الافتتاحية

خرج من الخيمة مائلا

بداية سيئة للمسلسل الانتخابي الذي تراهن عليه الدولة والمجتمع لتشكيل المؤسسات الدستورية خلال الولاية المقبلة، فحتى اللحظة لم يتضح موعد إعلان وزير التشغيل عن النتائج الرسمية للاقتراع المخصص للانتخابات النقابية، بعد مرور عشرة أيام على يوم التصويت، حيث ما زالت نتائج اللجان المتساوية الأعضاء التي تمهد لانتخابات مجلس المستشارين غامضة، بل وتدخل ضمن أسرار الدولة التي لا يعلمها سوى الوزير «الأعجوبة» وحوارييه من أعضاء الديوان.
هذا التأخير المريب حدا بنقابة الفيدرالية الديمقراطية للشغل إلى الخروج من دائرة الصمت لإصدار بيان تعبر فيه عن تخوفها من تأجيل إعلان نتائج الانتخابات، وتحمل الوزير مسؤولية التداعيات السلبية للتأخير على العملية الديمقراطية، وتؤكد أن استحقاقات المأجورين جزء من الاستحقاقات العامة التي ستعرفها بلادنا، يتوجب أن تتوفر فيها جميع شروط النزاهة والشفافية وسلامة العمليات المرتبطة بها.
ومهما كانت دوافع هذا التأخر غير المبرر، مادام أن الانتخابات جرت في إطار معلوماتي قادر على ضبط النتائج مباشرة بعد انتهاء الاقتراع، فإن التخوف من التلاعب بمندوبي الأجراء يبقى مشروعا، خاصة مع وجود كتلة عائمة من مندوبي الأجراء بدون انتماء نقابي في القطاع الخاص، وهي في حدود نصف المندوبين المنتخبين وفق انتخابات 2015 أي ما مجموعه 17399 بنسبة (49.79 %) بما يعني إمكانية احتساب بعض المندوبين على مركزية نقابية بعينها، سيؤثر لا محالة في ميزان التمثيلية النقابية.
وسبق للحزب الحاكم في سنة 2009 أن طعن سياسيا في نتائج اللجان المتساوية الأعضاء بالقطاع الخاص، واتهم وزير التشغيل باعتماد محاضر العمليات الانتخابية بعد الأجل القانوني المنصوص عليه في المدونة، وهذا يعني أن هناك إمكانية لإغراق قاعدة الاحتساب بـآلاف المندوبين الإضافيين، خصوصا خلال الانتخابات التي تمت إعادتها لأن بعض اللوائح لم تحصل على 50 في المائة.
قد يقول قائل إن التأخير الحاصل له ما يحميه قانونا، وإن الوزارة الوصية تنتظر الإعلان عن نتائج الدور الثاني للانتخابات في بعض المقاولات بسبب العتبة. وقد يذهب البعض الآخر إلى تعليق شماعة التأخير على أجندة الوزراء التي لم تسمح بعقد ندوة مشتركة لإعلان النتائج، وقد يشهر البعض حجة التأخير الذي حصل في انتخابات 2015 لتبرير ما يجري، لكن كل هاته المبررات تشبه الضحك على الذقون، ولا تصمد أمام ضرورة إعلان النتائج في أقرب وقت من يوم الاقتراع، كما تفعل الحكومات التي تحترم نفسها.
الخلاصة أن هذا التأخر في إعلان نتائج أول استحقاقات انتخابية نعول عليها لترويج صورة جميلة عن مؤسساتنا، لن يساعد في إقناع الرأي العام بنزاهة الانتخابات، التي اكتنفتها في السابق مظاهر كثيرة تخل من مصداقيتها، وبدل أن تكون هاته الانتخابات محطة لبناء الثقة وترسيخها في الاقتراعات الشعبية، فإن ممارسات وزير التشغيل تتجه إلى تحقيق مفعول عكسي وتدفع النقابات إلى إشهار الطعن السياسي وهذا لن يخدم أحدا، وهنا سنكون أمام المثل المغربي «قالو باك طاح، قالو من الخيمة خرج مايل».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى