الرئيسيةوطنية

هل سيتخلى المغرب نهائيا عن استيراد الغاز الطبيعي من الجزائر؟

محمد اليوبي

يتجه المغرب رسميا إلى التخلي عن الغاز الطبيعي المستورد من الجزائر عبر الأنبوب المغاربي الأوروبي، وذلك في أفق نهاية السنة الجارية، حيث أحالت الحكومة مشروع قانون يتعلق بقطاع الغاز الطبيعي على أنظار مجلس المنافسة، لإبداء الرأي بخصوصه، قبل إحالته على المجلس الحكومي للمصادقة.

وحسب مشروع القانون، فإنه نظرا للمتغيرات الكبيرة التي تحدث على الصعيد الدولي من حيث إمدادات الطاقة وحماية البيئة، اعتمد المغرب استراتيجية طاقية تهدف إلى تأمين الإمدادات بأقل تكلفة مع تحقيق الانتقال الطاقي بكل استشراف وبراغماتية، وفي هذا الصدد، ومن أجل تأمين الحاجيات المتزايدة من الطاقة، وضع المغرب هدفا، بالإضافة إلى تطوير الطاقات المتجددة، يخص تنويع مصادر المحروقات من خلال زيادة حصة الغاز الطبيعي في الباقة الطاقية.

وأورد المشروع مجموعة من الاعتبارات، وعلى رأسها إيجاد مصادر بديلة عن الغاز المستورد من الجزائر عبر الأنبوب المغاربي الأوروبي، حيث إن العقود والاتفاقيات المؤطرة لهذا الاستيراد ستستوفي آجالها في نهاية سنة 2021، بالإضافة إلى تلبية احتياجات البلاد من الكهرباء على المدى المتوسط والطويل، والتي تعرف معدل نمو سنوي يناهز 6 في المائة، وتنويع الباقة الكهربائية، حيث يطغى في إنتاجها حاليا استعمال الفحم الحجري، والاستجابة للإكراهات التقنية الناتجة عن ارتفاع نسبة الطاقات المتجددة في إنتاج الكهرباء بالنظر إلى عدم الانتظام الطبيعي لهذه الطاقات، وضمان استقرار المنظومة الكهربائية الوطنية باستعمال تكنولوجيات الدورة المركبة المستعملة للغاز الطبيعي والتي تتيح مرونة أكثر.

وتم وضع مخطط وطني لتنمية الغاز الطبيعي من خلال خارطة الطريق، التي صادق عليها الملك محمد السادس وأعطيت انطلاقتها في 16 دجنبر 2014، ويهدف هذا المخطط إلى إنجاز مشروع متكامل سمي «الغاز من أجل الكهرباء»، ويشمل بناء محطة الغاز الطبيعي المسال بالجرف الأصفر ابتداء من سنة 2021، لتلبية احتياجات البلاد والتي تقدر بنحو 5 مليارات متر مكعب سنويا، منها 3,5 مليارات متر مكعب سنويا ستلبي حاجيات المحطات الكهربائية في مرحلة أولى، وفي مرحلة ثانية سيتم تلبية حاجيات بعض الصناعات بما يناهز 1,5 مليار متر مكعب سنويا من الغاز الطبيعي. ويشمل المشروع الملكي كذلك بناء محطتين لتوليد الكهرباء بنظام الدورة المركبة من 1200 ميغاواط بالغاز الطبيعي، وخط أنابيب الغاز من 400 كيلومتر الذي يربط بين محطة الغاز في الجرف الأصفر بالأنبوب المغاربي الأوروبي في شمال البلاد، ويقدر إجمالي الاستثمارات بحوالي 4,6 مليارات دولار.

وينص المشروع على تولي شركة من القطاع الخاص، بعد طلب العروض، ممارسة أنشطة نقل الغاز الطبيعي، حيث تستفيد من امتياز لبناء واستغلال كل منشآت نقل الغاز الطبيعي بصفة احتكارية على مجموع التراب الوطني، ويمكن للدولة أن تساهم في رأسمال هذه الشركة بما تملكه من أنابيب نقل الغاز، كأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي. وحسب المادة 10 من الباب الثالث المتعلق بنقل الغاز الطبيعي، فستتولى مقاولة خاضعة للقانون الخاص تسمى «شركة نقل الغاز الطبيعي» ويشار إليها بـ«شركة النقل»، ممارسة أنشطة نقل الغاز الطبيعي، وتستفيد هذه الشركة من امتياز تمنحه الدولة قصد تطوير وتمويل وبناء واستغلال وصيانة كل منشأة لنقل الغاز الطبيعي بصفة احتكارية على مجموع التراب الوطني.

وتجدر الإشارة إلى أنه في دجنبر من سنة 2016 تم الإعلان عن مشروع أنبوب الغاز الإفريقي، وقد جاء الإعلان عن المشروع على هامش لقاء الملك محمد السادس مع الرئيس النيجيري محمد بخاري في العاصمة النيجيرية أبوجا، وفي سنة 2017 تم الإعلان عن إعداد دراسة جدوى المشروع، ثم بعد قرابة العام تم توقيع اتفاق تعاون ضخم لمد أنبوب الغاز عبر غرب إفريقيا، وصولا إلى المغرب بهدف التصدير إلى أوروبا، حيث سيمتد طول أنبوب الغاز على 5660 كيلومترا، ويمر عبر عدة دول إفريقية، على أن يتم تطوير الأنبوب ليصل إلى أوروبا في مرحلة لاحقة.

وسيمر الأنبوب من بلدان غانا، الطوغو، كوت ديفوار، السينغال وموريتانيا، ثم المغرب، وهو امتداد لأنبوب أنشأته نيجيريا عام 2005، لمد بلدان إفريقية بمصدر الطاقة. ومن شأن المشروع في حال إتمامه التشجيع على الاندماج بين منطقتي شمال وغرب إفريقيا، فضلا عن تحقيق الاستقلالية في مجال الطاقة، وتسريع وتيرة إنجاز مشاريع مد الكهرباء. وتم في سنة 2018 التوقيع بين المغرب ونيجيريا على ثلاث اتفاقيات للتعاون الثنائي، واحدة منها مرتبطة بمشروع لأنبوب الغاز الرابط بين البلدين، كما عبرت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، المعروفة اختصارا بـ«سيدياو»، في سنة 2019 عن دعمها للمشروع المغربي النيجيري، وشرعت المجموعة ذاتها حينها في دراسة مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري، وذلك رغم التحركات التي تقوم بها الجزائر من أجل عرقلة هذا المشروع الضخم، الذي يهم أزيد من 13 دولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى