
النعمان اليعلاوي
تواجه العاصمة الرباط أزمة حقيقية في ما يتعلق بدفن الموتى، بسبب تجاوز أغلب مقابر المدينة طاقتها الاستيعابية، ما دفع بعدد من الأسر إلى البحث عن مقابر بديلة خارج أحيائها، وأحيانا خارج المدينة، في انتظار الإفراج عن مشروع «المقبرة الكبيرة» التي طال انتظارها. ووفق ما أكدته مصادر جمعوية، فإن عددا من مقابر المدينة، خاصة تلك الواقعة في حيي المحيط ويعقوب المنصور، قد امتلأت بالكامل، ويتعلق الأمر أساسا بمقبرة الشهداء، مقبرة العلو، ومقبرة سيدي مسعود بحي الرياض، ما يطرح تحديات كبيرة على الأسر التي تفقد أقاربها، ويضع سلطات المدينة أمام مأزق تدبير قطاع حيوي وحساس، سيما مع الارتفاع الطبيعي في عدد الوفيات السنوي.
وفي هذا السياق، قالت مصادر محلية إن «الرباط تعيش منذ سنوات أزمة خانقة في ما يخص توفير فضاءات الدفن، وهو ما يستدعي فتح مقبرة كبرى بشكل عاجل»، مضيفة أن «الأمر لم يعد يحتمل التأجيل، حيث تلجأ أسر من يعقوب المنصور، على سبيل المثال، إلى مقبرة سيدي مسعود بحي الرياض لدفن موتاها، رغم بعدها»، مشيرة إلى أن «مشروع مقبرة الألفة، الذي كان من المفترض أن يشكل الحل الأمثل للأزمة، ما زال متعثرا، رغم انطلاقه منذ سنة 2018، وكان من المرتقب تسليمه في غضون ثمانية أشهر فقط»، متسائلة عن أسباب هذا التأخر الكبير، ومشددة على ضرورة تسريع وتيرة الأشغال وتسليم المقبرة في أقرب الآجال، خاصة في ظل الضغط المتزايد.
من جانب آخر، أشار المتحدث إلى أن «تجربة مدينة سلا في تفويض تدبير المقابر للجمعيات المحلية، تعد تجربة ناجحة، ويمكن استلهامها في العاصمة، لما تتيحه من إمكانية الحفاظ على نظافة المقابر والاعتناء بها، باعتبارها من الحرمات الدينية». فيما أكد نائب رئيس جماعة الرباط والمفوض في حفظ الصحة والسلامة العمومية، أن المجلس الجماعي يسارع الزمن من أجل تأهيل «المقبرة الكبيرة»، التي تمتد على مساحة 26 هكتارا، مضيفا أنها قادرة على استيعاب نحو 5000 جثمان سنويا، وهو ما يتيح استغلالها لما بين 26 و30 سنة، مشيرا إلى أن 18 هكتارا من المساحة الإجمالية عبارة عن هبة من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وتم الانتهاء من تسوير وتهيئة 8 هكتارات منها، مع تعيين محافظ المقبرة، في انتظار انطلاق استغلالها رسميا. أما المساحة المتبقية، والتي تعود ملكيتها إلى أكثر من 100 عائلة، فيتم حاليا إنهاء إجراءات نزع ملكيتها وتعويض ذوي الحقوق، وفقا للمساطر القانونية.