الرأي

سرقة في وضح النهار

يونس جنوحي
مع اقتراب الانتخابات يصاب بعض الناس بما يشبه الحمى. في المغرب، اليوم، هناك استغلال سافر لبعض الأوراش من طرف سياسيين ومُنتخبين. سرقة مخجلة يلجأ إليها المُنتخبون لبدء حملات انتخابية سابقة جدا لأوانها.
ورش تعميم التغطية الصحية للمغاربة كان محط اهتمام عدد من المتربصين من مختلف الألوان والرموز الانتخابية الذين لا يراهم المغاربة إلا في الاستحقاقات مرة كل خمس سنوات. ورغم تحذير الداخلية من تبعات استغلال الموضوع من طرف الأحزاب، خصوصا تمثيلية الأغلبية الحكومية، إلا أن الأعراف السياسية تعتبر الحكومة التي سوف تُعمم منظومة التغطية الصحية الإجبارية لجميع المغاربة في عهدها حكومة أكثر من محظوظة.
سبب كل هذا أن الأذرع الانتخابية للأحزاب، من خلال ممثليها الإقليميين ورؤساء الجمعيات التابعة لها بشكل غير مباشر، ينشرون، دون تحمل المسؤولية، مغالطات يتلقاها المواطنون حيثما ولوا وجوههم.
مثلا، مُنتخبو العدالة والتنمية يعممون هذه الأيام صور كورنيشات بعض المدن الشمالية، ينسبون فضل إنشائها إلى العدالة والتنمية. بينما يتعلق الأمر بمشروع أعطيت انطلاقته وبتعليمات ملكية، منذ أن كان بنكيران لا يزال يناضل لكي يتم قبول مشاركته في برنامج «حوار» على القناة الأولى أيام كان ديكور الأستوديو يُبنى بالورق المقوى.
كما أن أحزابا من الأغلبية، مثل الحركة الشعبية، وقعت في الخطأ نفسه، وحزب من المعارضة، أيضا، مثل الأصالة والمعاصرة، مارس بعض مُنتخبيه السياسة نفسها عندما نسبوا بعض إنجازات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، عبر صفحاتهم في «الفايسبوك»، إلى المجالس التي يسيرها مُنتمون إلى الحزب.
الأمر نفسه تكرر مع مسألة دعم الأرامل، إلى أن صدرت تعليمات ملكية توصي بعدم استغلال برامج الأوراش الكبرى سياسيا.
وعندما صدر، أول أمس، خبر منع وزراء الأغلبية الحكومية من إعطاء تصريحات للإعلام العمومي، استقبله الجميع بارتياح، خصوصا وأن رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، توصل قبل أسابيع بورقة من ممثلي بعض أحزاب المعارضة يطلبون منه التدخل لإيقاف ما أسموه استغلال بعض الوزراء لأنشطتهم الوزارية والترويج لها في الإعلام الرسمي مما قد يفهم أنه حملة انتخابية سابقة لأوانها. لكن رئيس الحكومة لم يتحرك.
صار الآن مسموحا على الأقل لرؤساء المصالح والمندوبين الجهويين بالحديث باعتبارهم المشرفين على تلك المشاريع الوزارية. وبعض هذه المشاريع متصل مباشرة بالأوراش الكبرى التي أطلقتها الدولة قبل تعيين هذه الحكومات. وعلى الأقل ليس علينا بعد اليوم أن نرى رئيس الحكومة وهو يتجول في مرافق منشأة في «آسفي» أو «الصويرة» وهو يتجنب أسئلة الصحافيين المحليين الذين يطالبونه بأجوبة عن مطالب الساكنة، ليجيب ببرود أنه لا يعرف أي شيء عن تلك المواضيع وأنه يتعين عليهم توجيه سؤالهم إلى المسؤولين الجهويين التابعين له.
كيف سيكون إحساس مواطنين صوتوا للعدالة والتنمية، بل هناك من وضع منزله وسيارته الخاصة، رهن إشارة الحزب خلال الحملات الانتخابية، وهم يرون جميعا كيف أن رئيس الوزراء، وزعيم الحزب الذي أوصلوه إلى قيادة الحكومة، لا يعرف أي شيء عن مشاكلهم.
كل الذين يتحدثون اليوم في المغرب عن الإفلاس السياسي يُتهمون بالسوداوية والسلبية بل والتشويش على الحكومة. وها نحن نرى اليوم كيف أن كل المؤشرات تدل على أن استغلال بعض وزراء أحزاب الأغلبية لمناصبهم الوزارية، المفترض أنها تمثل جميع المغاربة مصوتين ومعارضين، بات سُنة سياسية لا يخجل أصاحبها من نسب أوراش الدولة إلى وزارتهم. وربما غدا يأتي من يخبرنا أن وزارته هي التي جلبت الأوكسيجين المستورد من الغابات إلى نوافذ المواطنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى