
الأخبار
أكدت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» أن المتورطين في ملف التلاعب في برنامج إعادة الإسكان بتمارة، وتحديدا ملفات الربط بشبكة الماء والكهرباء بعد الهدم والترحيل، مثلوا، زوال أول أمس الأربعاء، في حالة اعتقال أمام الهيئة القضائية بغرفة جرائم الأموال الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، وذلك من أجل شوط جديد من التقاضي، بعد حسم المرحلة الابتدائية التي أنهتها غرفة الجنايات الابتدائية أموال بإصدار عقوبات سالبة للحرية في حق المتهمين الأربعة في الملف، بينهم مسؤول بشركة «ريضال» وإطار بمكتب موثق بتمارة إضافة إلى سمسار.
واضطرت الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الاستئنافية أموال، بمحكمة الاستئناف بالرباط، أول أمس، لإرجاء مناقشة الملف إلى نهاية الشهر الجاري، بسبب تخلف دفاع بعض المتهمين عن الحضور لأسباب خاصة.
ويرتقب أن تشهد مناقشة الملف أطوارا مثيرة، إسوة بالمرحلة الابتدائية، بالنظر إلى كثرة الضحايا الذين تعرضوا للنصب، وتضارب التصريحات بخصوص التلاعب في إعداد ملفات الربط بالماء والكهرباء لصالح الساكنة التي تم ترحيلها من دواوير صفيحية إلى عمارات سكنية بالصخيرات.
وكانت الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الابتدائية أموال بالرباط أدانت، في فبراير الماضي، المتهمين في هذه القضية المثيرة، وهم مستخدم بشركة «ريضال» ومساعد موثق ومتهمون آخرون بأحكام قضائية تراوحت بين البراءة وأربع سنوات حبسا نافذا، بعدما تابعتهم القاضية المكلفة بالتحقيق في جرائم الفساد المالي بتهم ثقيلة، وهي تبديد أموال والإرشاء والارتشاء.
وضمن تفاصيل الأحكام، أدانت الهيئة القضائية المتهم الرئيسي في الملف، وهو مستخدم بشركة «ريضال» بأربع سنوات حبسا نافذا و30 ألف درهم غرامة مالية، وأدانت شريكه، وهو مساعد موثق، بسنتين حبسا نافذا وغرامة مالية تقدر بخمسين ألف درهم، فيما أدانت المتهم الثالث، وهو بائع متجول بسنة واحدة حبسا نافذة، في حدود 10 أشهر وموقوفة التنفيذ في الباقي، أما المتهم الرابع، وهو تقني كهربائي توبع في حالة سراح على خلاف المتهمين الثلاثة الآخرين الذين توبعوا في حالة اعتقال، فحصل على البراءة.
وكانت عناصر الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بالرباط أحالت، في الثامن من يونيو سنة 2024، ستة أشخاص على أنظار النيابة العامة المختصة بمحكمة جرائم الأموال بالرباط، على خلفية تبديد أموال عمومية بشركة «ريضال» والإرشاء والارتشاء والمشاركة، وهي الفضيحة التي تفجرت بعمالة تمارة تزامنا مع تنزيل برنامج إعادة إسكان قاطني دور الصفيح الذين يقدر عددهم بالآلاف.
المتهمون المعنيون، الذين تم عرضهم على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، يتقدمهم مستخدم بشركة «ريضال» بتمارة، رفقة مساعد موثق وبائعين متجولين وتقنيين كهربائيين، كانوا خضعوا لأبحاث تمهيدية، بناء على شكاية تقدمت بها الشركة المعنية، تتعلق بجريمة تلاعب جد خطيرة، مكنت المستخدم المشتبه فيه من جني الملايين من مواطنين معنيين ببرنامج القضاء على دور الصفيح وإعادة الإسكان بتمارة، بعد هدم براريكهم وترحيلهم صوب جماعتي تامسنا والصخيرات.
وتفيد التحريات الأولية بأن الضحايا، الذين يقدر عددهم بالعشرات، واجهوا شروطا تعجيزية للاستفادة من الشقق البديلة، بسبب الديون الكبيرة المتراكمة عليهم لسنوات لصالح شركة ريضال، بعد عجزهم عن أداء فواتير استهلاك الماء والكهرباء، خلال فترة تواجدهم بالدواوير الصفيحية التي كانت منتشرة وسط مدينة تمارة قبل هدمها بالكامل من طرف السلطات الترابية، وهي الوضعية التي استغلها المستخدم بشركة ريضال المشتبه فيه، بتنسيق مع متهمين آخرين بينهم وسطاء ومساعد موثق، حيث مكن بعض الأسر من عدادات الربط بخدمات الماء والكهرباء، عن طريق التلاعب في النظام المعلوماتي، مقابل تلقي مبالغ مالية مهمة.
وكانت مصادر محلية بتمارة أكدت أن المتهم الرئيسي ومعاونيه استغلوا نجاح بعض العمليات التدليسية التي همت المعطيات الرسمية، ومكنت بعض الأشخاص المدينين لشركة ريضال بمبالغ مالية كبيرة، من الحصول على رخصة الربط لاستكمال وثائق الاستفادة من الشقق وخدمة الربط بالكهرباء والماء، من أجل النصب على عشرات المواطنين الذين دفعوا تسبيقات مالية كبيرة، دون تلبية طلباتهم، وهو ما دفع بعضهم إلى اللجوء للقضاء، حيث استمعت عناصر الفرقة الجهوية لروايتهم الصادمة حول سيناريو النصب الذي تعرضوا له من طرف الشبكة، بعد استدراجهم من طرف وسيط، وهو بائع خضر متجول من مواليد 1979، ومساعد موثق بتمارة، وصولا إلى المتهم الرئيسي الذي كان يوهم الضحايا بامتلاكه خيوط الإشكالية التي واجهها مئات المواطنين من ساكني دور الصفيح بتمارة، الذين ظلوا يستغلون الماء والكهرباء بعقود دون دفع مقابل الخدمة، ما راكم في ذمتهم أموالا طائلة لصالح شركة ريضال.
وحسب مصادر «الأخبار»، فإن تأثير هذا المشكل على تعثر عمليات الترحيل كان واضحا، وجعل السلطات الترابية والقضائية تتفاعل بالسرعة اللازمة مع الأشخاص المشتبه في تلاعبهم بمصالح المواطنين والعبث بمصير برنامج حكومي ضخم، رصدت له الدولة الملايير من الدراهم، في إطار القضاء على دور الصفيح.