شوف تشوف

سري للغاية

محمد الخامس يرسل كتيبة عسكرية إلى الكونغو لدعم ثورة لومومبا

باتريس لومومبا (زعيم كونغولي)

حسن البصري

خلد المغاربة اسم الزعيم الكونغولي باتريس لومومبا حين أطلقوا اسمه على أكثر من شارع سواء في العاصمة الرباط أو الدار البيضاء ومدن أخرى، وفي الجزائر وتونس وليبيا ومصر والسودان وموريتانيا يحضر هذا الاسم الذي وجد الدعم من القادة العرب حين كان رمزا للنضال ضد الاستعمار.
هو مناضل إفريقي قاوم الاستعمار البلجيكي لبلاده الكونغو، وشغل منصب أول رئيس وزراء منتخب، أعدمه البلجيكيون في يناير 1961 بعد سنة واحدة من توليه الحكم لتأثيره على مصالحهم في الكونغو، علما أنه وخلافا لكثير من المناضلين كان ينتمي للنخبة وتعلم في مدارس الاستعمار البلجيكي.
ولد باتريس لومومبا يوم 2 يوليوز عام 1925 في أونالوا بمنطقة كاتاكو كومبي في الكونغو التي كانت تحتلها بلجيكا وقتئذ. عمل إطارا في قطاع البريد وأسس الحركة الوطنية لمناهضة الاستعمار فتحول إلى زعيم يراهن على تخليص بلاده من استعمار دام ثمانين عاما ما كلفه الاعتقال.
حين أفرج عنه أجريت انتخابات نيابية في 1960 تنافس فيها أكثر من مائة حزب، فحققت الحركة الوطنية بقيادته انتصارا نسبيا، ما خول له رئاسة الحكومة لكنه ظل عنصرا مقلقا للبلجيكيين الذين ظلوا يراهنون على استقلال مشروط، وخلال مراسيم تسليم مهامه كرئيس للحكومة ارتجل باتريس خطابا تحدث فيه عن الظلم الذي تعرض له الكونغوليون في عهد الاستعمار البلجيكي الذي أعاد وضع يده على الكونغو بعد استقلال دام أسبوعين فقط، حيث تمرد الجيش ضد الزعيم الثائر وانفصل إقليم كتانغا وحصلت اضطرابات عمالية فأعلن عن إسقاط الحكومة. واستغل رئيس هيئة الأركان موبوتو سيسيسكو هذه الفوضى فاستولى على السلطة عام 1961 في انقلاب عسكري هو الأول من نوعه في أفريقيا في ذلك الوقت، وألقي القبض على لومومبا واثنين من أهم رفاقه هما: نائب رئيس مجلس الشيوخ جوزيف أوكيتو، ووزير الإعلام موريس موبولو، وأعدموا على يد فصيل من الجيش البلجيكي.
في كتاب يحمل عنوان «اغتيال لومومبا» نشر في هولندا ألفه لودو ديفيت، اعتمادا على وثائق بلجيكية سرية حصل عليها المؤلف، فإن لومومبا اعتقل عام 1961 في مطار إليزابيث فيل لدى هبوطه من الطائرة على يد درك كتانغا بقيادة خصمه تشومبي المتحالف مع موبوتو، وكان ستة جنود سويديون تابعون لقوات الأمم المتحدة حاضرين لحظة الاعتقال.
لم يكن المغرب بعيدا عن هذه البؤرة السياسية، فقد طلب باتريس لومومبا تدخل الأمم المتحدة، وفي طريق عودته من نيويورك يوم 5 غشت 1960 توقف بالمغرب وطلب من الملك محمد الخامس مساهمة القوات المسلحة الملكية في الدفاع عن الشرعية السياسية بالكونغو تحت راية الأمم المتحدة. واستجاب الملك الراحل لندائه.
كان الهدف من إرسال القوات المسلحة الملكية هو وضع النواة الأولى للجيش الكونغولي، وخصص محمد بن ددوش في مذكراته «مع الميكروفون» صفحات للزعيم الكونغولي باتريس لومومبا الذي رافقه خلال رحلته الإفريقية، ووجوده في المغرب واللقاء الذي جمعه بالملك الراحل محمد الخامس والذي ترك بصمات قوية وإيجابية على سياسة المغرب الخارجية إزاء القارة الإفريقية للدفاع عن حريتها وكرامتها ووحدة ترابها.
وحسب الباحث الجيلاني طهير فإن الجنرال الكتاني هو الذي أشرف على قيادة القوات المغربية المكلفة بالحفاظ على الأمن بالكونغو، تحت راية الأمم المتحدة، واصطحب معه الضابط عبد الله القادري. «وبعد أيام كان الجنرال وسط الضباط الذين ساروا في جنازة الملك محمد الخامس، وانتهت مهمة الجنرال الكتاني الذي أكد أن وجوده في الكونغو يتم تحت إمرة القوات الأممية وأنه فقط ينفذ أوامر وتعليمات عسكرية».
وقال عبد اللطيف جبرو إن الاتحاديين كانوا في المعارضة والاستقلاليين كانوا في الحكومة لحظة اغتيال الزعيم الإفريقي باتريس لومومبا. وقبل يومين من وفاة الملك محمد الخامس، قالت جريدة التحرير يوم الجمعة 24 فبراير 1961 بأن الحكومة المغربية طلبت من الكتاني إعداد تقرير في الموضوع، وأن الجنرال ربما قدم استقالته بعد التصريحات التي أدلى بها لجريدة «لوموند» الفرنسية، ووصف فيها موبوتو بالرجل الوحيد القادر على قيادة الجيش الكونغولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى