شوف تشوف

الرئيسيةالقانونية

هل يعتبر مرض كورونا المستجد مرضا مهنيا؟

إن مرض كورونا المستجد «كوفيد- 19» لا تنص عليه جداول الأمراض المهنية، حيث إن الأمراض المهنية المذكورة في الجداول الصادرة بموجب قرارات وزارية جاءت على سبيل الحصر وليس المثال، ومن ثم فإن الإصابة بهذا المرض لا علاقة لها بظروف العمل، التي تفترض اشتغال الأجير بانتظام في مجموعة من الأعمال، التي تشكل أخطارا تهدد سلامة الأجير، إذ إن الوباء هو جائحة وليس مرضا مهنيا، بالطبع ما عدا إذا ما تعلق الأمر بمستخدمي قطاع الصحة الذين يتابعون المرضى المصابين بهذا الوباء، إذ بعد بلاغ صحفي لوزارة الصحة يوم الأحد 5 أبريل 2020، وبعد مراسلة إحدى نقابات قطاع الصحة (النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، المكتب الوطني) ردا على البلاغ الصحفي لوزارة الصحة، تم اعتبار إصابة الطاقم الطبي والتمريضي بفيروس كورونا حالات يتم قبول ملفاتها، حسب ما ينص على ذلك قانون الوظيفة العمومية.
الاتجاه الثاني: مرض كورونا المستجد «كوفيد -19» هو مرض مهني:
إن محكمة النقض وفي إطار الدور الفعال الذي تضطلع به هذه المحكمة، من أجل ترسيخ الاجتهادات القضائية وفي اتجاه توحيد الاجتهاد القضائي لجميع المحاكم بشكل يحقق الأمن القضائي، استقرت آخر اجتهادات محكمة النقض كون الأمراض المذكورة في الجداول الصادرة بموجب قرارات وزارية واردة على سبيل المثال وليس الحصر، إذ ينص الفصل 9 من الظهير الشريف 31 ماي 1943 والمعدل بالظهير الشريف 18 أكتوبر 1945 والظهير الشريف 16 أكتوبر 1947 والظهير الشريف 29 شتنبر 1952 والظهير الشريف 18 ماي 1957، على أنه ينبغي على كل طبيب مزاول لمهنة الطب أن يقدم تصريحا بالمرض المهني أو المعنون أنه مهني، الذي شاهده في أحد العمال، سواء كان ذلك المرض مبينا أو غير مبين في الجداول المعنية بمقتضى قرار وزير الشغل، ويشير الطبيب في التصريح إشارة دقيقة إلى نوع المادة التي سببته ومهنة المصاب به، إذ لم يكلف المشرع المغربي الأجير الذي يصاب بمرض مهني إثبات العلاقة السببية بين المرض والشغل الذي يقوم به، وإنما جعل فئة من الأمراض تعتبر مهنية، بحيث لا يحتاج المصاب بها إلى إثبات هذه العلاقة، متى كان يقوم بالأعمال التي قد تؤدي إلى ظهورها، إذ إن المشرع المغربي لم يعرف الأمراض المهنية وإنما قام بتحديدها بواسطة نصوص قانونية ألحقت بالظهير الشريف 31 ماي 1943، كما قام بتعداد مختلف الأعمال التي تساعد عمليا في اندلاع هذه الأمراض ومدة المسؤولية. وعليه فإن الأجير الذي يدعي أنه مصاب بمرض مهني ناجم عن الوسط المهني، وقد يكون مرض كورونا المستجد، سيعفى عادة من إثبات علاقة السببية بين المرض والمهنة أو النشاط الممارس عموما، وإنما يكفيه فقط أن يثبت أنه قام بالأعمال التي سببت له هذا المرض، إذ إن من شروط الاستفادة من التعويض عن المرض المهني، ولاعتبار المرض مهنيا لابد من توافر الشروط التالية:
1 ـ أن يثبت الأجير أنه مصاب بمرض مهني، وذلك بشهادة طبية يسلمها إليه الطبيب المعالج.
2 ـ يتعين على الأجير أو ذوي حقوقه أن يصرح بالمرض المهني لدى الجهات المختصة.
3 ـ يجب على الأجير أن يثبت أنه اشتغل بانتظام في المجال الذي يمكن أن يؤدي إلى إصابته بالمرض المهني.
حيث جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف الدار البيضاء ما يلي:
ـ حيث إنه بالرجوع إلى تقرير الخبرة والشهادة الطبية يتبين أن الضحية أصيب بمرض الكيليكوز، وهو مرض مهني.
ـ حيث إن الضحية أصيب بهذا المرض في الفترة التي كان يعمل فيها لدى المقاولة المشغلة.
ـ وحيث إن والحالة هذه فالعلاقة السببية بين العمل والمرض المهني هي ثابتة، خاصة وليس بالملف ما يثبت كون الضحية كان مصابا بهذا المرض قبل دخوله إلى هذا العمل، وبذلك فدفوعات المقاولة المذكورة غير مبررة ويتعين استبعادها، (قرار استئنافي رقم 60 بتاريخ 06 أبريل 1994)، (ملف اجتماعي عدد 562/92).
كما جاء في قرار محكمة النقض عدد 383 بتاريخ 07 أبريل 2011، ملف اجتماعي عدد 1204/5/1/2009 ما يلي:
ـ إن المرض المهني للأجير مشروط بتوافر العلاقة السببية بين المرض الحاصل والعمل الممارس.
ـ وحيث إن الأمراض المذكورة في الجداول الصادرة بموجب قرارات وزارية هي واردة على سبيل المثال وليس الحصر، وحيث إن المريض بمرض كورونا والذي يشتغل في الأنشطة التجارية والخدماتية التي ستظل مشتغلة خلال فترة الطوارئ نظرا لأهميتها، ضمن أنه من المستقر فقها وقضاء وفق آخر اجتهادات محكمة النقض، أن الأمراض المذكورة في الجداول الصادرة بموجب قرارات وزارية واردة على سبيل المثال وليس الحصر، ولذلك متى أصيب الأجير بمرض نتيجة العمل أو بسببه، فإنه يعتبر مرضا مهنيا.
ـ وحيث إن ذلك ما أكدته محكمة النقض في عدة قرارات متواترة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر القرار عدد 318 الصادر بتاريخ 25 أبريل 2000 في الملف الاجتماعي عدد 456/5/1/1999، الذي جاء في بعض حيثياته:
«لكن حيث إن الأمراض موضوع ظهير 31 ماي 1943 وقرار 20 ماي1967 إنما هي واردة على سبيل الإرشاد، وعلى الطبيب المزاول لمهنة الطب أن يقدم تصريحا بالمرض المهني أو المظنون أنه كذلك الذي شاهده في أحد العمال، سواء كان ذلك المرض مبينا أو غير مبين في الجداول.
وحيث إنه وإن كان مرض عرق النسا المصاب به المطلوب في النقض غير وارد في جداول الأمراض المهنية، فإن ذلك لا يمنعه من إثبات العلاقة السببية بين ذلك المرض والعمل الذي يقوم به.
والقرار المطعون فيه عندما خلص إلى أن «مرض عرق النسا» المصاب به المطلوب في النقض هو مرض مهني، بالنظر إلى الوسط الذي يعمل فيه كسائق لشاحنات مشغلته طالبة النقض، لمسافات طويلة ولعدة سنوات. واعتمد على التقارير الطبية المنجزة، والتي أكدت بأن ذلك المرض له علاقة مباشرة بعمله كسائق. وترتب عن ذلك الأثر القانوني، يكون مرتكزا على أساس وغير خارق للمقتضى القانوني المثار، وتبقى الوسيلة المستدل بها غير جديرة بالاعتبار»، قضاء المجلس الأعلى، العدد المزدوج 57 ـ 58، سنة 2000، الصفحة 307.
وكذا القرار عدد 453 الصادر بتاريخ 21 شتنبر 1987، الذي جاء في إحدى حيثياته:
«لكن إن الأمراض المهنية موضوع ظهير 31 ماي 1943، وقرار 20 ماي 1967 ليست مذكورة على سبيل الحصر، بل على سبيل الإرشاد، وأن على الطبيب المزاول لمهنة الطب أن يقدم تصريحا بالمرض المهني أو المظنون أنه كذلك، الذي شاهده في أحد العمال، سواء كان ذلك المرض مبينا أو غير مبين في الجدول»، المجلة المغربية للقانون، العدد 15، سنة 1987، الصفحة 281.
والأمر متروك للاجتهاد القضائي لتحديد هل إصابة الأجير بوباء كورونا «كوفيد- 19» مرض مهني، أم مرض عادي؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى