
ارتفعت حدة الجدل الدائر حول الدعم، الذي تلقاه مستوردو الأغنام من المال العام بالملايير، خاصة، والتباين في الأرقام التي قدمها نزار بركة، وزير التجهيز والماء، والمعطيات التي أوردها القيادي الحزبي الطالبي العلمي، ما يستدعي تعميق البحث القضائي أكثر في الموضوع، وتسريع تشكيل لجنة استطلاع برلمانية يمكن على ضوء تقاريرها تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
بعد القرار الملكي الحكيم بإلغاء شعيرة ذبح الأضحية، والتخفيف على الأمة، وظهور النتائج الإيجابية السريعة لذلك على مستوى انخفاض أسعار اللحوم والمواشي بصفة عامة، تبرز الحاجة الملحة للصرامة في الكشف عن نتائج التحقيقات المتعلقة بدعم مستوردي الأغنام لسد الخصاص في الأضاحي، مع اطلاع الرأي العام على كل جديد بتفصيل، خاصة والتباين الكبير في تصريحات قيادات حزبية تشارك في الحكومة بخصوص الميزانية التي خصصت للدعم وحصر عدد المستفيدين والنجاح في تحقيق أهداف الدعم من عدم ذلك.
إن ملفات صرف المال العام، وتخصيص الملايير لدعم مستوردي الأغنام، لسد الخصاص وتوفير الأضاحي بأثمان في متناول الطبقات الفقيرة والمتوسطة، لا تتحمل المزايدات الانتخابوبية أو الركوب على الأرقام ودغدغة عواطف الناخبين، ما يستدعي من كافة الجهات المعنية التزام الوضوح في التصريحات والمعلومات التي يتم تسويقها للرأي العام، لحساسية الملف المذكور وارتباطه بالثقة في القرارات الحكومية الاستراتيجية للتخفيف من غلاء الأسعار وتبعات توالي سنوات الجفاف بصفة عامة.
لقد حان وقت المحاسبة بشكل أكثر سرعة وصرامة، في مراجعة كافة ملفات الدعم الذي تلقاه مستوردون من أجل توفير الأضاحي والمواد الغذائية الأساسية أيضا، والتدقيق في مدى تحقيق الأهداف المطلوبة على أرض الواقع ومدى استفادة الفئات المستهدفة داخل المجتمع، وبحث السبل القانونية والإجراءات الميدانية التي يمكنها أن تضمن وصول الدعم للفئة المعنية مستقبلا، وعدم اعتراضه من قبل قراصنة وسماسرة ملايير الميزانيات المخصصة للدعم الذي تقدمه الدولة من المال العام في مجالات مختلفة لحفظ السلم الاجتماعي وضمان توازن قفة المغاربة.
يجب على القطاعات الحكومية المعنية، الاستمرار في نهج سياسة دعم المنتوج الوطني في كل المجالات، والتنسيق بين الأطراف المتدخلة لضمان تسريع تعافي القطيع وتوفير المواد الغذائية الأساسية، وذلك لتفادي كلفة الاستيراد التي تستنزف المال العام بالنسبة للدعم وتخفيض الضرائب أو الإعفاء منها، كما يطرح الأمر جدل غياب الجودة في المنتوجات المستوردة، وقضايا الفساد في توزيع الدعم المالي على المستوردين وكيفية صرف الدعم ومدى استفادة الفئات المعنية به من الأصل.
كل دعم من المال العام لفائدة الفئات الفقيرة وتلك التي تعيش الهشاشة، وجب أن يلمسه المستهلك مباشرة في الأسواق عند عملية الشراء والتوازن بين الأسعار والقدرة الشرائية، وإلا ستبقى كل التصريحات المتضاربة والإكراهات والمبررات مجرد تفاصيل بدون معنى، والمفيد هو التحقيق الإداري والقضائي وتفعيل المحاسبة في حال تسجيل اختلالات أو ضبط مؤشرات تدل على الفساد، مع بحث استعادة الأموال المنهوبة أيضا لأنه في الكثير من الأحيان يتم التركيز على العقاب القانوني فقط، بينما الأهم بكثير هو استرجاع أموال المغاربة، مع التشدد في العقوبات كي تكون عقوبات ملفات الفساد مضرب المثل لكل من يتحمل المسؤولية الانتخابية والإدارية على حد سواء.