الرأي

نقط على بعض الحروف

جميل ورائع أن نوظف السينما من أجل خدمة القضايا الوطنية، وأن نخصص الميزانيات الاستثنائية ونحشد الطاقات الفنية والتقنية ونوفر لها الظروف الملائمة ونعقد الندوات من أجل التقعيد النظري لهذه الأعمال التي نريد بها أن نقنع العالم بعدالة قضيتنا، لكن على أساس ألا تكون هذه الأفلام موجهة للاستهلاك الداخلي مادام الرأي العام الوطني مقتنعا بقضاياه الوطنية ومتشبعا بها إلى حد الانصهار.
خلال ندوة عقدت أخيرا، بفاس حول «السينما وقضية الصحراء المغربية»، ذكر بعض المتدخلين أن «من شأن تسويق الأفلام الوثائقية المتعلقة بقضية الصحراء المغربية خلال المهرجانات والملتقيات الدولية وعرضها على القنوات الوطنية والأجنبية أن يكون أحسن رد على مغالطات الخصوم».
لعل البعض يستسهل عملية عرض الأفلام المغربية في المهرجانات الدولية والقنوات الأجنبية وكأننا نملك أزرارا سحرية يكفي الضغط عليها حتى تتم برمجة الإنتاجات المغربية في المهرجانات والقنوات الأجنبية، فالأمر ليس بهذه السهولة وهذا اليسر الذي يتخيله «المحللون» أو «الأكاديميون « الذين تغافلوا عن عدة معطيات منها أن مقياس الجودة والمهنية أساسي ولا محيد عنه إذا أردنا تسويق السينما المغربية في الخارج أو سعينا إلى إيجاد مكان لها في الشبكة البرامجية للقنوات العالمية الوازنة، كما لا ينبغي أن ننسى أن المهرجانات والقنوات الأجنبية تتحكم فيها لوبيات سياسية واقتصادية لا تتطابق مصالحها بالضرورة مع المصالح المغربية، بل قد تكون أداة طيعة في يد خصوم الوحدة الترابية أوعميلة لدول وجهات تفرغت تماما للتشويش على الحقوق التاريخية للمغرب، لذلك لا يكفي أن ننتج الأفلام ونصرف عليها الميزانيات الضخمة في غياب استراتيجية التسويق والترويج لها ليس كبضاعة دعائية، وإنما كمنتوجات استكملت نضجها الفني وتحققت لها قوة الاقناع ومصداقية المناهج بعيدا عن الخطابة والتقريرية واستسهال الصعب والرهان على الفضاءات محكمة الإغلاق وكأن النفاذ إليها هو بمثابة تحصيل حاصل، فحتى الأفلام المغربية الدرامية لم ينفذ بعضها إلى المهرجانات والقنوات الأجنبية إلا عبر لوبيات عبدت لها الطريق ليس لجدارتها الفنية في الغالب وإنما لكونها تخدم عن وعي أو لاوعي مصالح اللوبيات وخططها الهيمنية.
كان لا بد من هذه الملاحظات حول مشاريع ضخمة لا نريد لها أن تظل حبيسة الرفوف بعد إنجازها واستنزافها لأموال عمومية طائلة، ففي مثل هذه الحالات لا يجدر بأحد أن يتبع الطريق السهلة لـ «شوف وسكت».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى