شوف تشوف

الرئيسية

إشكال الهوية في المنظومة التعليمية العربية

أصيلة: النعمان اليعلاوي

تواصلت ندوات موسم أصيلة الثقافي الدولي في دورته الحادية والأربعين وجامعة المعتمد بن عباد الصيفية في دورتها الرابعة والثلاثين، بالجلسة الثانية من ندوة التعليم والهوية العربية، التي احتضنها مركز الحسن الثاني للندوات والملتقيات الدولية، بحضور عدد من المتخصصين في الشأن التربوي والتعليمي. ودعا المشاركون في الجلسة إلى ضرورة العودة إلى التعليم باعتباره أساسا للحفاظ على الهوية الثقافية العربية. وطالب المتدخلون الحكومات بالعمل على التصدي لكل أشكال الضغوط الخارجية التي تعمل على هدم الهوية الثقافية العربية، معتبرين أن التعليم يشكل المفتاح الرئيسي والسد المنيع للأجيال الصاعدة لمجابهة صدمات التحول التي شهدتها السنوات الأخيرة، وتساءلوا، في إطار الثورة التكنولوجية الحديثة، عن كيفية ترتيب العلاقة بين ثوابت القيم الثقافية والحضارية للأمة العربية ومقتضيات التجدد والإبداع والتطور، وذلك من خلال منظور تربوي فعال ومتكامل، مبرزين ضرورة الاستفادة من هذه الثورة المعلوماتية، بما يخدم مصالح المنظومة التعليمية.
التنوع الثقافي وتنمية المجتمع
في هذا السياق، أكد وزير الثقافة الأردني الأسبق، صلاح جرار، أن «التنوع الثقافي يساعد في تنمية المجتمع وهو الأمر الذي أدركته الدول الغربية، في المقابل بعض الدول التي أخفقت في مشاريع النهضة أخفقت في استثمار التنوع الثقافي، وهذه السمة تنطبق على عدد من بلدان العالم العربي»، مشددا على أن «التنوع الثقافي سلاح ذو حدين، وإذا كان بأيدي أنظمة لا تفكر فهو يشكل خطرا كبيرا، غير أن المسار التعليمي هو أهم مسارات استثمار التنوع الثقافي، وترسيخ قيم الاعتراف بالثقافات المتنوعة والانفتاح الثقافي»، حسب المتحدث، الذي أكد على ضرورة «توسيع قاعدة المشترك الثقافي، الإشكالية الرئيسية في تعدد الهويات في المجتمعات العربية، إذ إن الأنظمة العربية لا تلتفت للتنوع الثقافي»، مؤكدا على «ضرورة إجراء دراسات لغوية لتوسيع منطق المشترك الثقافي، وتجنب ربط الخلافات السياسية بالهوية الثقافية».
من جانبه، اعتبر عبد الله ساعف، وزير التربية الوطنية سابقا، أن «هناك إشكالية توحيد القرار العربي في ما يخص المنظومة التعليمية»، و«هامش القرار بخصوص المؤسسة التعليمية»، وأنه «لا يجب استصغار ما يجري في الوطن العربي، للبرنامج التعليمي هو استباق للوضع وضرورة إدخال جرعات إبداعية في المنظومة التعليمية»، مبينا أن المؤسسة التعليمية يجب أن تركز على «الاندماج الوطني والتماسك الوطني، والتحديد على قضايا الهوية والتماسك وما يمكن أن يوحد السكان في بلاد معينة»، مبينا أن «المنظومة التعليمية يجب أن تقوم بدور التربية على القيم، غير أننا نحمل المنظومة التعليمية أكثر مما تتحمل»، وأن «المدرسة هي نوع من السلطات السائدة بشكل عام وانتقاد المدرسة العمومية هو انتقاد لتلك السلطة، غير أن الإشكال الأكبر الذي واجه المدرسة العربية هو عدم استقرار المسؤولين عن القطاع واستقرار البرامج»، على اعتبار، يضيف المتحدث، أن «ليس هناك إصلاحا شموليا بل مجرد إصلاحات، والقليل من الحالات التي استقر فيها مسؤولو التعليم لمدة طويلة ولا يمكن محاسبة السياسات المبنية على الاستراتيجيات».
تجزيء المجزأ بالعالم العربي
من جهته، اعتبر محمد أبو حمور، الأمين العام لمؤسسة الفكر العربي، أن «هناك جانبا سياسيا هاما ومحاولة كبيرة من جهات خارجية بغرض تجزيء المجزأ في كل الأراضي العربية وإدخالها في صراعات لا تنتهي»، معتبرا أن «الغرض من الحرب الثقافية على المجتمعات العربية هو ربطها بالعولمة النيوليبرالية العالمية، وإبقاؤها في تخلف علمي وتكنولوجي، وهذه الجهات تشتغل على وسائل أهمها محاولة التشويش وإنهاء الهوية العربية وتجزيء الهويات الفرعية وخصخصة التعليم استهدافا للغة العربية»، حسب المتحدث، الذي اعتبر أنه «ومن الواجب على الدول العربية أن لا تقبل بشهادات المدارس الخاصة والجامعات الخاصة دون اختبار الطلبة في اللغة العربية، والخوف من اختفاء الهوية العربية يوجب أن يكون هناك مقررات تساهم في تكوين الشخصية العربية والهوية العربية، وأهمها المساهمة الكبيرة للدين الإسلامي». وفي ما يخص النظم التعليمية ورهانات التعددية والتنوع في العالم العربي، أوضح المشاركون أن النزعة العصبية التي تسود الآن في المنطقة العربية سببها الأساسي يكمن في بناء هويات فرعية وانقسامات داخلية، على حساب الوحدة الوطنية من جهة، وغياب استراتيجيات تعليمية وتربوية ناجعة وقادرة على الصمود أمام الإغراءات الطائفية من جهة ثانية. وعن الرهانات المستقبلية للمنظومة التعليمية العربية، أوصى الباحثون بأن تتكاثف جهود كل الدول العربية من أجل الاستفادة من التجارب التعليمية الرائدة لبعضها البعض، وتبادل الخبرات واللقاءات العلمية، بالإضافة إلى تأهيل المؤسسات التعليمية للاندماج النشط في العولمة الاقتصادية المتنامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى