شوف تشوف

الرئيسيةخاص

«الأخبار» تكشف تفاصيل 74 يوما قضاها مفتشو الداخلية بجماعة أكادير

تقرير تفتيش «أسود» من 179 صفحة يهز أركان حزب العدالة والتنمية بالجماعة

أكادير: محمد سليماني
جماعة أكادير.. تلك المؤسسة الدستورية التي عاشت خلال الولاية الانتدابية الحالية هزات تدبيرية كثيرة بين الإخوة داخل المكتب المسير. فرغم اطمئنان إخوان العدالة والتنمية إلى حصولهم على الأغلبية لوحدهم لتسيير المجلس دونما حاجة إلى حزب آخر، إلا أن ذلك لم يكن بردا وسلاما على انسجام الفريق، إذ سرعان ما انفجر «المصباح» وتهشم زجاجه على رؤوس أهله، إلى درجة أن شظاياه وصلت إلى المركز، فقرر البعض النزول من «سفينة» التسيير، ومنهم من نزل من سفينة الحزب والجماعة. ورغم بعض التكتم الشديد على هذه الهزات، حفاظا على «الصورة» المهزوزة للمطبخ الداخلي، إلا أن تقريرا أعده أربعة مفتشين تابعين للمفتشية العامة للإدارة الترابية، قضوا مدة 74 يوما بين أقسام ومصالح الجماعة الترابية، ليصدروا تقريرا من 179 صفحة عن تدقيق العمليات المحاسباتية والمالية برسم سنتي 2016 و 2017، يتضمن «اختلالات» تدبيرية وتسييرية جمة، تورد «الأخبار» جزءا منها.

كشف تقرير التفتيش أن تدبير رئيس المجلس لإدارة الجماعة الترابية لأكادير، شابته كثير من «الاختلالات» بسبب العشوائية والتدبير المختل. وقد تجسد ذلك من خلال عدم قيام الرئيس بإصدار قرارات إلغاء تفويض التوقيع الممنوح لتسعة نواب للرئيس، ولم يقم الرئيس بإخبار مصالح العمالة بذلك، وعدم القيام بإجراءات الإحالة على النشر بشأن مجموعة من القرارات، كما لم يقم الرئيس بإلغاء ونشر قرارات التفويض الممنوحة لكل من مدير المصالح بعد إعفائه من مهامه لظروف صحية وتعويضه بآخر، ولم يلغ التفويض الممنوح لرئيس قسم الموارد البشرية ورئيس قسم التعمير بعد إعفائهما من مهامها. ومما يبين التدبير المزاجي، أن رئيس المجلس لم يقم بإخبار مصالح العمالة بشأن 43 قرارا للتفويض ممنوحة لبعض الموظفين، وكأن الجماعة الترابية جزيرة معزولة عن باقي المؤسسات المتدخلة.
وأكد التقرير أن الجماعة الترابية لأكادير لا تتوفر على رؤية واضحة في مجال تدعيم مؤهلات الموارد البشرية والرفع من أدائها، رغم أنها خصصت اعتمادا ماليا قدره 300 ألف درهم برسم سنتي 2016 و2017 لتكوين الموظفين، إلا أن هذا الإجراء لم يفعل سوى جزئيا، كما أن الجماعة لا تتوفر على دليل المساطر يحدد العلاقة بين الموظفين والمسؤولين وبين الموظفين في ما بينهم. وقد وقف المفتشون على الفوضى في تسيير بعض القطاعات بالجماعة، ذلك أن الرئيس فوض تدبير بعضها لبعض نوابه، وفي الوقت نفسه يقوم هو الآخر بإصدار قرارات تهمها، كما هو الشأن عندما راسل رئيس الشؤون المالية والميزانية، يحثه على القيام بعملية استخلاص فترة ممتدة بين تاريخ الاستغلال الفعلي لمحلات سوق الأحد، وتاريخ إصدار قرار الاحتلال المؤقت من قبل النائب محمد بن فقيه المفوض في مجال الممتلكات. وقد أكد تقرير التفتيش أن رئيس المجلس الجماعي صالح المالوكي لا يحق له تدبير هذا الملف بعد أن منح تفويضا في الاختصاص لنائبه. وما يبين أيضا التدبير «المختل» لإدارة الجماعة من قبل الرئيس ومكتبه المسير، أن عدد أطر وموظفي الجماعة يبلغ 1396 موظفا ومستخدما، وتبلغ المناصب الشاغرة 392 منصبا، لكن الملاحظ هو عدم تعيين بعض الأطر العليا الإدارية والتقنية في الوظائف المناسبة لتكوينها، فمصلحة المرافق المحلية بقسم الشؤون الاقتصادية والشرطة الإدارية تدبر من قبل تقني في الميكانيك، ومصلحة المراقبة تدبر من قبل تقني في المحاسبة، أما مصلحة الميزانية بقسم الشؤون المالية والميزانية، فهي تدبر من قبل مجاز في اللغة الإنجليزية، ومصلحة الرياضة بقسم الشؤون الاجتماعية والثقافية والرياضية، فهي تسير من قبل تقني في نظام المعلوميات، فيما مصلحة الطب الشرعي تدبر من قبل تقني في المحاسبة.

نفقات مالية «غير مبررة»
سجل التقرير أن الجماعة الترابية لأكادير تؤدي واجبات فواتير استهلاك الكهرباء عن مبان لا تمت بأية صلة للجماعة. وقد بلغ مجموع استهلاك عينة فقط من 8 عدادات فحصها المفتشون، أن استهلاكها خلال سنة 2016 بلغ ما مجموعه 272639,29 درهما، وخلال سنة 2017 ما مجموعه 251789,92 درهما. كما سجل التقرير أن هناك «تبذير» مالي واضح، إذ هناك مجموعة من العدادات الكهربائية التي لم تعد مستعملة، ومع ذلك لم يتم فسخ العقود المتعلقة بها أو إعادة تشغيلها، الشيء الذي يلزم الجماعة بالاستمرار في أداء الاثاوة الثابتة عن الاستهلاك بكلفة بلغت سنة 2017 ما مجموعه 24000 درهم، و 30000 درهم عن سنة 2016. وينطبق الأمر ذاته على الماء الصالح للشرب، إذ يتم أداء مبالغ تفوق 3 ملايين درهم في السنة لسقي حدائق ليست تابعة للجماعة الترابية، كما اكتشفت اللجنة أن عداد الماء الصالح للشرب بمكتبة «امسرنات» يسجل لوحده استهلاكا يصل إلى 11 ألف لتر في اليوم فقط.

مجزرة تهدد الصحة
وقف مفتشو الإدارة الترابية على حقائق «صادمة» بخصوص تدبير المجازر الجماعية الحالية بمدينة أكادير. فهذه الأخيرة لا تتوفر على معايير الجودة والسلامة الصحية، كما لوحظ استخدام آليات حديدية صدئة ومتهالكة لا تخضع لعمليات التنظيف والتعقيم. وسبق للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية «أونسا» أن أنجز تقريرا تقييما لحالة هذه المجازر، سجل فيه عدة نواقص منها غياب أعمال الصيانة، ونقص في التهوية، وتواجد أزبال بالهواء الطلق، ونقص كبير في المعدات، إضافة إلى عدم التوفر على الغرفة الأولى للتبريد التي تمكن من تنشيف اللحوم، وغياب مخدع للملابس، كما أن نقل اللحوم غير خاضع للمعايير الصحية الخاص بهذا المجال. وقد كشف التقرير أن حالة هذه المجازر، أدى إلى تراجع مداخيلها.

صفقة المرابد ترسو على شركة واحدة
بخصوص المرابد الجماعية، والبالغ عددها سنة 2017 ما مجموعه 230 مربدا، فإن صفقة تدبيرها ترسو على شركة واحدة بعينها هي شركة (PROMATRAV)، وذلك منذ سنة 2014. وسجل التقرير أن الجماعة رغم أنها أخلت مسؤوليتها في حالة ضرر أو سرقة تلحق بالآليات أثناء وقوفها، إلا أن المفتشين لاحظوا أن الجماعة لم تلزم صاحب الصفقة بالقيام بجميع التأمينات اللازمة طبقا للمقتضيات القانونية الجاري بها العمل في حالة حدوث ضرر للعربات أو الدراجات المتواجدة بالمرآب. كما سجل التقرير عدم توصل لجنة الافتحاص بلائحة الأعوان الذين سيشتغلون تحت إمرة مستغل المرآب، رغم أن كناش الشروط المتعلق باستغلال المرافق الجماعية الخاص بوقوف العربات والدراجات بالجماعة ينص في بنده الثامن عشر على وجوب إدلاء مستغل المرابد بلائحة الأعوان.

تأخر إنجاز المشاريع
من خلال تفحص المشاريع المنجزة بواسطة الحساب الخصوصي المتعلق بالمبادرة المحلية للتنمية البشرية، في إطار محاربة الإقصاء الاجتماعي بالوسط الحضري، لاحظت لجنة التدقيق أنه خلال سنتي 2016 و 2017 سُجل هناك تأخر كبير في إنجاز ثمانية مشاريع بكل من الحي المحمدي، الكويرة، بنسركاو، إمونسيس، آين المودن، تيكوين. ووقفت اللجنة على بعض الصفقات المنتهي أجل إنجاز أشغالها المتعاقد عليه، خلال مدة حلول لجنة الافتحاص بالجماعة، دون وجود محضر تسلم مؤقت أو أمر بوقف الأشغال، مما يثير التساؤل حول كيفية احتساب وتسوية الغرامات الناتجة عن هذا التأخير، مما يعني وجود خلل في عملية تتبع إنجاز الأشغال وأن تواريخ تسلمها يتم تكييفها مع آجال الإنجاز دون إلزام المقاولين باحترامها.

تواطؤ مع شركات
كشف التقرير أن الجماعة الترابية لأكادير تمنح بعض الصفقات لبعض الشركات رغم عدم توفرها على الوثائق والمعايير التقنية الضرورية، كما هو الشأن بالنسبة للصفقة عدد 43/2016 المتعلقة بأشغال صيانة الطرق وصباغة الشوارع المبرمة مع شركة (Chadli Eco Construction) بمبلغ 428014,49 درهم، بحيث أن الشركة وضعت ضمن ملف المنافسة شهادة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتتضمن عبارة «لا يصرح حاليا بأي أجير لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي». وفي سنة 2017 الشركة ذاتها حازت على صفقة عدد 41/2017 المتعلقة بأشغال الأثاث الحضري وتجهيزات الوقاية الطرقية، بمبلغ 1.497.668,00 درهم، لكنها قدمت شهادة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تتضمن تصريحا بأجير واحد فقط، وهو ما يتناقض مع ما صرحت به هذه المقاولة من خلال ملفها التقني الذي يحدد الإمكانات البشرية التي تتوفر عليها، وأيضا طبيعة الكفاءات التي تشغلها والقادرة على تنفيذ وتتبع إنجاز المهام الموكولة إليها.
وكشف التقرير أن الجماعة الترابية لأكادير لا تولي اهتماما لقضية النفايات، ولا تقوم بتتبع هذا القطاع مع الشركة المفوض لها أو المدبرة له. وعلى سبيل المثال لم تقم الجماعة بإلزام الشركة المفوض لها بتدبير مطرح النفايات بمنطقة «تاملاست» باقتراح حلول ناجعة لجمع وتدوير العصارة (LIXIVIA)، حيث لوحظ عدم إيلاء أهمية للعصارة، التي أصبحت تشكل عبئا كبيرا على الجماعة، إضافة إلى خطورة تسربها للوديان المجاورة، وإمكانية وصولها إلى بعض أحياء المدينة، أو للفرشة المائية.

مشاكل بالطرق الحضرية
عديدة هي المشاكل التي تتخبط فيها الطرق الحضرية وسط مدينة أكادير، فبعضها وصل ردهات المحاكم، كما هو الشأن بالنسبة للصفقة عدد 22/2016 المتعلقة بأشغال صيانة محطة وقوف السيارات «بيجوان» المبرمة مع شركة (Union Marocaine Des Travaux) بملغ مالي قيمته 3.697.003,43 درهما. وقد كشف اختبار أنجزه المختبر العمومي للتجارب والدراسات عن نتائج غير مطابقة للشروط المطلوبة، مع العلم أن المربد قد استنزف مبالغ مالية تفوق 3.7 ملايين درهم من أجل تأهيله. كما كشفت اللجنة أن بعض الأرصفة تم كسرها على مستوى حي أغروض، ولم يتم ضبط مستوى فتحات قنوات الصرف الصحي، ولم يتم إنجاز حافة الطريق بالقرب من حمام أغروض.

توزيع الوقود «خارج القانون»
سجل التقرير عدم توفر الجماعة على برنامج للمقتنيات، حيث إن مقتنيات الجماعة من السيارات والآليات والدراجات لا تعتمد على برنامج مشتريات يتماشى مع الأهداف المسطرة من طرف المجلس الجماعي، ولا ينبني على دراسة تبين الحاجيات بكيفية دقيقة وتشخيص حالة حظيرة السيارات. كما أن مصالح الجماعة لا تتوفر على دفتر القيادة لكل سيارة لضبط تحركاتها ومجال استغلالها. كما سجل التقرير عدم اعتماد إجراءات السلامة الخاصة بمحطة الوقود، مما يشكل خطرا على العاملين بها وعلى المستفيدين والساكنة المجاورة، كما أن توافد عدد كبير من السيارات والآليات على المحطة التابعة للجماعة دفعة واحدة ينتج عنه اكتظاظ بالمحطة، مما يصعب ضبط الكميات التي تم تزويد كل سيارة بها. أكثر من ذلك اكتشف المفتشون أن بعض السيارات الخاصة بالموظفين تتزود بالوقود الخاص بالجماعة، مما يطرح أكثر من سؤال عن أحقيتهم بذلك، وعن المعايير المعتمدة لتزويد موظف دون آخر.

استهزاء المجلس بقرارات العمالة
لاحظ التقرير أن مكتب مجلس الجماعة لا يعير أي اهتمام لملاحظات وزارة الداخلية أو مصالح العمالة، باعتبارها جهازا للمراقبة. ومن أمثلة ذلك أنه رغم تأشير عامل أكادير إداوتنان خلال سنة 2016 على كناش التحملات المتعلق باستغلال المرافق الجماعية الخاص بوقوف العربات والدراجات، إلا أن الجماعة عملت اعتمادا على المادة 108 من كناش التحملات على تمديد العمل بالصفقة رقم 66/2015 لمدة ثلاثة أشهر، إلا أنها في إعلان طلب عروض الجديد خلال شتنبر 2016، لم تقم بإدراج ملاحظات وزارة الداخلية المضمنة بالكتاب عدد 5261 بتاريخ 21 يونيو 2016، بل واصلت الجماعة خلال سنتي 2017 و 2018 تدبير المرابد عن طريق الشركة المحظوظة، دون التقيد أيضا بملاحظات مصالح العمالة الواردة بمراسلاتها عدد 6194 بتاريخ 5 غشت 2016، والمراسلة الأخرى عدد 4642 بتاريخ 15 نونبر 2016، والمراسلة الموالية عدد 2643 بتاريخ 9 يونيو 2017.

آدم بوهدما: ارتجال كبير لدى مسيري الجماعة من حزب العدالة والتنمية
كشف المستشار الجماعي آدم بوهدما أن أول ملاحظة مهمة يتضمنها التقرير هو غياب أي رؤية في تعيين الأطر التقنية والإدارية، بحيث لا يتم التعيين حسب مبدأ الكفاءة مما يدل على ارتجال كبير لدى المسييرين للجماعة من حزب العدالة والتنمية. وأضاف بوهدما في تصريح خص به «الأخبار»، أن «هناك كذلك فوضى كبيرة في مجال التفويضات لنواب الرئيس، لأن الرئيس للأسف دائم الغياب عن الجماعة». ومما يبين الارتجالية وعدم الكفاءة في التسيير، ما أشار إليه تقرير التدقيق المالي والمحاسباتي الذي أعدته لجنة من المفتشية العامة للإدارة الترابية، أن الجماعة أبرمت صفقة مع شركة في مجال صيانة الطرق وصباغة الشوارع انخرطت في صندوق الضمان الاجتماعي 10 أيام فقط قبل وضع ملفها مما يدل أن ليس لها موارد بشرية قارة، وهذا يفسر غياب الجودة في صيانة شوارع المدينة. وقد تمظهر ذلك أيضا يقول المتحدث، من خلال صفقات كثيرة أبرمتها الجماعة مع مقاولات وشركات لا تستوفي الشروط، زد على ذلك تسجيل تضارب في المصالح ما بين شركات تقوم بالدراسة للمشاريع، وفي الآن نفسه تقوم بتنفيذها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى