الرئيسيةسياسية

عندما عين رباح صاحب سوابق في الاتجار بالبشر مستشارا في ديوانه

كان قبل دخوله ديوان الوزير يتزعم شبكة دولية للزواج الأبيض ببلجيكا

محمد اليوبي

كشفت قضية النصب والاحتيال على مستثمر إيطالي، التي يتابع فيها مستشار سابق في ديوان عزيز رباح، عندما كان وزيرا للتجهيز والنقل في الحكومة السابقة، أمام غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط، أن المستشار المعني له سوابق قضائية خطيرة على المستوى الدولي، تتعلق بتزعمه لشبكة الاتجار في البشر والزواج الأبيض ببلجيكا سنة 2009، ومع ذلك عينه رباح مستشارا في ديوانه.
وكان «ر.ق»، المستشار الذي استقدمه رباح إلى ديوانه، قد اعتقل رفقة زوجته بمنطقة «سكاربيك» ببروكسيل، بتهمة تزعم شبكة للزواج الأبيض، وكان حينها يعمل في ديوان كاتب الدولة المكلف بالسياسة الجبائية ببلجيكا، بيرنار كليرفايت، كما كان يترأس «أكاديمية بروكسيل لفنون الحرب والتايكواندو»، فيما كانت زوجته تشتغل موظفة بمقاطعة «سكاربيك»، وتم اعتقالهما معا خلال سنة 2009، وخضعا للتحقيقات أمام مصالح الأمن البلجيكي، وكذلك قاضي التحقيق، حيث وجهت لهما تهم تتعلق بتكوين عصابة إجرامية مختصة في الزواج الأبيض بين بلجيكا والمغرب، وتزوير واستعمال وثائق إدارية رسمية لتسهيل ذلك، بهدف المتاجرة وكسب المال واستغلال النفوذ في وظيفة عمومية، وتزوير ملفات ذات حساسية كبيرة مثل منح الجنسية البلجيكية للذين لا حق لهم فيها، والتي تتطلب إجراءات قضائية من أجل الحصول عليها.
وتم اكتشاف أمر الشبكة، بعد توصل مصالح الشرطة البلجيكية بمعلومات حول تورط زوجة المستشار السابق للوزير رباح، بتغيير جنسية مواطن مغربي، ومساعدته على الحصول على الجنسية البلجيكية بـ«نقرة من فأرة الحاسوب» دون الاكتراث بالمساطر والإجراءات الإدارية، كما كانت تتابع ملفات «مشبوهة» لم يكن لها الحق في الاطلاع عليها.
وأوردت الصحافة البلجيكية أن «الاتجار في الجنسيات» بدأ منذ سنوات، وكانت بعض الملفات تمر عبر نادي «التيكواندو»، الذي كان يسيره «ت.ق»، الذي كان  يدعي أنه الممثل الرسمي بالعاصمة البلجيكية للقناتين التلفزيونيتين «الرياضية» و«المغربية».
وكانت الشرطة الدولية «الأنتربول» قد فتحت تحقيقا في ملف الهجرة غير الشرعية لأبطال وممارسين مغاربة لرياضة «التايكواندو»، وكشفت التحقيقات أن عددا كبيرا منهم تم تهجيرهم بطرق غير قانونية في السنوات الماضية نحو دولة بلجيكا في إطار حملة منظمة. واعترف «ر.ق» وزوجته  بارتكاب جريمة الاتجار بالبشر، واستعمال التزوير لتغيير جنسيات مواطنين مغاربة، وحصلت الشرطة القضائية البلجيكية التابعة للمنطقة الشمالية، بعد مداهمة مقر السكنى والنادي الرياضي ومكتب المستشار بكتابة الدولة للضرائب، على عدة وثائق تؤكد تورطه في هذه الجرائم.
وستعقد غرفة جرائم الأموال لدى استئنافية الرباط، يوم 10 فبراير الجاري، جلسة أخرى للنظر في القضية المثيرة، التي يتابع فيها مستشار سابق بديوان رباح، ورئيس مصلحة المحافظة على الملك العمومي بوزارة التجهيز والنقل، من أجل جرائم الارتشاء عن طريق تسلم مبالغ مالية للقيام بعمل من أعمال الوظيفة والتزوير في شهادة إدارية وتزييف خاتم الدولة واستعماله.
وكان المستثمر الإيطالي قد صرح، خلال إحدى الجلسات السابقة أمام الهيئة القضائية، بمعطيات وصفت بالخطيرة، حيث أكد عبر مترجم يرافقه خلال أطوار المحاكمة، أن المستشار السابق لعبد العزيز رباح وعده بتمكينه من صفقات كبيرة تتعلق بالطريق المزدوج بين الرباط والقنيطرة ومقلع للرمال بمنطقة جرف الملحة بسيدي قاسم ثم بناء مقر للشرطة بمدينة سلا، مضيفا أنه دفع مقابل هذه الخدمة مبالغ مالية مهمة تجاوزت 120 مليون سنتيم، موزعة بين أربعمائة وتسعين ألف درهم نقدا، ثم ثمانمائة ألف درهم سلمها عن طريق شيك بنكي للمتهم من أجل اقتناء شقة بالرباط، حضرا معا تفاصيل توثيقها بمكتب موثقة بتمارة، التي جرى الاستماع لشهادتها خلال الجلسة نفسها، حيث أكدت واقعة حضور الإيطالي والمستشار إلى مكتبها بتمارة وتسلمها الشيك باسم الأول لاستكمال العملية، دون أن تعلم باقي التفاصيل والاتهامات التي لم تطلع عليها، حتى جرى استدعاؤها من طرف الفرقة الجهوية للشرطة القضائية.
وواجهت الهيئة القضائية مستشار رباح بمجموعة من التهم التي يوجهها له المستثمر الإيطالي الذي يستقر بتراب المملكة منذ سنة 2006، وكان يشغل مهمة رئيس شركة متخصصة في الاستشارة القانونية للإيطاليين الراغبين في إنجاز وتنفيذ مشاريع بالمغرب، مضيفا أنه تعرف على المستشار الذي كان جد مقرب من عزيز رباح بعد تعيينه وزيرا للنقل والتجهيز حسب قوله.
ويضيف المشتكي الإيطالي أن المستشار اقترح عليه إحضار شركات إيطالية للاستثمار في المغرب، قبل أن يرتب له لقاء رسميا مع الوزير شخصيا بمكتبه بمقر الوزارة، حيث جالسه رفقة ممثلي بعض الشركات الإيطالية.
وأكد المشتكي أن التفاوض مع مستشار الوزير انصب على صفقات ضخمة ناهزت قيمة الأولى ثمانية ملايين أورو والصفقة الثانية مليونين ونصف مليون أورو، دون أن يعلم أن صيغة تفاوضه مع المستشار بوزارة التجهيز لم تكن قانونية. مضيفا أن اللقاء مع الوزير كان رسميا ولم يتطرق لأي تفاصيل حول الصفقات، حيث تم تبادل الحديث عن مناخ الاستثمار بالمغرب وأولويات القطاع، في الوقت الذي كان تواصله مع المستشار منصبا على كواليس الصفقات والمقابل والضمانات وغيرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى