سري للغاية

محمد الأبيض : لغز اختفاء المانوزي.. علاقتي به بدأت بفندق «وازيس» على الحدود الليبية

حاوره: يونس جنوحي

الآن نبدأ معك قصة الحسين المانوزي من البداية. قلت لي سابقا إنك نقلت أموالا له مصدرها الجنرال الدليمي، وهذه معلومة تستحق كثيرا من الدقة. كيف بدأ هذا الموضوع؟
+كان هذا بالضبط في سنة 1969. جاء انتقالي إلى تونس باقتراح من الجنرال الدليمي. ففي سنة 1966 وعدني بحل المشكل الذي وقع لي في لبنان وعندما «تذكرني» اقترح اسمي لكي أنتقل إلى السفارة المغربية في تونس لأن الدليمي كان يعمل على ملف أمني بالغ الأهمية والحساسية وهو ملف المعارضين المغاربة هناك وأيضا الجواسيس في الجزائر وليبيا أيام الهواري بومدين والعقيد القذافي.

نفهم أنك بدأت العمل رسميا في المخابرات المغربية أيام الدليمي؟
+نعم، لكن دون أية تسوية لوضعيتي الإدارية. في الوثائق أنا أعتبر دبلوماسيا، بجواز دبلوماسي وأوراق اعتماد في السفارة المغربية. ولكي أكون أكثر دقة كانت صفتي في تونس كالآتي: «مكلف بالشؤون الاجتماعية والقنصلية والشأن العام».
كلفني الجنرال الدليمي باستقبال فرقته الخاصة. وهي كما يعرف الجميع مكونة من عناصر «الكاب 1». وهؤلاء معروفون وذكرت أسماؤهم في جلسات الإنصاف والمصالحة.

سوف نعود إلى موضوع العناصر التي تعاملت معها. الآن، هل كان الجنرال الدليمي يأتي إلى تونس؟
+كنت أتلقى تعليماته إما في الرباط بشكل مباشر، أو ألتقيه في إيطاليا التي كنت أتردد عليها كثيرا بحكم أن زوجتي السابقة كانت إيطالية الجنسية وكنا نتنقل بين إيطاليا وتونس.
وكان الجنرال يكلفني بمراقبة الأوضاع في تونس خصوصا على الحدود. وهناك تعرفت على الحسين المانوزي وأخبرت الجنرال أنني تعرفتُ عليه في مكان يُسمى «الواحة» وهو على الحدود الليبية- التونسية.

لم أفهم.. تقصد أن علاقتك بالحسين المانوزي كانت بالصدفة؟
+ليست صدفة مائة بالمائة. فأنا كنت أذهب إلى الحدود مع ليبيا لاستقراء الأوضاع ومعرفة الأخبار. وكانت لدي مصادري هناك. أشخاص معينون أدفع لهم المال لكي يخبروني بما يقع على الحدود التونسية- الليبية وما إن كان هناك مغاربة ينقلون السلاح أو ما شابه.

والحسين المانوزي؟
+ذهبت مرة إلى «الواحة» أو «L’oasis» كما تُسمى في المنطقة الحدودية بين تونس وليبيا. وبينما كنت جالسا في الاستقبال لمحت الحسين المانوزي جالسا بدوره. وتعرفنا.

هل أخبرته أنك من السفارة وأنك من طرف الجنرال الدليمي؟ أم أنك أخفيت هويتك عنه؟
+أخبرته اسمي الحقيقي وصفتي في السفارة. وفي الحقيقة كان ودودا معي وبشوشا. كان يريد إنشاء صداقات، واشتكى لي من صعوبة الوضع الذي يعيشه لأنه كان هاربا من الأمن المغربي على خلفية أنشطته النقابية في المغرب، ويعمل في شركة للطيران، لكن الإقامة في ليبيا لم تكن تروق له.
توادعنا في اللقاء الأول. وضربنا موعدا مرة أخرى في المكان نفسه، وبدأت تنمو بيننا علاقة صداقة.
عدت إلى تونس، وأرسلت للجنرال الدليمي أخبره أنني التقيته. وفي أول زيارة لي إلى الرباط، منحني الجنرال الدليمي مبلغ 5 ملايين سنتيم في ظرف، وقال لي: «عطي هادي للمانوزي». لأنه كان يعرفه وعطف عليه عندما حكيت له عن وضعه.

لم يطلب منك أن تخبره بالعودة إلى المغرب مثلا؟ لماذا يرسل الجنرال الدليمي المال للحسين المانوزي وليس شيئا آخر؟
+شخصية الجنرال الدليمي محيرة فعلا. فهمت من مبادرته أن بينهما سابق معرفة. فحتى الحسين المانوزي صراحة عندما ضربنا موعدا آخر، ومنحته المال، قبله على الفور وشكرني. وقلت له إن الجنرال يسلم عليك ويدعوك إلى مراجعة مواقفك والتوقف عن الأنشطة التي تضر بصورة النظام المغربي في ليبيا. لكن المانوزي كان متمسكا بمواقفه.

كم مرة نقلت المال إلى المانوزي؟
+مرتين أعتقد.. لم تكن مرات كثيرة على كل حال. ولم يكن ظاهرا لي أن الجنرال الدليمي سوف يأمر باختطاف المانوزي.
لقد كانت للجنرال علاقات مع المعارضين المغاربة. حتى نكون واضحين. في إيطاليا كان يلتقي بأحمد رامي، أحد الضباط الذين هربوا من المغرب بعد المحاولة الانقلابية التي قادها الجنرال أوفقير واستهدف فيها طائرة الملك الحسن الثاني.
كانت بينهما صداقة والتقيا في فندق بإيطاليا. ولا أدري كيف وصلت صورة لهما معا إلى إدريس البصري وعرضها على الملك الحسن الثاني. ولم يكن الجنرال الدليمي يُنكر هذه العلاقات. لهذا لست في الحقيقة مُندهشا من أن يعطف الجنرال الدليمي على الحسين المانوزي.

طيب، كيف تطورت صداقتك مع الحسين المانوزي؟
+كنا نحدد موعدا للقاء، بحكم أنه كان غير مرتاح في إقامته في ليبيا. في إحدى المرات غاب لفترة عن المكان، وعندما التقينا قال لي إنه كان في فرنسا، وأنه يمر بوضعية مادية صعبة. وبقينا نتحدث. منحته رقمي الهاتفي، ومنحته أيضا عنوان سكني في تونس وطلبت منه أن يزورني. لكن لاحظت أنه تخوف مني..

ماذا تقصد؟
+كان يعلم أنني من السفارة المغربية واعتقد ربما أنني أستدرجه لكي أختطفه أو شيئا من هذا القبيل. لهذا لم يأت في البداية. وتركته دون أن أفرض عليه أي ضغط.
لكن في وقت لاحق، جاء عندي فعلا للمنزل. لو كنت أريد أن ألحق به الأذى يستحيل أن أعرفه على زوجتي وأبنائي. وهكذا نشأت بيننا ثقة كبيرة، وبقي يزورني في تونس كلما جاء إليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى