شوف تشوف

الرئيسيةخاص

الصين تمنع بيع واستهلاك الحيوانات البرية

قامت الحكومة الصينية بفرض الحظر على بيع واستهلاك الحيوانات البرية التي كانت أساس تفشي فيروس كورونا Covid-19 الذي بات وباء عالميا. إلا أن هذا الحظر لم توضح بنوده بشكل واضح على الورق، كما أن خبراء يخشون إعادة سيناريو وباء السارس قبل 16 سنة حيث تم فك الحظر على بيع الحيوانات البرية بعد ستة أشهر فقط من فرضه.

في 24 فبراير، قررت الحكومة الصينية جعل الحظر على بيع واستهلاك الحيوانات البرية قرارا دائما. كما قررت اللجنة العليا للمجلس الشعبي الوطني تعديل التشريعات المتعلقة بحماية الحياة البرية وجعل استهلاك الحيوانات البرية غير قانوني. ويجب أن ينص التشريع الجديد أيضًا على أن تجارة الحيوانات البرية للأغراض الطبية أو البحثية أو لجعلها حيوانات أليفة ستخضع لنظام موافقة “صارم” وإجراءات الحجر الصحي.

الحيوانات البرية أساس Covid-19

أعلنت منظمة الصحة العالمية، يوم الخميس 30 يناير، حالة طوارئ صحية عامة ذات أهمية دولية، بعد أن أدى انتشار سلالة مميتة من الفيروس التاجي من سوق بيع المأكولات البحرية بالجملة في ووهان إلى تسليط الأضواء الدولية على تجارة الحيوانات البرية الحية في الصين. وفي 26 يناير، أعلنت الحكومة الصينية أنها ستعلق هذه التجارة حتى نهاية الأزمة، وتم تداول صور الحيوانات المريضة، التي تموت في الأسواق، ومقاطع الفيديو الخاصة بالخفافيش الحية في أوعية الحساء في وسائل الإعلام وعلى الأنترنت، مما أثار موجة من الغضب العالمي وإعطاء الانطباع أن شراء الحيوانات البرية الحية للاستهلاك كان ظاهرة واسعة الانتشار في الصين.

بالنسبة لكثير من الصينيين، استهلاك الحيوانات البرية هو انحراف ثقافي. ونشرت وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة مثل “تشاينا ديلي” مقالات افتتاحية أدانوا فيها دون خجل هذه الممارسة ودعوا إلى فرض حظر دائم على تجارة الحياة البرية. في المقابل، يتم قبول هذه الدعوات وتضخيمها من قبل الآلاف من المواطنين الصينيين على الشبكات الاجتماعية مثل Weibo ، التي تخضع رقابتها بانتظام من قبل الدولة، مما يشير إلى أن الحكومة لا تنوي معارضة هذا الزخم.

ويقول الخبراء أنه من الصعب تقييم حجم تجارة الحياة البرية في الصين، حيث يتم القبض على العديد من الحيوانات واستيرادها وتصديرها بشكل غير قانوني، سواء للأغذية أو الأدوية أو جوائز الصيد أو لتزويد سوق الحيوانات المحلية، ويعد الطب الصيني التقليدي، الذي يقوم على المعتقدات القديمة التي تضفي على الحيوانات خصائص علاجية، محركا قويا لهذه التجارة.

مصادرة الطيور البرية

في شتنبر الماضي، لفت مجموعة من أنصار البيئة انتباه الشرطة إلى مزرعة بالقرب من بكين، حيث تم الاحتفاظ بآلاف الطيور الحية، وصادرت السلطات ثم أطلقت سراح ما يقرب من 10000 طائر تم القبض عليها بشكل غير قانوني باستخدام الفخاخ وكانت متجهة إلى المطاعم و الأسواق في جنوب الصين، ومن بين هذه الطيور، كان هناك على وجه الخصوص طائر البوح أصفر الصدر، وهي نوع من الطيور المهاجرة المهددة بالانقراض والتي يتم تفسير نقصان عددها بشكل رئيسي من خلال استهلاكها ببعض المناطق الصينية.

وتأذن الحكومة بتربية وبيع 54 نوعًا بريًا من الحيوانات البرية في المزارع بغرض الاستهلاك، بما في ذلك النعام، والهامستر، وسلاحف الصيد والتماسيح السيامية.

قال تشو جين فنغ، الأمين العام لمؤسسة الصين لحماية التنوع البيولوجي ومؤسسة التنمية الخضراء ومقرها في بكين: “إن العديد من الحيوانات البرية، مثل الثعابين والطيور الجارحة ، يتم اصطيادها بشكل غير قانوني ثم يتم نقلها إلى المزارع التي وافقت عليها الدولة”، وأضاف تشو أن “بعض المربيين يدعون أن حيواناتهم قد تم تربيتها واصطيادها بشكل قانوني لغرض الحفاظ عليها ولكنهم يبيعونها بعد ذلك للأسواق أو جامعي الحيوانات”.

أسواق الحيوانات في الصين

العدد الدقيق لأسواق الحيوانات البرية في الصين غير معروف، لكن الخبراء يقولون إن هناك المئات، وبالنسبة للمستهلك، فإن الضفدع هو الطبق الشائع وغير المكلف، كما يقول بيتر لي، اختصاصي في السياسة الصينية في جمعية الرفق بالحيوان الدولية وأستاذ سياسات شرق آسيا في جامعة هيوستن-داون تاون، أما بالنسبة للمأكولات الراقية، فإن الأطباق مثل حساء لواك (حيوان ثديي بحجم قطة أصلية في أدغال جنوب شرق آسيا) أو الكوبرا المقلية أو مخالب الدب المطبوخة تكون محفوظة للمستهلكين الأغنياء.

وحسب دراسة نُشرت في عام 2014 على عينة من أكثر من ألف شخص في خمس مدن صينية عن ممارسات مختلفة جذريًا في مناطق مختلفة من البلاد. ففي قوانغتشو، استهلك 83٪ ممن شملهم الاستطلاع الحيوانات البرية في العام السابق. وفي شنغهاي، انخفض هذا الرقم إلى 14٪ وفي بكين إلى 5٪ فقط. بينما في جميع أنحاء البلاد ، قال أكثر من نصف المستطلعين أنه لا يجب استهلاك الحيوانات البرية.

ناقلات العدوى

يقول كريستيان والتزر، كبير الأطباء البيطريين العالميين في جمعية حماية الحياة البرية غير الحكومية ومقرها الولايات المتحدة، إن الفوضى الكامنة في هذه التجارة تعزز انتشار الأمراض الحيوانية المنشأ، وهذه الأمراض تنتقل من الحيوانات إلى البشر، وأوضح أن الحيوانات البرية يمكن أن تحمل فيروسات “في عالم عادي، لن تتلامس مع البشر”. هذه الحاملات ليست مريضة، فهي ببساطة “خزانات خفية” للفيروسات ، ولكن مع تعدينا على موطن الحيوانات، يزداد تعرضنا للفيروسات.

ووفقًا لإرين سوريل، ضابط الأبحاث في قسم علم الأحياء الدقيقة والمناعة بجامعة جورجتاون في واشنطن ، فإن 70٪ من الأمراض الحيوانية المنشأ تأتي من الحيوانات البرية، وهذه الأمراض هي من بين أكثر الأمراض تدميرا كفيروس نقص المناعة البشرية والإيبولا والسارس هي بعض الفيروسات التي انتقلت من الحياة البرية إلى البشر، مما تسبب في انتشار الأوبئة الدولية.

وفي أكشاك السوق للحيوانات البرية في الصين وجنوب شرق آسيا، يمكن للمرء أن يجد حوالي أربعين نوعًا (الطيور والثدييات والزواحف مجتمعة) “مكدسة فوق بعضها البعض”. وهذا المزيج من إفرازات الهواء والجسم تعطي للفيروسات محفزا جيدا ليكون “ناقلًا” وتكوين سلالات جديدة له.

ويبدو أن الأدلة تشير إلى الخفافيش كمصدر لفيروس كورونا التاجي، لكن لم يتم تحديد الأنواع التي نقلت الفيروس بعد إلى البشر، وخلال السيطرة على سوق ووهان، تم اكتشاف الفيروس التاجي في الجناح المخصص للحيوانات البرية الحية.

اللحم الطازج

في السنة الماضية، قامت السلطات في هوبي، حيث تقع ووهان، بتوثيق 250 حالة تهريب لحيوانات برية، كما تبلغ جمارك هونغ كونغ بانتظام عن مضبوطات لحوم غريبة من أفريقيا أو جنوب شرق آسيا تمر عبر المدينة الساحلية إلى البر الرئيسي للصين.

كما أن الصينيين يولون أهمية كبيرة إلى أن يكون اللحم طازجا، حيث يرغبون في أن يقتل الحيوان الذي يريدون شراءه أمام أعينهم. ويقول باتريك بون، أستاذ علوم الأحياء في جامعة هونغ كونغ، إن “الأسواق في هذا الجزء من العالم موطن لكثير من الحيوانات الحية، مما يضاعف خطر الاتصال بين البشر والحيوان، وبالتالي إمكانية انتقال الفيروس بين النوعين”.

ويعتقد العديد من الخبراء أن فيروس كورونا الجديد الذي ظهر في ووهان قد انتقل إلى البشر من حيوان تم بيعه في سوق ووهان، وقد يكون ثعبانا بالتحديد، حسب باحثين صينيين. وربما يكون هذا الحيوان مجرد مضيف للفيروس الذي ينشأ بين الخفافيش التي تحمل أنواعا عديدة من فيروسات كورونا.

إجراءات صينية صارمة

يؤمن الكثيرون من خبراء البيئة في فعالية تعليق تجارة الحياة البرية التي تفرضها الحكومة الصينية والتي تستهدف جميع الأسواق ومحلات البقالة والمبيعات عبر الأنترنت وتشمل الحجر الصحي لجميع البنية التحتية للمواشي. حتى أن الدولة فتحت خطًا ساخنًا للمواطنين للإبلاغ عن أي انتهاك للحظر، وحتى لو انتهك البائعون هذا الحظر وأصروا على البيع غير القانوني للحيوانات الحية، فقد لا يتمكنون من العثور على مشترين.

وهذا ليس أول حظر تفرضه الصين. ففي عام 2003، في ذروة وباء السارس، حجبت الحكومة مؤقتًا بيع الحيوانات البرية، وبعد ستة أشهر، رفع الحظر وسمح للمربين باستئناف نشاطهم، ليبقى تكرار هذا السيناريو موجودا اليوم بشكل كبير، بعد 15 أو 16 سنة تفصلنا عن وباء السارس، ولكن من يدري إذا كان الأمر سيستغرق 16 سنة أخرى لرؤية المرض التالي يخرج من سوق الحيوانات الحية؟.

ومن أجل جعل هذا الحظر المؤقت دائما، يجب توضيح قائمة الأنشطة التي يهمها، حيث لا تزال بعض ظروفه غامضة ومفتوحة للتفسير من قبل السلطات المحلية، فعلى سبيل المثال، هل تخضع الأجزاء المجففة من الحيوانات مثل العظام أو القشور للحظر؟ لا يزال هذا ليس واضحًا جدًا على الورق.

إغلاق المزارع

منذ انتشار الفيروس، تم إغلاق ما لا يقل عن 19000 مزرعة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك حوالي 4600 مزرعة في مقاطعة جيلين، وهي مركز رئيسي للطب الصيني التقليدي.
بالإضافة إلى ذلك، تم إغلاق حوالي 3900 مزرعة في مقاطعة هونان و2900 في سيتشوان و2300 في يوننان و2000 في لياونينغ و1000 في شنشي.
ولم تكن هناك معلومات أكيدة أيضاً عن أنواع الحيوانات المنتشرة بشكل كبير في مزارع الحيوانات البرية، لكن التقارير الصحافية المحلية أشارت إلى أن هذه الأنواع تشمل الثعابين والخفافيش والطاووس والثعالب والسمان والنعام والإوز البري والخنازير، هذا بالإضافة إلى قطط الزباد المعروف أنها تحمل فيروس “سارس”، الذي قتل مئات الأشخاص عام 2003.
ولا تقدم التقارير الكثير من التفاصيل حول الحظر الذي فرضته السلطات على تجارة الحيوانات البرية، وما سيحدث للحيوانات نتيجة لهذه الإجراء، إلا أن بعض الخبراء أكدوا أنهم لا يعتقدون أنه سيتم إعدام الحيوانات بسبب مشاكل تتعلق بالتعويضات المادية لأصحاب المزارع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى