الرئيسيةالقانونية

آليات حماية النساء ضحايا الاتجار بالبشر

فتيحة شتاتو محامية بهيئة الرباط
تعتبر جريمة الاتجار في البشر من أخطر الجرائم التي تواجه الإنسان وتشكل انتهاكا صارخا لحقوقه، وهي ليست مشكلة فردية تهم دولة واحدة، بل تهم المجتمع الدولي برمته.
وقد ورد تعريفها في مجموعة من الاتفاقيات الدولية، والتي أجمعت على أن استغلال النساء والأطفال، أو محاولة استغلال الأشخاص من أجل الدعارة أو غيرها يدخل ضمن مفهوم الاتجار بالبشر، ومن ضمنها:
-اتفاقية الاتجار بالأشخاص واستغلال بغاء الغير 2 دجنبر 1949.
-الاتفاقية التكميلية لإلغاء الرق والرقيق بالاتجار والأنظمة والممارسات المشابهة 1956.
-اتفاقية منع التمييز الصادرة عن الأمم المتحدة (انضم إليها المغرب 1993).
-اتفاقية حقوق الطفل 1989، بالإضافة إلى الاتفاقية المتعلقة ببيع الأطفال ودعارتهم والصور الخليعة لسنة 2000.
– كما أن منظمة الأنتربول أعطت مفهوما للاتجار بالبشر، وعرفته بأنه شكل من أشكال الجريمة المنظمة الدولية والتي تدر مليارات الدولارات وتمثل الاسترقاق في العصر الحديث.

الإطار القانوني الدولي لحماية ضحايا الاتجار بالبشر
تلزم اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية الدول الأطراف بتقديم المساعدة والحماية للضحايا، خاصة في حالات التهديد بالانتقام والتهريب، وعلى وضع إجراءات ملائمة تساعد الضحايا في عمليات الجبر والحصول على التعويض.
وتعتبر حماية الضحايا أحد الأهداف التي نص عليها بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص (خاصة النساء والأطفال)، حيث ينص على أنه: «ينبغي على الدول في الحالات الملائمة وبقدر المستطاع حماية هوية وخصوصية الضحايا بوسائل منها جعل الإجراءات القانونية سرية.
تقديم المعلومات المتعلقة بالإجراءات الإدارية والمتعلقة بالمحاكم، ومساعدتهم في عرض آراءهم وشواغلهم في المراحل المناسبة في الإجراءات الجنائية على نحو لا يمس بحقوق الدفاع.
ينبغي على الدولة توفير تدابير تتيح التعافي البدني، والنفسي، والاجتماعي للضحايا بما يشمل توفير المسكن المناسب، والمشورة، والمعلومات والمساعدة الطبية والنفسية والمادية وإتاحة فرص التوظيف والتدريب.
ينبغي على الدول… السعي لكفالة السلامة البدنية.
ينبغي ضمان توفير النظام القانوني لإمكانية حصول الضحايا على تعويضات عن الضرر الذي لحقهم».
ويؤكد البروتوكول على مراعاة السن – والجنس والجنسانية والاحتياجات الفردية لضحايا الاتجار، وبالأخص احتياجات الأطفال مثل السكن الملائم- التعليم – الرعاية إذا اقتضى الأمر.

مفهوم الضحية في القانون المغربي
اعتبارا لكون المغرب أصبح بلد عبور واستقرار للمهاجرين، ونظرا لتنامي نشاط الشبكات الإجرامية المنظمة والعابرة للحدود، التي تستهدف الفئات الهشة نساء وأطفالا ومهاجرين ومهاجرات غير شرعيين، كان من الضروري تعزيز الترسانة القانونية بتعديل بعض مواد القانون الجنائي، بواسطة القانون 27/14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر.
حددت المادة 448/9 من قانون الاتجار بالبشر مفهوم الضحية كالآتي: «يقصد به كل شخص ذاتي مغربيا كان أو أجنبيا ثبت تعرضه لأي ضرر مادي، أو معنوي ناتج مباشرة عن الاتجار بالبشر طبقا للتعريف الوارد في الفصل 448/1، بخصوص تعريف الاتجار بالبشر».
انطلاقا من هذا التعريف يمكن القول إنه لكي يكون الشخص ضحية «يجب أن يكون ذاتيا، والمقصود به أن يكون شخصا طبيعيا، والملاحظ في هذا الصدد أن المشرع المغربي لم يعتد بجنس الضحية – ولا السن ولا المركز الاجتماعي، ولا الصحي ولا الجنسية (جرائم عابرة للحدود). وقد استثنى المشرع بهذا التعريف الشخص الاعتباري.
(قانون المسطرة الجنائية يعطيه حق التعويض).
من خلال المادة 448/6 ورد الشخص المعنوي بصفته جانيا (عقوبات سجنية ومادية في مواجهة الممثل القانوني).
-أن يكون الضرر مباشرا والمقصود به جميع أنواع الضرر المادية والمعنوية.
والملاحظ في هذا السياق جعل عبء إثبات الضرر على الضحية، كما أن المشرع اهتم بتوفير ضمانات كافية للمتهم قبل ارتكاب الجريمة وأثناءها وفي السجن وبعد الخروج من السجن وإدماجه، على خلاف الضحية التي لم يتم توفير ضمانات كافية لها، رغم أن الضرر اللاحق بها قد يطالها طول حياتها، خاصة الضرر النفسي الذي قد يطال أيضا أسرتها.
القانون المغربي يركز على الجانب الزجري، وكأننا عندنا استعداد للإجرام، في حين أننا عندنا استعداد للتعرض للجريمة ونكون ضحايا.
-القوانين الحمائية قليلة وهذا ما يترجم في محاكمة المتهم، والضمانات الكثيرة التي توفر له وكأن الضحية لا يعني شيئا يغيب في الإجراءات، ويلاحظ الممارسون ذلك.
– صفة الضحية هي التي تنتج العقاب (المرأة متزوجة- قاصر).
– الدعوى تسقط فيها المتابعة بالتنازل عن الشكاية.
– ليست له مساعدة قضائية – يؤدي الرسوم على مطالبه، باستثناء قانون الاتجار بالبشر.
– إغماء أسماء الاستمرار في الجلسة – (تعب المتهم، توقف الجلسة) محاولة الانتحار، لا سرير، كذلك مشكلة التعويض المحكوم به، كيفية تنفيذه، كذلك مشكلة تصنيف الضحايا، يمكن استنتاج من هم الضحايا من خلال (الفعل- الوسيلة- الغرض).
– ضحايا بوسائل قسرية – القوة، التهديد.
استعمال السخرة أو الاختطاف،
استغلال النفوذ أو الوظيفة،
-ضحايا استغلال الهشاشة.
المشرع أدخل تعديلات على المادة 82 من القانون الجنائي في القانون 27/14، تنص على
• ضرورة التعرف على ضحية الاتجار بالبشر.

حماية الضحايا على المستوى الإجرائي
تضمن قانون مكافحة الاتجار بالبشر عدة مقتضيات إجرائية – في حدود الإمكان- لحماية الضحايا، حيث إن الدولة تكفل الحماية والرعاية -حسب المستطاع- وتقديم المساعدة للضحايا من أجل حمايتهم وإدماجهم في الحياة الاجتماعية، كما أن المادة 5 من قانون 27/14 تعفي المطالبين بالحق المدني من الرسوم القضائية.
ومع ذلك يتبين بمراجعة النصوص المنظمة للقانون الجنائي المغربي، أن المقتضيات المتعلقة بحماية الضحايا تبقى قليلة وضعيفة مقارنة مع تلك المقتضيات المقررة قانونا لحماية المتهمين.
كما أن إجراء تحديد هوية الضحايا المهاجرين غير الشرعيين يبقى غير مفعل على مستوى الممارسة، مما يجعلهم أكثر عرضة للاتجار بالبشر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى