شوف تشوف

الرئيسيةمدن

20 ألفا بضواحي فاس يشربون من وادي سبو الملوث بعد غلي مياهه

فاس: محمد الزوهري

تواجه المئات من الأسر بضواحي مدينة فاس، محنة يومية في سبيل توفير حاجياتها الملحة من الماء، ما يحتم عليها اللجوء إلى وادي سبو المجاور صيفا وشتاءً، لأجل ملء حاوياتها بالقدر الذي يكفيها للشرب والنظافة ليوم واحد أو أكثر.
وبسبب شدة تلوثه، يعمد السكان المتضررون إلى غلي الماء الملوث للوادي، ثم ترشيحه بواسطة مصفاة أو قماش من أجل تخليصه من الشوائب الملوثة، قبل شربه على «مضض».
هذا ودأب الأهالي القاطنون بجوار سبو، والمقدر عددهم بحوالي 20 ألف نسمة، على استعمال هذه الطريقة منذ عدة سنوات، في غياب بديل حقيقي، حيث انعدام تام للموارد للطبيعية للمياه العذبة في العيون والآبار، وغياب تدخل المجالس الجماعية المحلية والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب لأجل تزويد منازل السكان بشبكات التوزيع، أو إحداث سقايات عمومية وسط الدواوير المتضررة. في حين يبقى الحل الوحيد لسكان المنطقة، لكي يظلوا على قيد الحياة، هو اللجوء إلى الوادي الملوث.
ورغم إقامة محطات للمعالجة على نهر سبو، خلال الآونة الأخيرة، لم يتم التخلص بعد من مشكل التلوث الحاد الناتج عن أطنان من المخلفات السامة التي تقذفها يوميا منشآت مدينة فاس في مجرى النهر، ما يقض أكثر مضاجع العشرات من سكان الدواوير المحاذية للنهر الذي يمثل مصدر خطر دائم.
إلى ذلك، يتعين على سكان نحو 15 دوارا تابعا لمنطقتي «حمرية» و«بوعلي» و«مكانسة»، تحمل درجة التلوث الحادة التي يعرفها الوادي، وكذا الروائح الكريهة المنبعثة منه لأجل التزود بحاجياتهم من الماء.

sb1
ولا ينفي مصدر من المكتب الوطني للماء الصالح للشرب الصعوبات التي يواجها السكان المعنيون في الحصول على المياه العذبة، بفعل المواد الملوثة السامة التي تصرف في الوادي انطلاقا من مصانع وورشات الحرف والمراكز الصحية بفاس. وتحدث المصدر ذاته عن «مجهودات جارية» لتدارك هذا المشكل عن طريق إحداث محطة ضخمة لتصفية ومعالجة مياه النهر.
وتعتبر إشكالية تلوث مياه سبو مشكلة بيئية مزمنة، بحسب عضو جماعي منتخب حديثا بجماعة حمرية، ما يحتم على كل الأطراف المعنية «التعامل مع هذا الموضوع بالجدية اللازمة»، لكون حق ساكنة المنطقة في الماء الصالح للشرب «يبقى من أولى الأولويات».
ولا تنحصر مخاطر تلوث وادي سبو على استعماله في الشرب فحسب، بل تطول أيضا المجال الفلاحي، حيث تُسقى العشرات من الهكتارات المخصصة للزراعات السقوية بمياه هذا الوادي، ما دفع الفلاحين إلى إقامة «ناعورات» لرفع الماء من النهر. وبسبب الأخطار المحدقة بمياه الوادي، فقد سبق لفدرالية فلاحية بالمنطقة أن تقدمت في وقت سابق بشكاية إلى المصالح القضائية المعنية تتهم فيها الجماعة الحضرية لفاس، بـ «التسبب في تلوث النهر والتقصير في الحد منه».
وفي ظل هذا الوضع، تتواصل محنة الأهالي المقيمين بجوار وادي سبو، على الأقل في المنظور القريب، بفعل استمرار افتقادهم لمياه صالحة للشرب، لذلك سيبقى أملهم متوقفا على مدى تدخل المصالح المعنية لتمكين حوالي 20 ألف نسمة من مياه لائقة تضمن لهم سبل الكرامة والمواطنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى