الرئيسيةسياسية

برلمانية من «البيجيدي» تستشهد بهتلر وثلاث جمعيات تقاضيها

تملك صندوقا للتأمين عن نقل ودفن الجثث بإسبانيا وتتلقى دعما ماليا من بلدية برشلونة

محمد اليوبي
استغلت نائبة برلمانية تنتمي إلى حزب العدالة والتنمية مقيمة بإسبانيا الظروف الحالية، التي تتميز بتفشي جائحة كورونا، وارتفاع حالات الإصابات والوفيات بهذا البلد، للمتاجرة في مآسي المهاجرين المسلمين، ومنهم أفراد الجالية المغربية، لجمع الانخراطات لفائدة صندوق للتأمين في ملكيتها، تحت ذريعة التكفل بدفن جثث الموتى بالمقابر الإسلامية.
ونشرت البرلمانية، نجية لطفي، وهي عضو بلجنة الخارجية بمجلس النواب عن حزب العدالة والتنمية، إعلانات تدعو المهاجرين وخاصة منهم المغاربة إلى الانخراط في إطار الخدمات التي يوفرها صندوق التأمين «كوبا حلال»، الذي يدعي تقديم خدمات التأمين التكافلي على طريقة الشريعة الإسلامية، ووضعت رهن إشارة المهاجرين إمكانية المشاركة في صندوق تكافل إسبانيا، الذي يغطي تكاليف دفن الوفيات المؤمنين لديه في جميع أنحاء إسبانيا.
وأثار إعلان البرلمانية عن تقديم هذه الخدمات المؤدى عنها في ظل ظروف الأزمة الصحية، التي تمر منها إسبانيا، ضجة في صفوف المهاجرين المغاربة، خاصة أن التكفل بدفن الموتى هو من مسؤوليات البلديات الإسبانية، كما أن السفارات المغربية تتكلف بجميع نفقات دفن المغاربة بمقابر ومربعات إسلامية.
وعملت المصالح القنصلية بإسبانيا، حسب بلاغ للسفارة، على مواكبة أسر ضحايا جائحة كورونا، من خلال تنفيذ القرارات التي أصدرتها وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، بخصوص التعجيل بدفن المتوفين من المواطنين المغاربة المعوزين وغير المنخرطين في أنظمة التأمين، وذلك في ظل استحالة نقل الجثامين إلى المغرب في هذه الظروف الاستثنائية. وانخرطت القنصلية بشكل إيجابي لتوفير حلول لمشكلة ندرة المقابر الإسلامية بدائرة نفوذ القنصلية، كما عملت على التنسيق مع السلطات الإسبانية المعنية بالشؤون الدينية للتعاطي الإيجابي مع جميع الطلبات الواردة في هذا الشأن.
وأمام الارتفاع في عدد الوفيات جراء فيروس كورونا بين صفوف المسلمين في منطقة كتالونيا، شمال شرق إسبانيا، والتي يقطنها ما لا يقل عن نصف مليون مهاجر مغربي، تحركت المديرية العامة للشؤون الدينية، التابعة لوزارة العدل الإسبانية، حيث وجهت مذكرة للبلديات مطالبة إياها بتخصيص بقع داخل المقابر البلدية لدفن موتى المسلمين، أمام تعذر نقل الجثامين إلى المغرب بسبب إغلاق الحدود. وعممت هذه المذكرة على جميع البلديات لإرشادها بخصوص دفن الأموات من أفراد الجالية الإسلامية، بعد توقعات الحكومة المحلية بمنطقة كتالونيا بزيادة الطلب على دفن أموات المسلمين في المقابر المحلية، بسبب ارتفاع الوفيات جراء فيروس كوفيد19 وغلق الحدود بين المغرب وإسبانيا لتفادي انتشار الفيروس.
وأعطت وزارة العدل إرشادات ونصائح لكل البلديات بخصوص الطقوس والشعائر عند المسلمين وقت الدفن تحت الأرض وليس في التوابيت المعلقة أو إحراق الجثامين كما يفعل أتباع الأديان الأخرى. وحثت وزارة العدل كل البلديات بمنطقة كتالونيا على تقديم بدائل للجاليات المسلمة والتعاون معها وتخصيص بقع داخل المقابر البلدية لدفن موتى المسلمين، مشددة على أن للمسلمين الحق في الدفن حسب الطقوس الإسلامية داخل هذه المقابر وكذا الحق في الحصول على مقابر إسلامية.
وحسب مصادر إعلامية إسبانية، تترأس نجية لطفي مركز الدراسات والبحوث في الاقتصاد والتمويل الإسلامي (CEIEFI)، وصندوق تأمين تكافلي يقدم خدمات مالية إسلامية، وتتلقى كلتا المؤسستين أموالاً عامة من مجلس مدينة برشلونة.
وحسب وثائق نشرتها الصحافة الإسبانية، فقد حصل مركز الدراسات على دعم مالي بمبلغ 4 آلاف أورو، خلال سنة 2018، لتمويل ندوة حول «التمويل الأصغر الإسلامي من أجل اقتصاد مستدام»، وحصل على مبلغ آخر بألفي أورو لتمويل مشروع «اكتشاف مبادئ المالية الإسلامية». وبالإضافة إلى ذلك، تلقى المركز خلال سنتين مبلغ 8 آلاف أورو لتمويل المنتدى الثاني والثالث حول «التمويل الإسلامي». وتلقى صندوق «كوبا حلال»، من جانبه، منذ سنة 2017، ما يقارب 7 آلاف أورو، لتمويل مشاريع «تعزيز ونشر التمويل الأصغر والتمويل البديل ضمن نموذج التمويل الإسلامي» و«الممارسات المالية الإسلامية».
وكشفت مصادر إعلامية إسبانية أن ثلاث جمعيات مدنية رفعت دعوى قضائية ضد النائبة البرلمانية، بتهمة التحريض على الكراهية والعنصرية والتمييز ضد الأقليات، بعدما نشرت، بتاريخ 29 نونبر الماضي، صورة لأدولوف هتلر بصفحتها الرسمية بالفيسبوك، مرفوقة بتدوينة تقول فيها: «إذا لم تجد ناس حاقدين عليك، فاعلم أنك إنسان فاشل».
واعتبر ممثلو الجمعيات الثلاث التي وضعت شكاية لدى المدعي العام، اقتباس عبارة من زعيم النازية، أمرا خطيرا جدا، خاصة أنه صادر عن نائبة برلمانية، وعبرت الجمعيات عن إدانتها لهذا العمل الذي لا يمثل على الإطلاق روح التسامح والاحترام الذي يتميز به الشعب المغربي، فيما تساءل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، حسب المصادر ذاتها، عن «منذ متى كان هتلر زعيم النازية يشكل مرجعية لحزب العدالة والتنمية الإسلامي»، ومن جانبها ردت النائبة البرلمانية بأن «الموافقة على فكرة لا تعني الاتفاق مع مؤلفها».
وأكد محمد احسيسن، رئيس جمعية يوروعرب، والمسؤول عن التواصل بالحزب الاشتراكي الكتالوني في برشلونة، في تصريحات صحفية، رفع شكاية باسم ثلاث جمعيات: يوروعرب، سلام شالوم وموزايكا، أمام النائب العام المختص في قضايا الكراهية، على خلفية التدوينة التي وضعتها النائبة في صفحتها على الفايسبوك.. مشددا على أن «الجالية المغربية في كتالونيا تستنكر هذا السلوك غير المبرر واللامعقول، ولن يسكتوا عن هذا الأمر أبدا، وعلى ما بدر من البرلمانية في حزب العدالة والتنمية»، مشيرا إلى أن «الجالية المغربية المقيمة بالخارج والناشطة داخل هذا الحزب عليها أن تتحمل أيضا مسؤوليتها، وتضغط في اتجاه اتخاذ الإجراءات اللازمة في حق ناشر تلك التصريحات الخطيرة، وإذا لم تستطع الجالية المغربية فعليها أن تنسحب من هيئتها السياسية». وشدد احسيسن على أن ما صدر عن نجية لطفي «عنصرية مفضوحة وواضحة المعالم»، مضيفا: «كأنه ليس في البلاد قانون يردع مثل هذه السلوكيات المشينة».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى