اقتصادالرئيسيةسياسية

حل مكتب التسويق والتصدير بقرار من لجنة برلمانية

محمد اليوبي

صادقت لجنة القطاعات الإنتاجية على مشروع قانون يتعلق بحل مكتب التسويق والتصدير وتصفيته، قدمه حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي. ويأتي القرار بعد تسجيل اختلالات مالية وإدارية خطيرة رصدها تقرير أنجزه المجلس الأعلى للحسابات، وخلص التقرير إلى أنه بالنظر إلى الوضعية الهشة التي بات يوجد عليها المكتب في شكله الحالي، يظل غير قابل للاستمرار.

ومن أبرز الاختلالات التي سجلها قضاة المجلس الأعلى للحسابات، تتعلق بتطبيق مخطط إعادة هيكلة مكتب التسويق والتصدير، والذي تم الشروع في تطبيقه سنة 2005، ويرتكز بالأساس حول المحاور المتعلقة بالجانب المؤسساتي وكذا مساهمات المكتب في رأسمال بعض الشركات بالإضافة إلى الجوانب الاجتماعية والمالية. ففي ما يخص الجانب المؤسساتي، نص مخطط إعادة الهيكلة على تحويل المكتب إلى شركة مجهولة الاسم تدمج أنشطة فروعه «سوكامار» و«سوكوبير»، ومن أجل تفعيل هذا الإجراء تم سنة 2006 تقديم مشروع قانون بتحويل المكتب إلى شركة مجهولة الاسم، إلا أن هذا الأخير لم يخرج إلى حيز الوجود. أما بالنسبة لمساهمات المكتب، فقد نص مخطط إعادة الهيكلة على تسويتها باللجوء إلى تصفية الشركات المتوقفة عن الاشتغال والحفاظ على الشركات التي ظلت تزاول أنشطتها، إلا أنه وإلى حدود سنة 2014 لم تستكمل عملية التسوية هاته حيث لم تتم تصفية خمس شركات بالرغم من كون بعضها كانت متوقفة عن الاشتغال منذ سنوات التسعينيات من القرن الماضي مثل «سوبليم» و«إيميك».

وبالنسبة للمجال الاجتماعي، وإذا كانت عملية المغادرة الطوعية قد مكنت المكتب من التقليص التدريجي من كتلة الأجور، فقد كان لها الأثر المباشر على تقليص موارده البشرية وشغور مجموعة من مناصب المسؤولية، بالمقابل، وفي إطار مخطط إعادة الهيكلة المذكور، تم التنصيص على انسحاب المكتب من عملية التمويل المسبق للمواسم الفلاحية بالنظر إلى المشاكل التي تنجم عن هذا النظام وكذا مشاكل تحصيل المبالغ المسبقة للفلاحين والتي تقدر إلى غاية الموسم الفلاحي 2012-2013 بحوالي 300,26 مليون درهم، أي ما يعادل 51 مرة المداخيل السنوية للمكتب، إلا أنه ورغم كل هذا لوحظ استمرار المكتب في تمويل الفلاحين بعدة طرق، بالإضافة إلى فشل جميع الأعمال الرامية إلى تحصيل المبالغ المستحقة للمكتب بالرغم من اللجوء إلى خدمات شركات مختصة في التحصيل.

ووقف تقرير المجلس على فشل عملية مراجعة التموضع، بعدما أوكل المكتب خلال سنة 2009 لمكتب دراسات خاص إنجاز دراسة من أجل وضع مخطط استراتيجي وتنفيذه عن طريق مخططات عمل متعددة السنوات وكذا إعداد وتنفيذ نموذج تنظيمي وذلك بتكلفة تقدر ب 1,8 مليون درهم، كما سجل المجلس اختلالات مالية في تمويل المواسم الفلاحية ودعم المنتجين بالإمدادات الزراعية، حيث يقتضي نظام تدخل المكتب في إطار التمويل المسبق للمنتجين وضع تعاقد ثلاثي يجمع المنتجين ومؤسسة مالية بالإضافة إلى المكتب، وذلك لمنح تسبيقات مالية للمنتجين، حيث يتوجب منح هذه التسبيقات في شكل إمدادات زراعية على وجه الحصر. وفي هذا الإطار وقع المكتب سنة 2009 اتفاقية مع المكتب الشريف للفوسفاط بميزانية تقدر ب 90 مليون درهم، إلا أن المكتب لم يحترم التزاماته التعاقدية، حيث إنه، خلافا لما نصت عليه الاتفاقية والتي استهدفت منتجي جهة دكالة-عبدة، فإنه خلال تطبيق مضامين هذه الأخيرة، تم توجيه حوالي 60 % من المدخلات إلى جهة أخرى سوس – ماسة، بالإضافة إلى استفادة كبار الفلاحين من معظمها، حيث استفاد أربعة فلاحين من 86 % من المدخلات الموزعة من مجموع ستة وعشرين منتجا، عكس ما نصت عليه الاتفاقية والتي تستهدف الفلاحين الصغار والمتوسطين.

وتبين من خلال دراسة الملفات الإدارية للمستفيدين من المدخلات في إطار الاتفاقية سالفة الذكر أن المكتب قام بتدبير هذا المشروع بقليل من الصرامة بالنظر إلى المبالغ المهمة للمدخلات المسبقة لبعض المنتجين، وكذا إلى الخبرة التي يتوفر عليها المكتب في هذا المجال والتي لم يضعها في خدمة هذا المشروع، وكنتيجة لما سبق، نتجت عن هذا المشروع مبالغ غير محصلة لفائدة المكتب الشريف للفوسفاط تقدر ب 11,23 مليون درهم من مبلغ إجمالي يقدر بحوالي 16,48 مليون درهم، كل هذا جعل المكتب يفقد شريكا مهما ألا وهو المكتب الشريف للفوسفاط والذي كان بإمكانه دعم مكتب التسويق والتصدير في مشاريع أخرى، وبالتالي المساهمة في حل مشكل التمويل المسبق للمنتجين.

وسجل التقرير من خلال تحليل الأنشطة التصديرية التي يقوم بها المكتب، أن هذا الأخير لا يمارسها إلا بصفة ثانوية، وأن حصته في صادرات المنتوجات الفلاحية والغذائية باتت تعرف تراجعا مع توالي السنوات، وبخصوص تقييم الوضعية المالية لمجموعة مكتب التسويق والتصدير، تبين من خلال تحليل بنية المداخيل المتأتية من مختلف الأنشطة والمهام الممارسة من طرف مكتب التسويق والتصدير، أن معظم المداخيل تتأتى من المهام الثانوية للمكتب، كما أن الحصة الأكبر من الإيرادات تتأتى من إيجار البنايات غير المستغلة من طرف المكتب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى