شوف تشوف

الرئيسيةسياسيةملف التاريخ

أحزاب فرنسية دعت علنا إلى استقلال المغرب

يونس جنوحي

 

المشاكل، التي تُصاحب أي حزب جديد، تبقى دائما هائلة، والأحزاب الجديدة دائما ما يكون لديها ميل إلى تقديم عرض مُذهل للحصول على الدعم، ولكن خطر أن يتفوق عليها معارضوها في أية لحظة يظل قائما.

هذا خطر جدي في صفوف شعب مثل الشعب المغربي، الذي يضم نسبة كبيرة جدا من المُتحمسين المستعدين لإثارة الضجيج في المظاهرات. إنهم لا يزالون أشخاصا ساذجين، وروايتي عن حادثة «كوكا كولا» ليست فريدة من نوعها في هذا الباب بل تبقى عادية ومُتوقعة. لقد عبّر حزب الشعب، حتى الآن، عن نفسه بعبارات مُعتدلة، حتى أن جاذبيته لدى الجماهير كانت محدودة.

عبرتُ لهم عن رأيي قائلا:

-«من خلال طريقتكم الحالية في التوظيف الفردي، لا بد أن تقدم حزبكم يجب أن يكون بطيئا».

أجابوني موافقين:

-«إنها كذلك فعلا! حتى الآن ليس لدينا أي شيء مقارنة مع ما لدى حزب الاستقلال مثلا من موارد مالية».

-«كما أنكم تحتاجون قائدا جديدا يكون اسمه معروفا جدا».

-«لدينا زعيم بهذه الشروط».

للأمانة، فقد أخبروني باسم هذا الرجل. لم يكن يرغب في تولي القيادة علنا حتى يحصد الحزب المزيد من القوة، وإلا فإنه قد يصبح ضحية تهوره. وُوجه هذا الإيحاء السياسي، الذي يوحي بالخوف، مرات كثيرة، إلى درجة أن هذه المواجهة كانت مُزعجة.

سبق لي، أكثر من مرة، أن تنبأتُ بمصير أكثر من أمة انطلاقا من هذه المؤشرات. وكان مصير هذه الأمم، في أغلب الأحيان، يقودها نحو الكارثة.

هذا النوع من المؤشرات، في الحقيقة، متأصل لدى الشعب المغربي بوجود تلك التقاليد الضاربة في القدم والمتعلقة بالفساد وعدم التكافؤ.

في إنجلترا، نحنُ نسخر من السياسيين، لكننا نعلم أنهم ليسوا جميعا باحثين عن منصب أو كرسي، كما أنهم ليسوا دائما مجرد بيادق تحركهم الإيديولوجيا. أغلبهم مخلصون وحريصون على إفادة زملائهم، دون أن يفكروا في تحقيق أي مكاسب لأنفسهم.

في الوقت الحاضر نادرا ما يفهم المواطن المغربي العادي موقفا مماثلا، إذ قبل أن تقوم أي ثورة سياسية أو اقتصادية، لا بد أولا من ثورة أخلاقية.

 

الفصل الحادي والعشرون:

 

صراع الأفكار

 

 

سبقت لي مناقشة مسألة فقر محتوى الدعاية التي يمارسها الوطنيون، وأرجو أنني نقلتُ ما يكفي من النماذج لأثبت بها وجهة نظري، لكن هذا كله لا يعني أن الوطنيين المغاربة ليست لديهم قضية يدافعون عنها.

هنا سنقترب من جانب مهم جدا من هذه القضية. إن الجدال لا يدور حول استقلال المغرب، فقد سبق لمسؤولين فرنسيين، ينتمون لعدد من الأحزاب، أن وعدوا به في مناسبات كثيرة، ولا يمكن لأحد أن يُنكر هذا الأمر.

بعد الحرب العالمية الثانية كررت الحكومة الفرنسية، في دستورها وفي ميثاق الأمم المتحدة، تعهدا رسميا بالسير بالشعب المغربي نحو طريق الحكم الذاتي، لكن القضية الحقيقية هي كيف ومتى سيتم هذا الأمر.

هنا يتشارك الفرقاء الفرنسيون والمغاربة، مع بعضهم البعض، في وجهات النظر، لسبب وجيه.

بعض الفرنسيين لا يرغبون في تغيير أي شيء في المغرب والبعض الآخر يريدون تغيير كل شيء. وجدتُ بعضا من قادة حزب الاستقلال يميلون إلى الواقعية بشأن هذه القضية، ويزعمون أنهم فقدوا الثقة بالفرنسيين واقترحوا أن يخاطبوا ضمير العالم ويناشدوه لمناصرة قضيتهم. من الواضح أن لديهم ثقة أكبر في هذه الروح المضطربة مقارنة بمعظم رجال الدولة الغربيين.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى