شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسي

أزمة التعليم وفشل سياسات الإصلاح

أعلن شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي، أخيرا، عن معطيات صادمة بخصوص وضعية التعليم بالمغرب، حيث أكد أن 331 ألف تلميذ غادروا أقسام الدراسة خلال الموسم الدراسي 2020- 2021.

وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة الانقطاع عن الدراسة في التعليم الإعدادي والثانوي انتقلت من 10,4 في المائة إلى 12,2 في المائة، ولمعالجة هذه الاختلالات وضعت الحكومة خارطة طريق جديدة لإصلاح المنظومة التعليمية.

كما ستعرف الميزانية المخصصة لقطاع التربية الوطنية برسم سنة 2023 زيادة قدرها 6,5 ملايير درهم مقارنة بسنة 2022، لتبلغ غلافا ماليا يقدر بـ 68,95 مليار درهم. وسيخصص هذا الغلاف المالي لتمويل برنامج العمل لسنة 2023.

كشف شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية، أرقاما صادمة حول واقع المدرسة العمومية، والتي قال إنها «لا تضمن اكتساب التعلمات الأساسية، ولا تحظى بثقة المواطن بالنظر إلى عدة أسباب، وعلى رأسها ضعف الجودة».

وأوضح خلال تقديمه لـ«خارطة الطريق 2022- 2026 من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع» ما اعتبرها جملة من الاختلالات التي تعرفها المدرسة العمومية؛ ومنها ارتفاع نسب الهدر المدرسي، وضعف فرص انفتاح التلاميذ وتحقيق ذواتهم، وغيرهما من المشاكل.

مبرزا أن «النتائج التي تحققها المدرسة العمومية غير مرضية»، وأن «تقييمات وطنية ودولية تؤكد المستويات المتدنية للتلاميذ المغاربة، ووجود أزمة تعلمات كبيرة».

أزمة التعليم

أبرز الوزير بنموسى أن وزارته قامت بتقييمات تعلمية همت 25 ألف تلميذ، في بداية السنة الجارية، أظهرت بأن 23 في المائة فقط من التلاميذ يتمكنون من قراءة نص باللغة العربية بطريقة سلسة لا يتعدى 30 كلمة، و30 في المائة فقط من التلاميذ يتمكنون من قراءة نص باللغة الفرنسية بطريقة سلسة لا يتعدى 15 كلمة، وهي النسبة التي لا تتجاوز 13 في المائة من تلاميذ مستوى الخامس ابتدائي يحسنون إنجاز قسمة بسيطة.

مبرزا ارتفاع معدل الهدر المدرسي خلال السنوات الماضية، حيث بلغ 300 ألف تلميذ، بأعلى نسبة في الثانوي الإعدادي بلغت 53 في المائة، و24 في المائة في الثانوي التأهيلي، و23 في المائة في المستوى الابتدائي.

موضحا تأثيرات جائحة «كوفيد- 19» على تعلمات التلاميذ، رغم المجهودات التي قامت بها الوزارة خلال تلك الفترة.

وفي السياق ذاته، أوضح بنموسى أن «خارطة الطريق الجديدة جاءت لتحقيق الإصلاح، بمنهجية جديدة تنتقل من مقاربة ترتكز على الوسائل والتدبير لمنهجية تركز على الأثر على تعلمات التلاميذ».

مبرزا أن «الوزارة وضعت شروطا لنجاح خارطة الطريق، وهي شروط ثلاثة تجسدت في الحكامة من خلال ضمان الجودة، ثم ضمان الانخراط الواسع لمختلف الفاعلين المرتبطين بالمدرسة العمومية، ثم التمويل عبر ضمان الموارد المالية اللازمة، والتي يجب توفيرها من طرف الدولة وبعض الشركاء، خاصة الجماعات الترابية ومكونات المجتمع المدني».

وعلاقة بالتمويل أكد بنموسى على الحاجة إلى تأمين الموارد المالية لتنزيل خارطة الطريق، لافتا إلى أن ميزانية القطاع تعرف ارتفاعا سنويا، وأكد أن التنزيل الحقيقي للخارطة يقتضي رفع ميزانية القطاع من وتيرة 4 في المائة سنويا إلى 7 في المائة.

مبرزا في هذا الصدد «وجود إرادة للحكومة لتوفير الاعتمادات المالية الضرورية، ليكون التنزيل في أحسن الظروف، إضافة إلى مجهود الجماعات الترابية، خاصة عبر الدعم الاجتماعي كالنقل المدرسي وغيره».

وأوضح أن تنزيل الخارطة الجديدة سيمر أولا بمرحلة تجريبية في أقسام لدراسة الأثر على التلاميذ، قبل التعميم، معتبرا أن سقف 2026 كاف لتقديم تقييم مرحلي، في حين أن الإصلاح ينبني على المدى البعيد.

حكومة أخنوش تعرض تصورها لإصلاح التعليم في خارطة الطريق

عرضت حكومة عزيز أخنوش برنامجها لإصلاح قطاع التعليم في «خارطة الطريق 2022-2026 من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع»، وهو البرنامج الذي كان قدّمه شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، خلال مجلس حكومي سابق.

مبرزا أن «خارطة الطريق 2022-2026 من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع تستمد مرجعيتها من التوجيهات الملكية، ومن أحكام القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، ومن مضامين النموذج التنموي الجديد، ومن أهداف البرنامج الحكومي، الذي أولى عناية بالغة لتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، ولتنمية الرأسمال البشري».

و«تسعى إلى إرساء نموذج جديد لتدبير الإصلاح في أفق سنة 2026، يرتكز على الأثر على المتعلم، وعلى تقديم حلول وتدابير عملية لتحسين جودة المدرسة العمومية؛ وقد تم إغناء مضامينها بخلاصات المشاورات الوطنية، التي ساهم فيها ما يناهز 100 ألف مشارك».

وأوضح وزير التربية الوطنية أن خارطة الطريق تروم تحقيق ثلاثة أهداف استراتيجية في أفق سنة 2026، تتجلى في تعزيز اكتساب المعارف والكفايات الأساسية، من خلال مضاعفة نسبة التلاميذ المتحكمين في التعلمات الأساس بالابتدائي؛ وتكريس التفتح وقيم المواطنة، من خلال مضاعفة نسبة التلاميذ المستفيدين من الأنشطة المدرسية الموازية، وتقليص الهدر المدرسي بنسبة 30%، من أجل إعطاء دفعة قوية للتعليم الإلزامي.

ولبلوغ هذه الأهداف، تتمحور خارطة الطريق حول اثني عشر التزاماً من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع، تَنْتَظِمُ وفق ثلاثة محاور استراتيجية للتدخل، وتتوزع على النحو التالي: خمسة التزامات لفائدة التلميذ: وتهم التعليم الأولي، والكتب والمقررات الدراسية، والتتبع والمواكبة الفردية للتلاميذ، والتوجيه، والدعم الاجتماعي؛ وثلاثة التزامات تتعلق بالأستاذ، وتهم تطوير التكوين الأساس والمستمر، وتحسين ظروف مزاولة المهنة، واعتماد نظام أساسي جديد للموظفين؛ وأربعة التزامات تهم المؤسسة التعليمية.

ويتعلق الأمر بتحسين ظروف استقبال التلاميذ، وقيادة المؤسسة التعليمية، وتوفير بيئة مدرسية محفزة على التعلم والتفتح، وتعزيز الأنشطة الموازية والرياضية. وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف والالتزامات، وضعت خارطة الطريق ثلاثة شروط أساسية للنجاح، تتمثل في إرساء حكامة مبنية على الأثر والمسؤولية ومَقْرونَة بآليات لضمان الجودة؛ واعتماد ميثاق يحدد التزامات مختلف الفاعلين والمتدخلين، وتأمين التمويل الكافي لاستدامة الإصلاح.

ويتعلق الأمر، أيضا، بأربعة التزامات تهم المؤسسة التعليمية، وهي تحسين ظروف استقبال التلاميذ، وقيادة المؤسسة التعليمية، وتوفير بيئة مدرسية محفزة على التعلم والتفتح، وتعزيز الأنشطة الموازية والرياضية. وأكد الوزير أنه، في سبيل تحقيق هذه الأهداف والالتزامات، وضعت خارطة الطريق ثلاثة شروط أساسية للنجاح، تتمثل في إرساء حكامة مبنية على الأثر والمسؤولية ومَقْرونَة بآليات لضمان الجودة؛ واعتماد ميثاق يحدد التزامات مختلف الفاعلين والمتدخلين؛ وتأمين التمويل الكافي لاستدامة الإصلاح.

وذكر بنموسى بأن «خارطة الطريق 2022-2026 من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع» تستمد مرجعيتها من التوجيهات السديدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ومن أحكام القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، ومن مضامين النموذج التنموي الجديد، ومن أهداف البرنامج الحكومي، الذي أولى عناية بالغة لتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، ولتنمية الرأسمال البشري.

عبد الغني الراقي: «خريطة إصلاح التعليم ما زالت غير واضحة للفاعلين الرئيسيين بالقطاع»

 أكد عبد الغني الراقي، المتخصص في التعليم والكاتب الوطني السابق للنقابة الوطنية للتعليم، التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، على أنه «منذ حصول المغرب على الاستقلال ومنذ سنة 1956، شهدت بلادنا حوالي 13 إصلاحا لقطاع التعليم، وكل إصلاح ينطلق من كون الإصلاح السابق قد فشل، وهو الأمر الدال، والذي يجعلنا نعيش مع قطاع التعليم «حكاية سيزيف والصخرة».

والحالة هذه لا نستغرب أن الوزارة الوصية، وبعد وضع الحكومة السابقة لما تعتبر أنها خريطة إصلاح القطاع، نعود اليوم لنطرح السؤال السابق نفسه حول سبل إصلاح المدرسة العمومية».

موضحا أن ما يثير الاستغراب «تدشين ورشات ومشاورات حول النهوض بالمدرسة المغربية، وهو ما يستشف منه أن خريطة إصلاح التعليم ما زالت غير واضحة للفاعلين الرئيسيين في القطاع، وبالتالي من الصعب أن تخرج هذه المشاورات بنتائج ملموسة، خصوصا إذا علمنا أنه قد سبق وعقدت وزارة التربية الوطنية في عهد الوزير الحبيب المالكي، مشاورات مماثلة، ولم تخرج بنتيجة تذكر».

وانطلاقا من كل هذا، يضيف الراقي، فإنه «يمكن الجزم بأن الغائب الأكبر هو الإرادة الحقيقية لإصلاح التعليم، بل الأكثر من هذا أننا نشك في أن هناك إرادة حقيقية لإصلاح التعليم، وذاك ليس اليوم، بل من خلال المؤشرات في السنوات السابقة، وهي المؤشرات التي تعبر عن إرادة لعدم إصلاح التعليم من سنة 1965 وانتفاضة 23 مارس، وما لحقها من أحداث بعد المذكرة الشهيرة التي تقيد سن الولوج إلى التعليم الثانوي، ويمكن القول إنه منذ ذلك الحين برز توجه يعتبر أن التعليم العمومي أصل المشكل».

مضيفا أن هذا الأمر «قد تكرر في سنوات الثمانينيات من خلال الموقف من التعليم على أنه يخرج معارضين من الإسلاميين واليساريين، وهذه المؤشرات التاريخية تجعلنا اليوم نتساءل، هل هناك فعلا إرادة حقيقية لإصلاح التعليم؟ وهذا هو السؤال المطروح اليوم»، حسب الراقي، الذي قال إنه «لدينا طموح في أن تتوفر هذه الإرادة السياسية، من أجل تمتيع المغاربة على قدم المساواة من تعليم عمومي جيد للجميع، وهو ما نعتبره مسؤولية الدولة، وليس أن ننمي التعليم الخصوصي على حساب العمومي، وأن يبقى التعليم الخصوصي للخواص لا أن تستثمر فيه الدولة».

من جانب آخر، أوضح الراقي أنه «فعلا قد لمسنا من خلال خطاب شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، هذا التوجه نحو المدرسة العمومية، لكننا اليوم ننتظر نتائج التنزيل الذي سيتم لهذا الخطاب، حيث نأمل أن يتضح لنا في القادم انخراط الدولة في تأهيل وتطوير التعليم العمومي، ونحن نعتبر أن المنافسة في قطاع التعليم غير سليمة، وعلى الدولة أن تشجع التعليم العمومي بكل ثقلها وتكبح تغول وتوسع التعليم الخصوصي، وليس العكس».

مبرزا بخصوص إصلاح القطاع أنه لا يمكن أن يتم إلا بـ«تشجيع المدرسة العمومية، ونعتبر أنه من الضروري فتح حوار وطني، ومن أعلى المستويات حول التعليم وإصلاح التعليم، وهو الإطار العام الذي من شأنه أن يفتح باب مشاركة واسعة ولجميع الأطراف الفاعلة في القطاع في هذا الإصلاح، على اعتبار أن الحاجة إلى إصلاح التعليم قائمة، ولا مفر للجميع إلا من الإقرار بتدهور التعليم في المغرب».

مضيفا أنه «يكفي الرجوع إلى الدراسات والإحصائيات والتقارير لأغلب المنظمات الدولية، التي تعنى بقطاع التربية والتعليم، لنجد أن التعليم في المغرب غالبا ما يتم ترتيبه في مراتب متدنية، سواء في اليونسكو وغيرها، ناهيك عن الإقرار الوطني، المتمثل في البحث الذي صدر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والذي يؤكد على أن التعليم المغربي في وضعية سيئة على مستوى المدرسة ككل، وأساسا بالمدرسة العمومية».

ونبه الراقي إلى أن «هناك حاجة ملحة إلى فتح النقاش حول واقع التعليم وضرورة إصلاحه، لكن على أن يكون هذا النقاش سياسيا وليس فقط تقنيا كما في التدبير السابق، ويجب أن يكون هناك نقاش يشرك جميع الأطراف من الوزارة والحكومة والنقابات والأساتذة والفاعلين والخبراء، وأيضا الآباء والأولياء، وحتى الإعلام كذلك، ويكفي أن نقف عند رقم أن ما بين 300 و400 تلميذ يغادرون المدرسة كل سنة، وهذا رقم رسمي عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين، وهو الرقم الذي يجعلنا نقر بأننا ما زلنا ننتج الأمية والبطالة وكل المظاهر التي يمكن أن تترتب عنها، ومنها عدم القدرة على تحقيق التنمية والنهضة الحقيقية للبلاد».

مبرزا أن «القطاع عرف سلسلة من برامج الإصلاح وصلت كما أشرت إلى 13 برنامجا للإصلاح، وهو الأمر الذي نرجعه إلى غياب الإرادة الحقيقية للإصلاح في تاريخ المغرب، على اعتبار أن كل هذه الإصلاحات ترى بأن التي سبقتها كانت فاشلة، وقد كانت هناك عدد من الخطوات والمبادرات التي خلفت كلها هذه النتائج التي أمامنا، والواقع لا يرتفع، ويمكن القول إن البلاد قد فشلت في إنجاز إصلاح التعليم، وهو الإصلاح الذي فشلنا فيه جميعا، وأوكد على ضرورة توفر الإرادة الحقيقية، وبدون هذه الإرادة لا يمكن الحديث عن إصلاح منتج ويرقى بالمدرسة المغربية، وكل المبادرات السابقة خلفت هذه النتائج التي أمام أيدينا اليوم».

ثلاثة أسئلة لعبد الناصر الناجي:

 ما تعليقكم على خريطة الطريق 2022-2026 التي أعلنتها وزارة التربية الوطنية؟

بعد انتظار طويل دام أكثر من سنة، أعلنت وزارة التربية الوطنية عن ما أسمته خارطة طريق 2022-2026.. اثنا عشر التزاما من أجل مدرسة عمومية ذات جودة. ويحق للمرء أن يتساءل عن الأسباب الكامنة وراء هذا التأخير خاصة وأن الأمر لا يتعلق سوى بمهمة واضحة عنوانها تفصيل ما تعتزم الحكومة إنجازه للوفاء بما جاء به القانون الإطار للتعليم وما سطرته قبله الرؤية الاستراتيجية 2030 من توجهات لوضع قطار الإصلاح على السكة الصحيحة.

ومهما تكن الدواعي فقراءة الوثيقة التفصيلية لخارطة الطريق تمكن من استنباط مجموعة من الاستنتاجات أهمها أنها التزمت إجمالا بمقتضيات القانون الإطار إلا في بعض القضايا على أهميتها، وتبنت مقاربة اعتبرتها جديدة وتحدث قطيعة مع الأساليب السابقة في أجرأة الإصلاح، وتفادت مواجهة بعض الإشكالات الحقيقية، وتبنت آليات للجودة أثبتت جدارتها في الدول المتقدمة، كما أنها اعتمدت آليات أخرى لم تتأكد فعاليتها في الدول التي تبنتها.

وهكذا، فالخارطة الجديدة يمكن اعتبارها إخراجا جديدا لتوجهات أضحت معروفة اليوم لدى الجميع بعد مرور سبع سنوات على الرؤية الاستراتيجية التي أنتجتها. وبغض النظر عن الجانب الشكلي الذي يبرز أهمية الدوائر الثلاث للمنظومة التربوية وهي التلميذ والأستاذ والمؤسسة التعليمية الذي يوحي بالتركيز على المحيط القريب من المستفيد الأول من الخدمات التربوية الذي هو التلميذ، فإن التمحيص في المضامين يمكن من رصد التوافق الواضح مع ما جاء في القانون الإطار للتعليم على العموم، رغم خلوها من بعض القضايا التربوية الهامة التي نص عليها.

من بين هذه القضايا التي أهملتها خارطة الطريق يمكن أن نذكر دمج التعليم الأولي في التعليم الابتدائي، وربط التعليم الابتدائي بالتعليم الإعدادي، وتعزيز وتعميم برامج الدعم النفسي للأسر المعوزة، وإنجاز برنامج وطني لتأهيل مؤسسات التربية والتعليم وفق معايير مرجعية، وإقامة وتطوير وحدات للدعم النفسي وخلايا للوساطة تشرف عليها أطر متخصصة وتعميمها على الصعيد الوطني خلال أجل لا يتعدى ثلاث سنوات، ووضع مخطط وطني متكامل للتربية الدامجة في نفس الآجال.

 

في تقديركم، لماذا أهملت خارطة الطريق هذه القضايا؟

قد يكون سبب إغفال هذه القضايا تبني مقاربة التركيز على الأولويات، وهو توجه جيد، غير أن المتأمل فيها لا تخفى عليه أهميتها. بالإضافة إلى ذلك فإن بعض التدابير المقدمة تبقى ناقصة لعدم إرفاقها بالآليات المؤسساتية التي نص عليها القانون الإطار. فعند الحديث عن مراجعة المنهاج الدراسي لم تتطرق خارطة الطريق إلى اللجنة الدائمة التي تم إحداثها بمرسوم منذ أكثر من سنة وهي المخولة بهذه المراجعة.

ولم تضع ضمن أولوياتها إعداد الإطار المرجعي للمنهاج والدلائل المرجعية للبرامج والتكوينات المنصوص عليها في القانون الإطار. وفي موضوع اللغات أكدت الخارطة على توسيع تدريس الأمازيغية بالابتدائي، وتقوية تدريس الفرنسية في جميع الاسلاك وتوسيع تدريس الإنجليزية في السلك الثانوي بنوعيه لكنها أهملت اللغة العربية، رغم أن القانون الإطار أوصى بمراجعة عميقة لمناهج وبرامج تدريس اللغة العربية، وتجديد المقاربات البيداغوجية والأدوات الديداكتية المعتمدة في تدريسها.

وفي مجال التقييم الذي شكل أولوية كبرى في خارطة الطريق نظرا لدوره الكبير في تحسين جودة التعليم لم يتم الالتزام بوضع إطار وطني مرجعي للإشهاد والتصديق يتضمن على الخصوص قواعد ومعايير تصنيف وترتيب الشهادات. من جهة أخرى نصت الخارطة على وضع نظام أساسي موحد لجميع أطر التدريس مضمون من طرف الدولة لكنها لم تلتزم بوضع الآلية التي بدونها لا يمكن الحديث عن نظام أساسي يحترم المعايير العلمية المعمول بها.

هذه الآلية هي الدلائل المرجعية للوظائف والكفاءات التي تحدد مهام وكفايات الأطر التربوية والإدارية والتقنية المنتمية لمختلف الفئات المهنية العاملة في مجالات التربية والتكوين وتعتمد لإسناد المسؤوليات التربوية والعلمية والإدارية، وتقييم الأداء، والترقي المهني. وفي هذا الباب فإن القانون الإطار ألزم السلطات الحكومية المعنية بملاءمة الأنظمة الأساسية الخاصة بمختلف الفئات المهنية مع المبادئ والقواعد والمعايير المنصوص عليها في الدلائل المرجعية المذكورة.

 ما السبيل إلى التنزيل الفعلي لإصلاح القطاع؟

إننا اليوم أمام منعطف هام يقتضي تعبئة الجميع من أجل التنزيل السليم لخارطة الطريق الجديدة التي تقول بأنها اعتمدت مقاربة جديدة في التنفيذ تجعل التغيير يمس مباشرة القسم ويحدث الأثر على التلميذ.

وقامت لأجل ذلك بتبني آليات التدبير العمومي الحديث خاصة التدبير بالنتائج وتبني آليات الجودة، لكن الإفراط في التقييم أحيانا مثل القيام به حتى في التعليم الأولي، والتفريط فيه أحيانا أخرى أو قصره على بعض الفئات قد لا يؤدي إلى النتائج المرجوة. لذلك من المأمول أن تعرض هذه الخارطة على المجلس الأعلى للتربية من أجل إغنائها وتطويرها.

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى