شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

الابتزاز باسم فلسطين

كعادته، لجأ حزب العدالة والتنمية إلى استخدام أسلوب ابتزاز الدولة لخدمة أجندته السياسية والانتخابية، موظفا هاته المرة القضية الفلسطينية، وذلك في سياق دولي مضطرب، لا أحد يتنبأ بنتائجه وتداعياته المستقبلية، وفي الوقت الذي تتعرض فيه المملكة لحملة عدائية شرسة من طرف الأعداء، ولهذا جاء الرد صارما من القصر عبر بلاغ الديوان الملكي.

حزب العدالة والتنمية، الذي ترأس الحكومة لولايتين، يحاول حشر نفسه في السياسة الخارجية للبلاد، والتطاول على اختصاصات الملك، لهذا أكد بلاغ الديوان الملكي على أن السياسة الخارجية هي مجال محفوظ للملك، وهذا هو المتعارف عليه دوليا، حيث رئيس الدولة هو المسؤول عن السياسة الخارجية، وقادة الحزب يعرفون ذلك، لأنهم مارسوا المسؤوليات الحكومية. لذلك يبقى السؤال المطروح، عن الدوافع الخفية لهجوم الحزب على الديبلوماسية المغربية في شخص وزير الخارجية، ناصر بوريطة، الذي يعبر عن المواقف الرسمية للبلاد في المحافل الدولية.

والواقع أن حزب العدالة والتنمية يراهن على توظيف ورقة القضية الفلسطينية لاسترجاع رصيده السياسي والأخلاقي، الذي فقده في ظرف عشر سنوات من تحمله مسؤولية رئاسة الحكومة، حيث انكشفت للمغاربة حقيقة شعاراته وخطاباته البراقة التي كان يدغدغ بها عواطف المواطنين، قبل أن يتعرض لعقاب عسير في انتخابات 8 شتنبر، عندما تلقى هزيمة قاسية عبر صناديق الاقتراع طوحت به إلى مؤخرة الترتيب.

إذن، يتضح أن الحزب يستعمل ورقة القضية الفلسطينية لممارسة الابتزاز، وترويج معطيات مغلوطة خطيرة، والكل يعرف أن القضية الفلسطينية يضعها الملك في نفس مرتبة القضية الوطنية أي مغربية الصحراء، ولإزالة أي غموض، يؤكد الديوان الملكي على موقف المغرب المبدئي الثابت من القضية الفلسطينية، وهي تعد من أولويات السياسة الخارجية للملك، بصفته أمير المؤمنين ورئيس لجنة القدس، وهو موقف لا رجعة فيه لا يخضع للمزايدات السياسوية أو للحملات الانتخابية الضيقة.

وبذلك يكون حزب العدالة والتنمية قد استعمل العلاقات الدولية والسياسة الخارجية للمملكة لخدمة أجندة سياسية وانتخابية ضيقة، ولو على حساب المصالح العليا للوطن، وهو ما يشكل سابقة خطيرة في تاريخ المغرب، لأن إعادة العلاقات بين المغرب وإسرائيل جاءت بقرار سيادي في سياق دولي معروف، وتم إخبار القوى الحية للأمة والأحزاب السياسية وبعض الشخصيات القيادية وبعض الهيئات الجمعوية التي تهتم بالقضية الفلسطينية بهذا القرار، حيث عبرت عن انخراطها والتزامها به، وهذه إشارة قوية، لمن يهمه الأمر، أن القرار حظي بإجماع كبير، وأن الملك لا يستفرد بأي قرار لوحده، وأنه شاورهم في الأمر.

كما أن التوقيع على الاتفاق تم في عهد حكومة يترأسها حزب العدالة والتنمية في شخص رئيس الحكومة السابق، سعد الدين العثماني، الذي كان من الموقعين على الاتفاق، ومنذ ذلك الحين، لم يطرأ أي مستجد مثير للقلق في هذا الملف، لتبرير الموقف الذي اتخذه الحزب، ما يثير الشكوك بشأن الخلفيات الخفية لهذا الموقف، خاصة في هذا الوقت بالذات، الذي تتعرض فيه المملكة لحملة عدائية شرسة على كافة المستويات، والمؤسف أن الحزب يستمد لغته من نفس القاموس الذي يستعمله خصوم وأعداء المملكة، وهذا سلوك خطير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى