صحة نفسيةن- النسوة

الاكتئاب وعلاقته بالمرأة.. بين الصحيح والخطأ

سوف نتطرق من جديد لموضوع الاكتئاب، ولكن في هذا العدد من «دليل الصحة النفسية» سوف نتحدث عن علاقة الاكتئاب بالمرأة.
الأحكام الشائعة حول الاكتئاب

عن مجلة «طوب سونتي»
يعتبر الاكتئاب من أكثر الأمراض العقلية شيوعا في فرنسا والعالم، لا يزال الاكتئاب يثير تساؤلات كثيرة، وتنشتر حوله العديد من الأفكار المسبقة التي عادة ما تكون خاطئة. سوف نقدم لكم في هذا المقال أبرز الحقائق عن الاكتئاب.

– الحزن دائما ما يصاحب الاكتئاب
خطأ: يكون الاكتئاب غير ظاهر بشكل عام، كما تكون الأعراض متغيرة جدا. يمكن أن يعاني المريض من صعوبة النوم، والشعور بالتعب، وفقدان الاهتمام والمتعة دون الشعور بالحزن بالضرورة. قد لا يشعر المريض بأي من هذه الأعراض سالفة الذكر، بل سوف يشكو من الصداع أو آلام الظهر وفرط في النشاط.
يتجلى الاكتئاب عند المراهقين في الإدمان (الكحول، المخدرات، الأدوية)، وحالات الهيجان، العنف اللفظي، أو اللامبالاة الظاهرة، اضطرابات الأكل (الشره المرضي، فقدان الشهية) ، الصعوبات المدرسية المفاجئة … من ناحية أخرى، يحمل جميع المرضى نظرة سلبية عن أنفسهم وبيئتهم ومستقبلهم.

– إنه مرض حقيقي
صحيح: مثل مرض السكري أو الربو. الإحساس بالفراغ وغياب المتعة وصعوبة أو عدم القدرة على النهوض والذهاب إلى العمل والخروج للتسوق …) ويجب أن تدوم الأعراض لمدة أسبوعين على الأقل وأن تسبب انزعاجا كبيرا في الحياة اليومية.

– إنه مرض وراثي
خطأ: بالرغم من وجود أكثر من حالة في بعض العائلات. يتطور هذا المرض على أرضية مواتية ناتجة عن مجموعة من الظروف: التجارب الصادمة للطفولة المبكرة، ولكن أيضا الشعور بالوحدة، والصعوبات المادية، والفقدان العاطفي (الحداد، والانفصال)، والبطالة، إنجاب العديد من الأطفال … والتشوهات الكيميائية في الدماغ. وبالتالي، يلاحظ اختلال مؤقت في التوازن بين بعض النواقل العصبية (بما في ذلك السيروتونين)، والمواد التي تنقل النبضات العصبية إلى الخلايا العصبية أو العضلات أو الغدد الأخرى.

– يصيب النساء أكثر
صحيح: قبل سن 55، ربما لأسباب هرمونية حيث تم اكتشاف أن النساء معرضات بشكل خاص في الجزء الثاني من الدورة، عندما يفرز المبيضين البروجسترون وتكون درجة حرارة الجسم أقل انتظاما.

– يزيد التلوث من مخاطر الإصابة بالاكتئاب
صحيح: أظهرت دراسة بريطانية أمريكية أجرتها عالمة النفس هيلين فيشر من كلية «كينجز كوليدج» بلندن ونشرت في عام 2019 في مجلة «أبحاث الطب النفسي»، أن أطفال لندن الذين تعرضوا لمستويات عالية من الجسيمات الدقيقة المعروفة باسم الجسيمات المعلقة، وثاني أكسيد النيتروجين (NO2) ، الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 18 عاما ، يكونون أكثر عرضة بأربع مرات لإظهار أعراض الاكتئاب مقارنة بالأطفال الذين استنشقوا هواء أقل تلوثا. لا شك أنه من خلال اختراق الحاجز الدموي الدماغي (الذي يتحكم في التبادلات بين الدم والدماغ)، يتسبب التلوث تدريجيا في إحداث التهاب في الدماغ.

– يمكن أن يكون لفيتامين «د» تأثير مفيد
صحيح: أظهرت دراسة سريرية نشرت في عام 2017 فعالية كبيرة لمكملات فيتامين (د) لمدة 9 أسابيع (جرعة قدرها 50000 وحدة دولية / أسبوع) على درجات الاكتئاب لدى الفتيات المراهقات. على العكس من ذلك، أظهرت العديد من الدراسات أنه كلما انخفض استهلاك فيتامين د (من الطعام أو المكملات)، زادت أعراض الاكتئاب.

– كل ما تحتاجه هو قوة الإرادة
خطأ: غالبا ما يكون العلاج بمضادات الاكتئاب ضروريا، ويتم دمجه في غالب الأحيان مع العلاج النفسي، للحصول على شفاء كامل، والحد من مخاطر الانتكاسات ومنع الاكتئاب من أن يصبح مزمنا. من بين ثلاثين جزيئا متاحا، فإن الأدوية الذي عادة ما يتم وصفها، هي مضادات الاكتئاب المسماة «الجيل الجديد» والتي تحفز إنتاج السيروتونين والنورادرينالين. ومع ذلك، يستغرق العلاج من ثلاثة إلى أربعة أسابيع حتى يشعر المريض بالتحسن ونحو 30٪ من المرضى يقاومون الأدوية. يحاول باحثون مثل كلير جافري، متدربة في الطب النفسي وطالبة دكتوراه في فريق التحفيز والدماغ والسلوك في معهد الدماغ (باريس)، توضيح آليات المرض والعوامل التي تتنبأ بعدم فعالية العلاجات، من أجل استهداف أفضل الأدوية حسب المريض.

– الاكتئاب يصيب البالغين فقط
خطأ: الحزن، واضطرابات النوم، والأكل، والتركيز، وفقدان الطاقة، وعدم الاهتمام، الأفكار السوداء … لا تقصي صغار السن، حتى لو اختلفت الأعراض حسب العمر. يتجلى الاكتئاب لدى الأطفال بشكل رئيسي من خلال الاضطرابات السلوكية (الانسحاب، والتهيج، والإثارة، والعبوس، والقابلية للتأثر، والطلب المستمر للاهتمام، وما إلى ذلك). في أغلب الأحيان، لا يوجد سبب واحد ، ولكن هناك «ظاهرة كرة الثلج»، وهي تشابك لعدة عوامل: وراثية، وسلوكية ، وفسيولوجية (خلل في
المواد الكيميائية في الدماغ) والنفسية الاجتماعية (الحداد، الإجهاد الشديد، الحوادث ، المرض الخطير). فقط العلاج المبكر يمكنه التغلب على هذه المحنة.

– الكآبة والاكتئاب نفس الشيء
خطأ: أن تصاب بالكآبة بعد الموت أو الطلاق أو الفصل من العمل أو ذهاب الأبناء من المنزل بعد الزواج أو الدراسة، هذا أمر طبيعي. قد يستغرق الأمر عدة أسابيع للتغلب على هذا الاكتئاب والتكيف مع الحياة الجديدة، ولكن تدريجيا، يومًا بعد يوم ، يبدأ التعافي شيئا فشيئا، ويستعيد الشخص قدرته على السيطرة على حياته من جديد، ويشكل مشاريع جديدة … من ناحية أخرى، إذا أصبحت المعاناة مستقرة، وأصبحت موجودة في كل مكان، وأن الشخص فقد أي متعة، أو رغبة، أو أي أمل في مستقبل أفضل، وأنه ينطوي على نفسه، في هذه الحالة يتعلق الأمر فعلا بالاكتئاب.

أفكار ملهمة
ضع قائمة بالأشياء الصغيرة التي تجلب لك السعادة (الاستحمام، والاستماع إلى الموسيقى، والمشي في الطبيعة، والاتصال بالأصدقاء) واختر كل يوم بعضا منها «لتدليل» نفسك. ثم فكر في هذه الأشياء الجميلة في المساء قبل أن تغفو.

لماذا تكون النساء عرضة للإصابة بالاكتئاب أكثر من الرجال؟

يُعرف الاكتئاب على أنه اضطراب يؤثر على مزاج الشخص، يفقد فيه اهتماماته بالأنشطة الحياتية، ويشعر بالحزن والإحباط، إلا أن شعور الإنسان بالحزن والإحباط لفترات قصيرة يختلف تماما عن الاكتئاب، حيث إن الاكتئاب أكثر من مجرد حزن، فهو حالة طبية قائمة بذاتها، والأشخاص الذين يعانون منه عادة، لا يستطيعون التخلص منه بسهولة إلا عن طريق العلاج بمضادات الاكتئاب.
وتعترف النساء سريعا بمعاناتهن من مشاكل نفسية، ويلجأن إلى طلب المساعدة الطبية لمعالجة العديد من الأمراض بشكل أسرع من الرجال.
قد يكون هذا السبب وراء حقيقة أن الاكتئاب منتشر بشكل أكبر في صفوف النساء، إذ يكون أكثر شيوعا بنحو مرتين لدى النساء مقارنة بالرجال.
ويرى الكاتب جو هيربرت في تقرير نشرته مجلة «سايكولوجي توداي» الأميركية، أن المراحل الأولى من الاكتئاب تظهر في سن المراهقة أو بداية فترة البلوغ.

لماذا تكون المرأة أكثر تأثرا؟
تتعرض النساء للأحداث السلبية في حياتهن أكثر من الرجال، وتعد تجربة الاهتمام بالأطفال مصدرا للشعور بالتوتر، وهو ما يترتب عنه عواقب سلبية تطال الأمهات أكثر من الآباء، في معظم الحالات.
ومن المرجح أن النساء يعتبرن أشد تأثرا بمثل تلك الأحداث، ولكن هناك احتمالية أخرى تتمثل في أن الرجال على الأرجح يتمتعون بالقدرة على التعامل مع مثل هذه الوضعيات ومقاومة الأمر.

الهرمونات.. أية علاقة؟
يرتبط الأمر بالهرمونات، ومنها هرمون الكورتيزول الذي يعتبر هرمون «التوتر» وتفرزه الغدة الكظرية عند مواجهة موقف غير اعتيادي. ويتدخل هذا الهرمون في حالة الاكتئاب، وعادة ما يكون الذين يخضعون لعلاج يستدعي مستوى عاليا من الكورتيزول أو مركبات مرتبطة به، عرضة للإصابة بالاكتئاب.
ويكون للنساء معدل أعلى بقليل من الكورتيزول في الدم مقارنة بالرجال، حتى ضمن المعدلات الطبيعية، مما يعزز من خطر إصابتهن بالاكتئاب.
وهناك أدلة تبين أن التستوستيرون قد يؤمن بعض الحماية من الاكتئاب، ومع تقدم الرجال في العمر ينخفض مستوى التستوستيرون لديهم، على الرغم من أن هذا الأمر يختلف بحسب الأفراد، وغالبا ما يكون الأشخاص الذين يتمتعون بمستويات منخفضة من التستوستيرون عرضة بشكل أكبر للاكتئاب.

التستوستيرون والاكتئاب
في حقيقة الأمر، ليس هناك تفسير واضح للأمر في ظل وجود العديد من التخمينات. ويعزى ذلك بالأساس إلى العجز عن معرفة ماذا يحدث في الدماغ تحديدا وما يترتب عليه عند الإصابة بالاكتئاب الذي ليس له سبب واحد بل نتيجة العديد من الأسباب.
وبالتالي، لا يمكن فهم كيف يكون التستوستيرون مفيدا في بعض الوضعيات، إما على اعتباره علاجا أو عاملا من شأنه الحد من خطر التعرض للاكتئاب.
هذا وتفرز النساء أيضا التستوستيرون، ولكن بنحو عُشر ما ينتجه الرجال، ويعتقد البعض أن النساء أكثر استجابة للتستوستيرون مقارنة بالرجال، لكن تبقى مسألة مدى اضطلاعه بدور في حالات الاكتئاب عند النساء من الجوانب غير المعروفة.
وفي حال التطرق لمهام الكورتيزول والتستوستيرون، على اعتبار أن الأول عامل يهيئ البيئة الملائمة للاكتئاب والثاني يمثل عامل وقاية منه، يتبين إلى أي مدى تلعب الهرمونات دورا كبيرا في تحديد الفوارق بين الجنسين في ما يتعلق بالإصابة بهذه الحالة النفسية.
في الوقت ذاته، لا ينبغي إغفال تأثير كل من نمط الحياة والأحداث والمواقف التي نشهدها على وضعنا النفسي.
ومن خلال التركيز على كلا الهرمونين، يمكننا إدراك السبب وراء تعرض النساء للاكتئاب بشكل متواتر ومعدل أكبر مقارنة بالرجال.

أعراض الاكتئاب عند المرأة
توجد عديد من العوامل التي تؤدي إلى ظهور علامات الاكتئاب عند المرأة، مثل التغيرات الهرمونية المعتادة التي تحدث في فترة الحيض، بالإضافة إلى الصفات الوراثية، وظروف الحياة والتجارب الشخصية.
على الرغم من أن الاكتئاب قد يكون له تأثير كبير، فإن له علاج فعال، حتى الاكتئاب الحاد غالبا ما يمكن علاجه بنجاح. يجب طلب المساعدة في حالة المعاناة من أعراض للاكتئاب، مثل:
– الشعور المستمرة بالحزن.
– الشعور المستمر بالذنب أو اليأس.
– فقدان الاهتمام بالأشياء التي كنت تستمتعين بها سابقًا.
– تغييرات كبيرة في نمط النوم، مثل صعوبة الخلود إلى النوم ليلًا، أو البقاء نائمًا لفترة، أو فرط النوم.
– مشكلات في التركيز أو تذكر الأشياء.
– تغيرات في الشهية مما يؤدي إلى نقص أو زيادة ملحوظة في الوزن.
– الشعور بالضعف أو الإرهاق دون سبب واضح.
– الشعور بعدم الاستحقاق لأي شيء.
– الشعور بالقلق وعدم الارتياح.
– فقدان الأمل في المستقبل.
– البكاء دون أي سبب محدد.
– تقلبات مزاجية مثيرة.
– أوجاع وآلام بدنية ليس لها سبب واضح ومحدد.
– الشعور بأن الحياة لا تستحق العيش.
وجود أفكار انتحارية.

كيف نتعامل مع الاكتئاب؟
– الذهاب إلى الطبيب النفسي أو معالج قد يساعد في منحك منفذا آمنا للتعبير عن مشاعرك عندما تعانين من الاكتئاب، خاصة أن وصف أعراضك وتحديد سبب اكتئابك، يساعدك على فهم حالتك والاستجابة بصورة إيجابية للعلاج.
– يمكن أن يساعد الخروج لمدة 30 دقيقة على الأقل يوميا في ضوء الشمس على تحسين أعراض الاكتئاب الناتجة عن التغيرات الموسمية في الطقس، وتشير الأبحاث إلى أن عدم الحصول على ما يكفي من فيتامين «د» من الشمس أو من مصادر أخرى قد يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.
– ممارسة الرياضة الخفيفة بشكل روتيني، وتناول نظام غذائي صحي، يمكن أن يحسن حالتك المزاجية ويجعل أعراض الاكتئاب أقل حدة.
– إذا كان التوتر هو ما يسبب لك الاكتئاب، فإن القيام بأنشطة مثل التأمل واليوجا ستساعدك على الشعور بالهدوء، وتخفيف بعض أعراض الاكتئاب.
– إحاطة نفسك بأشخاص أصحاء نفسيًا وإيجابيين أمر مهم جدًا للتعامل مع أعراض الاكتئاب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى