شوف تشوف

الرأيالرئيسية

البطولة المغتصبة

في العشر الأواخر من شهر رمضان، شهدت ملاعب الغرب رواجا تجاريا عرضت فيه ذمم فرق للبيع، حين كان الناس يتبادلون التهاني ويباركون وصولهم لخط نهاية شهر رمضان بسلام، اهتز الرأي العام القنيطري على وقع خبر تفويت نتائج مباريات والناس صيام.

في سيدي سليمان أكرم فريق حسنية سيدي سليمان ضيافة هلال يعقوب المنصور بحصة مدعمة وألحق به خسارة مذلة بحصة تسعة وعشرين هدفا، فقط لا غير، مقابل هدف يتيم، وكادت الحصة أن تكون أكبر لولا استحضار غرباوة ظروف الرحمة والشفقة.

غير بعيد عن سيدي سليمان وتحديدا في سوق أربعاء الغرب، فاز الاتحاد الغرباوي على «نهضة» القنيطرة، بحصة واحد وعشرين هدفا مقابل ثلاثة أهداف، نسيت أن أذكركم بأن المنافسة تتعلق بكرة القدم وليس لعبة أخرى.

أثنى الجمهور الغرباوي على سخاء لاعبيه وقدرتهم على تسجيل أهداف على طريقة الكابتن ماجد، ففي مباراتين فقط دخلت الكرة المرمى مرات ومرات دون أن يتصدى لها الحارس وكأنها قطعة من نار.

طبعا كانت عصبة الغرب سباقة لتشكيل لجنة بعض أعضائها لهم خبرة واسعة في بيع وشراء المباريات، للكشف عن تلاعب لا يحتاج لمحققين، بعد ظهور بؤرة تعساء في الغرب تخدش سمعة كرة القدم المغربية، وتجعل سيدي سليمان وسوق أربعاء الغرب ملاذا لخبراء الكرة ولوكلاء لاعبين يودون استدراج هدافين خرافيين قادرين على تسجيل أكثر من خمسين هدفا في مباراتين.

أين كان الحكام حين كانت الشباك تهتز أمام عيونهم مع كل دقيقة؟

ما موقفهم أمام تخاذل حراس المرمى ورفضهم التصدي لتسديدات خصومهم؟

السلطة التقديرية تمنح الحكام حق توقيف مباريات حين تنبعث منها رائحة البيع والشراء، لكن يبدو أن حاسة الشم كانت معطلة في المباراتين. ولنا في تاريخ التحكيم المغربي نوازل عن حكام تسلحوا بما يكفي من الشجاعة لتوقيف مباراة تنبعث منها رائحة نتنة، بل إن الحكم السابق إبراهيم مبروك امتلك ما يكفي من بأس ليعلن توقيف مباراة مشبوهة في عز سلطة المديوري حين كان رئيسا للكوكب المراكشي.

ستطال المساءلة مندوب المباراة الذي ضاقت ورقته بأسماء مسجلي الأهداف والمطرودين والملعونين، في مباراة اعتقد متابعوها أنها «سيتكوم» لمسلسل من فصيلة فيلم «الكبش» الذي لامس دراميا مشكلة البيع والشراء.

بعد إجازة طويلة ستستفيق لجنة الأخلاقيات وتستعيد نشاطها، وتنصت لصناع الفرجة في سيدي سليمان وسوق أربعاء الغرب، استجابة لنداء «أوقفوا المهزلة» الذي جعلنا نتابع لقطات من مواجهتين يغمرهما السخاء التهديفي، ويميزهما تساهل حراس المرمى واستعداد المدافعين لتسهيل عبور المهاجمين وخفرهم إذا اقتضى الأمر إلى أن يصلوا بسلام إلى المرمى تحرسهم عيون خصومهم وترعاهم أدعية المدربين.

سيفتح تحقيق في النازلة وسيتم الاستماع للمندوب والحكم والمدرب والمسير وحارس الملعب ومشجع، وسيتابع الجميع بجنحة عدم التبليغ عن بيع في المزاد العلني. وقد يستمر التحري شهورا وستعرف بعد رحيل العمر بأنك كنت تطارد خيط دخان.

طبعا ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة في «تجارة المباريات»، ففي بداية السبعينات وخلال الدورة الأخيرة من بطولة القسم الثاني، حصل تلاعب في مباراتين، فاز اتحاد الخميسات بحصة ثقيلة بلغت إثنين وعشرين هدفا مقابل صفر على فريق موظفي وجدة، وانتصر البريد الرباطي على الوداد الفاسي بأربعة عشر هدفا لصفر، وفي رواية أخرى سبعة عشر هدفا.

في مثل هذه المباريات لا حاجة لخطط المدربين وصفارات الحكام وأعلام المساعدين، هنا فقط يتألق مهاجم عانى من العقم على امتداد موسم كامل، ليظفر في مباراة واحدة بلقب الهداف الأسطوري، بتواطؤ مع مدافع وحارس يؤمنان بأن القدم العليا خير من القدم السفلى.

يبدو أن الأخلاق في حاجة إلى أخلاق.

حسن البصري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى