دين و فكر

صالح أبو خليل حظوة كبرى ودغدغة لأحاسيس الضعفاء 2/2

عاش الشيخ صالح أبو خليل، مدعي النبوة أزهى عصوره، خلال حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، حيث ذكرت تقارير إعلامية بأنه كان له دور، في اختيار وزراء وبرلمانيين في عهد مبارك، بل إن جمال وعلاء، نجلا الرئيس الأسبق مبارك، كانا يزورانه سرا لنيل رضاه والفوز بكراماته، فضلا عن استغلاله ضباط شرطة وقيادات سياسية فاسدة في تحقيق أغراضه بدعوى مساعدتهم على التطهير من ذنوبهم.
يزعم أنصاره بأنه سِبط النبي وقطب الكون الذي يتصرف فيه، يكشف حقيقة ما بداخلك يلهمك ويخبرك بأشيائك التي حدثت أو ستحدث لك، يدعون أنه يذهب إلى مؤيديه في المنام، حيث يوصلك إلى الله إذا كنت مريدا، أو يعطيك من الدنيا إن كنت ترغبها. يدعي مريدوه المجدوبون به أنه يستمطر اللعنات عليك إن عاديته، بل قد تموت قتيلا إذا خرجت عن طوعه، مستدلين بأحد مريديه الذي خرج عليه وذهب لإنشاء طريقة أخرى فقتله الشيخ بسيفه البتار ودفنه بنفسه، ثم نزل عند قبره، وقال نصا: «هو في مقعد صدق عند ملك مقتدر». «من صدق في حبي أنجيه من عذاب القبر وسكرات الموت وأهوال يوم القيامة والله يتعافى بي»، أبرز المقولات التي اشتهر بها أبو خليل بين أنصاره التي أثارت في فترة من الفترات جدلا واسعا بين أبناء التيار الإسلامي، متهمين إياه بممارسة الدجل والنصب، كما اتهم بإرسال مريديه من الفنانين والفنانات لتأييد الشيعة في إيران والعراق بدعوى نصرة آل بيت الرسول، إضافة إلى ادعائه أنه قطب الكون الأعظم. ركز أبو خليل نشاطه خلال الفترة الأخيرة في محافظات الصعيد، مستغلا الفقر الذي تعيشه تلك المحافظات لممارسة أعماله وأساليبه ودجله، حيث يصدق كراماته الزائفة البسطاء من الناس، آملين أن تتحقق لإخراجهم مما يعيشون فيه، بعد أن نبذه عدد كبير من سكان محافظة الشرقية. ويتدفق على أبو خليل كبار نجوم المجتمع من شخصيات عامة سياسية، ورياضية وفنانين وإعلاميين لنيل كراماته، كان من أبرز تلك الشخصيات الفنية، التي تواظب على زيارته إيهاب توفيق، وعلي الحجار، وخالد علي، ومحمد ثروت، ورشوان توفيق، وأشرف عبد الغفور، وأحمد ماهر.
النبي صالح أبو خليل
مدعي النبوة الشيخ «صالح أبو خليل»، عاش حياة بسيطة ومتواضعة في كنف والده، الذي يشهد بتقواه المواطنون بمدينة الزقازيق، لأنه بالفعل كان رجلا صالحا، ويمدحه القاصي والداني، إلى جانب علمه الواسع دون استغلال أمور الغيب أو الضحك على «ذقون» أنصاره. بعض أهالي الزقازيق أكدوا أن الشيخ «صالح أبو خليل» لم يسر على خطى والده التقي، لكونه يستخدم السحر الأسود في تلميع المشاهير في مجالات الفن والسياسة والرياضة، لافتين إلى أنهم يلقبونه بـ«الدجال الذكي» الذي استمد قوته من السلطة. كما أن الصحافة قبل 25 يناير لم تكن تقدر على كتابة حرف واحد ضده نظرا لنفوذه داخل نظام مبارك، وقد ذاع صيته أكثر وأكثر بعد ثورة يونيو، واتسعت شعبيته بعد تركيز نشاطه على الصعيد، مستغلا جهل وفقر الأهالي. وأشار بعض مقربيه إلى أنه كان له دور كبير في اختيار وزراء وبرلمانيين في عهد الرئيس المخلوع، وأنه يدعي دائما خلال حفلاته وسهراته، أنه ابن النبي «محمد»، ومن يدخل في عهده فهو آمن من الله وعذاب النار، كما أن العديدات من أنصاره من السيدات يردن التقرب منه، لأنه يعالجهن من عدم الإنجاب. وأنه عالم متعال، يلجأ إليه العلماء لكي يغترفوا من علمه، بل إنهم يقولون إن الشيخ محمد متولي الشعراوي كان يأتي إلى هنا لينهل من فيض علمه، وإن الشيخ الشعراوي كان يقول قبل كل جلسة تفسير: «مدد يا عم الشيخ صالح»، ولا تعدم أن ترى صورة تجمع الشيخ صالح بالشيخ الشعراوي… وربما يؤكد لك أحد أتباعه أن الشيخ صالح تربية النبي (صلى الله عليه وسلم)، وهو الذي سماه، وهو الذي بعثه ليضيء للبشر طريقهم، وليجدد لهم دينهم وهو من يوصل الأتباع والمريدين إلى الجنة. كما يزعم صالح أبو خليل لنفسه القطبانية، والتصرف في الكون، ولا أحد يدري سر الأسماء التي يخصها أتباعه بالذكر، ويعتقدون أن لها خاصية دون غيرها في الأوراد. وهذه الأسماء هي ثلاثة عشر اسمـًا، مذكورة في كتاب «الإشراقات الصوفية الإبراهيمية» لمؤسس الطريقة، إبراهيم أبو خليل. في غضون ذلك، ينظم أتباع الشيخ صالح أبو خليل له حملة علاقات عامة بين أهل الفن والطرب، وسبق أن نُظِمت بالاتفاق مع إحدى القنوات الفضائية احتفالية استقدم لها عددًا كبيرًا من أهل الطرب والفن، فكانت حديث الكبير والصغير في محافظة الشرقية. كما أنه استطاع أن يحسم الصراع مع ابن عمه على المسجد الخاص بالطريقة الخليلية في مدينة الزقازيق، والمعروف باسم «ميدان أبو خليل»، بمساعدة شخصية وازنة من جهاز أمن الدولة في حكم الرئيس المخلوع مبارك، وأنه هو من تنبأ بقتل الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وتولي الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك سدة الحكم آنذاك. كما يمتلك أبو خليل منزلا آخر في منطقة القومية بمدينة الزقازيق، الذي يحرسه عدد كبير من عمداء الشرطة السابقين لحمايته، الذي لا يبعد سوى بأمتار قليلة عن منزل الرئيس المعزول، محمد مرسي.
وفى السياق ذاته، تشهد مدينة الزقازيق حالة من الجدل والترقب، بعدما نفت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الشرقية، تلقيها أي بلاغات ضد المعالج الروحاني الشهير، ولم تخطر بأي بلاغات تتهمه بادعاء النبوة، حيث أكد مصدر أمني رفيع المستوى بالشرقية، أنه في حالة التقدم ببلاغات ضده سوف تتم إحالته إلى النيابة العامة. من جانبها، أصدرت الطريقة الخليلية بمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، بيانا عاجلا ضد ما أثير، أخيرا، عن شيخ الطريقة «صالح أبو خليل» وادعائه النبوة، وأكدت الطريقة أنها تهم ملفقة، وأن ما تم تداوله في الصحف والفيديو المنتشر على المواقع هو فيديو مركب لتشويه صورته.
بلاغ لنيابة أمن الدولة العليا ضد مدعي النبوة
تقدم المحامي المصري الشهير الدكتور سمير صبري، ببلاغ إلى نيابة أمن الدولة العليا ضد الشيخ صالح أبو خليل، مدعي النبوة. وقال صبري في بلاغه: «مهزلة لم يكن أحد يتخيلها أن تحدث في مصر دولة الإسلام والأزهر الشريف ومنبع الإسلام، أن يظهر شخص على الأرض المصرية يدعي أنه رسول من عند الله سبحانه وتعالى، ومن المعروف أن المسلمين جميعا يعرفون أن محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء وآخرهم، لكن ظهر مسيلمة آخر في مصر، عاصمة الإسلام، وتحديدا في محافظة الشرقية بمدينة الزقازيق، حيث ظهر هذا الكائن الذي يدعي أنه يتبع لإحدى الطرق الصوفية والتي تسمى الطريقة الخليلية، وادعى أنه من وزراء النبي محمد وأن الله قد أوحى إليه بالرسالة، وقام هذا الخسيس بجمع الجماهير وحشد الناس والجهلاء في أحد الموالد بالزقازيق وخطب فيهم مدعي النبوة قائلا: «من صدق في حبي فله الحسنى وزيادة وله الجنة ويغفر الله له ولأبويه، ويهون عليه سكرات الموت ويرفع عنه عذاب القبر، ويأمن من أهوال يوم القيامة ويقضي له الله كل حوائجه. اللهم إني بلغت اللهم فاشهد. إلا أنه وقد أفاء الله عليه وأنا صاحب الأسماء صالح ولا فخر، وأنا الغياث فاستغيثوا بي. أنا من رحمة الله إليكم فاتبعوني يحببكم الله ويغفر الله لكم ذنوبكم. وأنا المصباح المنير، فاستدلوا بنوري أدلكم على طريق الله. وأنا الربان فالتحقوا بسفينتي أوصلكم إلى شاطئ الرحمن. وأنا باب الأمل وباب الرجاء وعندي يتوب العصاة ويعود إلى الله المقصرون. وأنا طبيب القلوب أعلم بدائها، وتمنح عندي ولايات وترفع عندي الدرجات فأقبلوا إلي عباد الله بجد ليغفر لكم». وتابع المحامي الدكتور سمير صبري، أنه لما كان من الثابت أن الوصف القانوني للجريمة التي ارتكبها المبلغ ضده هي جريمة ازدراء الأديان المعاقب عليها بالمادة 98 من قانون العقوبات المصري، مما يحق معه للمبلغ التقدم بهذا البلاغ ملتمسا التحقيق في هذا البلاغ، وإحالة مرتكب الواقعة على المحاكمة الجنائية العاجلة.
الشيخ ينفي ادعاءه النبوة
جاء أول رد من أبو خليل على الحوار عبر بيان على صفحة كاملة في جريدة «الوطن»، نفى فيه كل ما نسب إليه من ادعاء النبوة. لكن رد الشيخ لم يحظ بنفس الانتشار الذي حظيت به الأقوال المنسوبة إليه. ليأت الرد الثاني من أتباعه عبارة عن فيديو نادر لأبو خليل بعنوان «فضيلة الشيخ صالح أبو خليل بالصوت والصورة لمن لا يعرفه»، وهو يتحدث فيه بصوته وبصورته، وتم نشر الفيديو من أجل إجراء مقارنة بين صوت الشيخ في الفيديو الذي لا تتجاوز مدته 47 ثانية، يقول فيه لأتباعه: «بسم الله والحمد لله …إن قيل زرتم فبما رجعتم قولوا رجعنا بمدد الله. وبخير الدنيا ونعيم الآخرة وببركة النبي صلى الله عليه وسلم». وأيضاً لم نجد حوارات صحفية منشورة للشيخ، عدا حوار قديم بمناسبة المولد النبوي نُشر في جريدة «الأسبوع» منذ عدة سنوات. كما لم نعثر على أي مقالات منشورة للشيخ، سوى مقال واحد منشور بجريدة «المصري اليوم» بتاريخ 30 شتنبر 2008، بعنوان «القطب الصوفي العارف بالله الشيخ صالح خليل نقيب الأشراف بالزقازيق يكتب: حب آل البيت فريضة.. وحب الرسول كمال حب الله.. وحب الله عبور إلى مرضاته ونور ووضاءة وطهارة للقلب المؤمن».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى