الافتتاحية

100 يوم عدة الحكومة

مرت أربعة أيام على شروع حكومة عزيز أخنوش في أداء مهامها بعد حصولها على الثقة البرلمانية المريحة المؤمنة من طرف ثلاثي الأغلبية، ومن البداهة السياسية أن تحصل الحكومة الجديدة على مهلة سماح تمتد إلى 100 يوم كما جرت بذلك الأعراف والتقاليد الديمقراطية، تجري إثر انتهائها تقييماً لأداء الحكومة ورئيسها، وتقرر في ضوئها المعارضة والنقابات والحركات الاحتجاجية كيفية التعامل معها.
وكما حصلت حكومات عبد الرحمن اليوسفي وعباس الفاسي وعبد الاله بنكيران والعثماني على “عدة” سياسية من التسامح، فإن حكومة أخنوش تحتاج كذلك منحها فرصة مائة يوم الأولى لتكوين فكرة أولية عن نوعية قيادة الرئيس الجديد للحكومة، وما إذا كانت لديه خريطة طريق واضحة، لتدبير ولاية تأسيسية مليئة بالرهانات والانتظارات ومحاطة بكثير من التهديدات والمخاطر.
صحيح أن مهلة مائة يوم التي تحتاجها عادة الحكومات، غير كافية لبدء محاسبة حكومة أخنوش واختبار مدى كفاءتها وقدرتها على التغيير والإصلاح واتخاذ قرارات جريئة في تدبير الشأن العام المغربي، لكنها كافية على الأقل للخروج من الزمن الانتخابي، وضمان استئناس الوزراء بالملفات الملقاة على عاتقهم وقادرة كغلاف زمني على منح أعضاء الحكومة فرصة للاحتكاك مع مسارات صنع القرارات داخل قطاعاتهم الوزارية خصوصا إذا علمنا أن ثلثي أعضاء الحكومة المنصبة لم تكن لهم تجارب في تدبير الحكومات.
ولذلك فالمنطق السياسي والتدبير يفترضان أن حكومة أخنوش كغيرها من الحكومات السابقة تحتاج إلى نوع من السلم الاجتماعي والإعلامي لمدة زمنية قصيرة بعيدا عن منطق المعارضة الاستباقية التي تحاكم النوايا، أو الحركات الاجتماعية التي ترغب فقط في التشويش على أداء حكومة لم ينطلق بعد. فكيف مثلا لشكيب بنموسى وزير التعليم مثلا يتخذ قرارات بالإيجاب أو السلب في موضوع أساتذة أطر الأكاديميات وهو لم يمض سوى أقل من أسبوع في مهامه؟
الغريب أننا بدأنا نسمع أصواتا ظلت مصابة بالخرس طيلة عشر سنوات تطالب حكومة أخنوش بتنزيل الوعود حتى قبل تنصيبها، وبمجرد ما تم تعيينها ونالت الضوء الأخضر من البرلمان سمعنا النائب الاستقلالي مضيان الذي يشارك حزبه في الأغلبية الحكومية يطالب بإطلاق سراح معتقلي الاحتجاجات الاجتماعية وكأن الحكومة هي من اعتقلهم وحاكمهم ووضعهم في السجن.
وطبعا فالجميع فهم أن مضيان يصفي حسابا شخصيا برفعه لهذه المطالب لأن طلب استوزاره لم تتم الاستجابة له فقرر أن يردم الخيمة على رؤوس من فيها. وإذا كانت أغلبية أخنوش تتحدث بهذه اللغة فما حاجة الحكومة لمعارضة.
بقي أن نشير إلى الأهم وهو أن فترة السماح لا تعني توقيع شيك على بياض لحكومة أخنوش، ولا تعني أن التعامل مع هاته الحكومة معاملة تمييزية دون غيرها من الحكومات، بل منحها الوقت الطبيعي الكافي لتنزيل وعودها وتجنب استصدار أحكام قيمة سابقة لأوانها حولها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى