الرئيسيةالملف السياسي

وزراء أطاحت بهم الفضائح

الرميد وأمكراز في عين العاصفة

إعداد: محمد اليوبي – نعمان اليعلاوي
خلال الولاية الحكومية السابقة والحالية، أطاحت فضائح فجرها الإعلام بوزراء، أغلبهم ينتمون إلى حزب العدالة والتنمية، والآن يعيش البيت الداخلي للحزب على إيقاع فضيحة أخرى قد تعصف بوزيرين من منصبيهما الحكومي، بعدما وجدا نفسيهما في عين عاصفة من الانتقادات ومطالب باستقالتهما أو إقالتهما، بسبب عدم التصريح بمستخدميهما لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ويتعلق الأمر بمصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، الذي من المفروض أن يسهر على ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للأجراء، والثاني هو محمد أمكراز، وزير الشغل والإدماج المهني، الوصي على تنفيذ قوانين الشغل، ورئيس المجلس الإداري للصندوق. في هذا الملف نستعرض أشهر الفضائح التي عصفت برؤوس وزراء من مناصبهم الحكومية.

يعيش حزب العدالة والتنمية على إيقاع فضيحتين من العيار الثقيل، قد تعصف بوزيرين من منصبيهما الحكومي، ويتعلق الأمر بمصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، والقيادي البارز بالحزب، ومحمد أمكراز، وزير الشغل والإدماج المهني، الكاتب العام لشبيبة الحزب، وذلك بسبب تداعيات عدم التصريح بمستخدمين لديهما بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ووصلت تداعيات الفضيحتين إلى البرلمان، من خلال مطالبة الحكومة بفتح تحقيق في الموضوع.

البرلمان يدخل على الخط
طالب رشيد حموني، النائب البرلماني عن مجموعة التقدم والاشتراكية، خلال جلسة الأسئلة الشفوية التي عقدها مجلس النواب، بحضور الرميد وأمكراز، بفتح تحقيق في تهرب بعض أعضاء الحكومة من التصريح بمستخدمين لديهم بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وتساءل حموني عن مدى استفادة العمال من حقوقهم، في الوقت الذي تعمل فيه الدولة على القيام بمجهود كبير لتعميم التغطية الصحية على الأجراء، مسجلا بكل أسف ما يروج حول عدم تصريح بعض أعضاء الحكومة بالمستخدمين في مكاتبهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي، وأكد على ضرورة فتح تحقيق بخصوص هذا الموضوع وتنوير الرأي العام. وأضاف النائب البرلماني عن مجموعة التقدم والاشتراكية «إن كانت هذه المعطيات صحيحة فهي فضيحة كبرى للحكومة»، متسائلا: «كيف للحكومة أن تطالب الشركات بتسجيل المستخدمين في الضمان الاجتماعي، وبعض أعضائها لا يلتزمون بالقانون؟». وأثناء رده على سؤال النائب البرلماني، تهرب أمكراز من تقديم توضيحات، وظهرت عليه علامات الارتباك عندما تطرق حموني إلى هذا الموضوع في الجلسة البرلمانية.

هل سيستقيل الرميد وأمكراز؟
ما زالت تداعيات الفضيحتين تتواصل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث طالب عدد من النشطاء باستقالة الوزيرين على خلفية تورطهما في التملص من التصريح بمستخدمين لديهما بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فيما وصلت فضيحة الرميد إلى صحف عالمية التي تناولت هذا الموضوع، خاصة أن الرميد يشغل حقيبة وزارية جد حساسة، وهي الوزارة المكلفة بحقوق الإنسان، ويترافع بالمنتديات والمحافل الدولية للدفاع عن الملفات الحقوقية التي تخص المغرب، ومنها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمال والمستخدمين. ووجد الوزير نفسه أمام عاصفة من الانتقادات، لأنه يشغل منصبا مهما في هيكلة الحكومة، ممثلا في الإشراف على حقيبة حقوق الإنسان، ويمثل المغرب في المحافل والمنتديات الدولية للدفاع عن الملفات الحقوقية، ومنها حقوق العمال والمستخدمين في التغطية الاجتماعية والصحية، لكن حدث وفاة مستخدمة كانت تشتغل بمكتبه للمحاماة منذ 24 سنة، كشف أنه لم يصرح به لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ما حرمها من حقوقها خلال حياتها وبعد وفاتها قبل أيام. واعتبر رواد مواقع التواصل الاجتماعي، أن عدم تسجيل مستخدمة لدى الرميد يمس سمعة المغرب الحقوقية في المحافل الدولية، ولذلك عليه تقديم استقالته من منصبه الحكومي، خاصة أنه هدد عدة مرات بتقديم استقالته من المنصب، بسبب ملفات أقل أهمية من هذه الفضيحة المدوية.
وبدوره تساءل إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في اجتماع مع أعضاء المجلس الوطني بجهة الشرق، عن «كيف لوزير حقوق الإنسان أن يكون هو من يخرق حقوق الإنسان، عندما يحتفظ بأجيرة لديه في المكتب لمدة 24 سنة ولا يضمن لها حتى الضمان الاجتماعي؟». وأضاف لشكر «كيف سيقف وزير الدولة غدا أمام المحافل الدولية للجواب عن الشكايات التي تطرح عليه، لأن اليوم مع الثورة الرقمية أصبح العالم قرية صغيرة والخبر يصل بسرعة، وسيكون من الصعب على وزير مكلف بحقوق الإنسان أن يكون ممثلا للمغرب هناك، وهو أول من يضرب أولا هذه الحريات والحقوق؟».

محاولات لدرء الفضيحة
طغت فضيحة الرميد وأمكراز على اجتماع الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، وكشفت المصادر أن قيادة الحزب تسابق الزمن لاحتواء تداعيات الفضيحة على سمعة الحزب، سيما أن الرميد يشغل منصب وزير مكلف بحقوق الإنسان، وقيادي بارز بالحزب، وأمكراز يشغل منصب وزير مكلف بالشغل، ويسهر على تنفيذ قوانين تتعلق بالحماية الاجتماعية للعمال، ما يضعهما في موقف حرج. وأكد مصدر قيادي أن هذا الموضوع أخذ وقتا طويلا من النقاش، خلال الاجتماع، حيث تقرر إحالة ملف أمكراز كذلك على لجنة النزاهة والشفافية، بعدما طلب الرميد سابقا إحالة ملفه على اللجنة التي يترأسها بنفسه.
وبعد تفجر الفضيحة، سارع المسؤول القانوني لمكتب المحاماة الذي يملكه أمكراز بمدينة أكادير إلى تسجيل مستخدميه، يوم الجمعة 19 يونيو الجاري، وذلك بعد تفجر فضيحة زميله في الحزب والحكومة، مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، الذي لم يسجل بدوره كاتبته التي اشتغلت معه لمدة 24 سنة. وحصلت «الأخبار» على معطيات موثوقة، أن المسير القانوني لمكتب أمكراز، لم يصرح بهؤلاء المستخدمين إلا بتاريخ 19 يونيو الجاري، أي بعد عاصفة الانتقادات التي تفجرت في وجه الرميد بسبب عدم التصريح بكاتبته، وذلك في محاولة من الوزير أمكراز احتواء فضيحة عدم تصريحه بمستخدمي مكتبه. والخطير في الأمر أن مكتب أمكراز لا يتوفر على رقم للانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ما يؤكد أنه ظل يشتغل منذ افتتاحه بدون تسجيل مستخدميه في الصندوق، وحصل المكتب على رقم للانخراط، في اليوم نفسه، بأثر رجعي يعود إلى شهر نونبر 2019، وهو التاريخ الذي تسلم فيه المسير القانوني مسؤولية الإشراف على تسيير مكتب أمكراز، بعد تعيين هذا الأخير عضوا في الحكومة. ويواجه الوزير فضيحة أخرى تتعلق بأداء مستحقات مستخدمي مكتبه لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي يترأس مجلسه الإداري، وكذلك غرامات التأخير. وحسب مقتضيات القانون المنظم للضمان الاجتماعي، يجب على جميع المشغلين الذين يستخدمون في المغرب أشخاصا يفرض عليهم هذا النظام، الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ويجب على كل منخرط في الصندوق المذكور أن يبين رقم انخراطه في فاتوراته ورسائله ومذكرات توصياته وتعاريفه وإعلاناته وغيرها، كما يفرض القانون على المنخرطين تسجيل مأجوريهم والمتدربين المهنيين لديهم بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

فاتورة «شكولاتة» أطاحت بالوزير الكروج
ظلت فضيحة ما يعرف بفاتورة «الشكولاتة» تلاحق عبد العظيم الكروج، الوزير المنتدب السابق، المكلف بالتكوين المهني، طيلة مساره السياسي، وهي الفضيحة التي كان السبق لجريدة «الأخبار» في تفجيرها، وأثارت الكثير من الجدل، خاصة بعد إقرار الوزير المعني بوجود خطأ في إرسال الفواتير.
وتعود القصة إلى حين كان الكروج وزيرا للوظيفة العمومية واقتنى كمية من الحلويات والشكولاتة على حساب المال العام، وذلك بمناسبة عقيقة ابنه، وبلغت قيمة الفاتورة 33735.00 درهم من ميزانية الوزارة. وبمجرد تفجر الفضيحة أصبح رأس الوزير مطلوبا، وذلك بعدما نجا بأعجوبة من تعديل حكومي سابق، وكان على رأس المرشحين لمغادرة الحكومة، لكن الفاتورة العجيبة كانت لها الكلمة الأخيرة للإطاحة به من منصبه الحكومي، مباشرة بعد مغادرته وزارة الوظيفة العمومية وتعيينه في منصب وزير منتدب لدى وزير التربية الوطنية والتعليم العالي.
ولم يجد الكروج أية وسيلة للهروب من الفضيحة، بعدما نشرت «الأخبار» نسخة من فاتورة الشكولاتة التي اقتناها بمناسبة وضع زوجته لمولودهما داخل مصحة خاصة، وذلك يوم 10 أكتوبر 2013، والذي تزامن مع مغادرته لوزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، بعد تعيينه في نفس اليوم وزيرا منتدبا لدى وزير التربية الوطنية. وحاول الكروج تبرير أداء قيمة الفاتورة من المال العام بوقوع خطأ، لكن المبرر كان بمثابة «عذر أقبح من الزلة»، عندما حمل المسؤولية لوالدته، بدعوى أنها كلفت السائق الخاص للوزارة باقتناء كمية من الحلويات والشكولاتة من نفس المحل الذي تتعامل معه وزارة الوظيفة العمومية، مؤكدا أن سائقه الخاص كان متواجدا بالمصحة التي وضعت بها زوجته مولودهما، وهو الذي اقتنى الطلبيات المتضمنة في الفاتورة، وأضاف: «عندما لاحظت صاحبة المحل السائق الخاص للوزارة، اعتقدت أن الأمر يهم طلب الوزارة، ووقع خطأ ولبس في إرسال الفاتورة». وأكد الكروج أن عائلته لم تتوصل بالفاتورة، وبعد مرور حوالي ثلاثة أسابيع، قامت عائلته باستدراك الخطأ، وذلك بتسوية قيمة الفاتورة مع المحل التجاري المذكور.
وبخصوص الفاتورة التي نشرتها «الأخبار»، استغرب الكروج لكيفية وصولها إلى الوزارة، وقال: «بعد نشر الفاتورة، استفسرت العائلة، وأكدوا لي فعلا أنهم اقتنوا ذلك من نفس المحل التجاري الذي تتعامل معه الوزارة، وبعد التحريات التي قمت بها، اتضح أنه وقع لبس لدى المحل، ووقع خلط في الفواتير، لأن أصحاب المحل يعرفون السائق يعمل معي في الوزارة، واعتقدوا أن الوزارة هي التي طلبت ذلك». واعترف الكروج بارتكابه لخطأ لأنه لم يعط للموضوع أهمية، وأرجع ذلك إلى ضعف سياسته التواصلية التي كانت دائما مرتبطة بالقطاع الحكومي الذي يشرف عليه.
وإثر نشر «الأخبار» للفاتورة، طلب كل من رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، وامحند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، بفتح تحقيق في الموضوع، ووجه بنكيران رسالة إلى المفتش العام لوزارة الوظيفة العمومية، ومدير الموارد البشرية بالوزارة، وطلب منهما إجراء افتحاص للمشتريات التي تمت في عهد الكروج، وأكد العنصر، آنذاك، أنه سيطرد الكروج من الحزب ويطلب منه الخروج من الحكومة، إذا تأكد أنه هو صاحب الطلب، وفعلا أفضت التحقيقات إلى أن قيمة الفاتورة تمت تأديتها من المال العام.

فضيحة عدم التصريح بالمستخدمين تلاحق الرميد وأمكراز
طالب برلمانيون، من مجلسي النواب والمستشارين، بإخضاع الوزيرين المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بالعلاقات مع البرلمان وحقوق الإنسان، ومحمد أمكراز، وزير الشغل والإدماج المهني، إلى المساءلة البرلمانية على خلفية الفضيحة المرتبطة بعدم تصريحهما بمستخدميهما في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، واعتبر البرلمانيون خلال جلسة للأسئلة الشفوية بالبرلمان، أن المسؤولية السياسية والأخلاقية قائمة في حق الوزيرين، وقد أخلا بها من خلال تضييع حقوق مستخدميهما الاجتماعية، وهو الأمر الذي يستوجب تشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق في الموضوع من باب المساءلة البرلمانية للوزيرين.
وتساءل البرلمانيون ومنهم ممثلون لأحزاب في الأغلبية، عن مدى احترام الوزراء في الحكومة ومنهم رئيسها سعد الدين العثماني، تسوية الوضعية القانونية لمستخدميهم إزاء الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والاستفادة من التغطية الصحية، والتقاعد التكميلي. وقد طرح عز الدين زكري، المستشار البرلماني عن نقابة الاتحاد المغربي للشغل، ورجاء كساب، من الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، بمجلس المستشارين، قضية الوزراء الذين تخلفوا عن التصريح بمستخدميهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وطالبوا باستقالتهم.
من جانبها طالبت مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في مجلس المستشارين بمساءلة محمد أمكراز، وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية عن عدم احترام الحقوق الاجتماعية للأجراء والمستخدمين لديه، قبل أن يصدر الجواب من مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، والعلاقات مع المجتمع المدني والبرلمان، الذي قال ردا على سؤال المجموعة النقابية بأن الوزير أمكراز يرفض الجواب، وهو ما اعتبرته مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل احتقارا من هذا الأخير.
الرميد كان قد أكد عدم استعداد أمكراز، للإجابة عن طلب مجموعة الكونفدرالية، حول موضوع «ظاهرة عدم التصريح بالأجراء لدى صندوق الضمان الاجتماعي»، وعلل ذلك بكون «وزير الشغل والإدماج المهني، عبر عن عدم استعداده للجواب على الطلب المقدم»، لكون «مقتضيات المادة 162 من النظام الداخلي، لمجلس المستشارين، والتي تخول للمستشارين والمستشارات الحق في تناول الكلمة في نهاية الجلسة المخصصة للأسئلة الشفهية، لإثارة موضوع عام وطارئ، على أن تبرمج الطلبات باتفاق مع الحكومة».
المستشار البرلماني مبارك الصادي، منسق مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، قال في معرض رده على إخبار رئيس جلسة الأسئلة الشفهية التي عقدت بمجلس المستشارين، إن «جواب وزير الدولة فيه احتقار لمؤسسة البرلمان الذي من مهامه (البرلمان) الرقابة على الحكومة»، مضيفا « إنه تفعيلا للمادة 168 التي كان عليها الإجماع لنقل النقاش العمومي داخل البرلمان تم استدعاء وزير الشغل لأنه المعني المباشر».
ولم يقف الجدل الذي طرحته فضيحتا الوزيرين عن حزب العدالة والتنمية، الرميد وأمكراز، عند حدود المؤسسة التشريعية، بل وصل إلى ثنايا أول جلسة من جلسات الحوار الاجتماعي ثلاثي الأطراف بين الحكومة والمركزيات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، وهي الجلسة التي احتضنها مقر رئاسة الحكومة الأسبوع الماضي، وقالت مصادر نقابية حضرت الاجتماع، إن الوزير محمد أمكراز وجد نفسه في موقف لا يحسد عليه، بعد مداخلات ممثلي المركزيات النقابية خلال الاجتماع والتي حملت الكثير من الانتقاد للحكومة وحملتها مسؤولية المساس بالحقوق الاجتماعية للأجراء.

يتيم طلق الوزارة وزوجته الأولى لأجل عيني مدلكته الشابة
شهدت حكومة سعد الدين العثماني أشهر قصة غرامية بين الوزير السابق للتشغيل، والقيادي البارز بحزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح، وبين ممرضة كانت مكلفة بتدليك رجله إثر إصابته بكسر، وانتهت القصة بطلاق يتيم من الوزارة ومن زوجته الأولى التي ضحت معه لمدة 40 سنة، وفضل الزواج من مدلكته المدللة.
وأثارت القصة الغرامية للوزير والمدلكة الكثير من الجدل، منذ صور وشريط يوثق لتجواله برفقتها بالعاصمة الفرنسية باريس، وهو يمسك بيدها في ساعة متأخرة من الليل، رغم أنهما لم يوثقا عقد زواجهما رسميا، كما أن يتيم لم يباشر إجراءات الطلاق من زوجته الأولى، بعدما رفضت الإذن له بالتعدد. ووجد الوزير السابق نفسه في عين العاصفة، بعد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي للصور والشريط على نطاق واسع، حيث سارع في البداية إلى إنكار العلاقة، وأصدر بيان حقيقة نفى من خلاله نيته الزواج من «مدلكته»، كما عبر عن رفضه لتعدد الزواج، مشيرا إلى أن «الزواج من زوجة ثانية له مسطرة يتعين على الراغب فيه أن يتبعها، ولا شيء من ذلك قد وقع، وأنه لو أن شيئا من ذلك وقع أو كان سيقع، فإنه سيتحمل كامل مسؤوليته في تأكيده والإعلان عنه»، لكنه خرج بعد ذلك، بتوضيح يتناقض تماما مع ما ورد في البيان سالف الذكر، يؤكد فيه أنه تقدم لخطبة الفتاة التي ظهرت معه في صور بالعاصمة الفرنسية باريس، أثناء تأطيره لنشاط حزبي.
وخلق هذا الموضوع الكثير من الحرج لزملائه في الحزب وذراعه الدعوية، حركة التوحيد والإصلاح، ففي الوقت الذي تجاهلت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية الضجة المثارة حول خطبة يتيم لإحدى الشابات وتجواله معها في مدينة باريس دون عقد زواج، أدانت حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوية للحزب، والتي ينتمي إليها يتيم، تصرفه واعتبرته من «الأخطاء غير المقبولة»، موضحة أن «أخطاء يتيم جعلته يخل ببعض ضوابط الخطبة وحدودها، ويتصرف بما لا يليق بمقامه، ويضع نفسه في مواطن الشبهة. وهو ما تم تنبيهه إليه»، حسب بلاغ للحركة، أما أعضاء بالحزب فقد طالبوا قيادة الحزب باتخاذ إجراءات تأديبية في حقه، بإقالته من الأمانة العامة والحكومة، على غرار «الكوبل» الوزاري، الحبيب الشوباني، وسمية بنخلدون، و«الكوبل» الدعوي، فاطمة النجار، وعمر بنحماد.
وفعلا غادر يتيم الحكومة في التعديل الوزاري الأخير، ولجأ إلى محكمة الأسرة بمدينة سلا، التي أصدرت حكمها في الدعوى التي رفعها الوزير السابق من أجل تطليق زوجته الأولى، التي قضت معه 40 سنة، قبل أن يصبح وزيرا، وقضت المحكمة بتطليق زوجة يتيم، حتى يتسنى له الزواج من «مدلكته» الشابة. وتضمن المنطوق القضائي أيضا، الحكم لطليقة يتيم بمبلغ مالي حددت قيمته في 30 مليون سنتيم، مقابل متعة الزوجة، كما اعتبرت المحكمة «بيت الزوجية هو سكن العدة». ولجأ يتيم إلى تطليق زوجته، بعد رفضها السماح له بالزواج من الممرضة التي كانت تتردد على منزله لـ«تدليك» رجله، إثر إصابته بكسر. وكان مقطع فيديو سابق لمحمد يتيم رفقة شابة ثلاثينية، وهما يمسكان يدي بعضهما البعض ويتجولان في أحد شوارع العاصمة الفرنسية باريس، قد أثار ضجة كبيرة، بعد أن تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع.

الوزيرة بنخلدون.. طلقت الوزارة من أجل الشوباني
الوزيرة سمية بنخلدون، التي تم إعفاؤها من منصبها بوزارة التعليم العالي، بناء على طلب استقالتها، تكون قد طلقت زوجها السابق وطلقت الوزارة من أجل عيني زوجها الحالي الوزير المعفى من مهامه بدوره، الحبيب الشوباني، رغم أنها كانت حديثة التعيين في النسخة الثانية من الحكومة السابقة، بعد قصة مثيرة لخطوبتها من زميلها في الحكومة، الذي يترأس حاليا مجلس جهة درعة تافيلالت.
وبرز اسم بنخلدون بشكل كبير عندما عينها «خطيبها» الشوباني في منصب مديرة ديوانه، إلى أن حصلت على حقيبة وزارية بعد التعديل الحكومي، ما أثار جدلا بعد رفض الخازن العام للمملكة التأشير على أجرتها، لكونها استفادت من تعويضات المغادرة الطوعية، وظلت تشتغل منذ تعيينها بدون أجرة رسمية، وكانت تحصل على تعويضاتها من ديوان رئيس الحكومة. وحسب مصادر من وزارة العلاقات مع البرلمان، فإن بنخلدون اكتسبت خبرة كبيرة بديوان الشوباني، من خلال اطلاعها من قريب على ملفات كبيرة وطنيا، واطلاعها على طريقة اشتغال المجالس الحكومية، وعلاقات الحكومة بالمؤسسة التشريعية، وكانت توصف داخل الوزارة بأنها «هي الوزيرة الفعلية».
وتبين من وثيقة طلاق سمية بنخلدون، الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أنها هي التي بادرت إلى طلب الطلاق من زوجها السابق، قبل موافقتها على الزواج من الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، حيث أصدرت المحكمة الابتدائية بالقنيطرة، في جلستها العلنية وهي تبت في قضايا الأسرة، حكما بتوثيق عقد طلاق بنخلدون من زوجها عبد اللطيف البوزيدي، وذلك تحت عدد 2554/2014 في إطار ملف الطلاق الخلعي رقم 2766/1608/2014.
وحسب الوثيقة، فإن بنخلدون هي التي طلبت الطلاق ورفعت بواسطة دفاعها البرلمانية رقية الرميد، مقالا افتتاحيا للدعوى، مسجلا بكتابة الضبط بتاريخ 24 نونبر 2014، والذي تعرض فيه أنها متزوجة بالمدعى عليه، وأن الحياة الزوجية بينهما أصبحت مستحيلة، بشكل يتعذر استمرارها نظرا لعدة مشاكل، والتمست من المحكمة الإذن لها بالطلاق خلعيا من زوجها طبقا للمادة 115 من مدونة الأسرة وما بعدها، مع النفاذ المعجل وتحميله الصائر، وقام قاضي الأسرة لدى المحكمة الابتدائية بعقد جلسة للصلح بين الطرفين، وتم إدراج الملف بجلسة الصلح بتاريخ 1 دجنبر، حضرت الزوجة رفقة دفاعها رقية الرميد، وحضر الزوج ودفاعها، وأفادا بأنهما متزوجان منذ سنة 1983، ولهما ابنان راشدان.
وبعدما عرض عليهما القاضي الصلح، رفضت بنخلدون وأصرت على طلبها الطلاق، كما أن الزوج بدوره لم يمانع في طلاق زوجته طلاقا خلعيا، إذا بقيت مصرة على ذلك، لكنه تقدم أمام المحكمة بشرط أن تمنحه أجلا كافيا لتسديد قيمة الثلثين اللذين تملكهما في بيت الزوجية بعد تقويم قيمة العقار بكامله. وخلال نفس الجلسة، صرحت بنخلدون أنها تتنازل عن كافة حقوقها ومستحقاتها المترتبة عن الطلاق، والتي تحددها مدونة الأسرة في الصداق المؤخر إن وجد، ونفقة العدة، والمتعة التي يراعى في تقديرها فترة الزواج والوضعية المالية للزوج، وأسباب الطلاق، ومدى تعسف الزوج في توقيعه، لكن الوزيرة تشبثت بنصيبها من المنزل الذي كانت تقيم فيه رفقة زوجها، ووافقت له على الشرط الذي تقدم به، بعد تقويم العقار بواسطة خبير عقاري يتم انتدابه تحت نفقتهما معا، ووافقت على منحه سنة كاملة ابتداء من تاريخ توثيق طلاقهما الخلعي أمام العدلين، من أجل الحصول على نصيبها من المنزل، وبعد فشل جلسة الصلح، تقدمت النيابة العامة بملتمس يرمي إلى تطبيق القانون.
وبناء عليه، واستنادا إلى المادتين 114 و115 من مدونة الأسرة، صرحت المحكمة للزوجين بتوثيق الطلاق الخلعي لدى عدلين منتصبين للإشهاد داخل نفوذ محكمة الأسرة بالقنيطرة، بعد حضورهما معا طبقا للقواعد المنصوص عليها في مدونة الأسرة، مع الإشهاد على تنازل الزوجة عن مستحقاتها الشرعية المترتبة عن الطلاق، وتم إدراج الملف بجلسة المحكمة بتاريخ 13 يناير 2015، لاستكمال جميع إجراءات الطلاق، بعدما اشترطت عليهما الإدلاء بنسخة من عقد الزواج المسجل بتاريخ 10 غشت 1983 والمسجل تحت عدد 557 في كناش الأنكحة رقم 1 بمحكمة الرباط.

صفقات عصفت برأس الشوباني من الحكومة
أدى الحبيب الشوباني، الوزير السابق المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، ثمن ارتباطه بزميلته في الحزب والحكومة، سمية بنخلدون، الوزيرة المنتدبة المكلفة بالتعليم العالي، وتزامن انتشار خبر زواج الوزير بالوزيرة، مع الفضائح التي كشفتها «الأخبار» بخصوص الاختلالات التي شابت صفقات الحوار الوطني حول المجتمع المدني، والذي استفادت منه شركات في ملكية قياديين بارزين بحزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح.
وكشفت «الأخبار» عن لائحة الشركات المملوكة لقياديين بحزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح، التي استفادت من صفقات «الحوار الوطني»، الذي كان يشرف عليه الشوباني، ويتعلق الأمر بشركة «وصلة» للإعلاميات وهي مملوكة لعصام العمراني قريب القيادي بالحزب سليمان العمراني بمبلغ يقارب 20 مليون سنتيم، وهي شركة مقرها بحي كريمة بمدينة سلا، تحمل رقم السجل التجاري 15281 بالمحكمة الابتدائية سلا، وشركة «lina événement» وهي في ملكية القيادي بالحزب ادريس بوانو، شقيق عبد الله بوانو، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، استفادت من صفقة من أجل طبع المطويات الخاصة بالحوار الوطني حول المجتمع المدني، وبلغت قيمة الصفقة التي حصلت عليها شركة بوانو مبلغ 34 مليون و732 ألف سنتيم، ورقم سجلها التجاري 60639 بالمحكمة التجارية بالرباط.
كما استفادت شركة «إبداع» للإنتاج السمعي البصري وهي في ملكية الطاهر العبدلاوي العضو بحركة التوحيد والإصلاح، من صفقة التصوير والتوثيق، التي بلغت قيمتها المالية 347724.00 (34 مليون و772 ألف سنتيم)، وهي الشركة نفسها التي أنجزت 6 وصلات إشهارية لحزب العدالة والتنمية خلال حملته الانتخابية سنة 2011، وأنجزت أشرطة والقيام بأعمال التصوير لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب وحركة التوحيد والإصلاح، ومنظمة التجديد الطلابي، ومنتدى الزهراء للمرأة المغربية، وهي كلها أذرع موالية لحزب العدالة والتنمية وحركته الدعوية، كما فازت بصفقة سابقة من مجلس مقاطعة أكدال الذي يترأسه رضا بنخلدون، البرلماني وعضو الأمانة للحزب، بالإضافة إلى شركة «ciel media» وهي في ملكية ابن أخت بلاجي شريك لمحمد العلوي الإسماعيلي الذي كان يعمل مستشارا بديوان الشوباني، واستفادت من صفقة طبع جزء من وثائق ولافتات الحوار الوطني حول المجتمع المدني، وكذلك كتاب حصيلة عمل الوزارة، وهذه الشركة المسجلة بالسجل التجاري رقم 89285 بالمحكمة التجارية بالرباط، كما استفادت من صفقات الحوار بعشرات الملايين من السنتيمات، شركة للطباعة في ملكية صديق الشوباني وعضو بالحزب، وتكلفت بطبع وثائق الحوار الوطني، كما استفادت شركة أخرى تكلفت بتصوير الأنشطة الأولى في الحوار وإنتاج الوصلة الإشهارية الأولى له وهي في ملكية عضو سابق بقسم الإعلام بحزب العدالة والتنمية وزوجته كانت مكلفة بالدراسات بديوان الشوباني، وبلغت قيمة الصفقة حوالي 20 مليون سنتيم.
ومباشرة بعد نشر تفاصيل تفويت هذه الصفقات معززة بالوثائق، أكد الشوباني، ما نشرته «الأخبار» بخصوص منح صفقات الحوار الوطني حول المجتمع المدني إلى شركات في ملكية أعضاء بحزب العدالة والتنمية وذراعه الدعوية حركة التوحيد والإصلاح، معتبرا أن هذه الشركات «صغيرة» ومن حقها الحصول على صفقات «الحوار الوطني» لكونها مستوفية للشروط القانونية. ونفى الشوباني مسؤوليته في اختيار الشركات التي حصلت على صفقات الوزارة والحوار الوطني حول المجتمع المدني، وأوضح في بيان له، أن اختيار الشركات لتقديم خدمات للوزارة، عمل لا علاقة للوزير به، إذ بعد أن يوافق الوزير على نوعية الخدمة المطلوبة، لا يتدخل في تحديد أو اختيار الشركات، لكون ذلك يدخل في صميم مهام المصالح الإدارية والمالية المختصة بالوزارة.
وبخصوص حصول أعضاء وقياديين بارزين بحزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح، على صفقات «الحوار الوطني»، بينهم شقيق عبد الله بوانو، رئيس فريق الحزب بمجلس النواب، أفاد الشوباني بأن الوزارة لا تبحث في هوية أصحاب الشركات ولا في انتماءاتهم الحزبية وغيرها، وإنما تتعرف فقط على مهنيتها من خلال قيام المصالح الإدارية المختصة بالنظر في عروض أثمانها وفي قدرتها وجاهزيتها لتنفيذ الخدمات الملتزم بها، مشيرا إلى أن مجموع الشركات التي قدمت خدمات لتنفيذ فعاليات الحوار الوطني حول المجتمع المدني، الممتد من 13 مارس 2013 إلى 15 ماي 2014، بلغت 176 مقاولة وشركة، منها أربع شركات صغرى فقط، كشفت «الأخبار» أنها مقربة من حزب العدالة والتنمية.

3 أسئلة لمحمد زين الدين أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالمحمدية : «على المسؤول الحكومي احترام القانون والدستور قبل المواطن العادي على اعتبار أنه يمثل البلد برمته»

1 – ما مدى مسؤولية الوزيرين أمكراز والرميد السياسية في الفضيحة الأخيرة المرتبطة بعدم تصريحهما بأجرائهما في الضمان الاجتماعي؟
في تقديري، فإن عمل الوزراء في الحكومة الحالية اتسم خلال هذه الفترة بثلاث حالات عامة، ويمكن أن تنقسم بين الوزراء الذين اشتغلوا بجد خلال هذه الفترة دون تسجيل أخطاء، بل ونجحوا في تدبير قطاعاتهم خلال هذه المرحلة، والحديث هنا بالتحديد عن أربعة وزراء وهم وزير التجارة والصناعة، مولاي حفيظ العلمي، ووزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، بالإضافة إلى وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، ووزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي، سعيد أمزازي، في حين تتمثل الفئة الثانية في أولائك الوزراء الذين اختاروا الركون إلى عدم المبادرة أو اتخاذ أي قرارات خلال هذه الأزمة، مخافة الوقوع في أخطاء غير مقبولة، وقد اشتغلت هذه الفئة من الوزراء بمنطق « كم حاجة قضيناها بتركها»، أما بخصوص الفئة الثالثة، فهم الوزراء الذين راكموا عددا من الأخطاء خلال هذه الفترة، وهذه الأخطاء تكون إما مرتبطة بقلة التجربة أو الحس السياسي، وكذلك تكون مرتبطة بغياب وقلة الحنكة في تسيير القطاعات التي يشرفون عليها، ومن هذا الأخطاء تلك المرتبطة كذلك بغياب الاستشارة والتنسيق، ومنها ما سجله الوزيران، محمد أمكراز، ومصطفى الرميد، من أخطاء ارتبطت كما ذكرت، بقلة الحنكة السياسية، وهذا قد تمثل كذلك في عدد من الملفات والأخطاء التي لاحقت وزراء الحكومة السابقة التي كان يرأسها عبد الإله بنكيران، وهي الأخطاء التي أدت إلى إعفاء أصحابها.

2 – هل من الممكن أن تؤدي أخطاء الوزيرين إلى إقالتهما؟
بطبيعة الحال إنه بالنظر إلى المبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة، فإن أخطاء المسؤولين الكبار محط المساءلة، وبالنظر إلى أن الملف يتعلق بوزيرين على ارتباط بجانب محل الخطأ، إذ أن مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، ومن هذه الحقوق، الحقوق الاجتماعية، وبدوره الوزير أمكراز، وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، و من موقع اعتباره رئيس مجلس إدارة صندوق الضمان الاجتماعي، فإنه المطالب بقوة باحترام حقوق الأجراء الاجتماعية بالحصول على التسجيل في الضمان الاجتماعي، وقد رأينا كيف أن وزراء تعرضوا للعزل بسبب أخطاء، كما كان الشأن مع الوزير عبد العظيم الكروج، وفضيحة «الشكلاط»، والوزير محمد أوزين، ومشكل الملعب، والوزيرين بنخلدون والشوباني، وغيرهم، وبالتالي فإن هذه الأخطاء موجبة للعزل، لأن ممارسة السياسة خصوصا في مناصب المسؤولية تقتضي الكثير من الحنكة والتبصر، وتجنب الوقوع في الأخطاء الهامشية التي من شأنها زعزعة ثقة المواطنين في السياسية بشكل عام. ومن هذا المنطلق، يمكن التأكيد على أن سلطة الإعفاء تبقى حسب الدستور بيد الملك، وإن شاء قرر إعفاء الوزيرين المذكورين للأسباب التي أشرت لها.

3 – ما دواعي تكرار أخطاء بعض الوزراء في الحكومة الحالية كما في السابقة؟
يجب الإشارة كما ذكرت، إلى أن الحكومة الحالية وحتى التي سبقتها لا يتوفر فيها ذلك الخيط الناظم، وإن كانت هذه يجب أن تكون وظيفة ومهمة رئيس الحكومة إلا أننا لاحظنا كيف أن الحكومات السابقة كانت تتوفر على ما يمكن أن نصفهم برجالات الدولة أو الحكماء، الذين من شأنهم ضمان تجنب أخطاء مجانية وتؤثر على سير الحكومة بشكل عام. إن المسؤول الحكومي عليه أن يحترم القانون والدستور، قبل المواطن العادي، على اعتبار أنه يمثل البلد برمته، ولذلك فإن أخطاء الوزراء تتحول إلى قضايا رأي عام، والرأي العام المغربي ليس كباقيه في عدد من الدول، فهو شديد التفاعل مع هذه المواضيع، وهنا تبرز أهمية مستشاري الوزراء، والذين بالمناسبة وجب إعادة تحديد معايير توظيفهم بما يتماشى وخدمة وظيفة التواصل وتقديم المشورة القانونية والعملية للمسؤول الحكومي، وعدم الاكتفاء بمعيار القرب السياسي من الوزير كأن يكون فقط من حزب حتى يحصل على هذا المنصب حيث تؤدى له أجره وتعويضات من ميزانية الدولة وأموال دافعي الضرائب، فيجب الاعتماد على الكفاءات لهذه المناصب، كما يجب الابتعاد عن منطق الترضيات والولاءات السياسية.

فضيحة «الكراطة» تنزع وزارة الشباب والرياضة من يدي أوزين
أكبر فضيحة عرفتها الحكومة السابقة، هي فضيحة «الجفّاف» و«الكراطة» التي شهدها ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، أثناء إجراء إحدى مباريات كأس العالم للأندية في كرة القدم، حيث كشفت الأمطار حالة الغش والتلاعب في صفقة إصلاح المركب الرياضي، وأفضى التحقيق الشامل والعميق الذي أمر به الملك محمد السادس إلى تحميل وزير الشباب والرياضة الأسبق، محمد أوزين، المسؤولية السياسية والإدارية حول هذه الفضيحة، التي بقيت تلاحقه حتى بعد مغادرته كرسي الحكومة وحصوله على مقعد برلماني خلال الولاية الحالية.
ومباشرة بعد تفجر الفضيحة التي هزت الرأي العام الوطني والدولي، سارع أوزين إلى تقديم طلب إعفائه من مهامه، وهو الطلب الذي وافق عليه الملك محمد السادس، وبعد هذا القرار خرجت جمعيات حقوقية وجمعيات تهتم بحماية المال العام، لمطالبة رئيس الحكومة السابق بالكشف عن نتائج التحقيق حول الاختلالات والغش التي كانت وراء غرق الملعب، كما طالبت بتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، تنفيذا للاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي صادق عليها المغرب، واعتبرت طي الملف دون نشر التحقيق يعد تواطؤا مع الجهات التي تورطت في هذه الفضيحة.
وقبل إعفاء أوزين، نشرت «الأخبار» تفاصيل فضيحة ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، التي أكدت وجود اختلالات خطيرة همت جميع مكونات الصفقة وكذا جل مراحل إنجاز الأشغال، ما جعل مسؤولية وزير الشباب والرياضة السابق، محمد أوزين، قائمة في جميع مراحل الصفقة إلى غاية تفجر الفضيحة التي هزت الرأي العام الوطني، خلال إجراء مباريات كأس العالم للأندية. وهمت هذه الاختلالات بالأساس تغيير نوعية العشب، حيث عمدت الشركة، بإيعاز من مسؤول كبير من وزارة أوزين، إلى استبدال العشب موضوع الصفقة (من نوع برمودا BERMUDA) بعشب آخر (من نوع باتوران دي بري PATURIN DES PRES) الذي يعرف بحساسيته المفرطة وبحاجته الملحة إلى عناية خاصة سواء خلال وضعه أو طيلة فترة استعماله. كما سجلت التحريات أخطاء قاتلة ومتعمدة همت أشغال تهيئة وإعداد الأرضية التي سبقت وضع العشب، حيث أخفقت الشركة كليا في إنجاز منظومة تصريف المياه (système de drainage) بسبب استعمالها لرمال بحرية ملوثة تحتوي على نسبة عالية من الملوحة ومن الطمي والطين الذي حال دون تسرب مياه الأمطار نحو الأعماق وحول الملعب إلى بركة مائية آسنة.
كما أن الشركة التي «رست عليها» صفقة ملعب مولاي عبد الله تعيش حاليا مشاكل عديدة على صعيد بعض المشاريع التي تشرف على إنجازها، كمشروع إنجاز المطرح العمومي بمدينة الصويرة، وهذه المشاكل مرتبطة هي أيضا بمشكل منظومة صرف المياه حيث لم تفلح الشركة في إنجاز هذه الأشغال حسب المعايير التقنية المطلوبة. وأثبتت نتائج التحريات الأولى سوء تدبير صارخ لصفقة المركب الرياضي مولاي عبد الله من طرف المسؤولين التابعين لأوزين، بدءا باختيار الشركة المكلفة بالأشغال ومكتب الدراسات المكلف بالمراقبة، ومرورا باختيار نوع العشب وبالغش الذي طال عملية إعداد أرضية الملعب وإنجاز منظومة تصريف المياه، وانتهاء بتغييب كل آليات المراقبة على صعيد الوزارة المعنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى