الرئيسيةبانوراما

لعنة الفراعنة تلاحق موكب المومياوات بمصر

سهيلة التاور
لطالما اقترن اسم الفراعنة بـ«اللعنة»، وترسخت هذه الأسطورة في أذهان عاشقي الحضارة المصرية والباحثين، لكون الغموض يلف عددا من القصص التي ارتبطت بدخول الأهرامات أو الاقتراب من مقابر الفراعنة، خصوصا بعد تسلسل عدد من الأحداث في مصر، قبيل نقل المومياوات في موكب مهيب من المتحف المصري إلى المتحف القومي للحضارة المصرية. إلا أن البعض الآخر يعزو هذه الأحداث إلى محض الصدفة.

أحداث غريبة
على مدار الأيام الماضية، وعند الإعلان عن إقامة مصر «موكبا ذهبيا» لنقل مومياوات ملوك مصر القديمة إلى متحف جديد في القاهرة، شهدت البلاد عدة حوادث منها جنوح سفينة عملاقة بقناة السويس، وهو ما أدى إلى توقف حركة الملاحة لمدة أسبوع، وكبد الحكومة خسائر تصل إلى نحو 15 مليون دولار يوميا، كذلك شهدت مصر تصادم قطارين، وأسفر ذلك عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، فضلا عن انهيار عقار في القاهرة، مما أدى إلى مقتل أكثر من 20 شخصا.
وامتدت الحوادث فشملت أيضا نشوب حريق بمحلات تجارية مجاورة لمحطة القطارات بمحافظة الشرقية، وسقوط جزء حديدي، من أعلى «كوبري ترسا» (جسر ترسا) وهو تحت الإنشاء، على سيارتين بمحافظة الجيزة.

موكب المومياوات الملكية
قامت مصر بنقل مومياوات 18 ملكا وأربع ملكات من عصور الأسر الفرعونية السابعة عشرة إلى العشرين على متن عربات مزينة على الطراز الفرعوني تحمل أسماءهم تباعا، بحسب الترتيب الزمني لحكمهم، اسم الملك باللغات الهيروغليفية والعربية والإنجليزية. ووضعت المومياوات في كبسولة أو غلاف يحوي نيتروجين، حتى تكون في ظروف مماثلة لتلك التي حفظت بها داخل صناديق العرض في المتحف المصري. وذلك في موكب مهيب واستعراضات جميلة ومتناسقة وموسيقى فرعونية، كما أن الإنارة غلب عليها اللون البنفسجي الذي أضفى على الجو العام نوعا من الهيبة.
وتقدم الموكب، الملك سقنن رع من الأسرة الفرعونية السابعة عشرة (القرن السادس عشر قبل الميلاد)، وسيختتمه الملك رمسيس التاسع من الأسرة الفرعونية العشرين (القرن الثاني عشر قبل الميلاد). وضم «الموكب الذهبي للفراعنة» الملك رمسيس الثاني والملكة حتشبسوت، المعروفين على نطاق أوسع بين الجمهور.
وسار الموكب قرابة سبعة كيلومترات من المتحف المصري في ميدان التحرير، حيث مقر المومياوات منذ أكثر من قرن، إلى المتحف القومي للحضارة المصرية في رحلة استغرقت 40 دقيقة، وسط إجراءات أمنية مشددة.
ويأتي الموكب لنقل المومياوات من مستقرهم الحالي، الذي تم بناؤه عام 1902، إلى معرض جديد تماما في المتحف القومي للحضارة المصرية في الفسطاط، بالقاهرة القديمة، الذي تم تصميمه ليحاكي وادي الملوك في الأقصر، حيث دفن الملوك في الأصل. ويعرض المتحف الجديد المومياوات إلى جانب توابيتها الأصلية، وفي بيئة يتم التحكم فيها بالمناخ للمساعدة في الحفاظ عليها.
ويفتح المتحف القومي للحضارة المصرية – وهو مبنى حديث في مدينة الفسطاط التاريخية بمنطقة مصر القديمة جنوبي القاهرة- أبوابه، الأحد، بعدما فتح جزئيا في 2017، غير أن الجمهور لن يتمكن من رؤية المومياوات الملكية إلا اعتبارا من الثامن عشر من الشهر الجاري.

بداية اللعنة
في 6 نونبر عام 1922 ذهب هوارد كارتر إلى اللورد كارنار فون يقول له: «أخيرا اكتشفت شيئا رائعا في وادي الملوك، وقد أسدلت الغطاء على الأبواب والسرداب حتى تجيء أنت بنفسك لترى». وجاء اللورد إلى الأقصر يوم 23 نونبر وكانت ترافقه ابنته، وتقدم كارتر وحطم الأختام والأبواب الواحد بعد الآخر، حتى كان على مسافة قصيرة من غرفة دفن الملك توت عنخ آمون. وأول ما لفت انتباههم نقوش تقول «سيذبح الموت بجناحيه كل من يحاول أن يبدد أمن وسلام مرقد الفراعنة»، هذه هي العبارة التي وجدت منقوشة على مقبرة توت عنخ آمون، صاحب المقبرة.
وبدأت حكاية اللعنة بعصفور الكناري الذهبي الذي حمله كارتر معه عند حضوره إلى الأقصر، الذي سميت باسمه المقبرة، حيث أطلقوا عليها في الأول اسم «مقبرة العصفور الذهبي». وعندما سافر كارتر إلى القاهرة ليستقبل اللورد كارنار فون، ويوم افتتاح المقبرة لدغ ثعبان الكناري ومات. وعلى الفور قيل إن «اللعنة» بدأت مع فتح المقبرة، حيث إن ثعبان الكوبرا يوجد على التاج الذي يوضع فوق رأس تماثيل ملوك مصر. وهذه كانت بداية انتقام الملك من الذين أزعجوه في مرقده.
وفي الاحتفال الرسمي بافتتاح المقبرة أصيب اللورد كارنارفون بحمى غامضة لم يجد لها أحد من الأطباء تفسيرا، وتوفي اللورد في القاهرة. وانقطع التيار الكهربائي، انقطع في القاهرة دون أي سبب واضح في لحظة الوفاة نفسها.
وبعد ذلك توالت المصائب وبدأ الموت يحصد الغالبية العظمى، إن لم نقل الجميع الذين شاركوا في الاحتفال، ومعظم حالات الوفاة كانت بسبب تلك الحمى الغامضة، مع هذيان ورجفة تؤدي إلى الوفاة. وقد توفي سكرتير هوارد كارتر دون أي سبب، ومن ثم انتحر والده حزنا عليه، وفي أثناء تشييع جنازة السكرتير داس الحصان الذي كان يجر عربة التابوت طفلا صغيرا فقتله. وأصيب الكثيرون من الذين ساهموا بشكل أو بآخر في اكتشاف المقبرة بالجنون، وبعضهم انتحر دون أي سبب، الأمر الذي حير علماء الآثار الذين وجدوا أنفسهم أمام لغز لا يوجد له أي تفسير.
غير أن الأبحاث العلمية أرجعت سبب وقوع وفيات بين المستكشفين إلى التعرض لجراثيم وبكتيريا سامة كانت تعيش في المقابر الفرعونية المغلقة منذ آلاف السنين، أما العبارات التحذيرية التي نقشها المصري القديم، فربما كانت لتخويف اللصوص من سرقة المدافن الممتلئة بالذهب.

أشخاص ذاقوا من اللعنة
بعد مرور سنين كانت آخر كلمات هوارد كارتر، مكتشف مقبرة توت عنخ آمون: «إنني أشعر بالجحيم»، بعد تعرضه لمرض شديد، إذ أصيب بارتجاف ونوبات قشعريرة من تأثير الحمى، ولكن أرجع البعض وفاته حينها إلى إصابته بلعنة الفراعنة.
أما عالم الآثار إيفلين وايت، فقد أقدم على شنق نفسه عام 1924، تاركا ملاحظة زُعم أنها كتبت بدمه، يقول نصها: «لقد استسلمت للعنة تجبرني على الاختفاء».
ومن أبرز أساطير لعنة الفراعنة، ما تعرض له أحد الضباط الذي ركل القناع الذهبي للملك توت عنخ آمون، أثناء شحن آثار «توت عنخ آمون» بطائرة حربية لعرضها في لندن عام 1972، حيث ركل القناع قائلا: «ركلت أغلى شيء في العالم»، وبعد فترة تعرض هذا الضابط لحادث بعد انهيار مصعد العمارة تحته فجأة، وأصيب بكسور في القدم وظل في الجبس لمدة 5 أشهر كاملة.
وأسطورة أخرى حول لعنة الفراعنة، نسجها البعض عن وفاة الأثري المصري زكريا غنيم، أمين جبانة سقارة، الذي اكتشف هرم الملك سخم- خت، عام 1952 بمنطقة سقارة، فبعد اكتشاف الهرم دخل ممرا طويلا مليئا بالأنقاض ونظفه، ووجد المئات من الأواني الجنائزية المصنوعة من الأحجار الصلبة واللينة.
وعثر المكتشف الأثري زكريا غنيم على آثار رائعة مثل علبة مساحيق تجميل على شكل قوقعة ذهبية، وخرز من القيشاني ومجموعة من الأواني المختومة من الطمي، تحمل اسم صاحب الهرم الملك «شخم – خت»، وأوان وأدوات نحاسية وظرانية زلطية، ووجد أسفل الهرم عددا من المخازن الصغيرة.
وواصل غنيم عمله حتى عام 1954 رغم ما وجده من صعوبة، إلا أنه وصل إلى حجرة دفن الملك، ولكن كانت المفاجأة أنه في يوم افتتاح الهرم بحضور الرئيس الأسبق الراحل جمال عبد الناصر، وجد التابوت فارغا ولم يعثر على ما يدل أن صاحب المقبرة دفن فيه، ولا توجد به أي أسرار فرعونية، فوجهت إلى «غنيم» تهمة ضياع الآثار.
ولم يتحمل زكريا غنيم اتهامه بسرقة الآثار وتهريبها، ورغم عدم وجود أي دليل على ذلك، إلا أنه لم يتحمل الصدمة، وألقى بنفسه في نهر النيل، وهو ما جعل البعض يرجع الحادث إلى لعنة الفراعنة، وأنها تسببت في ضياع الآثار وانتحار مكتشفها، لأنه اقتحم تابوت الملك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى