تركة علال الفاسي في المزاد غير العلني 1.2
إذا كان بنكيران قد وقع له ما وقع لزوجة الصياد التي ظلت تشهي أبناءها وتخيرهم بين أطباق البط والإوز والأرانب فانتهت بعد عودة زوجها من رحلة الصيد خاوي الوفاض تطهو البقولة، والبقولة هي ما نسمع اليوم من دعوات من جانب أبواق مثل حامورو والهيلالي لتحالف البيجيدي مع البام، فإن هبيل فاس، حميد شباط، وقع له مع بنكيران مثلما وقع للجمل مع الحمار، مع الاعتذار طبعا للحمار على التشبيه.
وتقول الحكاية، طالما أن السياسيين عندنا أصبحوا يتحدثون بأسلوب كليلة ودمنة عوض “شرح ملح” التي كان يتحدث بها السياسيون الكبار، إن حمارا وجملا يشتغلان عند فلاح في حرث الأرض.
وذات يوم أشرقت فكرة في ذهن الحمار وغمره شعور ثوري ونظر إلى الجمل وهما في الكوري يستريحان ويأكلان التبن بعد يوم عمل شاق، وقال له :
-“أجي نتا بعدا، علاش كانخدمو أنا وياك بجوج بحال بحال، ونتا كايعطيك الفلاح جوج بالات ديال التبن وأنا كايعطيني غي وحدة” ؟
فلم يجد الجمل ما يجيب به الحمار، فقال له إنه أيضا يجد الأمر غير عادل وإنه مستعد للتضامن معه في هذه المحنة.
وفجأة شعر الحمار بأن له قيمة وبدأ يرى نفسه زعيما ثوريا، فقال للجمل إن فكرة قد اختمرت في ذهنه لتحقيق مطلب المساواة في التبن، فقال له الجمل “أما هيا” ؟
فبدأ الحمار يشرح له بحماس زائد :
-“غدا غادي غي ندخلو للحرث ونتا صد لجهة وأنا نصد لجهة باش نخربقو ليه الحرث”.
الجمل وجد الفكرة مناسبة فقال له “مشات”.
وفي الغد بمجرد ما أخرجهما الفلاح وعلق لهما لجام المحراث حتى شرعا في تطبيق خطتهما الثورية فصد الجمل في اتجاه والحمار في اتجاه آخر.
الفلاح لم يفهم شيئا في هذا “البلان” الذي يحدث أمامه فما كان منه إلا أن أشهر مشحاطه وسرحه مع الحمار حتى تأوه من شدة الألم.
لكن الحمار تحمل “الشحط” واستمر في عناده “يخربق” الخط للفلاح في الحرث، فأشهر مجددا مشحاطه وسرحه معه بجلدة أشد من الأولى، فتأوه الحمار وتجلد، مراهنا على أن الفلاح بمجرد ما سيغامر بشحط الجمل سيثور هذا الأخير ويدك الحرث والفلاح والحظيرة بكاملها.
لكن الفلاح استمر في شحط الحمار وحده دون الجمل الذي استمر في “خربقة” خطوط الحرث، فلم يكن للحمار من بد لإيقاف هذه المجزرة الرهيبة التي يتعرض لها على يد الفلاح، فالتفت إلى الجمل وقال له بلهجة آمرة، وكأنه هو السبب في مأساته :
-“تا قاد الخط أسي”.
هذا بالضبط ما وقع لقائد مسيرة الحمير التاريخية، حميد شباط، عندما اعتقد أنه يمكن أن يكون زعيما كبنكيران.
وبما أن هبيل فاس، كما سماه عبد الإله بنكيران، وضع شكاية ضدي مطالبا القضاء بإجباري على دفع تعويض له قدره مليار “إييه أسي مليار”، وإلا سيطالب بإيداعي السجن، وبما أنه يتهمنا بالكذب عليه بغرض تشويه سمعته، فإننا سنشرع في نزع أوراق التوت عن عورته ورقة ورقة، وبالوثائق، حتى يعرف المغاربة الكاذب من الصادق فينا.
سنبدأ بإذن الله هذه السلسلة من وجدة، وفضيحة بيع عقار تابع لحزب الاستقلال برخص التراب في منطقة يسمح بالبناء فيها لخمس طوابق.
ولقد حاول حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، الذي دقت ساعة رحيله، أن يظهر خلال المجلس الوطني الاستثنائي، وهو يذرف دموع التماسيح، وأنه أحدث خلال السنوات التي قضاها أمينا عاما، عددا من مقرات الحزب ومرافقه، لكنه لم يخبر أعضاء هذا المجلس أنه استغل الصلاحيات المخولة له في القانون الأساسي للحزب، وأقدم على بيع بعض ممتلكاته “بلا خبارهم”، من بينها عقار وسط مدينة وجدة، يقع بالضبط في زاوية زنقة بغمونتي وشارع الفطواكي، بحوالي 600 مليون سنتيم فقط، وهو عبارة عن أرض بها بنايات بالطابق الأرضي، مساحتها 898 مترا مربعا، مسجلة بالمحافظة على الأملاك العقارية بوجدة، تحت اسم “إيموبل جيل كبروس”، موضوع الرسم العقاري 488/0.
هذا العقار الذي لديه عقدان توثيقيان، الأول بتاريخ 06 فبراير 1975 مسجل بتاريخ 06 مارس 1975، تحت علامات التسجيل المتعلقة بالأمر بالاستخلاص عدد E17B/146 3158، والثاني تلقّاه موثق بالرباط، بتاريخ 12 ماي 2014، مسجل بتاريخ 14 ماي 2014، تحت علامات التسجيل عدد 9094، باعه شباط نيابة عن حزب “علال الفاسي” لمقاول يدعى “علال بولويز” وهو برلماني سابق ورئيس جمعية المنعشين العقاريين بوجدة ومعروف بالمدينة كأحد الوجوه السياسية المثيرة للجدل، والذي استقر به الحال والترحال الحزبي مؤقتا بحزب الحركة الشعبية، بعدما كان من الشخصيات التي أسست حزب التجمع الوطني للأحرار أيام أحمد عصمان، ثم حزب الاتحاد الدستوري في ما بعد.
وتحكي الأسطورة الوجدية التي نسجت حوله، أن أصل تسميته وثروته جاء على يد عفريت من الجن سلمه في إحدى الليالي كنزا ثمينا عبارة عن جرة مملوءة بقطع اللويز الذهبية قبل أن يختفي، ومنذ ذلك الحين والعائلة تسمى بعائلة بولويز وترفل في الذهب والفضة حيث وصلت استثماراتها إلى غاية الديار السويسرية، وقد ارتبط اسمه بقضية متابعة ابنه الموثق عادل بولويز الذي تمت إدانته قضائيا في ما عرف بمحاكمة شبكة الموثقين المتورطة في صفقات تهم بيع ممتلكات الدولة، حيث حكم عليه بسنتين ونصف سجنا قضاها بسجن سلا، ثم توفي 15 يوما مباشرة بعد مغادرته للسجن.
ويبدو أن حكاية الكنز والعفريت تأبى إلا أن تتكرر، حيث إن “السي علال الوجدي” كان يستغل عقار حزب “علال الفاسي” جزئيا، عن طريق الكراء، قبل أن يشتريه من شباط، بما يحتويه من منافع ومرافق بدون أي استثناء أو تحفظ.
وبذلك يكون شباط قد أهدى بولويز صاحب شركة “زينة البلاد” العقارية، التي يوجد مقرها الرئيسي بالمدينة نفسها، في 7 شارع محمد السادس، ورقم سجلها التجاري 27289 بالمحكمة التجارية بوجدة، بعدما قدم له عقارا يسيل اللعاب على طبق من ذهب، وسلمه جرة ثانية من اللويز، وهي عملية البيع التي أشرف عليها موثق في مكتبه يوم 28 أبريل 2015، في تمام الساعة الرابعة والنصف بعد الزوال، وجرى تسجيلها بعد ذلك في 17 يونيو 2015.
وينص العقد على أن المقاول علال بولويز قد اشترى بصفته ممثلا لشركة “زينة لبلاد” ذات المسؤولية المحدودة والتي لا يتجاوز رأسمالها 10.000,00 درهم، عقارا من شباط بمبلغ 6.776.000.00 درهم، وبأنه أدى مبلغ مليوني درهم مباشرة لشباط، الذي يعترف بتسلمه، والمبلغ المتبقي أودعه بين يدي الموثق لفائدة البائع وسلمه إبراء عنه.
المشكلة مع هذا الثمن الذي باع به شباط العقار هو أنه توجد في وسط مدينة وجدة عقارات مماثلة، يفوق ثمنها ثلاثة ملايير و600 مليون سنتيم، وهو الواقع الذي يمكن لإدارة التسجيل أن تشكك من خلاله في حقيقة الثمن الوارد بالعقد، وتواجه شباط وحزبه بالمراجعة الضريبية والمطالبة بالرسم المستحق عن الفرق بين الثمن الحقيقي للعقار والثمن المصرح به، كما تصنع إدارة الضرائب مع المواطنين البسطاء، خاصة وأن العملية تمت بحضور “الدكتور” عبد القادر الكيحل تخصص “عالم السجون”، ومسؤول الحزب وعضو لجنته التنفيذية، الذي سينال “نصيبه” ولا شك من اللوم والتقريع من قواعد حزب الاستقلال بسبب التفريط في رصيد عقاري من أهم ممتلكات الحزب، وبيعه بثمن يقل عن ثمنه الحقيقي في السوق، ودون إخبار لجنة مالية الحزب أو أخذ موافقة لجنته التنفيذية.