قريبة تستحق خوض المغامرة.
العديد من الشباب في المنطقة باشروا تنفيذ مشاريع سياحية واعدة، منها دور ضيافة بخدمات خاصة، قد لا يجد الزائر لها مثيلا على مستوى الشمال بصفة عامة. فضلا عن ذلك، ثمة رحلات تنظم حسب الطلب داخل أدغال الغابات والجبال والوديان والسدود والينابيع. الوجبات المقدمة هنا هي من صميم المطبخ المغربي التقليدي بالمنطقة، كما تتوفر إمكانية شراء المواد والخضر والفواكه التي تنتج محليا بالملاليين.

رحلة سياحية بالمنطقة

مشروع شبابي
رافقت “الأخبار” عبد اللطيف الشعيري وزوجته إلى حيث الفيلا التي يقوم بتجهيزها بمنطقة الملاليين. البناية، التي اقتناها هذا الشاب من أحد الأجانب منذ سنوات، مصممة بشكل أساسي من أجل تهيئتها لتكون دارا للضيافة بمواصفات خاصة، لاستقبال الأزواج لقضاء شهر العسل، وتنظيم حفلات خاصة وأعياد ميلاد، وقضاء عطل ممتعة بخدمات متنوعة يطمح الشعيري إلى الرفع دوما من جودتها.
يقول هذا المستثمر، الذي يستهويه القطاع السياحي، إنه فكر في مشروع لتحويل الفيلا التي يملكها إلى دار ضيافة بمواصفات عالية، بحيث طلب من المهندس المسؤول عن الديكور أن يوحي الفضاء بكل «ما هو طبيعي وتقليدي، ويمزج بين البساطة والتعريف بثقافة المنطقة، ويمنح السائح فرصة تغيير أجواء الفنادق والشقق المفروشة داخل المدن الكبيرة والاكتظاظ والضوضاء، وما شابه ذلك من العوامل التي يصعب معها تجاوز الضغوطات النفسية»، بحسب تعبير الشعيري.
المستثمر الشاب، الذي يرغب في استثمار ما تزخر به المنطقة من مناظر متفردة، يقول إنه سيعقد شراكات مع مموني حفلات بعد استكماله لعمليات الإصلاح بفيلا الضيافة. الخدمات التي ينوي الشعيري إطلاقها بالأساس هي توفير فضاء مناسب للعرسان من أجل قضاء أيام ممتعة، بعيدا عن ضوضاء المدينة. الطابع القروي للمنطقة يمكن من الاستمتاع بالطبيعة الخلابة، ويوفر الهدوء الذي لا يكسره سوى خرير مياه الينابيع التي تسقي الحقول المجاورة وزقزقة العصافير.
الشعيري، الذي خاض مغامرة الاستثمار في قطاع السياحة إلى جانب مجموعة من الشباب الذين آمنوا بالإمكانيات التي توفرها المنطقة، قال إنه سيطلب قرضا في إطار دعم الدولة للمبادرات الخاصة بالمشاريع الشبابية، كي يتمكن من استكمال الإصلاحات بالفيلا، وتشغيل حارس وسيدة طباخة ومنظفة، ثم الاتفاق مع فلاحين بالمنطقة لشراء منتوجات محلية طبيعية، وتقديمها للزوار والسياح في أطباق متنوعة مما يتميز به المطبخ المغربي.
بالنظر لتجربته في قطاع تموين الحفلات، وجد عبد اللطيف أن العديد من العرسان يفضلون قضاء أوقات ما بعد حفل الزفاف بأماكن هادئة وداخل غابات، بعيدا عن ضغط الفنادق بالمدن، لكن يصعب عليهم إيجاد المكان المناسب لتلبية طلبهم، لذلك فكر في تشييد فيلا بمنطقة الملاليين بتصميم تقليدي وحفر بئر وتجهيز مسبح، مع توفير خدمات مطعم خاص تتكلف به سيدة أو أكثر حسب الرواج ورغبة الزبون.
يرى الشعيري أن الملاليين منطقة سياحية بامتياز، والمشاريع التي يمكن أن تحرك الاقتصاد المحلي يجب أن تكون نابعة من إبداع الشباب، وتفكيرهم في خلق التنمية وتوفير فرص الشغل، والعمل على التعريف بالمنطقة سياحيا بتجويد الخدمات، ومحاولة جعل السائح الزبون بمثابة لوحة إشهارية، أينما حل وارتحل يعرف بالمنطقة ولا ينسى المعاملة الحسنة التي تلقاها.

فيلا في طور التجهيز كمشروع سياحي

هوايات ومتعة
محمد الوزاني، صاحب محل بالملاليين، يستثمر في كراء الدراجات النارية رباعية العجلات، للسياح من الداخل والخارج، ويقدم خدمات دور الضيافة (الفطور والغداء) بدون مبيت، فضلا عن تقديم خدمات الإرشاد السياحي بالمنطقة وزيارة سد اسمير، ومناطق جبلية خلابة تغري الزوار بمناظرها وينابيع تبعث الراحة في نفوسهم والحياة بجميع أنحاء المكان.
حدث الوزاني “الأخبار” عن أن ثمن كراء الدراجة النارية رباعية العجلات لا يتعدى 250 درهما للساعة، لكن إذا كان الأمر يتعلق بشركة سياحة معها فريق من السياح، يتم تخفيض السعر ليصل إلى 150 درهما عن الساعة الواحدة، كما يتم التفاوض حول توفير خدمات الفطور والغداء بدور الضيافة، وكل ما يتم طبخه لاستهلاكه هو من المنتجات المحلية الطبيعية.
يقول محمد إن الخدمات التي يقدمها للسياح كمجموعة، تبتدئ من تناول الفطور في الصباح، والذهاب في جولة جبلية بواسطة الدراجات النارية رباعية العجلات، في اتجاه سد اسمير ودوار بولوزان ومنطقة الكوف وجبل زمزم..، حيث يستمتع السياح بمناظر طبيعية خلابة، ويمارسون هوايات رياضية متنوعة، ويتعرفون على ثقافة سكان المنطقة.
وهي تودع الوزاني، صادفت “الأخبار” وجود شاب من سكان منطقة الملاليين، أوضح للجريدة أن مشاريع كراء الدراجات النارية رباعية العجلات، يمكن تطويرها أكثر بالإشهار وتجويد الخدمات، وتوفير كافة شروط السلامة والوقاية من الأخطار، فضلا عن ضرورة اهتمام السلطات والمؤسسات والمنتخبين بالتنمية، وفتح وتعبيد الطرق والمسالك، ودعم المشاريع الشبابية ومواكبتها حتى تحقيق النجاح والمساهمة في التنمية وتوفير فرص الشغل.

طرق غير معبدة بالمنطقة

تطلع لمستقبل أفضل
يتم الاعتماد في اقتصاد المنطقة، التي لا يتداول اسمها في عالم السياحة إلا نادرا، على أنشطة فلاحية بسيطة، وتقديم خدمات سياحية تحتاج إلى الهيكلة والتنظيم أكثر، لتحقيق حلم دخول عالم الإشهار والتنافس المحلي والدولي على جلب الزبون السائح.
خلال زيارتها لمنطقة الملاليين السياحية، التي تمت الأسبوع الجاري، سجلت “الأخبار” نقصا حادا في تجهيز البنيات التحتية اللازمة، وتعثرا في فتح وتعبيد المسالك الطرقية، فضلا عن غياب مبادرات لتشجيع السياحة بشكل أكثر احترافية، وهو الشيء الذي يؤثر سلبا على التعريف بالمنطقة، ويعرقل تسريع وتيرة تنميتها في جميع المجالات.
العديد من الشباب المستثمرين في قطاع السياحة بالملاليين، يتطلعون إلى مستقبل أفضل وتحقيق أهداف تطوير المنتوج السياحي، واستغلال الثروات الطبيعية على أحسن وجه، فضلا عن الترويج الإشهاري بطرق احترافية، وربط شراكات مع شركات ووكالات سياحية محلية ودولية، من أجل توسيع مجال الخبرات والتجارب.
ما يحتاجه المستثمرون الشباب بقطاع السياحة بالملاليين بإقليم تطوان، بحسب ما استقته «الأخبار» في زيارتها إلى المنطقة من السكان المعنيين، هو تجهيز البنيات التحتية، ودعم الشباب لهيكلة كل قطاع وتنظيمه، من أجل تسهيل عملية التواصل، ومواكبة مستجدات عالم السياحة، فجذب السياح أصبح يتطلب تقنيات جديدة أهمها الإبداع والتجديد في الخدمات، والثقة والجودة وتقديم أفضل الأثمان الممكنة.
الشباب المستثمرون بالمنطقة يرون أن عملية الإشهار الناجحة لدور الضيافة وما تقدمه من خدمات متميزة بالمنطقة القروية، تتطلب أن يتم تكتل كافة الشباب الراغبين في الاستثمار في المجال، وتنظيمهم داخل إطار قانوني، ليتم بعدها تسجيل الإشهارات بطرق احترافية بمواقع محلية ودولية، مع توفير خدمة الحجز والتواصل القبلي، وسهولة الدفع بواسطة البطائق البنكية وما شابه ذلك من التحديثات الضرورية.
القطاع السياحي بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، استنادا إلى تطلعات هؤلاء الشباب، هو كنز ثمين قابل للتطوير والرفع من وتيرة الإنتاج والإبداع في مشاريع جالبة للزبون السائح، فضلا عن الإمكانيات المتاحة لاستغلال الثقافة الرائعة لكل منطقة والمطبخ المغربي التقليدي، والجولات التي تمكن السائح من استكشاف غابات وجبال ووديان وسدود وينابيع تدفع السياح المغاربة والأجانب إلى شد الرحال نحو جهة طنجة – تطوان – الحسيمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى