شوف تشوف

شوف تشوف

جوا منجل (2/2)

الطامعون في رضى بنكيران يدافعون عنه بقوة لكسب ثقته، وذلك بمهاجمتهم لأخنوش الذي اتهموه بعرقلة تشكيل الحكومة، حيث قال رجل التعليم والموظف الملحق بالبرلمان حسن حمورو، والقيادي في شبيبة البرلماني البوقرعي، «التصريح الذي أدلى به الزعيم المظلي عزيز أخنوش عقب لقائه بالأخ الأمين العام رئيس الحكومة، هو تصريح وقح وخال من اللباقة، إذ كيف له أن يتحدث بصيغة «حاولنا إقناع رئيس الحكومة» و«طلب مهلة»، وكأن المشكل في بنكيران. من يخبر صاحب شعار «أغراس أغراس» «أغراس نحو الثروة طبعا»، أنه مجرد رئيس حزب مكلف بمهمة، من يذكره أنه جاء إلى بيت زعيم الحزب الفائز في الانتخابات بـ125 مقعدا، المعين من طرف الملك رئيسا للحكومة، ولم يأت إلى بيت مستخدم في إحدى شركاته ينتظر عطفه ورحمته».
وإذا كان بنكيران قد نعت انكشاريته الإلكترونية بـ«الصكوعا» و«المداويخ» وطلب منهم الكف عن مهاجمة خصومه السياسيين وتجريحهم، فإنه لم يطلب من صقور شبيبته وقف إطلاق النار على عزيز أخنوش، بل إنه «زاد ليهم فيه»، لأنه يريد أن يفاوض زعيم الأحرار من موقع قوة وتحت الضغط.
وقد كان هذا الأسلوب نافعا عندما كان يواجه زعيم الأصالة والمعاصرة إلياس العماري، والذي اتهمه بالاتجار في المخدرات واستعمال عائداتها في الانتخابات ووصفه بإسكوبار واتهمه في ذمته المالية وشكك في مصادر ثروته، أما مع أخنوش فكل ما استطاع جنرالات انكشارية بنكيران أن يركزوا حوله قصفهم فهو ضرورة مقاطعة محطات «أفريقيا» للتزود بالوقود بدعوى أن هذه المقاطعة ستؤدي إلى انخفاض أسعار المحروقات، وهي طبعا الكذبة التي لم يصدقها أحد.
لذلك فالخطر الذي يتهدد حزب العدالة والتنمية، ومعه حزب الاستقلال، هو التفسخ والتشظي والدخول في مسلسل الانقراض التدريجي من المشهد السياسي.
والخطأ القاتل الذي ارتكبه بنكيران ومعه حواريوه هو رفعه إلى درجة «الإمام»، و«الزعيم» الذي تجب طاعته واجتناب إغضابه، إلى الحد الذي لم يعد ممكنا تصور حزب العدالة والتنمية بدون بنكيران.
وفي اليوم الذي سيغادر فيه بنكيران الحزب، لأنه ليس خالدا، فإن الحزب سينتهي معه.
ولذلك فأولوية الأولويات بالنسبة إلى حزبي العدالة والتنمية والاستقلال هي إعادة بناء المؤسسة الحزبية والقطع مع تأليه الأشخاص والأفراد.
إصلاح الأعطاب التنظيمية لحزب سياسي عريق من قبيل حزب الاستقلال يتطلب إخراجه من دائرة المنافسة على الامتيازات والكراسي إلى دائرة المنافسة على خدمة الحزب، وجعله في خدمة الشعب والوطن. ومجهود من هذا القبيل يتطلب تركيزا عاليا وحضورا مكثفا في مختلف المواقع التنظيمية، بعد كل تلك الأضرار التي ألحقها به شباط ومريدوه من الطامعين والناقمين معا.
فشخصية شبيهة بعبد القادر الكيحل، التي مرت من ثانوية الأيوبي بباب شعفة بسلا، اشتهرت بالشغب عوض الاجتهاد، إلى درجة أنه داخل الفصل الدراسي كان الأساتذة يمنحونه النقط التي يريد «غير يهنيهم من صداعو».. واليوم عندما يستعد شباط لتسليم مشعل الأمانة العامة لحزب الاستقلال إلى الكيحل، خلال مؤتمر مارس المقبل، عوض عبد الواحد الفاسي الذي يحلم بإعادة حزب أبيه إلى بيت العائلة، فإن هذا يعني أن الكيحل تمكن فعلا من وضع شباط تحت السيطرة، وأنه هو الأمين العام الفعلي لحزب الاستقلال الذي «يشطّح» محمد السوسي الذي استطاع أن يتعايش مع كل الأمناء العامين الذين تعاقبوا على حزب علال.
الكيحل لكي يقرب منه شباط بحث له عن ضيعة بجماعة السهول بسلا تساوي «غسيل الفندق»، قبل أن يجبر شباط على بيعها تفاديا للإحراج بعد تناول وسائل الإعلام لموضوعها. فشباط الذي حاول نفي كونه أحد أثرياء المغرب يعشق البذخ وإبداء مظاهر الثراء إلى درجة أنه نظم عرسا لابنته شبيها بأعراس العباسيين على عهد هارون الرشيد، ويتذكر المدعوون أن شباط وجه الدعوات لهم عبر كتاب جلدي مطوي مثل ذاك المكتوب الذي كان يتلو رسائله سفراء البلاط العباسي والأندلسي في حضرة الملوك.
كما انتقى شباط 100 فتاة جميلة لمرافقة ابنته إلى الحمام وزودهن بأوان فضية باهظة الثمن لكي ينظم عرسا أسطوريا بألف طبق من الخرفان المشوية مع أنهار من المشروبات والفواكه المصفوفة على طاولات مزركشة وكراس بنمارق وكؤوس لذة للشاربين.
ومع ذلك، فإن شباط يملك السنطيحة لإنكار أثر النعمة عليه، والتي يوزعها على الحاشية والمريدين، ومن أجل هذا الثراء الفاحش يتحلق النكرات والوصوليون والانتهازيون من أمثال عبد الله البقالي حوله، فأين هو شعار حزب علال الفاسي الذي يقول «من أين لك هذا؟».
إن مصيبة بنكيران هي أنه يسير على نهج شباط، وإلا ماذا ينتظر بعد سقوط هبيل فاس إثر إطلاقه النار على نفسه، وبعد قرار حكماء الحزب التفرغ للآلة التنظيمية والتركيز على إصلاح أعطابها، ماذا ينتظر بنكيران لتشكيل الحكومة بدون تأخير كما طلب منه الملك ذلك، هل يبحث عن «جوا منجل»؟
إن كل يوم تأخير، بحجة استئناف المشاورات، يحسب على بنكيران، وهذا التأخير هو الشهادة والحجة التامة والكاملة على أن بنكيران هو المعرقل الوحيد لتشكيل الحكومة والمسؤول عن تحويل المغرب إلى قاعة انتظار كبرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى