شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

التسول عند إشارات المرور

لا يمكن للمواطن أن يقف عند أي إشارة للمرور دون أن تخطف أنظاره، جحافل من المتسولين من المغاربة والأجانب أيضا، والذين جعلوا من كل الشوارع المغربية فضاء علنيا للتسول والاستجداء. أما إذا كان الأمر يتعلق بسائح أجنبي قاده القدر لزيارة بلدنا، فقد يذهب به الخيال إلى الاعتقاد أن بلدنا بلد للمتسولين. وهذا بلا شك سيترك أثراً سيئاً في نفوس السائحين ومظهراً غير لائق بسمعتنا السياحية.

والغريب في الأمر أن السلطات العمومية والقانون وقفا عاجزين عن مواجهة ظاهرة التسول في الشوارع، وتركاها في ازدياد ملحوظ من أشخاص جعلوا من «السعاية» مهنة ووظيفة، منهم من يدعي المرض ومنهم من يدعي الإعاقة ومنهم من يدعي الطلاق ومنهم من يحمل طفلا رضيعا في يده… وكل ذلك من أجل الحصول على دخل يومهم الذي يتجاوز دخل موظف يطاردون المواطنين والسائحين أينما كانوا، ما يسيء إلى المظهر الحضاري لبلدنا دون تدخل قوى من الأجهزة المكلفة بمحاربة جريمة التسول.

إن كلفة «عين ميكة» اتجاه جريمة التسول ستكون غالية، ليس فقط في ما تخلفه من انطباع سيئ عن صورة الدولة وسياساتها الاجتماعية وتأثير سلبي على الاقتصاد الوطني وسلاح فتاك يُنفر السياح، ويضع السياحة في وضع حرج، بل لأن كلفة التسول مرتبطة بالهدر المدرسي لآلاف القاصرين ودورها في التفكك الأسري ووقوفها وراء الجرائم، سيما تلك المرتبطة باغتصاب أطفال الشوارع.

وما لم تتحرك السلطات المحلية ووزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة ورئاسة النيابة العامة والقطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية، والمجتمع كذلك، لاستهداف التسول وسماسرته وحماته والمستفيدين منه وفق مقتضيات القانون الجنائي، وذلك من خلال إظهار الصرامة الدائمة بعيدا عن منطق الحملة في تطبيق القانون، وما لم يتم اتخاذ التدابير المستعجلة للتكفل الطبي والنفسي والرعاية الاجتماعية وإعادة الإدماج في مؤسسات التربية والتكوين والتتبع والتقييم المنتظم بالنسبة إلى حوالي 200 ألف ضحايا التسول سواء أولئك الذين فرض عليها أو الذين اختاروا ممارسته طواعية… فستبقى هاته الظاهرة المشينة في تزايد مستمر وستحول بلدنا إلى نموذج سيئ للبؤس و«السعاية» وستجعل كل خطابات الدولة الاجتماعية مجرد كلام في كلام.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى