الرأيالرئيسيةسياسية

مُتهمون بإرسال الأدعية!

يونس جنوحي:

 

الأدعية المسجلة في الهاتف، بل وحتى التطبيقات التي تضم صفحات من القرآن الكريم، يمكن أن تجر على صاحبها مشاكل مع السلطات في الصين.

ووفق التحقيقات التي أجرتها «هيومن رايتس ووتش»، وأعلنت عنها بداية هذا الشهر، فإن السلطات الصينية تراقب هواتف أقليات عرقية من الإيغور المسلمين، بحثا عن وجود خمسين ألف ملف تسجيلي في الهواتف، تُستخدم -حسب التقرير الملخص للتحقيق- في ما تُسميه الصين تطرفا.

وهذا التطرف يتعلق بحيازة القرآن الكريم، مُسجلا في الهواتف، وهي التهمة الكافية لبدء إجراءات استجواب أمني.

السلطات الصينية وضعت لائحة للمحتوى العنيف والإرهابي، وأقحمت في اللائحة مقاطع الفيديو والصور التي تتعلق بالجماعات المسلحة خصوصا «داعش».

منظمة «هيومن رايتس ووتش» في الصين، حسب الناطقة باسمها، مايا وانغ، والتي تشغل المنصب بالنيابة في الوقت الحالي، تقول في تصريحات للصحافة الدولية، نقلتها صحيفة «دايلي» التي تعنى بالشؤون الآسيوية، إن الحكومة الصينية تخلط بشكل شنيع وخطير بين الإسلام والتطرف العنيف، لتبرير انتهاكاتها المقيتة ضد المسلمين في منطقة شينجينغ.

ومنطقة شينجينغ في الصين معروفة بأنها معقل الإيغور.

المثير للاستغراب أن التقرير ينقل خطوة قامت بها السلطات الصينية في وقت سابق، حيث ألزمت سكان الإقليم بتحميل تطبيق على هواتفهم، يُتيح للشرطة في المنطقة مراقبة محتويات الهواتف المحمولة. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل صار إلزاميا حتى على الراغبين في زيارة المدينة، ولن يمكنهم تجاوز حُراس الحدود إلا بعد تنزيل التطبيق على هواتفهم.

سياسة مراقبة الهواتف ليست وليدة اليوم. لكنها تقود حتما إلى أمور سخيفة تجر متاعب على الحكومات.

ويكفي أن نتذكر ما قام به الرئيس الأمريكي السابق «دونالد ترامب» في الأسابيع الأولى لوصوله إلى البيت الأبيض. إذ إن تطبيق قانون غريب يتعلق بتفتيش محتويات الهواتف، جر على الولايات المتحدة تعليقات ساخرة وأخرى غاضبة، خصوصا عندما تعرضت سيدة كندية مسلمة لمعاملة غير لائقة واحتُجزت في مطار بالولايات المتحدة، قادمة إليها من كندا، فقط لأن هاتفها يحتوي على مقطع من القرآن الكريم توصلت به عن طريق «واتساب». وهو ما كشف جهل القائمين على الشأن الأمني في المطار.

وسوف يزول العجب إذا علمنا أن علاقة الرئيس «ترامب» مع الصين وروسيا كانت متذبذبة، ولا يزال محللون سياسيون واقتصاديون أمريكيون يدرسون تبعات سياسة «ترامب» وتأثيراتها حتى الآن.

الصينيون، حسب ما تشير إليه التقارير، بدؤوا هذه السياسة ضد الأقليات المسلمة، خصوصا في إقليم الإيغور، منذ سنوات. ولم تنكشف حيثيات الموضوع إلى اليوم بفضل التقارير التي تتعلق بالخصوصية لمواطني الإقليم.

التقارير تقول إن الصين أجرت عملية بحث ضمت أكثر من 11 مليون هاتف ما بين سنتي 2017 و2018. العمليات أظهرت أن 57 بالمئة من المحتوى الذي تم تحديده لكي يكون خطيرا، ليس إلا تسجيلات بمحتوى ديني عادية تماما، وتوجد في كل هواتف المسلمين حول العالم ويتبادلونها على كل المنصات والتطبيقات، ولا تعدو أن تكون صور أدعية أو تسجيلات صوتية للقرآن الكريم بأصوات مُقرئين معروفين حول العالم، ولا توجد أسماؤهم في لوائح الإرهاب ولم تُوجه لهم نهائيا أي تهم تتعلق بتهديد الأمن القومي ولا استهداف المدنيين.

«هيومن رايتس ووتش» حللت بيانات الشرطة الصينية، وخلصت إلى أن كثيرا من الحالات وُضع فيها المسلمون، من أصل عرقي، في خانة الاتهام ووجهت لهم تهمة التطرف العنيف، لمجرد ممارستهم شعائرهم الدينية أو «إظهار الاهتمام بشأنهم الديني».

هناك اليوم أزيد من 2000 محتجز، في منشأة الغرض منها «إعادة التثقيف»، وليس «التأهيل»، وهو ما يعني أن هناك استهدافا للمشاعر الدينية وحرمان مُسلمين من حقهم في التدين. وهؤلاء المحتجزون يقبعون في المركز فقط لأن بعضهم توصلوا بمقاطع دينية على هواتفهم، أو أرسلوها إلى عائلاتهم. العالم عجيب حقا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى