
النعمان اليعلاوي
عاد شاطئ مدينة سلا ليتصدر واجهة النقاش البيئي، بعد تداول مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي توثق لعملية تفريغ مباشر لمياه عادمة في البحر، ما خلف موجة استياء واسعة في صفوف الساكنة والفاعلين المدنيين والبيئيين. وتُظهر المشاهد، التي تم تداولها على نطاق واسع، تدفق كميات كبيرة من المياه الملوثة من منشأة تُعرف محلياً بـ”المرسى” مباشرة في قلب الشاطئ، في غياب أي علامات للمعالجة أو التنقية، مما أثار تساؤلات جدية حول تدبير النفايات السائلة في المدينة الساحلية، وانعكاساتها على صحة المواطنين والبيئة البحرية.
وفي هذا السياق، وجه النائب البرلماني عمر الأزرق سؤالاً كتابياً إلى ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، طالب فيه بتدخل عاجل من الحكومة لوقف ما وصفه بـ”النزيف البيئي” الذي يمس إحدى أهم الواجهات البحرية للمدينة، مؤكدا أن ما يجري “لا يُعد فقط تهديداً مباشراً لصحة المواطنين وزوار المدينة، بل يُسيء أيضاً إلى صورة سلا ومرافقها الحيوية، خاصة في ظل الغياب الملاحظ لأي تدخل ملموس من قبل الجهات المختصة”، مضيفاً أن “استمرار هذه الممارسات يُسائل جدية السياسات العمومية في حماية البيئة الساحلية”.
وساءل عمر الأزرق الوزيرة عن الإجراءات الاستعجالية التي تعتزم الوزارة اتخاذها لمعالجة هذه الوضعية، وعن البرامج المعتمدة لرصد ومعالجة “النقط السوداء” بيئياً على مستوى مختلف سواحل المملكة، مؤكداً على ضرورة “إعادة الاعتبار لسلامة الفضاءات الشاطئية وضمان جودة مياه الاستجمام وفقاً للمعايير الوطنية والدولية”، حيث يأتي هذا التحرك البرلماني في وقت تتعالى فيه الأصوات المطالِبة بمحاسبة الجهات المسؤولة عن تدهور عدد من الشواطئ المغربية، سواء بسبب التلوث الصناعي أو ضعف البنيات التحتية المتعلقة بالصرف الصحي، ما ينعكس سلباً على جودة الحياة، والصحة العمومية، وجاذبية المدن الساحلية.
وفي اتصال مع جريدة “الأخبار”، ندد فاعلون جمعويون بما وصفوه بـ “الاستهتار بالسلامة البيئية”، محذرين من خطورة استمرار ضخ المياه العادمة دون معالجة، ما قد يؤدي إلى كارثة صحية تشمل انتشار الأمراض الجلدية والمعدية، فضلا عن الإضرار بالثروة السمكية والنظام البيئي المحلي، ودعت جمعيات المجتمع المدني إلى فتح تحقيق عاجل حول مصادر هذه المياه العادمة، وتحديد المسؤوليات، مع الشروع الفوري في برامج تطهير بيئي مستدام، تضمن حماية الشاطئ وصون صحة السكان والزوار.